غزة- رفع وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس لغة التهديد ضد قطاع غزة، بعدما أطلق عبر -رسالة مصورة- ما وصفه بـ"التحذير الأخير بالدمار الشامل" حال عدم إطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سراح الأسرى الإسرائيليين.

وتزامن تهديد كاتس مع إعلان جيش الاحتلال بدء تنفيذه عمليات برية شمال وجنوب القطاع، بعدما اخترق اتفاق وقف إطلاق النار وشنَّ هجوما جويا مفاجئا فجر 18 مارس/آذار الجاري، وقتل مئات الغزيين بينهم قيادات سياسية وحكومية، مما يثير تساؤلا حول كيف سيكون "شكل المقاومة" بعد إعادة الاحتلال لعملياته البرية الموسعة في غزة؟

القسام وفصائل المقاومة أعدت نفسها جيدا للتصدي للاحتلال (الجزيرة) "تكتيك الكمائن"

كشفت مصادر خاصة من فصائل المقاومة الفلسطينية للجزيرة نت أنها أعادت رسم خططها الميدانية لمواجهة جيش الاحتلال، مستعينة بما استخلصته من تجربتها الطويلة من المواجهة المباشرة على مدار 470 يوما منذ الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وحسب المصادر، فإن المقاومة ستتجه لتفعيل إستراتيجية دفاعية مرنة وفعالة، تجمع بين خبرات ميدانية متراكمة، وأساليب حرب العصابات، في ظل بيئة عملياتية أثبتت المقاومة قدرتها على تطويعها لصالحها.

إعلان

وستعتمد المقاومة على خلاصات تشير إلى أن المجموعات المقاتلة تبدأ باستهداف الجنود بعد تمركزهم بأي أماكن يصلونها داخل غزة، وستمتص التقدم البري الذي يسبقه غارات مكثفة وأحزمة نارية مصحوبة بقوة تدميرية كبيرة تمكنها من الوصول إلى المناطق السكنية.

وتؤكد المصادر أن المواجهة المقبلة لن تكون "تقليدية"، وأن مجموعات مسلحة ستنقض على جنود الاحتلال من زوايا غير متوقعة، تعتمد على تكتيك الكمائن المتقدمة والمباغتة خلف خطوط التوغل، كما فاجأته سابقا في بلدة بيت حانون وشمال القطاع، وأوقعت خسائر جسيمة بصفوف الاحتلال، بعدما اعتقد أنه قضى على المقاومة بعد اقتحامه المنطقة وتدمير مبانيها أكثر من مرة خلال الحرب.

سلوك العود

ولم يغب عن أذهان فصائل المقاومة السلوك المتوقع لرئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، بناء على خبرته السابقة في سلاح المدرعات، وإمكانية أن يزجَّ بفرق كبيرة من الجيش داخل غزة، إذا ما قرَّر توسيع الهجوم البري.

ومواجهة قوات الاحتلال -تقول المصادر- ستعتمد على تقسيم المقاتلين لمجموعات هجومية صغيرة في الميدان، تسمح بتنقل آمن لها، وعلى تكتيك الكمائن المفخخة الذي أثبت فعاليته بالمناطق التي توغَّل بها الاحتلال، وأوقعت الكمائن خسائر مباشرة بصفوف الضباط والجنود الإسرائيليين.

واستعانت فصائل المقاومة -في السابق- بإعادة استخدام قذائف الاحتلال غير المنفجرة لتجهيز العبوات الناسفة، مما يتناسب مع الأهداف المقبلة المتمثلة بتموضع المقاتلين في الميدان دون اشتباك مباشر مع الاحتلال، وانتظار المزيد من الوقت لاختيار أهدافهم بدقة، بما يضمن إيقاع أكبر الخسائر فيه.

وتؤكد المصادر أن جولات المواجهة السابقة مع قوات الاحتلال النظامية أو وحدات الاحتياط خضعت لقراءة وتحليل مُعمَّق، وسيتم التعامل معها وفق نقاط ضعفها المعروفة، خصوصا تلك المرتبطة بالروح القتالية والخبرة الميدانية داخل المدن والأنفاق.

إعلان

وباتت المقاومة مقتنعة -من خلال دراسة سلوك العدو- بأن دافعية الجنود الإسرائيليين للقتال تراجعت بشكل ملحوظ، بسبب طول أمد الحرب دون تمكنهم من تحقيق أهدافهم المعلنة بالقضاء على قدرات المقاومة وإطلاق سراح الجنود الأسرى والوصول إليهم عبر الضغط العسكري، على خلاف العقيدة القتالية الصلبة التي يمتلكها المقاتل الفلسطيني.

كما أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية -التي ضاقت ذرعا من سلوك المستوى السياسي لحكومة بنيامين نتنياهو– لم تعتد تحتمل قتل مزيد من الجنود مجددا في معركة مفتوحة دون أفق سياسي.

"أسر جنود"

ولا تستبعد فصائل المقاومة أيا من الأسلحة التي تنتجها محليا من المواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال، حيث تمكنت خلال الحرب من إشغال العدو المتمركز داخل غزة باستخدام القذائف قصيرة المدى، بهدف إرباك خططه اللوجيستية ومناطق التموضع.

وتعتمد المقاومة على خبرتها ومرونتها على التحمل والتخفي، وهو ما يخشاه الاحتلال من أن يقع مجددا بفخ الاستنزاف الذي ظن أنه تجاوزه.

وكشفت المصادر الخاصة أن المقاومين لن يضيعوا أي فرصة "لأسر جنود جدد سواء أحياء أو جثامين" واستخدامهم كأداة للضغط العسكري والسياسي المعنوي، مما يضع الاحتلال أمام معادلة خسارة داخلية يصعب تحملها، ويعيد خلط أوراق التفاوض الميداني والسياسي.

انتشار مقاتلي كتائب القسام في خان يونس جنوبي قطاع غزة استعدادا للإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين (الجزيرة)

وبدا ذلك واضحا عبر بث كتائب القسام مقطع فيديو يظهر فيه مقاتلون يسحبون جثة جندي داخل نفق، خلال توغل الجيش الإسرائيلي بمخيم جباليا في مايو/أيار 2024، متسائلة عن هويته.

وفي السياق، قال موقع "حدشوت بزمان" العبري إن "من يتحدث عبر القنوات الإخبارية أن حماس تم حلها فهو يعيش في فيلم، وقد استأنفت في الأشهر الأخيرة إنتاج الصواريخ، والأسوأ أنها استخدمت متفجرات قنابل سلاح التي لم تنفجر".
وأضاف الموقع أن "حماس تحتفظ بقدراتها ولا تزيد من مستوى الهجمات حتى الآن، وهي مستعدة لعملية الجيش الإسرائيلي بغزة، لذلك لا تصدقوا التقارير التي تقول إن حماس ردعت وضعفت".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فصائل المقاومة

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني صمود المقاومة استراتيجيا للمنطقة؟

المقاومة ستخوض جولة القتال الثالثة لأنها فُرضت عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض المضي قدما نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في حين أن جيش الاحتلال والإسرائيليون يخوضون الحرب لأن نتنياهو أرادها للخروج من مأزقه السياسي الذي بلغ ذروته بتعثر إقرار الموازنة العامة، ورفض رئيس الشاباك رونين بار الإقالة -أسوة برئيس الأركان هرتسي هاليفي- ومن خلفه المستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا التي أعلنت الحرب على نتنياهو برفضها تمرير قرار الإقالة دون اعتراض أو صخب.

الحماسة التي يبديها نتنياهو للعودة للحرب لا تظهر بالقدر نفسه عندما يتعلق الأمر بالشارع الإسرائيلي وجيش الاحتلال وجنوده من الاحتياط، فهم لا يرغبون خوض غمار الحرب من أجل نتنياهو وبقائه السياسي، فالحماسة للقتال أضعف بكثير مما كانت عليه بداية الحرب والعدوان على قطاع غزة قبل سبعة عشر شهرا، وهي العجلة التي يحاول نتنياهو إعادة صناعتها بحديثه، خلال لقائه يوم الأربعاء مجندين في قوة المستعربين الناشطة في الضفة الغربية، عن توسعة العمليات العسكرية في الضفة الغربية، ومن خلال تسويقه لعمليات نقل الجرحى الفلسطينيين من حاملي الجنسيات الأجنبية عبر مطار رامون بالقرب من ميناء أم الرشراش (ايلات)؛ على أنها أولى عمليات التهجير الناجحة للفلسطينيين.

المواجهة وتجدد القتال والعدوان على قطاع غزة لن يتوقف عند حدود القطاع والضفة الغربية أو اليمن والبحر الأحمر، بل سيمتد نحو العراق وإيران ككرة الثلج المتدحرجة في محاولة نتنياهو المتواصلة للهروب إلى الأمام، فالإقرار بالفشل ووقف الحرب سيعني نهاية الحياة السياسية لنتنياهو وهو خطر لا زال يلاحقه في كل خطوة يتخذها وطريق يختاره، وهنا يطرح السؤال: هل هذا هو السيناريو الوحيد المقبل للمنطقة ودولها؟

الجواب يكمن في ‏مآل مسار التفاعلات السياسية والاقتصادية الداخلية في الكيان الإسرائيلي، والتفاعلات الخارجية أيضا فيما بين الكيان وشركائه وحلفائه الدوليين وعلى رأسهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالقصور الناجم عن ضعف الحماسة للحرب وأهدافها المتغيرة والمخاطر الناجمة عن اتساع نطاقها وصعوبة السيطرة على مخرجاتها ومدخلاتها، سيبقى المسألة الحاسمة اليوم والغد.

المواجهة أعادت حركة أنصار الله إلى الصدارة وإيران إلى الواجهة الإقليمية ومصر إلى الفعل الإقليمي بعد جولة التطبيع الايراهيمية الأخيرة، وسيرافقها تنامي الدور الإقليمي التركي خصوصا إذا امتدت الحرب إلى الأرضي السورية واللبنانية لأشهر طويلة، وهي معادلة لم تكن قائمة قبل أشهر قليلة. الكثير تغير وسيتغير في المنطقة على نحو يعيد رسم موازين القوة التي اعتقد البعض أنها اختلت لصالح الاحتلال، متناسين أن صمود المقاومة في قطاع غزة كان المبتدأ ولا زال الخبر والعنصر الفارق في المشهد الإقليمي، صمود هو مصدر القلق للكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة كون المقاومة عصية على التطويع، ما يؤكد أن المقاومة كانت ولا زالت بصمودها اللاعب الأساسي والمؤثر القادر على تعويض حالة العجز والشلل العربي المزمنة.

ختاما.. مصير المنطقة يقرره إلى حد كبير قدرة الشعب الفلسطيني وحركة حماس على الصمود في وجه الماكينة العسكرية الإسرائيلية برفض الخضوع للإملاءات الأمريكية مرة تلو الأخرى، والتي إن نجحت في فرضها على الشعب الفلسطيني فإنها ستتمكن من رسم خارطة المنطقة وفقا للرؤية الإسرائيلية الممتدة من بحر قزوين والأسود وصولا إلى الحافة الغربية لنهر النيل.

x.com/hma36

مقالات مشابهة

  • الإعلام الحكومي بغزة: نطالب بفتح المعابر بشكل عاجل لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المنكوب
  • عدد شهداء الحرب الإسرائيلية على غزة يتجاوز 50 ألفا
  • كيف ردّت حماس على مقترح نزع سلاح المقاومة ؟
  • حركة فتح: على حركة حماس أن ترفق بغزة وأطفالها وتتخلى عن السلطة في غزة
  • حماس: الاحتلال يفرض حصارا مطبقا ومنعا شاملا لكل مقومات الحياة بغزة
  • عاجل | حماس: الزعم بأننا اخترنا الحرب بدل إطلاق سراح الرهائن قلب للحقائق
  • ماذا يعني صمود المقاومة استراتيجيا للمنطقة؟
  • ترتيبات لرفع علم السودان رسميًا داخل القصر الجمهوري وزيارة مرتقبة لشخصية سيادية وعودة مطار الخرطوم
  • خبير عسكري: توغلات الاحتلال بغزة تواجه تحديات وهذه خطة المقاومة