لقاءات مكثفة لفيدان في العراق.. هل تُحل القضايا العالقة بين البلدين؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، زيارة إلى العراق، عقد خلالها لقاءات خاصة، تمهيدا لزيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان، في ظل ثلاث خلافات يشهدها البلدان مؤخرا.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إن هاكان ما بين 22 و24 أب/ أغسطس، سيبحث في العراق فرص تعزيز التعاون في كافة المجالات على أساس أجندة إيجابية، وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية الراهنة.
وتكتسب الزيارة أهمية خاصة، في ظل التوتر النسبي بينهم على خلفية قضايا عدة، تتلق بالعمليات العسكرية التركية في شمال العراق ضد منظمة العمال الكردستاني، والتي تعتبرها بغداد انتهاكا لسيادتها، وتراكم أزمة المياه بين البلدين، بالإضافة إلى ملف تصدير النفظ المنتج في إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
وأجرى فيدان لقاءات مكثفة، شملت الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراءمحمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان ومحمد حلبوسي، ورئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ووزير الدفاع قابت العباسي، على أن يجري لقاءات مع مسؤولين في حكومة إقليم كردستان في إربيل.
الباحث بيلغاي دومان منسق دراسات العراق في المركز التركي لدراسات الشرق الأوسط "أورسام"، ذكر في تحليل أن زيارة فيدان تكتسب أهميتها كونها أول زيارة لوزير له إلى العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني، لافتا إلى أنه سيعقبها زيارة مرتقبة للرئيس أردوغان ووزير التجارة عمر بولات.
وأكد دومان في تقرير على موقع "فكر تورو" التركي، أن الملف العراقي ليس ملفا جديدا بالنسبة لفيدان، فقد كانت الشخصية البيروقراطية التي كانت مهتمة عن كثب بالعراق خلال فترة رئاسته للاستخبارات التركية، ومن المعروف أنه كثيرا مازار الدولة العربية لتذليل العقبات في الكثير من القضايا، ولديه علاقات وطيدة مع مختلف صناع القرار بالبلاد.
ونوه إلى أن العلاقات التي أقامها فيدان بالعراق، كانت عاملا مهما في الخطوات المتخذة والانجازات التي تحققت في السنوات الثلاث الماضية، خاصة في الحرب ضد منظمة العمال الكردستاني.
وأشار إلى أن القضايا العالقة بين البلدين، تحول دون الوصول إلى الزخم المطلوب في العلاقات الثنائية بين البلدين اللذين يشتركان في حدود يبلغ طولها 378 كيلومتر.
معضلة منظمة العمال الكردستاني
وتركيا لا تعتبر خطوات العراق لمحاربة منظمة العمال الكردستاني كافية، وبالنسبة لها فإن القضية الأساسية في العلاقات مع بغداد تتلخص في إنهاء فعاليات المنظمة الكردية المسلحة في العراق.
وبسبب أنشطة منظمة العمال الكردستاني في السليمانية، أوقفت تركيا الرحلات الجوية إليها، وأغلقت مجالها الجوي.
وأوضح الباحث دومان، أنه عند النظر إلى الجانب العراقي، فمن الصعب القول إنهم يتشاركون نفس المستوى مع التصورات الأمنية التركية، وعندما تتحدث إلى العديد من المسؤولين العراقيين، يقولون إن منظمة العمال الكردستاني "إرهابية" ويشكل تهديدا للعراق، ولكن هذا لا ينعكس على أرض الواقع، فبغداد لا تزال لا تعترف رسميا بأن المنظمة "كيان إرهابي".
والثلاثاء، أعرب فيدان، عن تطلع بلاده لاعتراف العراق رسميا بـ"بي كي كي" كتنظيم "إرهابي". خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره العراقي فؤاد حسين، في بغداد.
وقال فيدان في هذا الخصوص: "بموجب مبدأ الصداقة والأخوة (مع العراق) ننتظر أن يعترفوا رسميا بـ"بي كي كي" كتنظيم إرهابي"، مشددا على ضرورة عدم السماح له بتسميم العلاقات بين البلدين.
وأكد فيدان أن العلاقات مع الجارة العراق، تعد من القضايا التي تولي لها تركيا أهمية وأولوية بالغة في سياساتها الخارجية، وأن وحدة الأراضي العراقية وسيادتها ووحدتها السياسية تعد من أهم أولويات السياسة الخارجية لتركيا.
الباحث دومان، قال إنه خلال فترة السوداني، كانت هناك بعض الخطوات الواعدة، حيث تم إنشاء "وحدات حرس الحدود" التي بدأت بالانتشار على حدود العراق مع تركيا وإيران، وفي الوقت الذي تم محاولة السيطرة على ما يسمى بمخيم مخمور الي أصبح قاعدة هامة لـ"العمال الكردستاني"، يتم أيضا الحد من أنشطة المنظمات المرتبطة بها في سنجار، لكن هذه الخطوات لا تكفي بالنسبة لتركيا التي تنتظر خطوات فعالة ونشطة.
ورأى دومان، أن الحكومة العراقية تقوم بـ"الصيد غير المشروع" في هذه المسألة، التي تستخدمها كورقة رابحة ضد تركيا، كما أنها لا ترى بأن المنظمة تشكل تهديدا رئيسيا بالنسبة لها، لاسيما أنها تنشط في الشمال العراقي الخاضع لسيطرة إقليم كردستان العراق.
واستبعد دومان، إمكانية توافق البلدين بشأن قضية منظمة العمال الكردستاني بشكل كامل على المدى القريب.
أزمة المياه بين البلدين
وقضية المياه والسدود على نهري دجلة والفرات، وهما نهران ينبعان من تركيا قبل أن يمرا في العراق، حساسة بشكل خاص بين البلدين الجارين.
ويعاني العراق من انخفاض مثير للقلق في منسوب النهرين، ويتهم تركيا بانتظام بخفض تدفق النهرين بشكل كبير بسبب السدود المبنية عند المنبع.
ويميل العراقيون إلى إرجاع أزمة المياه بالكامل إلى تركيا. ومع ذلك تقول تركيا إنها تتخذ خطوات ملموسة بشأن التقاسم العادل للمياه.
وخلال زيارة السوداني إلى تركيا في شباط/ فبراير الماضي، تعهد أردوغان بإعطاء العراق المزيد من المياه لمدة شهر واحد، وتم إنشاء آليات مختلفة لإيجاد حل لهذه المشكلة.
ورأى دومان، أن الجماعات القريبة من إيران، تستخدم قضية المياه لممارسة الضغط على تركيا أو الإضرار بمكانتها في العراق.
واتهم الباحث دومان إيران، بأنها المتسببة الرئيسية بمشكلة المياه في العراق، وذلك بعد تغييرها مجرى تسعة أنهار تتدفق إلى العراق، نحو الداخل.
معضلة تدفق النفط
وفي 25 أذار/ مارس الماضي، أوقفت تركيا تدقفات النفط بعد أن أمرت هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار تقريبا عن الأضرار الناجمة عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير قانوني بين عامي 2014 و2018.
والثلاثاء، نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، أن وزير النفط العراقي ونظيره التركي لم يتوصلا إلى اتفاق على الاستئناف الفوري لصادرات النفط من شمال العراق عبر ميناء جيهان النفطي التركي.
وقال مسؤول بوزارة النفط العراقية، إن وزارة الطاقة التركية أبلغت شركة تسويق النفط العراقية المملوكة للدولة (سومو) الشهر الماضي بأنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للتحقق من الجدوى الفنية لاستئناف الضخ عبر خط الأنابيب.
وتشير التقديرات إلى أنه ليس من السهل التوصل إلى اتفاق قريبا، في ظل العديد من القضايا الشائكة، ومطالب تركية لاستئناف تدفق النفط.
وتريد الحكومة لامركزية في بغداد، أن تستحوذ على كافة لاقيود المتعلقة بمبيعات النفط، وللعراق خطان رئيسيان في مبيعات النفط، أحدهما الذي يصل إلى البصرة، والآخر هو خط أنابيب نفط كركوك-جيهان.
ومع ذلك، فإن الخلاف بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان يؤثر سلبا على علاقات تركيا مع كل من أربيل وبغداد، كما يرى الباحث دومان.
وأشار دومان إلى أنه بسبب المشكلة خسر العراق أموالا أكثر من التعويضات التي يريد الحصول عليها من تركيا.
الباحثة التركية أرزو يلماز، توقعت في حديث لموقع "ميديا سكوب" التركي، حل مشكلة تدفق النفط من جديد.
وأوضحت أن أنقرة عرضت شرطين لاستئناف تدفق النفط المنتج في إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، أولها سيطرة بغداد على مخيم مخمور للاجئين من خلال تسييجه ومتابعته عبر أبراج المراقبة، لكن الحكومة العراقية حاولت وفشلت في ذلك. أما الشرط الثاني، أن تسقط بغداد قضية التعويضات التي اكتسبتهاوفق قرار صادر عن هيئة التحكيم الدولي في باريس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية هاكان فيدان العراق العمال الكردستاني المياه تركيا النفط العراق تركيا النفط المياه العمال الكردستاني سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إقلیم کردستان بین البلدین فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق
بغداد اليوم - بغداد
في منعطف اقتصادي حاد، بدأ العراق يترنّح تحت تأثير قرارات مفاجئة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثّلت برفع التعريفات الجمركية على مجموعة من الدول، كان بينها العراق بنسبة صادمة بلغت 39%. وبينما تترنّح الأسواق العالمية تحت ضغط هذه الحرب التجارية المستعرة، تتحرك منظمة أوبك بدفع أمريكي لزيادة الإنتاج، في توقيت يُهدد بانهيار أسعار النفط إلى ما دون 45 دولارًا للبرميل.
وسط هذا المشهد القاتم، وجدت الحكومة العراقية نفسها أمام خطر مزدوج: ضرب مباشر للميزان التجاري، وتدهور محتمل في عائدات النفط التي بُنيت عليها موازنة الدولة بسعر 70 دولارًا للبرميل. هذا التهديد العميق دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع وزرائه المعنيين، في محاولة لاحتواء الصدمة قبل أن تتحوّل إلى أزمة مفتوحة.
لكن السؤال الأعمق الذي يُخيّم على الشارع العراقي هو: هل تكفي هذه التحركات لتجنب الانهيار؟ أم أن العراق مقبل على تكرار سيناريو 2020، حين سُحقت البلاد تحت ثقل انهيار النفط، وارتبك فيها حتى دفع الرواتب؟
تحذيرات جادة
حذّر خبراء اقتصاديون، بينهم مختصون عراقيون، من أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد تقود إلى انهيار كبير في أسعار النفط العالمية، مع احتمال وصول سعر البرميل إلى 45 دولاراً خلال الأشهر المقبلة، ما يُنذر بخطر مباشر على اقتصاد العراق المعتمد أساسًا على العوائد النفطية.
وكشف تقرير نشرته شبكة ذا نيو أراب، اليوم الأحد (6 نيسان 2025)، وترجمته بغداد اليوم، أن التصعيد في الحرب التجارية التي أطلقها ترامب ضد عدد من الدول، سيتسبب بتراجع ملحوظ في حركة التبادل التجاري العالمي، وانكماش اقتصادي واسع يُؤدي إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط.
وقال التقرير إن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على عدد من الدول، شملت العراق بنسبة 39%، في خطوة وصفها الخبير الاقتصادي قمران قدير بأنها "تتحدى المنطق الاقتصادي"، وتؤدي إلى سلسلة من التداعيات السلبية من بينها: تباطؤ النمو، ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة التضخم، خصوصًا في الاقتصادات الكبرى كأمريكا، الصين، أوروبا، اليابان، وكوريا الجنوبية.
وأضاف قدير أن هذه الاضطرابات ستنعكس على مستوى الطلب العالمي على الطاقة، في وقت يُتوقع أن تواصل دول "أوبك"، وعلى رأسها السعودية، رفع مستويات الإنتاج تحت ضغط أمريكي، مما سيُفاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب، ويدفع الأسعار إلى الانهيار نحو حاجز 45 دولارًا للبرميل.
العراق في قلب الأزمة.. موازنة مبنية على 70 دولارًا للبرميل
في سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الموازنة العراقية لعام 2025 اعتمدت سعر 70 دولارًا لبرميل النفط، وهو ما يضع الاقتصاد العراقي في موقع حرج في حال تحقق سيناريو انخفاض الأسعار، خاصة وأن أكثر من 90% من إيرادات الدولة تعتمد على الصادرات النفطية.
وبحسب التقرير، فإن "الخطر المزدوج" يتمثل في كون العراق متضررًا مباشرًا من التعريفات الأمريكية المفروضة عليه من جهة، ومعرّضًا لانهيار الأسعار العالمية من جهة أخرى، ما قد يسبب أزمة مالية داخلية تهدد قدرة الدولة على تغطية نفقاتها الأساسية.
وأفاد التقرير بأن هذا التطور دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع عدد من الوزراء المعنيين، تم خلالها الاتفاق على خطوات لتقوية التعاون مع الولايات المتحدة في محاولة لتخفيف التأثيرات المباشرة، لا سيما على التبادل التجاري الثنائي.
لكن ذا نيو أراب أكدت، نقلاً عن مصادر اقتصادية، أن هذه الإجراءات "لن تكون كافية لاحتواء التأثيرات غير المباشرة"، خاصة تلك المتعلقة بانخفاض أسعار النفط الناتج عن ركود اقتصادي عالمي مرتقب.
تداعيات أكبر على دولة ريعية
ويُعد الاقتصاد العراقي من أكثر الاقتصادات هشاشةً في المنطقة، نظرًا لاعتماده شبه الكامل على إيرادات النفط، دون وجود بدائل إنتاجية أو صناعية كافية. وبالتالي، فإن أي تراجع في أسعار النفط ينعكس مباشرة على قدرة الحكومة على دفع الرواتب، تمويل المشاريع، وتقديم الخدمات الأساسية.
ويحذّر مراقبون من أن استمرار السياسة الاقتصادية الأمريكية على هذا النحو، سيُجبر العراق إما على الاقتراض مجددًا، أو خفض الإنفاق العام، في وقت تُعاني فيه البلاد أصلًا من أزمات مزمنة في الكهرباء والبنى التحتية وارتفاع البطالة.
مقارنة بتجربة 2020.. هل يتكرر الانهيار؟
يُذكر أن العراق واجه وضعًا مشابهًا في عام 2020، عندما انهارت أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل نتيجة جائحة كورونا وانهيار الطلب العالمي، مما تسبب بعجز مالي كبير وتأخر في دفع رواتب الموظفين لعدة أشهر. ويرى محللون أن تكرار هذا السيناريو سيكون كارثيًا في ظل غياب إصلاح اقتصادي حقيقي، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الضغوط الخارجية والداخلية.
وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تقليل الاعتماد على النفط في خطاباتها الاستراتيجية، إلا أن الواقع المالي يؤكد أن أي انهيار في الأسعار سيبقى الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.