جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-23@14:10:41 GMT

البربرية الأمريكية

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

البربرية الأمريكية

حاتم الطائي

 

ترامب لا يختلف عن بايدن.. كلاهما مُلطَّخة يداه بدماء الشعب الفلسطيني

◄ الإدارة الأمريكية توفر الغطاء لجرائم الإبادة الجماعية في غزة

◄ الدعم الأمريكي للحرب يضع واشنطن مع تل أبيب في نفس قفص الاتهام

 

مُخطئ من كان يظُن أنَّ تغيير الرئيس الأمريكي سيجلب السلام في العالم، وتحديدًا في منطقتنا العربية، فكُل رئيس أمريكي يدخل البيت الأبيض مُطالب حتمًا بتنفيذ أوامر وتعليمات اللوبي الصهيوني سواء القابع في واشنطن أو تل أبيب، وليس عليه سوى الإذعان وتلبية جميع الأوامر، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم!

في الحقيقة إنَّ دونالد ترامب لا يختلف عن جو بايدن، وكلاهما لا يتمايزان عن جورج بوش (الأب والابن)، ولا عن أي رئيس أمريكي أظهر العداء والكراهية للعرب ولقضاياهم المصيرية، وخاصة القضية الفلسطينية.

ومنذ بدء حرب الإبادة الشاملة في غزة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وبسلاح وذخيرة ومعدات تدمير أمريكية، ومواقف الإدارة الأمريكية لم تتغير، حتى بعد أن تغير الرئيس ذاته، فما كان يقوم به بايدن من تسليح وإرسال ذخائر ذات قوة تدميرية هائلة تبيد البشر والحجر، استكمله ترامب بنفسٍ راضية مطمئنة، وكأن بشرًا لا يموتون من هذه القنابل الناسفة، وكأن غزة كُتب عليها أن تتحول إلى كتلة فعلية من الركام المخلوط بجثث الأبرياء العزل ودمائهم الزاكية.

لم يتردد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لحظةً في تقديم كل الدعم والمساندة لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو وتوفير كل الأسلحة والذخيرة التي يحتاجها لمواصلة حرب الإبادة الجماعية، فبينما يسقط المدنيون بعشرات الآلاف في غزة، كان بايدن يُوقِّع على صفقات التسليح، بلا تردد. تقصف إسرائيل المستشفيات وتُحاصر المدنيين وتمنع عنهم الماء والطعام وربما حتى الهواء، بينما موقف الإدارة الأمريكية لا يتغير؛ بل يتطور نحو مزيد من الدعم لكيان احتلالي مُجرم، لا يجد أي غضاضة في أن يسفك دماء الأبرياء، ويُفخخ أحياءً كاملة، ويُدمر مربعات سكنية عن بكرة أبيها.

رغم شيخوخته التي كانت مثار سخرية العالم، لم تؤثر هذه الشيخوخة على قرارات بايدن فيما يتعلق بإسرائيل؛ إذ لم يتوان عن توفير الغطاء السياسي والدبلوماسي، بعد أن وفر بسخاء الغطاء الحربي والعسكري، وتعمّدت إدارته رفض أي قرار في مجلس الأمن يتعارض مع إسرائيل، ورفضت واشنطن كذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، في انحدار أخلاقي لا مثيل له.

وعندما عاد دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، قرر هو الآخر أن يُواصل مسيرة دعم إسرائيل، وأطلق في بداية عهده قنبلة التهجير القسري لأهالي غزة، ليكون أوَّل رئيس في العالم يُطالب بالتهجير القسري للسكان الأصليين لدولة ما؛ بل تمادى في ذلك وأشهر سيف التهديدات للدول التي سترفض أوامره، ووضع حلفاءه في المنطقة في موقف بالغ الإحراج، لكنهم في المقابل واجهوا هذه الغطرسة الفارغة بموقف مُوحد تمثل في رفض التهجير، سواء كان طوعًا أو قسرًا.

ترامب مثل بايدن، يداه مُلطختان بدماء الشعب الفلسطيني، فبعد صفقة التسليح الأخيرة ومنح جيش الاحتلال ذخائر شديدة التدمير تزن 2000 رطل للقنبلة الواحدة، عادت إسرائيل لتدك ما تبقى من المنازل المهدمة على رؤوس سكانيها من أهل غزة الذين ما لبثوا أن شعروا بأمان نسبي ضئيل مع سريان اتفاق وقف إطلاق النَّار، حتى جاءتهم القنابل المدمرة مرة ثانية، لتعود الكرة من جديد، ويعود الجميع إلى المربع الأول.

من المؤسف أن نجد رئيسًا أمريكيًا مثل دونالد ترامب يدعم مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بشتى أوجه الدعم، دبلوماسيًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، ليكون بذلك ترامب- مثل بايدن- شريكًا أصيلًا في حرب الإبادة التي تدور رحاها في قطاع غزة، ويتجرع ثمنها غاليًا الشعب الفلسطيني المظلوم والمقهور على مر العصور.

ما يحدث الآن من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بأمرٍ من رئيسها دونالد ترامب، ليس سوى أعمال بربرية، تؤكد لنا مستوى التدني الإنساني لدى الإدارة الأمريكية، التي لا تُفرِّق بين الظالم والمظلوم، ولا ترى الواقع إلّا بعين عوراء، عين لا ترى سوى إسرائيل وكيفية دعمها بمختلف الطرق، ولو على حساب الأبرياء وسفك دمائهم بلا ثمن وبكل تنصل من المسؤولية الأخلاقية.

الرئيس ترامب مسؤول مسؤولية كاملة عن تجدد العدوان الصهيوني الآثم على غزة، لأنَّ الولايات المتحدة بصفتها الراعي الأول لإسرائيل، يتعين عليها إيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وإلزام حكومة اليمين المتطرف بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النَّار، وخصوصًا المرحلة الثانية، فالمُحتل الإسرائيلي نقض عهده وتراجع عمّا اتفق عليه مع الوسطاء، وقرر أن يحنث بما اتفق عليه، وكل ذلك بدعم وغطاء أمريكي لا محدود.

من المؤلم أن نشاهد مُجددًا صور سيارات الإسعاف وهي تهرع بين الركام في محاولة لإنقاذ المصابين من القذائف الأمريكية التي ألقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالتوازي مع مشاهد شح الأدوات الطبية وربما انعدامها فيما تبقى من مستشفيات غزة، علاوة على منع دخول أي مساعدات غذائية أو إنسانية، مع إطباق الحصار الأمريكي الإسرائيلي على القطاع، لإرغام المقاومة على تسليم ما لديهم من أسرى دون مقابل! ويعتقد البعض أن نتنياهو يُريد أن يخوض المفاوضات مع "حماس" تحت غطاء نيرانه الكثيفة بذخيرة أمريكية، لكن الحقيقة أن الاحتلال الصهيوني وبدعم من الراعي الأمريكي يُريد مواصلة حرب الإبادة لإفراغ غزة من سكانها وتنفيذ مخطط ترامب "العقاري" لتحويل هذه المنطقة المنكوبة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد تهجير سكان غزة قسريًا، خاصةً وأنه لم يصدر أي تعليق أمريكي رسمي فعليًا على المبادرة العربية المناهضة لمخطط ترامب العقاري الاستعماري. ولذلك نؤكد دومًا أن إسرائيل هي امتداد لكل مشاريع الاستعمار التي استهدفت منطقتنا، من أجل إخضاعها وضمان عدم تفوُّقها، ونهب ثرواتها وزعزعة أمنها واستقرارها.

ويبقى القول.. إنَّ الدور السلبي والضار الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية لا يخدم بأي حالٍ من الأحوال مصالحها في الشرق الأوسط، ويُلحق بسمعتها الأخلاقية المزيد من الضرر، ويتعين عليها أن ترفع يدها عن إسرائيل؛ إذ إن الوضع الراهن يعكس مدى البربرية التي أصبحت تُهمين على السياسات الأمريكية، دون أدنى وازع إنساني يضع في الاعتبار عشرات الآلاف من النساء والأطفال والمدنيين العُزل الذين راحوا ضحية هذا العدوان الغاشم الذي لا يتوقف. ولا ريب أن استمرار الدعم الأمريكي لجرائم الإبادة في غزة يضع واشنطن في نفس قفص الاتهام الذي تقبع فيه إسرائيل حاليًا، ويتعين محاكمة الولايات المتحدة ومحاسبتها على ما قدمته وتقدمه من تسليح يتسبب في موت عشرات الآلاف.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة دونالد ترامب حرب الإبادة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية إبادة غزة.. نواب موريتانيون يوجهون رسالة قوية للسفير الأمريكي

سلّم 37 نائبًا في البرلمان الموريتاني، مساء أمس الخميس، السفير الأمريكي في نواكشوط٬ مايكل دودمان بجو٬ رسالة، حمّلوا فيها الولايات المتحدة الأمريكية، مسؤولية الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة. 

وجاء في  الرسالة المُوقّعة من النواب الموريتانيين: "قد يكون من المناسب أن تبدأ رسالة مكتوبة من قبل مشرعين موريتانيين إلى سفير 'أكبر' دولة في العالم بالتحايا وعبارات التفخيم والتعظيم والمجاملات التي تليق بمقام الدبلوماسيين 'الكبار'، لكن أشلاء أطفال ونساء غزة المتناثرة في الهزيع الأخير من الليل، في شهر رمضان المبارك، وعلى الهواء مباشرة، جعلت كل قواميس الدبلوماسية تتمزق أمام اللحظة الإنسانية المليئة بالقهر والظلم والاستكبار والاستعلاء والاستهتار بكل القوانين والأعراف الدولية".

وتساءل النواب في رسالتهم، مخاطبين السفير الأمريكي: "هل تدرك معنى أن تنطلق 100 طائرة حربية محمّلة بأطنان المتفجرات، المقدمة 'هدية' من نظامكم، لأكثر الجيوش في العالم دموية وإجرامًا، لتقصف مئات الآلاف من الأبرياء النائمين في خيام يحاصرها الجوع والبرد والمرض؟!". 

وأوضحت الرسالة نفسها: "في نفس اللحظة التي كانت تلك الطائرات تدكّ خيام اللاجئين بقنابلها، كانت متحدثة 'بيتكم الأبيض' الملطخ بدماء الأبرياء تتحدث عن دعم رئيسكم ترامب لخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق يد مجرم الحرب نتنياهو لاستئناف حرب الإبادة ضد الغزيين الذين خرجوا لتوهم من حرب إبادة استمرت 15 شهرًا، وكنتم أكبر الداعمين فيها بسلاحكم ومالكم ومعلوماتكم ودبلوماسيتكم بل وجنودكم".

وتساءل النواب: "كيف سمح لكم ضميركم بالنوم في ليلة تناثرت فيها دماء الأطفال والنساء والشيوخ بفعل دعم دولة أنتم تمثلونها؟!". وحمّل النواب الرئيس الأمريكي، كامل المسؤولية عن هذه الحرب الهمجية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الأبرياء في فلسطين، وخاصّة في غزة.


وفي السياق نفسه، أكّد النواب، أن الولايات المتحدة تتحمّل أيضًا كامل المسؤولية عن ردود فعل ملياري مسلم لم تحترموا مشاعرهم في أعظم شهر لديهم، وفي لحظة السحور المقدسة.

وأضاف النواب في رسالتهم: "إنكم بمشاركتكم الفجة ودعمكم اللامحدود لحرب الإبادة، تعرضون أمن العالم وسلامه للخطر، وترسلون رسائل بالغة السلبية للجميع بأننا نعيش في عالم الغاب، وأن منطق القوة هو المنطق السائد، وأن الضعيف لا مكان له في عالمكم". 

وتابعوا: "تحاصرون مليوني إنسان، وتباركون كل خطوة يقوم بها مجرمو الحرب في إسرائيل، ثم تحلمون بعلاقات سوية مع العالم الإسلامي، كيف يكون ذلك؟! هل بلغ بكم استغباء المسلمين والعرب هذه الدرجة؟ أم أنه منطق الاستكبار والظلم؟!".

وأكد النواب أن "دروس التاريخ تعلمنا جميعًا أن المحتل إلى زوال مهما استعلى وتجبر، وأن المدافع المقاوم على أرضه منصور في نهاية المعركة"، مردفين: "فلسطين ستتحرر يومًا بنضال أهلها ووقوف العرب والمسلمين وأحرار العالم معهم، والكيان الصهيوني وداعميه لن ترضى بهم مزبلة التاريخ".

واختتم النواب رسالتهم بالقول: "لا يزال في الوقت متسع لمراجعة موقفكم من حرب الإبادة والمجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ. يمكنكم العودة كـ'وسطاء' إن أردتم انتشال صورتكم أمام العالم العربي والإسلامي، والتي تتردى في الحضيض. ويمكنكم الاستمرار في دعم عتاة المجرمين، وساعتها تحملوا عواقب ذلك، وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون!".


وفي مساء الثلاثاء الماضي٬ تظاهر مئات الموريتانيين أمام السفارة الأمريكية، في العاصمة نواكشوط، في وقفة احتجاجية تنديدًا باستئناف الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. 

واستمرت المظاهرات حتى وقت متأخر من الليل، حيث رفع المتظاهرون هتافات داعمة لغزة ومعارضة لعدوان الاحتلال الإسرائيلي؛ محمْلين الولايات المتحدة الأمريكية، المسؤولية الكاملة عن استئناف العدوان على غزة، فيما طالبوا الحكومة الموريتانية، بقطع العلاقات مع الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في حربها على القطاع.

 وجاءت هذه التظاهرات بدعوة من "المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة"، وهي منظمة غير حكومية تعنى بتنظيم الفعاليات الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

مقالات مشابهة

  • ترامب يسحب التراخيص الأمنية من بايدن ومسؤولين سابقين في البيت الأبيض
  • ترامب يسحب التراخيص الأمنية من بايدن وكبار المسؤولين السابقين
  • ترامب يسحب التراخيص الأمنية من بايدن ومسؤولين سابقين
  • ترامب يسحب التراخيص الأمنية من بايدن
  • ترامب يسحب التراخيص الأمنية من بايدن وكبار مسؤولي البيت الأبيض السابقين
  • حماس: تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي تزوير فج للواقع
  • الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية إبادة غزة.. نواب موريتانيون يوجهون رسالة قوية للسفير الأمريكي
  • «قرار رئاسي» بإغلاق وزارة التعليم الأمريكية.. الأسباب والعراقيل التي تواجه ترامب
  • سهيل دياب: إسرائيل تريد التخلص من الورقة الرسمية التي تحمي الحق الفلسطيني