د. عصام محمد عبد القادر يكتب: مَنْهَجُ اَلْأُمُوُمَةِ
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
نَبَعَ العَطَاءُ المُسْتدامُ، وشُعَاع النُّورِ الذي يملأ الأرْجَاءَ يكْمُنُ في الأُمُّ، تلك التي تُضَحّي بكل غالٍ، ونفيسٍ، وتقدم العطاءات التي تُسْهم في بناء الإنسان الذي يحمل الوِجْدان الرَّاقي، ويمارس السّلوُكيّاتِ الحسنة، ويمتلك من المعارف ما يعْينه على اسْتكمال مَسِيرَةِ الإِعْمار؛ فعبر المعايشة بمرحلة المهْد يتجرَّعُ الفرد من خلال الأُمِّ مُتلّونِ القيم، والفضائل؛ فيُحَاطُ بسياجٍ من الأخلاق الحميدة التي تجْعله محبوبًا بين مجتمعه قاطبةً.
منْهَجُ التَّرْبيةِ المُقدّم من الأُمِّ يعد اللبنة الرئيسة؛ لتنْشئةِ إنسان سويٍّ، يمتلك في مستقبله الوِجْدانِ في حالته الإيجابيّة، ويمتلك أيضًا طاقةً من العطاء لا تنْضبُ، ولديه ثِقَةٌ في نفسه، ويثابر من أجل تحقيق ذاته، ويعْتَزُّ بكيانه، ويُشَاطرُ الآخرين هُمُومَهُم، ويتحمَّلُ بصورة ٍمُبكّرةٍ المسْئوليةَ؛ فتتكونُ الشخصيةُ المتكاملةُ من خلال ما تمتلكه من مقومات تَشُدُّ من عضُده؛ حيث المعرفة الصحيحة، والتَّوجُهَاتِ المدْروُسة، والأفعال، والممارسات المقبولة التي تُفيدهُ، وجميع مَنْ حوْله.
ماهيّةُ الولاءِ، والانتماءِ تغْرِسُها الأُمُّ منذ نُعومة الأظافر لدى الأبناء؛ حيث الولاءُ للأسرة، وربُّها، والانتماء للعائلة التي ينتمي إلى نسْلِها؛ فيدرك الفرْدُ فلْسفةَ هاتين القيمتين المُتَلازمَتيْن، وعندما تنْمو مداركه، وتزداد معارفه، ويستطيع أن يحْصُدَ الخِبْرةَ في صورتها المُتكاملة؛ حينئذٍ يمتلك عُمْقَ الولاء، والانتماء؛ إذْ يدرك أن دور القياداتِ في المجتمع يتمثل في العمل على خِدْمة مجتمعاتها، والتَّضْحيةِ من أجل أوْطانها، وأن تُرابِ البلاد يُمثَّل له الماضي، والحاضر، والمستقبل؛ فلا تفْريطَ، وحمايتُه فرْضُ عيْنٌ على الجميع.
صلاحُ الفرْدِ مرهونٌ بترْبيته الأُوْلى؛ فمن خلالها يتشرَّبُ مُضَادَاتٍ حيويّةٍ؛ فلا يعاني من ضُغوطٍ، ولا يقع فريسةً لها، ويصبح قادرًا على مواصلة الحياة بطاقةٍ إيجابيةٍ، ويُقبْلُ على دُرُوُبِ الخير وفق ما يتبنَّاه من سِيناريوُهاتٍ مُسْتقبليّةٍ تحمل في ثناياها العديدَ من الخُططِ المرنةِ التي تحقق له غاياته المشْروعة، وتفي بمُتطلّباتِ، واحتياجاتِ الحياة الآنيةِ منها، والمُسْتقبليّة، ولا يتعثّرُ في خِضَمّ تحدّياتٍ، وصعوباتٍ تُواجهه، بل يصْنعُ لنفسه سِياجَ أملٍ يُغلَّفهُ بالطُّموحِ والتطلَّعِ، ويجعله منْهجًا حياتيًّا.
منْهَجُ الأُمِّ داعمٌ للهُويّة على مُسْتوياتها الشَّخْصيةِ، والقوْميّة؛ فعبر توجيهاتٍ، وإرشاداتٍ، وحُواراتٍ، وإجاباتٍ من الأُمِّ تستطيع أن تُعزّزَ ماهيّةَ الوطن، والإخلاص في حُبّه، والعمل من أجل أن يتابعَ تاريخ نهضته، ويسْتكملَ مسارَ حضارته التي أبْهرتْ العالمَ، وما زالتْ محلَّ دراسةٍ، وتأمُّلٍ، وهنا يبْدو التَّرْكيزَ على قيم المواطنة التي تؤصّلُ في نفوس الأبناء تقديم أفضل، وأجْود ما لديهم للوطن؛ فالتَّضْحِيَةُ، والعطاء المُسْتدامِ؛ لرفْعةِ شأْن البلاد من المُسَلَّماتِ التي يؤمن بها الفرد منذ المهْد عبر بوابة التربية التي تحْرُسُها أمُوُمةٌ تفيضُ بالعطاء.
إن صلاح، وإصلاح المجتمعات لا ينْفكُّ عن تربيةٍ قويمةٍ تبدأ من عتبة الأُمِّ، وتنطلق إلى منابرِ العديد من المُؤسَّسَاتِ التي تشارك في بناء الإنسان، وما يتم غرْسُه من فضائلَ، وقيمٍ، وممارساتٍ طيّبةٍ من خلال منْهَجِ الأُمُوُمَةِ يُمهّدُ الطّريقَ؛ لاستكمال بناء إنسانٍ قادرٍ على أن يحافظ على مُقدّراتِه، ويعمل على تنْميتها، ويطُّورُ من ذاته على الدوام، ويصُوُنُ مُقدّراتِ وطنه، ويدافع عن حقوقه، ويُعْلي من مصالحه العُلْيا.
يسْتلْهِمُ الأبْناءُ من فيْضِ عطاء الأُمُوُمَةِ فكْرة اسْتدامةِ الخير الذي يبْدو في كل عملٍ نافعٍ للذات، وللآخرين من حوْلِ الإنْسان؛ ومن ثم لا مجالَ للتوقَّفِ في العطاء؛ فقد تم غرْسِ ماهيّةِ الإعمار المُسْتدامِ، وتحققتْ فلْسفةُ الاسْتخْلاَفِ في نفوس الأبناء من خلال محتوى منْهَجُ الأُمُوُمَةِ الذي يرْتكِزُ على ما نادتْ به عقائدُ السَّماءِ قاطبةً؛ حيث إن الخيْرَ يكْمُنُ في مزيدٍ من تعْميِمهِ، والحياةُ نسْتحِقُّ أن نعيشها بنفوسٍ مليئةٍ بالمحبّةِ؛ ففي الأرْضِ مُتَّسعٌ للجميع.
أعتقِدُ أن صورة المنْهَجِ التَّفاؤُليّ دشَّنَتْهُ أُمُوُمَةٌ تمتلك قلبًا صافيًا، راقيًا، مُحبًّا يرى النُّورَ في أرْجاءِ المعْمُورةِ، ويثقُ بأن رسالةَ الحياةِ تقوم على إسْعادِ الآخرين؛ لذا ينْهمرُ العطاءُ دون توقُّفٍ، وتُقدّمُ التضْحياتِ دون حديثٍ مع النَّفسِ يُضْعِفْهَا؛ ومن ثم صارتْ الأُمُّ مدْرسةً من الصعب أن نُقارنَها بمَنْ سِواها، رَحِمَ اللهُ – عزوجل- أُمّي التي لا تغيبُ قطُّ عن خَاطِري، وأسْكنَها الفِرْدُوسَ الأَعْلى من الجنَّة، وأُعاهِدُ اللهَ – عزوجل- أنَّه سيَظَلٌّ دُعَائِي لها مُسْتدامًا، وبرّي لها مَوْصُولًا ما حَييِتُ.. ودي ومحبتي للجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأمومة عيد الأم الانتماء المزيد من خلال التی ت
إقرأ أيضاً:
نص الشعب اسمه محمد.. مواجهة بين غادة إبراهيم ورانيا يوسف تقلب الموازين
تعرض الحلقة السابعة من "نص الشعب اسمه محمد" المواجهة الأبرز بين سلوى وفاطمة الليلة على MBC، وتشعل الحلقة الأجواء الدرامية حيث تدخل سلوى (غادة إبراهيم) وفاطمة (رانيا يوسف) في مواجهة موترك تقلب موازين الأحداث تمامًا.
وفي الحلقة السابقة تطورت الأحداث بين مي (هاجر السراج)، وزوجها محمد (عصام عمر) بعد أن أرسلت له صديقتها ندى صورة برفقة رجل غريب وبدون حجاب، وذلك في أحداث الحلقة السابعة من مسلسل نص الشعب اسمه محمد.
وانفعل محمد فور رؤيته للصورة، ويتوجه إلى منزل والدة مي (شيرين) لمواجهتها، لتتحول المواجهة إلى مشهد عنيف حين يقوم بصفعها ويوبخها بسبب تماديها، مما يزيد من تعقيد العلاقة بينهما، خاصة بعد اعتراف مي بأنها كذبت بشأن خبر حملها.
هذا الموقف يكشف إلى أي مدى وصلت حالة التوتر بين مي ومحمد إلى مرحلة خطيرة، لا سيما بعد تغييرات مي الأخيرة وقرارها بالتمرد عليه. في المقابل، يُظهر رد فعل محمد العنيف عجزه عن التعامل مع تصرفات مي بعقلانية، مما يضع علاقتهما الزوجية على شفا الانهيار.
يضم المسلسل، الذي يتكون من 15 حلقة، نخبة من النجوم، بينهم غادة إبراهيم، رانيا يوسف، عصام عمر، مايان السيد، هاجر السراج، محمد محمود، شيرين، محمد عبد العظيم، دنيا سامي، ألفت إمام، كريم سامي، وغيرهم، وهو من تأليف محمد رجاء، إخراج عبدالعزيز النجار، وإنتاج أمير شوقي.
تدور أحداث "نص الشعب اسمه محمد" في إطار لايت كوميدي اجتماعي، حيث يجسد عصام عمر شخصية مهندس تكييف يعمل في المطار، ويواجه العديد من المواقف والتحديات، بينما تقدم غادة إبراهيم دور سيدة أعمال وشقيقة رانيا يوسف، في شخصية تحمل العديد من المفاجآت التي تؤثر بشكل كبير في مجرى الأحداث، فيما تجسد رانيا يوسف دور موظفة في الشهر العقاري.
ويواصل المسلسل تحقيق نجاحات متتالية منذ انطلاقه، إذ استطاع جذب انتباه الجمهور بمزيجه الفريد من الكوميديا والدراما الاجتماعية، ليصبح واحدًا من أكثر الأعمال مشاهدةً هذا الموسم.