لا زال هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يترك بظلاله السلبية على واقع الإسرائيليين، وهذه المرة من خلال نشوب أزمة سياسية حقيقية تشير بالضرورة إلى فقدانهم الطريق الصحيح، وسط غياب الحلول السياسية التي تهدد بدورها مستقبل الرؤية الصهيونية في فلسطين المحتلة.

وأكد نداف تامير، المدير التنفيذي لمنظمة "جيه ستريت" الفرع الإسرائيلي، والقنصل السابق في بوسطن، والمستشار السياسي لرئيس الاحتلال الأسبق شمعون بيريز، أن "التصريحات الأخيرة للحاخام عامي هيرش، حول تسبب السابع من أكتوبر بخنق حل الدولتين ليست مجرد تعبير عن ألم عميق، بل دليل على العواقب الوخيمة لذلك الهجوم على تصور مستقبل إسرائيل بنظر العديد من الليبراليين فيها، وفي الجالية اليهودية في الولايات المتحدة".



وأضاف تامير، في مقال نشرته صحيفة "معاريف،" وترجمته "عربي21" أن "حماس في ذلك الهجوم لم تكتف بمهاجمة وقتل الإسرائيليين والجنود، بل نجحت بدفع العديد من اليهود لفقدان ثقتهم بمستقبل يمكن فيه لدولتهم أن تعيش بجانب دولة فلسطينية، بالنسبة لحماس، يُعد هذا نصرًا استراتيجيًا هائلًا، ففي النهاية، هدفها هو القضاء على الفكرة الصهيونية، وإذا رفض الإسرائيليون تمامًا حلّ الدولتين، فسيقعون في فخّ لا يمكنهم فيه الحفاظ على الدولة بشكل مستدام".


وأشار إلى أن "موقف الحاخام هيرش نتيجة سنوات من الرسائل السياسية المنهجية من اليمين الإسرائيلي والمؤسسة اليهودية الأمريكية المحافظة، التي طمست التمييز بين الفلسطينيين كحركة وطنية وحماس كحركة إسلامية، وقد روّج بنيامين نتنياهو، بدعم من منظمات في المؤسسة اليهودية الأمريكية، لرواية تُعرّف كل فلسطيني بأنه حماس، والنتيجة أنه حتى الأصوات اليهودية المعتدلة، تتبنى الآن تفسيرًا يُسقط مسؤولية إسرائيل عن فشل عملية السلام، ويحمّلها فقط للفلسطينيين، وهذا ليس صحيحاً".

وأوضح أن "إعفاء أجيال من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من المسؤولية عن فشل المسار السياسي مع الفلسطينيين ليس سلوكا سويّاً، بل تعزيز للموقف المدمّر السائد بين الإسرائيليين القائل إنه لا يوجد أحد من الفلسطينيين نتحدث إليه".

وذكر أن هذه  "هي نبوءة تحقق ذاتها اليوم، ومن يدّعون أن المشكلة تقتصر على الجانب الفلسطيني، ويتجاهلون سياسة إسرائيل والضم الفعلي التي اتبعتها جميع حكومات نتنياهو على مدار السنوات الست عشرة الماضية، يُلحقون ضررًا بالغًا بمستقبل الاسرائيليين".

واستدرك بالقول إن "الجالية اليهودية الأمريكية لا تزال تتبنى موقفًا مختلفًا إلى حدّ كبير عما هو سائد في إسرائيل، حيث يدعم معظم اليهود في الولايات المتحدة حلّ الدولتين، ويدركون أن السيطرة المطلقة على الفلسطينيين ليست وصفة للازدهار الصهيوني، على العكس تمامًا، فهو وصفة للتدهور الأخلاقي والاستراتيجي، حتى في إسرائيل تُظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الجمهور تؤيد حلاً يتضمن دولة فلسطينية منزوعة السلاح كجزء من اتفاق إقليمي".

وأوضح أن "دونالد ترامب يريد التوصل لمثل هذا الاتفاق لاعتبارات تتعلق بالهيبة والمال، مما قد يجعل تنفيذه أكثر واقعية، مع أن مثل هذا الترتيب لا يحلّ المشكلة الأخلاقية للإسرائيليين فحسب، بل إن فكرة إقامة دولة فلسطينية ليست مجرد مسألة سياسية، بل أيضاً الحل لمشكلة إسرائيل الأمنية، كما يشهد معظم كبار القادة السابقين في الجيش والموساد والشاباك، فضلاً عن كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية".


وطالب الكاتب الإسرائيليين بعدم اليأس، زاعما أنه "إذا نظرنا للوراء تاريخيا، فإن الاختراق السياسي يأتي بعد الصدمات الشديدة، حدث ذلك بعد حرب 1973، حين أصبح الرأي العام الإسرائيلي أكثر تشدداً، لكنه بعد فترة وجيزة، تم توقيع اتفاق السلام مع مصر، وبعد انتفاضة الحجارة التي شكلت صدمة شديدة للجمهور الإسرائيلي، وُلدت اتفاقيات أوسلو، التي مهدت الطريق للسلام مع الأردن".

وأضاف أن "أزمة اليوم الناجمة عن هجوم حماس في السابع من أكتوبر، صحيح أنها شكلت للوهلة الأولى علامة على فقدان الاسرائيليين للمسار السياسي، لكنها قد تكون نقطة انطلاق لحل جديد، فقط إذا وجدنا القائد المناسب، رغم أن الواقع الاسرائيلي صعب حقًا، وتجعل من الديناميكية الحالية تضع صعوبات أمام تحقيق حلّ الدولتين، وأصبح الخطاب السياسي فيها أكثر تطرفا، لكن ذلك يتطلب مواصلة الضغط من أجل التوصل لحلّ سياسي، لأنه إذا استسلمنا فإن حماس ستنتصر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيليين الاحتلال حماس إسرائيل حماس غزة الاحتلال 7 اكتوبر صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

دبلوماسي تركي: لهذا السبب تعارض إسرائيل وإيران الحكومة السورية الجديدة

شدد الدبلوماسي التركي إردام أوزان على وجود ما وصفه بـ"المفارقة الجيوسياسية في سوريا"، حيث تواجه الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع معارضة من كل من إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أن هذا التوافق النادر بين العدوين اللدودين ينبع من مخاوفهما الاستراتيجية.

وقال أوزان في مقال نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن سوريا كانت تمثل "ركيزة أساسية في ‘محور المقاومة’"، وتُعتبر جسرا بريا حيويا لحزب الله وبوابةً لبسط نفوذها في بلاد الشام.

وأضاف أن سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي هدد هيمنة إيران الراسخة. ورغم تراجع نفوذها، أكد أوزان أن طهران لا تزال ملتزمة بعدم التخلي عن سوريا سريعًا.


وأشار الكاتب التركي إلى مشاركة الميليشيات المدعومة من إيران في أعمال العنف الساحلية الأخيرة، ما يُظهر عزم طهران على الحفاظ على أهميتها الاستراتيجية، حتى لو أدى ذلك إلى تقويض المرحلة الانتقالية الهشة في سوريا.

وبالنسبة لدولة الاحتلال، فقد شدد الكاتب التركي على أن المخاوف الأمنية لدى "تل أبيب" تتركز حول "وجود وكلاء إيرانيين على طول حدود إسرائيل".

وأشار إلى أن أحمد الشرع، القائد السابق لجماعة جهادية مسلحة، يمثل تحديات جديدة لإسرائيل، حيث يخشى المسؤولون الإسرائيليون من عدم قدرة أو رغبة قيادته في كبح النفوذ المتنامي لهيئة تحرير الشام.

ولفت أوزان إلى تأكيد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على ضرورة نزع السلاح من جنوب سوريا لمنع هيئة تحرير الشام والجماعات الإسلامية الأخرى من ترسيخ وجودها قرب الحدود الإسرائيلية.

وأضاف أن إسرائيل تعتمد استراتيجية مزدوجة: احتواء الصعود الإيراني، وضرب معاقل الإسلاميين استباقيا لضمان عدم حصول أي من الطرفين على موطئ قدم حاسم.

وفيما يتعلق بالتداعيات الإقليمية، لفت أوزان إلى أن مستقبل سوريا لا يزال موضع خلاف بين قوى إقليمية أخرى، موضحا أن تركيا دعمت الاتفاقات بين الحكومة الانتقالية والقوات الكردية، وهي خطوة نظرت إليها إسرائيل بعين الريبة.

وأضاف أن إسرائيل اتخذت خطوات لحماية الأقلية الدرزية في جنوب سوريا، لافتا إلى أن عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية واستغلال خلاياه النائمة للمرحلة الانتقالية الفوضوية لاستعادة زخمها في وسط وشرق سوريا، يزيد من تعقيد المشهد.

كما أوضح الكاتب التركي أن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي الغامض يفاقم حالة عدم الاستقرار، تاركا مصير سوريا معلقا في الميزان، حسب وصفه.

وفي ختام مقاله، أكد أوزان على ضرورة اتباع نهج جديد في الحكم والدبلوماسية لضمان استقرار سوريا، داعيا إلى "جهود خفض التصعيد الإقليمية" من خلال تسهيل المفاوضات المباشرة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين: تركيا، إسرائيل، إيران، روسيا، ودول الخليج.


وأوضح الدبلوماسي التركي أن ذلك التفاوض يهدف إلى إنشاء إطار لخفض التصعيد يعالج المخاوف الأمنية مع الحد من التدخل الأجنبي.

كما شدد على أهمية "انتقال سياسي سليم" يلبي توقعات السوريين، محذرا من أن غياب الإصلاحات الهيكلية والتمثيل السياسي الواسع قد يبقي سوريا مجزأة وساحةً للصراعات بالوكالة، بدلًا من التحول إلى دولة فاعلة.

واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد أنه إلى أن تُتخذ هذه الخطوات، سيظل مستقبل سوريا رهنا بالتنافسات الخارجية بدلًا من التعافي الداخلي، موضحا أن مفارقة وقوف إسرائيل وإيران ضد الحكومة نفسها ليست سوى فصل آخر من فصل من فصول صراع تميزه التناقضات، وتغيره التحالفات، ودورة حرب لا نهاية لها على ما يبدو، حسب قوله.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي: ندعم وقف إطلاق النار بغزة وحل الدولتين هو المسار الوحيد للسلام
  • إسرائيل تعلن إغتيال عضو مكتب حماس السياسي
  • شينخوا: إسرائيل عرضت على حماس خطة من مرحلتين لتحرير الأسرى.. وهذا نصها
  • دبلوماسي إسرائيلي سابق: حماس أفقدت الإسرائيليين مسارهم السياسي وهذا ما يهدد المشروع الصهيوني
  • حصيلة أوليّة... هذا ما تسبّبت به الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت منزلاً في تولين
  • الجيش عثر على المنصات التي أُطلقت منها الصواريخ باتّجاه إسرائيل... وهذا ما أعلنه
  • دبلوماسي تركي: لهذا السبب تعارض إسرائيل وإيران الحكومة السورية الجديدة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد حماس بضم أراضٍ جديدة في غزة
  • التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربية