جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-23@11:21:35 GMT

عُمان والاقتصاد البنفسجي

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

عُمان والاقتصاد البنفسجي

 

 

خلفان الطوقي

 

 

قسَّم المتخصصون الاقتصاد إلى عدة ألوان، ومن هذه الألوان الاقتصاد البنفسجي والذي يُعتبر فيه العامل الإنساني عاملا وعنصرا جوهريا، والذي بدوره يكون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي لأي دولة، ويتقاطع هذا النوع من الاقتصاد في كثير من الأحيان مع بقية أنواع الاقتصادات ومع بقية الألوان.

ولتسهيل فهم مصطلح الاقتصاد البنفسجي، يمكن عرض نماذج تدل على تدخل العامل الإنساني كالصناعات الحرفية واليدوية التقليدية، والألعاب الشعبية، والأكلات المحلية، والنزل التراثية، والأحياء التاريخية، والأزياء القديمة الزاهية، والمخطوطات النادرة، والقلاع والحصون والأبنية الهندسية التاريخية، وغيرها من مكنونات لعب الإنسان فيها دورًا جوهريًا.

وعند ذكر هذه الأمثلة أعلاه نجد- دون أدنى محل للشك- أن سلطنة عُمان متقدمة بمراحل عن غيرها من الدول، ليس تحيزًا وإنمّا واقعًا ملموسًا ومشهودًا له من الآخرين، وأفضل دليل على ذلك المواقع العُمانية المذكورة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة مثل قلعة بهلا ومدينة قلهات التراثية ومقابر وآثار بات والخطم والعين وأرض اللبان، أنظمة الري عن طريق الأفلاج، اضف إلى ذلك إدراج الشخصيات العُمانية السبعة في برنامج اليونسكو كالفراهيدي وأحمد ابن ماجد ونور الدين السالمي وابن الذهبي والهاشمي وأبي مسلم البهلاني، كما تم توثيق رقصة البرعة، وتفاصيل الأعمال المرتبطة بالنخلة، ويمكن مضاعفة المواقع والشخصيات والفنون العُمانية بمضاعفة الجهد والتركيز.

واقعيا، فإنَّ السلطنة غنية بالعامل الإنساني والثقافي والتراثي والبيئي والتاريخي، ويتضح ذلك في صور وأشكال عديدة، وهذا هو العامل المميز لها، بمعنى أن قوتها تكمن فيما تملك، ويمكنها الاستفادة من ذلك إلى أقصى حد ممكن، وبذلك يمكن تفعيل الاقتصاد البنفسجي ليكون داعماً مؤثرًا للاقتصاد الوطني.

وعليه، لا يمكن أن نبدأ من الصفر من ناحية، ولا يمكن أن يضيع الزخم بين فترة وأخرى عن هذا الثراء الإنساني والحضاري، ولا يكون ذلك إلا بخلق سردية مستمرة لأهمية هذه العناصر المثرية، وذلك بتكامل الجهات المعنية وانصهارها مع بعضها البعض بين فترة وأخرى، خاصة وأن كل هذه العناصر متوفرة، والمسؤولية تكمن في تجميعها وإبرازها والترويج لها محليا وإقليميا وعالميا.

 لن يتأتى ذلك إلّا بوضع برنامج وطني تشارك فيه أكثر من جهة كوزارة المالية من خلال البرنامج الوطني "استدامة"، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الثراث والسياحة وبعض الجهات الأخرى كحديقة النباتات العُمانية وشركة عمران ومركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب وأذرعها الاستراتيجية كمركز الشباب ومجمع عُمان الثقافي، ومكاتب المحافظين والبلديات، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وشرطة عُمان السلطانية من خلال الجمعية العُمانية للسيارات ونادي عُمان للرماية، ويمكن للأكاديمية السلطانية للإدارة وجامعة السلطان قابوس تقديم الدعم من خلال تصميم مبادرات وبرامج ممنهجة جاذبة وعصرية تستطيع من خلالها تحقيق المستهدف منها، والدعم الإعلامي من وزارة الإعلام من خلال مركز التواصل الحكومي، وغيرها من الجهات الداعمة من القطاع الخاص والمؤسسات المدنية بشكل مباشر وغير مباشر.

الخلاصة.. الاقتصاد البنفسجي لا يعمل منفردًا؛ بل يحتاج التعاون والتكامل والانسجام والوعي من المسؤولين وبقية الفرق التنفيذية بأهميته، والجهد الممنهج، إلى جانب تركيز يتسم بالاستمرارية لكل نهج وثقافة ثابتة، وجهد لا ينقطع، وزخم عالٍ. وإن اجتمعت هذه العناصر، سوف نرى اقتناص مزيدٍ من الفرص، ومبادرات ثقافية وترفيهية، وعوائد مضاعفة مالية وغير مالية تدعم الاقتصاد الوطني.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يمكن أن يكون الشعور بالوحدة مفيداً؟

توصف الوحدة بأنها تهديد مُدمر للصحة، لدرجة أنها تُعادل تدخين 15 سيجارة يومياً.

ولكن في الوقت نفسه، يشكّل التواصل المستمر والكثيف إرهاقاً للبعض منا، إذ لم نكن يوماً متقاربين من بعضنا البعض بالقدر الذي نحن عليه اليوم، حيث نتلقى مئات الرسائل يومياً عبر هواتفنا الذكية، ما يدفع الكثيرين للبحث عن الهدوء.

فهل من الممكن إذاً إيجاد هذا التوازن؟ سألت بي بي سي خبراء الصحة عن رأيهم.

هل هناك فرق بين العزلة والوحدة؟

على الرغم من أنها الشعور بالوحدة هو مشكلة قديمة، إلا أن هذه المشاعر أصبحت أصعب للملايين من الناس خلال فترات الإغلاق والتباعد الاجتماعي الإلزامي بسبب فيروس كورونا، عندما بقي الكثيرون لوحدهم في منازلهم لفترات طويلة.

تقول أندريا ويغفيلد، مديرة مركز دراسات الوحدة في جامعة شيفيلد هالام بالمملكة المتحدة، إن الوحدة “شعور ذاتي مؤلم” ينشأ عندما يكون “عدد علاقاتك الاجتماعية أقل مما تطمح له”.

لكن الوحدة تظهر أيضاً عندما تشعر أن نوعية علاقاتك الشخصية أسوأ مما ترغب به، وفق ما يقوله خبراء، أو إذا قارنت علاقاتك بعلاقات أقرانك، ووجدت بأن روابط الصداقة التي تملكها أضعف من الآخرين، فهذا يحيلك بسهولة للشعور بالوحدة.

ومع أن الشخص المنعزل عن الآخرين قد يشعر بالوحدة أكثر من غيره، إلا أنه من الممكن أن يشعر الفرد بالوحدة وهو محاط بعدد كبير من الناس.

فأن الإحساس بأنك غريب عن المكان والوسط الذي تتواجد به، ولا تنتمي لهما، أو أن علاقاتك مع الآخرين ليست بالقوة التي ترغبها، يمكن أن تؤدي بك بسرعة إلى تلك المشاعر المؤلمة، وهي الوحدة، تقول ويغفيلد.

في بعض اللغات، قد تكون لكلمتي الوحدة والعزلة ذات المعنى، لكنهما في الحقيقة كلمتين متناقضتين، فالعزلة هي حالة مؤقتة من الممكن أن تمنحك بعض الهدوء المستحب، الذي قد تستمتع به!

وقد تكون العزلة هي فترة تقضيها بمفردك جسديا دون التفاعل مع أي شخص على وسائل التواصل الاجتماعي، كما توضح ثوي-في نغوين، الباحثة الرئيسية في مختبر العزلة والأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة دورهام في المملكة المتحدة.

Getty Imagesفي الدراسات الطبية، ترتبط الوحدة بالخرف والاكتئاب والقلق، بل وحتى بزيادة احتمال الوفاة بشكل عام. كيف يؤثر الشعور بالوحدة على جسدك؟

الوحدة ضارة جدا بالصحة، فقد كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كامبريدج عن ارتباط الوحدة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري من النوع الثاني وزيادة قابلية الإصابة بالعدوى.

تقول ويغفيلد إن هناك أدلة متزايدة على أن الوحدة يمكن أن تؤدي إلى الخرف والاكتئاب والقلق وزيادة خطر الوفاة بشكل عام.

ولم يتضح بعد السبب وراء هذا التأثير للوحدة على الصحة الجسدية، يعتقد الأطباء أن الرابط قد يعود إلى زيادة الشعور بالضغط والتوتر ونقص التحفيز المعرفي نتيجة الانعزال، ما يؤدي بدوره إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية.

وتُقدر منظمة الصحة العالمية أن من كل أربعة مسنين هناك شخص واحد يعاني من عزلة اجتماعية، بينما يواجه ما بين 5 إلى 15% من المراهقين مشاعر الوحدة.

وبعيدًا عن العمر، توجد أيضاً مجموعات معينة معرضة لخطر متزايد من الشعور بالوحدة أكثر من غيرها، مثل المهاجرين، والأقليات العرقية، وطالبي اللجوء، والأشخاص من مجتمع الميم، والمسؤولين عن رعاية المرضى والمعاقين، والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أخرى.

 

كيف يمكنك التغلب على الوحدة؟

في السنوات الأخيرة، أطلقت حكومات عديدة مبادرات للتصدي لوباء الوحدة، الذي أصبح أحد أبرز القضايا التي يتم إدراجها على جداول الأعمال السياسية للحكومات، في ظل ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية، والضمان الاجتماعي، والاقتصاد بشكل عام.

تُظهر الأبحاث أن التطوع يُمكن أن يكون استراتيجية وقائية فعالة، ففي هونغ كونغ، أكدت تجربة أجريت على 375 متطوعاً مجتمعياً أن استغلال أوقات الفراغ من أجل قضية تؤمن بها يُمكن أن يُخفف من الشعور بالوحدة، وخاصة لدى كبار السن.

في الوقت نفسه، تتبع أستراليا وهولندا نهجاً مختلفاً، حيث تستثمران بدلاً من ذلك في مبادرة للعيش المشترك بين الأجيال، إذ يتم تشجيع الأجيال الأكبر سناً والأصغر سناً على قضاء الوقت معاً في أماكن مشتركة مثل المراكز المجتمعية أو المجمعات السكنية ذات الساحات المشتركة.

و في بريطانيا يستخدم الأطباء ما يعرف ب “الوصفات الطبية الاجتماعية”، حيث يُحيل الأطباء المرضى الذين يشتبهون في عزلتهم الشديدة إلى خدمات تتضمن التواصل بين الناس، بدلًا من وصف الأدوية.

ويشرح هولان ليانغ، طبيب نفس الأطفال والمراهقين، أن الحل الأمثل يكمن في بناء مجتمعات متسامحة ومتعاونة، يشعر الأفراد فيها بمكانتهم، ويحلمون بأهدافٍ يسعون لتحقيقها.

يقول ليانغ، مؤلف كتاب “الشعور بالانتماء”: “إن الاطمئنان على الآخرين، وتعزيز اللطف والتعاون بين الناس يُساعد على الوقاية من الوحدة”.

أما على المستوى الفردي، فإن تحقيق الرضا الذاتي، وتحسين جودة علاقاتنا بأصدقائنا تساعد في الابتعاد عن الوحدة، وفق ما يقوله خبراء لبي بي سي، محذرين من أن علامات مثل الشعور المستمر بالحزن وقلة الرغبة في الاختلاط بالآخرين أو مغادرة المنزل، قد تشكل مؤشراً على بداية شعورنا بالوحدة.

وقد تشمل العلامات التحذيرية أيضاً شعور الشخص بأنه منفصل عن الآخرين، أو حتى عن المكان والمساحات التي يتواجد بها.

Getty Imagesلأننا كائنات اجتماعية، غالباً ما تعد الوحدة وصمة عار هل للعزلة وصمة عار؟

تؤكد البروفيسورة نغوين أن البشر، ككائنات اجتماعية، يعتمدون على شبكة اجتماعية متماسكة تلتزم بقواعد معينة للبقاء.

ومن هذا المنطلق، تقول: “نميل إلى التركيز على أهمية التفاعل الاجتماعية وأن نبقى سوياً مع بعضنا، وبهذا المعنى، تُعتبر العزلة وصمة عار”، على الرغم من ذلك، تساعد العزلة بشكل مباشر في “تهدئتنا”.

أظهرت دراسة أجرتها جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة أن لحظات العزلة يمكن أن تجلب فوائد على الصحة النفسية. تابع الباحثون 178 شخصاً بالغاً لمدة تصل إلى 21 يوما، خلال هذه الفترة، كان على المشاركين ملء مذكرات واستبيانات لقياس مستوى توترهم، ورضاهم عن الحياة، واستقلاليتهم، وشعورهم بالوحدة.

وكشفت التجربة أن قضاء ساعات أطول بمفردهم جعلهم يشعرون بانخفاض التوتر، وحرية الاختيار، والتصرف على سجيتهم، وهو ما يشير، وفقاً للباحثين، إلى أثر العزلة “كمهدئ”.

لكنهم أيضاً، أفادوا بأنه تملكتهم مشاعر بأنهم وحيدين وانخفضت نسب الرضا عن أنفسهم.

Getty Imagesيعد العمل في الحديقة أحد الأنشطة التي تُناسب لحظات العزلة الصحية كيف تجد لحظات ذات معنى لنفسك؟

تشير الأدلة إلى أن العزلة توفر مساحة لتنظيم المشاعر، وشعوراً بالحرية والاستقلالية، لذا، يمكن أن تكون أداة مفيدة بشكل خاص في المواقف التي نتعرض فيها لضغط نفسي أكبر، أو في يوم معين نشعر فيه بازدحام الحياة.

و يمكن أن تساعد العزلة في دعم الصحة النفسية والقدرة على الصمود أمام المشكلات، لكن في ذات الوقت، قد يكون قضاء الوقت بمفردنا مرهقا للبعض.

وتوصي البروفيسورة نغوين بجعل قضاء الوقت بمفردك “عادة” منتظمة، وذلك من خلال جدولة وقت يمكنك الاستمتاع به بعيداً عن الشاشات وسائل التواصل.

وقالت”عندما يسألني الناس عن كيفية الاستفادة من العزلة، فإنني أنصح دائماً بالبدء بخطوات صغيرة، بـ 15 دقيقة فقط يوميًا”.

وخلال هذه الفترة القصيرة، يمكنك تتبع مشاعرك، وما الذي تحب القيام به، ومع مرور الأيام، قم توسيع نطاق هذا الوقت من العزلة، تدريجياً.

وأضافت “أحياناً، يرغب الناس في بدء فترة نقاهة وتقليل وقت استخدامهم للشاشات أو وسائل التواصل الاجتماعي لأيام، قد يُسبب هذا شعوراً بعدم الراحة، وقد لا يرغبون في تجربته مجدداً في المستقبل”.

ولكن هل هناك حد؟

كشفت بيانات جامعة ريدينغ أن الناس كانوا أكثر وحدة وأقل رضا في الأيام التي قضوا فيها ساعات أطول في عزلة، وحتى عندما كانت العزلة اختيارية، لم تقل هذه المشاعر، لأنها أصبحت تتراكم على مدار عدة أيام، لذا فإن التوازن المثالي لا يمكن قياسه بالساعات، تقول نغوين، إنما من حيث جودة الأشياء التي نفعلها في هذا الوقت.

وتُشير إلى أن بعض الأبحاث تُظهر أن الشعور بالوحدة يبدأ عندما نكون بمفردنا لمدة 75٪ من ساعات يقظتنا.

وتعتقد أن “هذا يعتمد في الواقع على مستوى كل فرد وماذا يفعل خلال هذه الدقائق من الانقطاع عن العالم؟

ويقترح الخبراء إيجاد أنشطة مُحفزة تُوفر أيضاً الراحة والاسترخاء. هناك العديد من الهوايات والأنشطة المشتركة التي تتوافق مع العزلة، مثل: القراءة، والبستنة، والمشي في الطبيعة، والاستماع إلى الموسيقى، والطبخ، والحرف اليدوية.

مقالات مشابهة

  • الصناعات الحِرفية العُمانية
  • الخطاب الوحيد الذي يمكن يطرق أذن العالم
  • هل يمكن أن يكون الشعور بالوحدة مفيداً؟
  • حروب البحار.. والإرث الإنساني
  • وزيرا المالية والاقتصاد والتخطيط يطلعان على التحف الأثرية والفنية المعاصرة في بينالي الفنون الإسلامية
  • عُمان والاقتصاد البنفسجي: كيف تعزز مبادرة “نراك” دور الشباب في الصناعات الثقافية؟
  • “موارد عجمان” تحتفي بيوم زايد للعمل الإنساني
  • السعدي يبر دور المعارض في ترويج المنتوج التقليدي الوطني
  • «رمضان شهر الانتصارات» ندوة بكلية التكنولوجيا والتعليم جامعة بني سويف