تصاعدت التوترات في ولاية ماهاراشترا الهندية بعد احتجاجات نظمها القوميون الهندوس ضد قبر الإمبراطور المغولي أورنكزيب عالمكير، وهذا أدى إلى اندلاع أعمال عنف في منطقة ناجبور في الولاية، ومع ذلك، تمت السيطرة على هذه التوترات.

وتطالب منظمتا "فيشوا هندو باريشاد" و"باجرانج دال" اللتان تقودا هذه الاحتجاجات بإزالة القبر، بزعم أن أورنكزيب -الذي حكم في القرن الـ17- كان معاديا للهندوس.

وشهد الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 3 قرون ويُعد من المواقع التاريخية المهمة، توترات متزايدة بعد انتشار شائعات عن إحراق تمثال لأورنكزيب نُقشت عليه آيات قرآنية، فأثار ذلك احتجاجات مضادة من المسلمين، الذين طالبوا باعتقال القوميين الهندوس، وهذا أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين.

ويواجه أورنكزيب، الحاكم السادس للإمبراطورية المغولية، اتهامات من القوميين الهندوس بقمع الهندوس، وهدم المعابد، وبناء المساجد في أماكنها، وهي اتهامات يرفضها المسلمون، مشيرين إلى أنه كان معروفا بتقواه الدينية وكان يكسب رزقه من الحرف اليدوية بدلا من أموال الدولة.

هجمات ممنهجة

منذ وصول حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى السلطة عام 2014، ازداد استهداف التراث الإسلامي في الهند، بما في ذلك إعادة تسمية مدن كانت تحمل أسماء إسلامية. ووفقا لفرحة شيخ، نائبة رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في حزب الرابطة الإسلامية الهندية، فإن هذه الجهود تهدف إلى محو أو تقويض مساهمات الحكام المسلمين في تراث الهند.

إعلان

وفي حديثها للجزيرة نت، صرحت بأن "المسلمين يشكلون ثاني أكبر عدد سكان في الهند، وقد لعبوا دورا رئيسا في استقلال البلاد، وتطوير قطاع التعليم، والمساهمة في شتى المجالات، والتي لا تزال تُفيد العالم".

وأضافت: "تسعى الحكومة إلى محو كل هذه الجهود والمساهمات والآثار التاريخية للمجتمع الإسلامي، الذي كان يُعتبر فخرا للأمة قبل عام 2014، من خلال إجراءات مثل سياسة التعليم الجديدة، كما يتم استهداف المعالم التاريخية عبر الاحتجاجات المطالبة بإزالة القبور، وأعمال العنف المنتشرة في مختلف أنحاء ولاية ماهاراشترا، والتي تحظى بدعم من منظمات قومية هندوسية".

فيلم "تشافا" ساهم بتشويه صورة أورنكزيب بعد عرضه مؤخرا (الجزيرة) إرث أورنكزيب

وفي تجمع سياسي خلال العام الماضي، وصف رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بأن أورنكزيب دمر آلاف المعابد الهندوسية، وكان مسؤولا عن قتل الناس والأبقار.

وفي صدى لهذه التصريحات، صرّح يوغي أديتياناث رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، الخميس الماضي، من دون أن يذكر أورنكزيب بالاسم، قائلا: "إن تمجيد الغزاة يعني ترسيخ أصول الخيانة، لن تقبل الهند الجديدة أبدا من يهين أسلافنا العظام ويشيد بمن اعتدى على حضارتنا، وانتهك نساءنا وهاجم عقيدتنا".

وفي السياق، زاد فيلم بوليود "تشافا"، الذي عُرض مؤخرا، بتشويه صورة أورنكزيب، وصرّحت فرحة شيخ للجزيرة نت بأن "عرض الفيلم أدى إلى تصاعد مستمر في العداء داخل المجتمع الهندوسي ضد أورنكزيب والمجتمع المسلم".

ومع ذلك، ترى فرحة شيخ أن المجتمع المسلم يعتبر هذا الجدل تسييسا غير ضروري للتاريخ. وبينما يُصوَّر أورنكزيب غالبا بصورة سلبية، فإن العديد من المسلمين يقدّرون مساهماته في العدالة والإصلاحات الإدارية وتدينه.

وذكرت بأن الإمبراطور "شخص لم يأخذ فلسا واحدا من خزينة الدولة لراحته، بل عمل لإعالة نفسه وأسرته، وكان يتقي الله ويمتنع عن ارتكاب أي خطأ، ويتخذ قرارات عادلة. كيف يمكن وصف مثل هذا الرجل بالطاغية أو الظالم؟".

إعلان

وتساءلت "إذا كان أورنكزيب قد اضطهد الهندوس، وقتلهم، وأجبرهم على تغيير دينهم، وهدم معابدهم، فكيف لا تزال الهند ذات أغلبية هندوسية، وتضم مئات الآلاف من المعابد التي يعود تاريخها إلى قرون مضت؟".

دعوة للتوازن

وعن توقيت إثارة قضية أورنكزيب، قالت فرحة شيخ للجزيرة نت، إن "الجميع في الهند يعلم أنه عندما تقترب الانتخابات، يبدأ البعض بلعب ورقة الهندوس والمسلمين، وانتخابات المجالس البلدية باتت على الأبواب في جميع أنحاء ولاية ماهاراشترا، وهذا محاولة لجذب الناخبين عبر الاستقطاب الديني".

ورغم محاولات القوميين الهندوس تشويه صورة أورنكزيب، فقد بادرت منظمات إسلامية إلى التواصل مع الإداريين ووزراء الحكومة لضمان الحفاظ على السلام في المنطقة، ووفقا لما أوضحته فرحة شيخ، فإن هذه المنظمات تقدم أيضا رؤية متوازنة عن أورنكزيب، إذ تسلط الضوء على مساهماته في الحكم، والإصلاحات القانونية، وتطوير البنية التحتية، وتروج لفهم أكثر دقة وموضوعية لفترة حكمه.

وأضافت فرحة شيخ في حديثها للجزيرة نت "بدلا من ترسيخ الانقسام الدائم بين الأديان والإضرار بالوئام المجتمعي، يجب على الحكومة أن تشجع التعليم التاريخي المتوازن، من خلال دعم البحث الأكاديمي بدلا من التفسيرات السياسية، وأن تحمي المواقع التاريخية باعتبارها جزءا من التراث المشترك للهند، بغض النظر عن الانتماءات الدينية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان للجزیرة نت فی الهند

إقرأ أيضاً:

السفير الليبي يتعرض لهجوم في مجلس الأمن بسبب استخدامه مصطلح “المحرقة” لوصف ما يجري في غزة- (فيديو)

#سواليف

تعرض #السفير_الليبي لدى #الأمم_المتحدة، #طاهر_السني، لهجوم منسق من قبل ممثلي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا خلال جلسة #مجلس_الأمن المستأنفة صباح الأربعاء، التي تناولت “الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية”. الهجوم جاء بسبب استخدام السفير الليبي مصطلح “ #المحرقة ” ( #هولوكوست ) لوصف ما يحدث في #غزة، وهو ما اعتبره ممثلو الدول الثلاث مقارنة غير صحيحة ومعادية للسامية.

طاهر #السني يطالب مجلس الأمن بالتحرك لوقف "المحرقة" في #غزة، أثناء كلمته باسم المجموعة العربية pic.twitter.com/VFIXAb2EbB

— قناة ليبيا الأحرار (@LibyaAlAhrarAR) April 30, 2025

ممثلة الولايات المتحدة، دوروثي شيا، قالت إنها وجدت نفسها مضطرة للرد على السفير الليبي بسبب تصريحاته، مشيرة إلى أن “ما من حدث في التاريخ المعاصر يرقى لمستوى المحرقة”. وأضافت: “التعريف الذي اعتمده الناجون من المحرقة يعتبر كل من يقارن أي حدث بالمحرقة معاديا للسامية. مثل هذه العبارات تقلل من شأن المحرقة التي ذهب ضحيتها ستة ملايين يهودي وبعض الجنسيات الأخرى، وهذا أيضا معاد للسامية”.

مقالات ذات صلة “العدل الدولية” تعقد جلساتها لليوم الرابع لمساءلة دولة الاحتلال عن التزاماتها في فلسطين 2025/05/01

وأضافت شيا أنها تابعت التهم الباطلة الموجهة لإسرائيل، مشيرة إلى أن بعض الدول ترفض أن تجلس في مجلس الأمن بجانب المندوب الإسرائيلي. وقالت: “هؤلاء لا يستحقون أن يكونوا أعضاء في المجلس. بل إنهم لا يحملون حركة الجهاد مسؤولية إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، ويرفضون وصف حماس بأنها جماعة إرهابية. هذه العبارات المعادية للسامية تمس بهيبة الأمم المتحدة ولا ينبغي منح هذه المساحة لها”.

في المقابل، عبرت ممثلة المملكة المتحدة، في ممارسة حق الرد، عن قلقها البالغ من استخدام السفير الليبي مصطلح “المحرقة” لوصف الوضع في غزة. وقالت: “لن ننسى وحشية المحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، والتي راح ضحيتها ستة ملايين شخص. لا يمكن مقارنة هذه الفظائع بأي شر آخر في التاريخ المعاصر. نرجو أن يركز المتحدثون على ما يقرب الفلسطينيين والإسرائيليين، لا على ما يفرق بينهم”.

من جهته، تحدث ممثل فرنسا، رئيس جلسة مجلس الأمن، بصفته الوطنية، قائلًا: “فرنسا تود ممارسة حق الرد على ما قاله السفير الليبي. نحن لا نعترف إلا بمحرقة واحدة، وهي تلك التي ارتكبها النازيون ضد اليهود. ذكرى تلك المحرقة يجب أن تحترم ولا تقارن بأي شيء آخر. نحن نعترف بمعاناة الناس في غزة، ولكن هذا لا يعني أن نقارن الوضع بمحرقة اليهود على أيدي النازيين”.

وكان السفير الليبي طاهر السني قد ألقى كلمة قوية في الجزء الثاني من الجلسة المستأنفة يوم الثلاثاء حول القضية الفلسطينية، حيث اتهم إسرائيل بارتكاب “محرقة في غزة”. بدأت الجلسة صباح الثلاثاء، ثم استؤنفت بعد الظهر، واستمرت حتى صباح الأربعاء، حيث سجل 70 مندوبا للحديث في الجلسة الوزارية التي ترأسها وزير خارجية فرنسا، جان-نويل مارو، إذ كانت فرنسا ترأس مجلس الأمن خلال شهر أبريل.

مقالات مشابهة

  • إغلاق المدارس القرآنية بالشطر الباكستاني لكشمير تحسبا لهجوم هندي
  • السفير الليبي يتعرض لهجوم في مجلس الأمن بسبب استخدامه مصطلح “المحرقة” لوصف ما يجري في غزة- (فيديو)
  • فستان زفاف يُعرض بسمة وهبة لهجوم حاد.. فيديو
  • سفير ليبيا بمجلس الأمن يصف ما يحدث في غزة بـالمحرقة.. تعرض لهجوم
  • سفير ليبيا يصف ما يحدث في غزة بـالمحرقة.. تعرض لهجوم بمجلس الأمن
  • اشتباه تسمم غذائي يُفسد فرحة عرس في المنيا.. نقل 36 مدعوًا إلى المستشفى!
  • باكستان تتحدث عن معلومات استخباراتية تشير لهجوم هندي خلال ساعات
  • كاتب أردني: كيف سيؤثر حظر الإخوان المسلمين على مستقبل البلاد؟
  • تصاعد مقلق للإعتداءات ضد المسلمين بفرنسا في 2025
  • مصدر أمني إسرائيلي: الجيش يستعد لهجوم واسع على غزة