أشادت الأوساط الأكاديمية والدينية في إندونيسيا، بتدشين كرسي الإمام الليث بن سعد (رضي الله عنه)، معتبرةً أنه يمثل إضافة نوعية في مجال البحث الفقهي ونشر الفكر الوسطي المستنير.


 وجاء هذا المشروع برعاية ودعم من الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف المصري، والكاتب الصحفي والإعلامي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وأحد كبار المهتمين بتراث الإمام الليث والذي أكد أن  الإمام الليث هو إمام أهل مصر وشيخها الأكبر، وهو رمز العلم والفقه والحديث، كما أنه رمز المواطنة والتسامح والمسؤولية الاجتماعية لرأس المال.

 


والإمام الليث بن سعد له مكانة كبيرة جدا لدى الباحثين في الدراسات الإسلامية والفقهية في كل مكان، وعلى مستوى إندونيسيا يحظى الإمام الليث بمكانة كبيرة ويحرص الطلاب الإندونيسيون على التعرف على تاريخ الإمام وزيارة مسجده في مصر القديمة.


وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا واسعًا بين العلماء والمفكرين، الذين أكدوا أنها تعزز دور الأوقاف والإعلام في نشر الفكر الوسطي وإبراز رموز الإسلام الذين أسهموا في بناء الحضارة الإسلامية بفكرهم واجتهاداتهم.


أحمد علي سليمان من إندونيسيا: على الأمة التمسك بوحدتها تحت راية القرآن الكريم والسنة النبويةأحمد علي سليمان من إندونيسيا: الأزهر هدية الله للعالم ومنهجه حصانة للمسلمين ضد التطرفالدكتور أحمد علي سليمان يزور الفرع الثاني من "دار النجاح" في بوجور بإندونيسياخير وأحب إلى الله.. د. أحمد علي سليمان يكشف الصفات المقصودة بـ المؤمن القويإشادة إندونيسية واسعة بالكرسي العلمي الجديد


أعرب المتخصصون الإندونيسيون، عن تقديرهم الكبير لهذه المبادرة، مشيرين إلى أن تدشين كرسي الإمام الليث بن سعد سيوفر منصة أكاديمية متخصصة لدراسة فقهه وآرائه الفقهية، وجهوده الحديثية وغيرها وبما يسهم في تأصيل الفكر الإسلامي الوسطي والاستفادة من ذلك في مواجهة التحديات  المعاصرة.


وأكد منسوبو المؤسسات الإسلامية لاسيما جامعة ومعاهد دار النجاح المنشرة في 23 فرعاً  في إندونيسيا، أن هذه الخطوة تعزز الروابط العلمية بين الأزهر الشريف وجامعات إندونيسيا، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الأكاديمي بين البلدين، بما يخدم مسيرة البحث العلمي في العالم الإسلامي. وأعربوا عن تطلعهم إلى المزيد من المبادرات المشابهة، التي تعزز التواصل العلمي بين المسلمين لا سيما بين البلدين، وتسهم في إعداد أجيال من العلماء القادرين على مواكبة التحديات الفكرية والدعوية.


سليمان يشيد بالمشروع خلال زيارته لإندونيسيا


خلال زيارته إلى جمهورية إندونيسيا، أثنى الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومدير اعتماد التعليم الأزهري بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد التابعة لرئاسة الوزراء المصري، على هذه المبادرة العظيمة التي تم فيها تدشين كرسي الإمام الليث بن سعد (رضي الله عنه)، وإطلاق اسم الإمام على مسجد التليفزيون المصري، وانعكاس ذلك على استمرار ذكر الإمام الليث بن سعد عبر وسائل الإعلام المختلفة لاسيما محاضرات كرسي الإمام، أو عبر النقل المباشر لصلاة الجمعة وصلاة الفجر والأمسيات الدينية واحتفالات المناسبات الدينية من مسجد الإمام الليث بالتليفزيون المصري في خطوة في منتهى الذكاء؛ ليظل اسم هذا الإمام حاضرا وباستمرار في مسامع المصريين ووجدانهم.


وأوضح الدكتور سليمان، خلال محاضراته العامة مع طلاب معهد دار النجاح 2 شبينينج بوجور بجاوة الغربية بإندونيسيا مساء الجمعة 14 رمضان 1446هـ/ 14 مارس 2025م بحضور آلاف الطلاب، وأكثر من مائتي وخمسين من أعضاء هيئة التعليم والتدريس... وخلال محاضراته التالية ولقاءاته مع وسائل الإعلام الإندونيسية أمس الخميس، أن إحياء تراث الإمام الليث بن سعد هو مسؤولية علمية وأخلاقية، مؤكدًا أن الكرسي العلمي الجديد سيشكل منبرًا مهمًا لدراسة أفكاره والاستفادة من اجتهاداته في القضايا المعاصرة. 


وأكد أحمد علي سليمان وهو مؤلف كتاب الإمام الليث بن سعد الفقيه والمحدث والإنسان، الذي قدم له كل من: أ.د/ محمد كمال إمام رحمه الله، أ. أحمد المسلماني، أكد أن الإمام الليث بن سعد هو أحد كبار علماء الإسلام، اشتهر بفقهه العميق واجتهاداته الفريدة التي سبق بها عصره. وقد وصفه الإمام الشافعي بأنه كان "أفقه من الإمام مالك"، إلا أن قلة تدوين علمه حالت دون انتشاره بالشكل الذي يستحقه.

وتابع: كما كان الإمام الليث كان مثالًا للعالم الجليل والمجدد الذي جمع بين العلم والعمل والإدارة والتفكير الاستراتيجي، وكان من أغنى علماء عصره، وعلى الرغم من ذلك لم تجب عليه الزكاه قط؛ فقد كان ينفق كل دخله «الذي كان يتراوح في العام الواحد ما بين عشرين ألف دينار من الذهب إلى ثمانين ألف دينار، بحسب الأحوال الجوية وأثرها على الاأراضي الزراعية التي كان يمتلكها..إلخ» في خدمة رجال العلم وطلابه.


ووجه د. أحمد علي سليمان شكره وتقديره إلى الرجلين الكرام (الأزهري والمسلماني) الذين يحملون كثيرا من هموم الأمة على عاتقهما، ونسأل الله لهما كامل التوفيق، مؤكدًا أن الأمة بحاجة إلى مزيد من الجهود لإحياء سيرة العلماء العظماء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إندونيسيا الدكتور أحمد علي سليمان كرسي الإمام الليث المزيد

إقرأ أيضاً:

البروفيسور حسن أحمد إبراهيم (1938- 14 مارس 2025): عاصفة على تاريخ الحركة الوطنية السودانية

رحل عنا إلى دار البقاء الأسبوع الماضي مؤرخ فحل للسودان الحديث هو البروفيسور حسن أحمد إبراهيم، رئيس شعبة التاريخ في كلية الآداب بجامعة الخرطوم (1976-1978) وعميد الكلية (1984-1990)، وشغل وظائف منوعة في الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا وانتهى مديراً للمعهد العالي لوحدة الأمة الإسلامية (1995-2007) وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم لاحقاً. ومن بين كتاباته ذات الخطر مؤلفه عن الإمام عبدالرحمن المهدي (1885-1960) زعيم جماعة أنصار والده محمد أحمد المهدي (توفي عام 1885) التي سوى صفها بدأب ونباهة بعد أن شتتها الغزو الإنجليزي عام 1898 إلى الجهات الأربع بعد القضاء على دولتها. وصدر الكتاب بالإنجليزية عن دار بريل (2004) بعنوان "السيد عبدالرحمن المهدي دراسة في المهدية الجديدة في السودان" (1899-1956) بعد صدوره باللغة العربية عام 1998. وجرؤ حسن في كتابه على مراجعة ذائعة عن الإمام بين خصومه دمغته كمتعاون مع الاستعمار الإنجليزي وخائن لوطنه في صوره الذائعة المتطرفة، في حين هم من قاوموه.

مهندس الاستقلال
وجاءت هذه المراجعة على لسان إبراهيم نفسه بمثابة انعتاق شخصي له من وزر هذه الذائعة التي ترعرع في بيئاتها، ويريد بهذه البيئات الدوائر السياسية التي دعت بفرقها الكثيرة وأهوائها إلى الوحدة مع مصر بعد استقلال السودان بينما كان نهج الإمام هو استقلال السودان برعاية بريطانيا، مستبعداً مصر التي لم تكُن من أزال والده المهدي حكمها على السودان فحسب، بل سعت دولته من بعده إلى غزوها من غير طائل أيضاً. فقال إنه جاء لتأليفه عن الإمام من بيئة اتسمت "بالعصبية والتشيع لدرجة وصمت الإمام عبدالرحمن المهدي بممالأة (الإنجليز) على أقل تقدير، ووصلت المبالغة بوصفه خائناً وتابعاً ذليلاً لبريطانيا المستعمرة". فعركته ميادين دراسة التاريخ عركاً اطلع فيه على وثائق التاريخ السوداني الحديث في مظانها بدت له منها "سذاجة وبطلان وتعسف تلك التهم". وبعد التحليل اتضح لإبراهيم أن الدوائر البريطانية في السودان ومصر وبريطانيا كانت تنظر إلى الإمام بالشك، بل كادوا له وحذروا في وقت باكر من أنه هو من سيطوي صفحة الإنجليز. وفعلها لحكمته، في قول إبراهيم، بطريقته الخاصة في الدهاء والمناورة حتى عده "مهندس الاستقلال"، على غير ما يزعم من أعطى الرتبة لغيره.
وحال إبراهيم في الانعتاق من حزازته على الإمام مما قال عنها أحدهم إن الإنسان كمن يولد من جديد متى بان له عوار فكرة أنس لها طويلاً ما وثابر على التخلص بقوة منها.

مرحلة التكوين
عرض إبراهيم للعلاقة بين الإمام والإنجليز منذ نجاته صبياً شريداً بعد هزيمة المهدية من حملة إنجليزية تعقبت أسرة المهدي وقضت على اثنين من إخوانه إلى استقلال السودان عام 1956، وسمى فترته التي جمع فيها الأنصار من شتاتهم وإدارة شأنهم وإنشاء مؤسسته الاقتصادية "دائرة المهدي" بحرفية وطول بال في أوضاع سياسية وطنية واستعمارية متقلبة، "المهدية الجديدة". واستنفد مصادر هذه الفترة في دور الوثائق في كل من السودان ومصر وبريطانيا. وأعانه على الخوض الصعب في هذا التاريخ المراجع أنه كان كتب رسالته للدكتوراه عن اتفاق عام 1936 الذي عقد بين دولتي إنجلترا ومصر، الحكم الثنائي على السودان، والذي وعد السودانيين بالحكم الذاتي في 20 عاماً وبأن تكون رفاهيتهم موضع نظرهما. فأحسن إبراهيم في مراجعته لتاريخ الحركة الوطنية من فوق علمه الدقيق بذلك الاتفاق المحوري في تاريخ تلك الحركة.
يطلق ذائعة تعاون الإمام مع الإنجليز من لم يتوقف ويسأل إن كان أولئك الإنجليز أمة واحدة لا تشوبها شائبة خلاف. وخلافاً لذلك يقف قارئ إبراهيم على أن الإنجليز لم يكونوا دائماً ذلك الكيان الواحد الصمد ويخرج بأنهم بفضله أنهم كانوا في الأربعينيات وقت اشتداد الحركة الوطنية فئتين متشاكسين. فلا يعرف المرء إن كان ولاء الإمام لأي منهما هو ما جاء له بذائعة ممالأة الاستعمار. وأظهر ما كان ذلك الخلاف بين شيع الإنجليز حول الموقف من مصر الذي دار حول اتفاق رئيس وزراء مصر إسماعيل صدقي ورئيس وزراء بريطانيا إرنست بيفن (صدقي-بيفن) (1946). فكانت مصر، الشريك اللدود مع إنجلترا في حكم السودان الثنائي، حظيت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحت حكم حزب العمال بمنزلة مرموقة في استراتيجية الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط أرخت بريطانيا بها أذنها لمطلب مصر بالسيادة التاريخية على السودان كما لم تفعل من قبل.
وأزعج ذلك لا الإمام وحده، بل حكومة السودان في الخرطوم نفسها. ففي ذلك الاتفاق اعترفت بريطانيا لمصر بحقوقها التاريخية في السودان. وكان بيفن نفسه رأى أن أفضل وضع للسودان هو أن يكون في وحدة مع مصر، مما لم تتفق حكومة السودان معه فيه. وخرج هوبرت هدلستون، حاكم السودان العام، يزري بالخارجية البريطانية وينتقدها لأنها تسمع من الاتحاديين لا من حلفائها الاستقلاليين الذين سيعارضون ذلك الجنوح لمصر كما فعلوا دائماً بثمن فادح. وفي السابع من نوفمبر أعطى بيفن إسماعيل صدقي اعتراف بريطانيا بوحدة وادي النيل مع حق تقرير المصير للسودان، على ما بين الحقين من تناقض. ورأى هدلستون في موقف حكومته خذلاناً للإمام وجماعته ممن كان يسميهم "أصدقاءنا". وكان رأي حكومته في لندن أن أصدقاءه أولئك إنما يريدون التخلص من بريطانيا بمثل ما أردوا التخلص من مصر في وقتهم المناسب. وضاقت الخارجية بهدلستون وطلبت منه الاستقالة عام 1947 ليحل محله روبرت هاو وهو من موظفي وزارة الخارجية.

"مقاومة الاستباحة المصرية"
ولم يـتأخر الإمام في المقاومة ضد ما رآه استباحة مصرية للسودان من الحكومة البريطانية ممن ظن فيها الخير، فشكّل الجبهة الاستقلالية وقاطع جلسات المجلس الاستشاري لشمال السودان (1946) الذي أذنت به الحكومة لتعطي السودانيين صوتاً في إدارة شأنهم، وعقد الندوات السياسية والتظاهرات لإدانة بريطانيا على تساهلها مع مصر في شأن السودان، بل طالب بإنهاء الحكم الثنائي وترك السودانيين لتكوين حكومة ديمقراطية، والتحم الاتحاديون والاستقلاليون في تظاهراتهم مما اضطر الحكومة إلى منع النشاطات السياسية. وقللت بريطانيا من خطر مقاومة الإمام ورأت فيه رجلاً تبددت أحلامه في مملكة تمناها بالبلد على غرار الملك فيصل في الجزيرة العربية. ولما عاد صدقي في الـ26 من أكتوبر 1946 لمصر وقال مقولته المشهورة "جئتكم بالسيادة على السودان"، طلب الإمام الذهاب إلى بريطانيا ليطلع الحكومة والشعب على موقفه من استقلال السودان، وقبلت بريطانيا على مضض على أن يغشى القاهرة في طريقه إلى إنجلترا حتى لا تنزعج مصر، ورفض صدقي أن يلتقي الإمام.
وواصل الإمام معركته لاستقلال السودان وبدعم من حكومة السودان ضد اتفاق صدقي-بيفن. وفي بريطانيا عبّر الإمام عن نفسه بمصطلح متعارف عليه بين قادة حركات التحرر الوطني، فنفى أن تكون لمصر حقوق تاريخية في السودان لأن من كانت له تلك الحقوق بالفعل هي الدولة العثمانية التي حكمت مصر والسودان معاً، وأطاح بها السودانيون بثورة جبت كل زعم. كما قال إن ميثاق الأمم المتحدة أعطاهم الحق في تقرير المصير ككل مستعمرة أخرى، مذكراً بجهود السودانيين في دعم المجهود الحربي لبريطانيا في الحرب العالمية الثانية باشتراك قوة دفاع السودان في تحرير الحبشة.
ولوّح بأنه إذا لم توقف بريطانيا مصر عند حدها فقد تنفجر الأوضاع كما في فلسطين التي أثارها وعد "بلفور" من جانب واحد لليهود. وطلب من بريطانيا أن تلتزم بحق السودان في تقرير مصيره واستقلاله خلال 10 أعوام وأن ترعى ذلك الالتزام في كل عهد توقعه مع مصر وإلا تحملت عاقبة الأمور. ووجد الإمام من استمع إليه وميّز قوله بين المحافظين والصحافة.

اجتماعات نيويورك
وواصل الإمام المؤتمرات الدولية عن السودان بمندوبين يعرضون سبيله لاستقلال السودان، فعقد اجتماع للأمم المتحدة في نيويورك دعت إليه للنظر في المسألة السودانية بعدما سمعت مصر من الحكومة البريطانية قولاً عن حقها في السودان لم يطابق ما تريده تماماً. فرتب الإمام وفداً ليكون حاضراً في المؤتمر يذيع وجهة نظرهم التي جاءت ضمن مذكرة عنوانها "قضية استقلال السودان" جددوا فيها حججهم التي تطرقنا إليها أعلاه عن فساد زعم أن لمصر حقوقاً في السودان. فالحكم الثنائي نفسه عام 1898، بحسب المذكرة، أبطل زعم مصر بحق تاريخي في السودان لأنه صار بالاتفاق مستعمرة مستقلة. ولم تنتهِ اجتماعات نيويورك إلى شيء مما هو كسب سلبي لبريطانيا التي كانت مصر طالبتها بمغادرة السودان. ولقي وفد الإمام من ناصره في القضية فطمأنه على عدالة قضيته. ولكن وضح للمهدي من اجتماعات نيويورك أن سياسة المواجهة مع بريطانيا منزلق صح تجنبه، فبريطانيا مهما قال عنها هي التي تملك الأوراق في السودان، فعاد للتعاطي معها في ما بعد.
واضح من كتاب إبراهيم المُراجع عن الإمام المهدي أنه من الصعب وغير المفيد استمرار هذا الأخدود في تاريخ الحركة الوطنية بين "الوطنيين"، من مثلهم الاتحاديون ممن طلبوا الاستقلال "تحت التاج المصري" و"المتعاونون" مع الاستعمار من مثلهم الإمام ورهطه. فعلاوة على جعله هذا التاريخ قراءة مملة، فهو كما رأينا لا يرى في الإنجليز شيعاً لم يتهيب الإمام مقاومة طرف منها هو الحكومة البريطانية بجلالة قدرها حين استباحت السودان لمصر على رغم اعتراض حكومة السودان نفسها على نهج مركزها الإمبراطوري. ومن طريف ما جاء في الكتاب أن وفد الإمام من المتعاونين إلى لندن سعى إلى عرض مسألته حتى على منظمة الجامعة الأفريقية التي كانت تعبأت لتأمين حق تقرير المصير للمستعمرات الأفريقية بعد الحرب مما ربما لم يبلغه الاتحاديون. وإذا كانت الأمور بخواتيمها فالمعلوم أن استقلال السودان وقع على حافر خطة الإمام لا خطة الاتحاديين. فقرر اتفاق عام 1953 للحكم الذاتي للسودانيين متى نالوا الحكم الذاتي استفتوا أنفسهم إن كانوا مع الوحدة مع مصر أو الاستقلال. ولم يحتج السودانيون لأي من ذلك، فتعاقدوا على الاستقلال من دون حاجة إلى الاستفتاء في ما عرف بـ"إعلان الاستقلال" من داخل البرلمان الذي كانت الغلبة فيه للاتحاديين الأشاوس من دون الاستقلاليين المتعاونين.

 

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • على كرسي متحرك.. جندي سوري يروي قصة تصديه لهجوم الفلول
  • البروفيسور حسن أحمد إبراهيم (1938- 14 مارس 2025): عاصفة على تاريخ الحركة الوطنية السودانية
  • خالد أبو بكر: جماعة الإخوان اتبعت سياسة فرق تسد للوصول إلى كرسي السلطة
  • صور| إلغاء 16 رحلة في مطار بالي بإندونيسيا بعد ثوران بركان "ليوتوبي"
  • 5 سلوكيات تضامنية بإندونيسيا مع غزة والقدس
  • الفلسطينيون ضيوف مدينة الإمارات الإنسانية يحتفون بـ «يوم زايد»
  • فعالية خطابية لرابطة علماء اليمن والأوقاف بذكرى استشهاد الإمام علي
  • فعالية لرابطة علماء اليمن وهيئة الأوقاف بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
  • الإمام أحمد بن حنبل.. محنته الكبرى وأسباب سجنه في عهد الخليفة المأمون «فيديو»