ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: كف الأذى أدنى حقوق الجار والكرم أعلاها.. صور
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
عقد الجامع الأزهر، اليوم السبت، عقب صلاة التراويح، ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية المعاصرة، حيث جاء موضوع اليوم تحت عنوان"حقوق الجار في الإسلام ..رؤية مجتمعية".
حضر الملتقى الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، والدكتور أحمد همام، المدير العام بهيئة كبار العلماء، وتقديم الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.
وأوضح الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، أن
معنى الجار لا يقتصر على الجار في المسكن، وإنما يشمل الجار في العمل، والجار في السوق، وفي الدراسة، وفي كل عمل، مؤكدا أن هذا الجار له حق على المسلم، لافتا إلى أن حق الجار هو حق إنساني قبل أن يكون حق الدين والجنس واللغة واللون، وهذا ما حدده لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال (الجيران ثلاثة جار له حق واحد، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق.
وقال إن الجار الذي له ثلاثة حقوق الجار المسلم ذو الرحم فله حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم، وأما الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام ، وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك.
وأكد الدكتور الصاوي، أن حسن الجوار من حسن التعبد إلى الله عز وجل، فالله تبارك وتعالى يقول (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وكما قال رسولنا الكريم :(خير الجيران خيرهم لجاره)، كما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم حق الجار بعشرة أضعاف حق غيره، موضحا أن حق الجار على جاره المسلم أن يرد عليه السلام، وأن يجيب دعوته إذا دعاه، وأن يكف أذاه عنه، وأن يصبر على أذاه أيضا.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد همام، المدير العام بهيئة كبار العلماء، أن الإسلام قد جعل حقوق الجار في مصاف الحقوق، موضحا أن أدنى هذه الحقوق هو كف الأذى (إن لم تنفعه فلا تضره)، أي لابد أن يكف المسلم أذاه عن جاره، والدرجة الثانية وهي أرقى (أن تتحمل أذاه) عملا بقوله تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)، أما الدرجة الثالثة فهي أن تكرم جارك، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ لي جارينِ فإلى أيِّهما أُهْدِي ؟ قال : إلى أقربهما منكَ بابًا"، محذرا من حرمة أذى الجيران وخطورة تعريضهم للخطر كما يحدث في تلك الأيام من خلال الألعاب النارية، مؤكد أن هذه الألعاب قد تسبب أذى وكوارث لا تعرفها مجتمعاتنا، وللأسف نجد بعض أولياء الأمور يشجعون أبنائهم على اللعب بها، وربما كان هناك جار لهم مريض أو نائم أو صغير أو كبير في السن تسبب له تلك الألعاب ضرر بالغ وإزعاج شديد، وربما تحدث بسببها مشاجرات بين الجيران بسببها، وهذا إن لم تصيب أحدا بأذاها المباشر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر ملتقى الأزهر الجار حقوق الجار المزيد حقوق الجار الجار فی
إقرأ أيضاً:
حكم القصاص في الإسلام وجزاء العفو.. دار الإفتاء توضح
حكم القصاص في الإسلام وجزاء العفو، قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه مقولة: " القتل أنفى للقتل"انتشرت بين العرب قديمًا.
وأضاف " عبد السميع" في إجابته عن سؤال: " لماذا شرع القصاص في الدنيا قبل الآخرة؟"، إن القرآن الكريم عبر عن ذلك بأبلغ القول، حيث قال المولى - عز وجل-: " ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون".
حكم القصاص في الاسلام وجزاء العفو
وأوضح أمين الفتوى، عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " أن الآية الكريمة تدل على أن القصاص تحصل به الحياة بالجزاء الرادع في الدنيا وأخذ الحق للمقتول ومنع تهادر الدم وبالتالى عدم وقوع تقاتل أو فتنة بين الناس.
وأضاف : " فلا تستقر الحياة دون أن يعرف المقتول أنه سيقتل بمن قتل، مبينًا أن القتل العمد هو الذي يوجب القصاص فقط، أما القتل الخطأ تكون فيه دية؛ فلا يمر الأمر دون أي عقاب، ومن هنا شرع القصاص.
ونبه أمين الفتوى إلى أن من قتل في الدنيا يكون ذلك كفارة له عن ذنوبه يوم القيامة فلا يحاسب عليها وينجو يوم القيامة عند الله.
وأشار إلى أنه ورد في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما ينص على أن من فعل ذنب في الدنيا وعوقب عليه فعقوبته كفارة له وليس له عقاب أخروى عند الله؛ فيوجد زواجر من الوقوع في المحرماتوجوابر لفاعليها من المحاسبة عليها يوم القيامة بشرط وجود التوبة.
حكم القصاص في الاسلام
وقال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن القصاص في آية " كتب عليكم القصاص في القتلى" نص شرعي لكن لا يمكن تطبيقه، بمفرده بمعزل عن السنة واجتهادات العلماء.
وأضاف الجندى، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الخميس: "الفقهاء إذا تركوا السنة ولم يأخذوا بها لتفسير وتبيين الآيات، وجينا نطبق الآية دي، هل القتل كله واحد، بالطبع لا، لأن هناك ثلاثة أنواع للقتل، قتل عمد وقتل شبه عمد وقتل خطأ".
وتابع: "الآية لم تذكر حالات القتل، وإذا قتل شخص بآلة معينة، أو وضع دواء مضاد لمرض معين، فإذا قتل شخص آخر بالحرق، فهل نطبق العقوبة ذاتها، بالطبع لا لأن لا يحرق بالنار إلا رب النار".
جزاء العفورغَّب الشرع الحنيف في العفو عن المسيء ومسامحته عند القدرة؛ فإن كانت المعاقبة هي جوهر العدل والإنصاف، فإن العفو هو قمة الفضل والإحسان، وهذا الخلق الكريم هو سمة من سمات وأخلاق الإسلام الذي دعا إليه ورغب فيه في مواضع متعددة؛ فقال تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل﴾ [الحجر: 85]، وقال سبحانه: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: 89]، وقال سبحانه ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين﴾ [الشورى: 40].
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (27/ 607، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾ بينه وبين خصمه بالعفو والإغضاء كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم﴾ [فصلت: 34]، فأجره على الله، وهو وعد مبهمٌ لا يقاس أمره في التعظيم] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 40، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾ قال ابن عباس: من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو؛ ﴿فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ أي: إن الله يأجره على ذلك. قال مقاتل: فكان العفو من الأعمال الصالحة] اهـ.
وقال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 133-134].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (6/ 57، ط. دار هجر): [قوله تعالى: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ فإنه يعني: والصافحين عن الناس عقوبة ذنوبهم إليهم، وهم على الانتقام منهم قادرون، فتاركوها لهم. وأما قوله ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ فإنه يعني: فإن الله يحب من عمل بهذه الأمور التي وصف أنه أعد للعاملين بها الجنة التي عرضها السماوات والأرض، والعاملون بها هم المحسنون، وإحسانهم هو عملهم بها] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 207): [قوله تعالى: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ العفو عن الناس أجلُّ ضُروبِ فعل الخير، حيث يجوز للإنسان أن يَعفو وحيث يَتجِهُ حقُّهُ، وكل من استحق عقوبةً فتركتْ له فقد عُفِيَ عنهُ] اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» أخرجه مسلم؛ قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (8/ 59، ط. دار الوفاء): [قوله: "ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا": فيه وجهان: أحدهما: ظاهره أن من عرف بالصفح والعفو، ساد وعظم في القلوب، وزاد عزه. الثاني: أن يكون أجره على ذلك في الآخرة وعزته هناك] اهـ.
وقال العلامة ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (3/ 586، ط. دار الوطن): [وقوله: "وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا": وذاك لأن العافي في مقام الواهب والمتصدق، فيعز بذلك] اهـ.
وقال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 693، ط. دار الحديث): [وفي قوله: "ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا": حث على العفو عن المسيء وعدم مجازاته على إساءته وإن كانت جائزة؛ قال تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]، وفيه أن يجعل الله تعالى للعافي عزًّا وعظمة في القلوب؛ لأنه بالانتصاف يظن أنه يعظم ويصان جانبه ويهاب، ويظن أن الإغضاء والعفو لا يحصل به ذلك، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه يزداد بالعفو عزًّا] اهـ.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ» أخرجه البيهقي في "الشعب"، والطبراني في "مسند الشاميين" و"مكارم الأخلاق".
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (1/ 474، ط. المكتبة التجارية الكبرى): ["واغفروا يغفر لكم": لأنه سبحانه وتعالى يحب أسماءه وصفاته التي منها الرحمة والعفو، ويحب من خلقه من تخلق بها] اهـ.
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة يطول المقال بذكرها، وحسبنا ما ذكرناه عبر هذه اللمحات السابقة التي تبين منهج الشرع الحنيف ودعوته إلى العفو والتسامح والتحلي بهما، بما يعود بالنفع على الجميع أفرادًا ومجتمعات؛ إلا أن العفو المأمور به هنا شرعًا هو العفو الذي لا يترتب عليه أمر محرم شرعًا.