جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-17@18:42:28 GMT

"وين الملايين"!

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

'وين الملايين'!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

عنوان هذا المقال مُقتبس من قصيدة غنائية كتبها الشاعر الليبي علي الكيلاني إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى مطلعها: "وين الملايين.. الغضب العربي وين... الشرف العربي وين". وعلى الرغم من بساطة هذه الكلمات، إلا أنها هزت ضمائر الأمة وحققت نجاحًا غير مسبوق في تحريك الجماهير العربية، بفضل الحنجرة الذهبية للفنانة جوليا بطرس رفقة زميلاتها من الكورال، ودعوة القصيدة الشعوب العربية للخروج إلى الميادين للتضامن مع الشعب الفلسطيني المجاهد، وذلك في تلك الأيام الخوالي التي كانت فيها الشعوب العربية على قلب رجل واحد من المحيط الى الخليج ولها قضية مصيرية هي استعادة القدس الشريف ومسجدها الأقصى من الصهاينة.

كم هي عظيمة غزة برجالها ونسائها وأطفالها الذين يتعرضون لأكبر محرقة في التاريخ المعاصر؛ فأنتم أيها الشرفاء من علَّمتم العالم الحر معنى التضحيات والبطولات والصمود الأسطوري الذي لا يفقهه البعض ممن لا يعلمون واجب الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأوطان، والأسوأ من ذلك كله هو الصمت والخذلان من الحكومات شرقًا وغربًا وحتى في منطقتنا العربية.

وكنتيجة طبيعية لهذه الحروب العبثية التي فُرِضت من الخارج على العرب بهدف إضعاف الجيوش العربية وجعل من القوة الصهيونية هي المسيطرة والأقوى في المنطقة، فقد استُنزِفت الأموال والأرواح في هذه الصراعات التي لا يُراد لها أن تنتهي؛ فالحكومات العربية هي الأكثر إنفاقًا على شراء السلاح في العالم، فقد خلصت مراكز الدراسات الإستراتيجية العالمية إلى أنَّ العرب أنفقوا خلال آخر عقد ونصف العقد أكثر من تريليون دولار على التسليح. وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ العرب أكثر ضحايا الحروب والتعذيب واللجوء عبر الحدود الدولية؛ بسبب قمع بعض الأنظمة والحكومات العربية الاستبدادية لشعوبها. أما معهد ستوكهولم للسلام الدولي، فقد كشف في تقريره السنوي عن امتلاك بعض الدول العربية لأكبر نسبة إنفاق عسكري على شراء السلاح من الناتج المحلي الإجمالي في العقود الأخيرة.

والسؤال المطروح: الآن أين الجيوش العربية مما يجري على أرض فلسطين من عربدة الحكومة اليمينية المتطرفة التي تعيث فسادًا في الأرض؟

الإجابة على ذلك واضحة وضوح الشمس؛ فبعض هذه الجيوش وُجدت لحماية دولة الكيان الغاصب، وذلك ضمن اتفاقيات سرية وبعضها علنية مع الغرب الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى إذلال الأمة وتحقيق ما يعرف بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، لتحقيق نبوءات كهنوتية للإنجيليين الجُدد حول موعد نزول المسيح عليه السلام. 

ومن المفارقات العجيبة أنَّ مُعظم الأنظمة العربية تقوم بشراء السلاح لمحاربة بعضهم بعضًا، وحماية الكراسي والحكام من السقوط في وجه التهديدات الداخلية من المعارضين في الداخل والخارج؛ وليس للدفاع عن الأوطان في وجه الأعداء وتحرير مقدسات الأمة، فقد أثبتت الأيام والوقائع أن كلَّ دولةٍ عربية تخشى من جيرانها أكثر من خشيتها من الأعداء المحتملين من الدول الأجنبية وخاصة الدولة المزروعة في قلب الوطن العربي من الغرب وهي إسرائيل؛ فالأسلحة الأمريكية الجديدة والتي تعد الأحدث تُستخدم الآن لقتل سكان غزة، والعالم من أقصاه إلى أقصاه يشاهد تلك المذابح عبر الشاشات دون أن يحرك أحدًا من هؤلاء الأقوام ساكنًا إلّا بإصدار بيانات الشجب التي لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به. وكم من مؤتمرات قمة عقدت خلال الـ17 شهر الماضية ولم تنجح في كسر الحصار وإيصال الأدوية والطعام للمحتاجين في القطاع المحاصر من الجميع منذ 18 سنة، فضلًا عن الوقوف في وجه المجرمين الذين أدانتهم المحاكم الدولية كمجرمي حرب وعلى رأس هؤلاء بنيامين نتنياهو.

لا شك أننا نعيش زمنًا استثنائيًا فقدت فيه الأمة العربية مشاعرها وأحاسيسها؛ بل وحتى بوصلتها عن حقيقة ما يحصل من مجازر في فلسطين المحتلة يندى لها جبين الإنسانية في هذا الشهر الكريم، وعلى وجه الخصوص قطاع غزة، الذي يتعرض مُجددًا هذه الأيام لأبشع الجرائم والإبادة الجماعية للأطفال والنساء في هذه المنطقة المحاصرة من الصهاينة، بينما العرب وقفوا عاجزين عن الدفاع عن أطفال غزة؛ بل وحتى عن إدخال الماء والغذاء والأدوية عبر الحدود في انتظار الموافقة من حكومة الكيان الصهيوني المجرمة، التي لا يمكن أن تأتي في الأصل إلا بعد التخلص من سكان غزة ومقاومتها الباسلة الذين يدافعون عن شرف الأمة ومقدساتها في الأقصى المبارك وارض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، مهما كانت التضحيات والشهداء الذين يروى تراب أرض الرباط بدمائهم الزكية.

من المؤسف حقاً أن تقف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج عاجزة ودون إرادة لتغيير المعادلة المتمثلة بعدم الاكتفاء بدور المتفرج والتسمر أمام الشاشات الفضائية فقط، اين نحن من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" (الحج: 39).      

وفي الختام، الأنظار هذه الأيام تتجه إلى جمهورية تركيا كقوة إقليمية مسلمة وكامتداد للإرث الإمبراطوري العثماني في المنطقة؛ إذ يمكن لها أن تواجه إسرائيل، وذلك إذا تحققت الإرادة الصادقة للرئيس رجب طيب أردوغان الذي اعتدنا على سماع تصريحاته الرنانة؛ فالأيام القادمة سوف تكشف عن فصول جديدة تكتب عن معادن البشر ومواقفها، فالتاريخ لا يرحم؛ فهل نتوقع صلاح الدين جديدًا يستعيد القدس الشريف لأمة محمد؟

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مدير الصحة العالمية: عامان من الصراع تسببا في تجويع الملايين بالسودان

قال تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إنه قد تسبب عامان من الصراع بالسودان في تجويع الملايين وإصابتهم وتشريدهم، وفق ما ذكرت صحف دولية.

ذكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية " نبذل جهودا حثيثة لإيصال المساعدات لأكبر عدد ممكن من المحتاجين بالسودان".
أضاف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "نجدد دعوتنا لحماية المدنيين والنظام الصحي والالتزام بتحقيق سلام دائم".

الطاقة الدولية تتوقع خفض حجم نمو إنتاج النفط خلال 2025زلزال بقوة 4 درجات ريختر يضرب تركياالأونروا: مخازننا في قطاع غزة باتت فارغةجولان: نتنياهو خطر على إسرائيل وسيفعل أي شيء لإنقاذ نفسهجيش الاحتلال يزعم تصفية قائد مهم في حركة حماس

يأتي ذلك فيما أقرّ مجلس شيوخ ولاية تينيسي الأمريكية مشروع قانون يحظر تطبيق أو الاعتراف بالمتطلبات أو الأوامر الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي. ومن المقرر مناقشته في مجلس نواب الولاية يوم الثلاثاء.

وينص مشروع القانون على أن "منظمة الصحة العالمية، والأمم المتحدة، والمنتدى الاقتصادي العالمي ليس لديهم أي سلطة قضائية في هذه الولاية".

قدم ذلك النائب جوي هينسلي (جمهوري-هوهينوالد)، ذاكرا إن أي متطلبات تصدرها المنظمات الثلاث "لا يجوز استخدامها في هذه الولاية كأساس للعمل، أو لتوجيه أو إصدار أمر أو فرض أي متطلبات أخرى، خلافًا لدستور هذه الولاية وقوانينها، بما في ذلك تلك الخاصة بالأقنعة أو اللقاحات أو الاختبارات الطبية، أو لجمع معلومات عامة أو خاصة عن مواطني هذه الولاية أو المقيمين فيها، وليس لهذه المتطلبات أو الأوامر أي قوة أو تأثير في هذه الولاية أو أقسامها السياسية".

في مارس/آذار، أقرّت الجمعية العامة لولاية تينيسي مشروع قانون لحذف منظمة الصحة العالمية من قانون الولاية، والاعتماد بدلاً من ذلك على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

مقالات مشابهة

  • استمع: بيان الانقلاب الذي سجلته المليشيا بصوت عماد عبد الرحيم (كادر حزب الأمة )
  • لماذا يزيد معدل الأطفال الذين لديهم إصابة بالتوحد في أمريكا؟
  • من داخل النفق إلى حزام الذهب.. سرقة الملايين من متجر أمريكي شهير (صور)
  • هل الأحزاب السودانية ظالمة ام مظلومة؟
  • ملتقى الأزهر: الانصراف عن منهج الله بات ظاهرة بين بعض الشباب
  • مأساة إنسانية تهدد الملايين.. النظام الصحي اليمني ينهار!
  • مدير الصحة العالمية: عامان من الصراع تسببا في تجويع الملايين بالسودان
  • الصحة العالمية: عامان من الصراع بالسودان تسببا في تجويع الملايين وإصابتهم وتشريدهم
  • حكم قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يكثرون من الإساءة إلي ولأسرتي؟.. الأزهر يجيب
  • ماذا يعني هذا في اليمن ؟