لجريدة عمان:
2025-03-23@11:12:26 GMT

الحياة وسط الركام في غزة .. معركة يومية للبقاء

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

يشعر الغزيون بالإحباط وهم ينظرون إلى منازلهم المدمرة، خاصة وسط مماطلة الجانب الإسرائيلي في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار وإغلاقه المعابر أمام المساعدات الإغاثية، وبينها الكرفانات والخيام الآدمية، التي تتيح لهم بعضًا من العيش الكريم، لحين البدء في إعمار قطاع غزة.

تتفاقم مشاعر الإحباط لدى الفلسطينيين مع مرور أيام شهر رمضان الكريم وهم يحاولون ممارسة طقوسهم المعتادة وسط الدمار.

البعض يطبخ طعامه على موقد الحطب الذي بات رمزًا لمأساة إنسانية تتجدد يوميًا، والبعض الآخر يكافح للحصول على مياه للشرب أو الطهي بعد انقطاع الكهرباء عن محطة التحلية الرئيسية في دير البلح. إنهم يعيشون حياة بدائية غير إنسانية يحاوطها القلق من عودة الحرب.

مهام شاقة.. بين الدمار والحصار

يعيش محمد سلمان (50 عامًا) من بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، على أنقاض منزله المدمر، يجمع الحطب وأكياس النايلون البالية والأقمشة المهترئة من الشوارع ليوقد بها نارًا يطبخ عليها طعام إفطاره.

وفي صوت يغلب عليه الحزن يقول لـ«عُمان»: «نفطر على الركام، زوجتي وأولادي يقومون بهذه المهمة الصعبة وغير الآدمية».

ويتابع: «ليست المشكلة في مهام الأجداد، التي لن يصدق أحد أننا نقوم بها في القرن الواحد والعشرين، بل في عدم وجود مكونات الطبخ المناسبة لرمضان. الظروف صعبة جدًا، خاصة في مخيم جباليا شمال القطاع. نسلق البطاطس والعدس والأرز، هذا هو طعامنا على الإفطار دائمًا دون خضراوات أو لحوم».

ويختتم حديثه: «لقد نسينا طعم اللحم تمامًا، وصار مجرد ذكره نوعًا من الترف. نعيش أيامنا في انتظار ما لا يأتي، ونحاول توفير الحد الأدنى من الطعام لأطفالنا، لكن حتى هذا لم يعد سهلًا. نحن عالقون بين الدمار والحصار، وبين الأمل المفقود وغياب أبسط مقومات الحياة».

نفطر على ركام الماضي

على ركام منزله الذي تهدم فوق أحلامه، يقف محسن الرواغ (43 عامًا)، من مخيم الشاطئ، مسترجعًا لحظات الفزع والعجز. كل يوم يتجدد المشهد الكارثي أمام عينيه، وكل يوم يكافح ليجد ما يسد رمق عائلته.

يقول بنبرة يملؤها الألم والتحدي خلال حديثه لـ«عُمان»: «نفطر على ركام بيوتنا، على مستقبلنا، على ماضينا، على حاضرنا، على مسقط رأسنا، على مستقبل أطفالنا، لكننا نقول لجميع العالم ولكل إنسان يسمعنا من هذا المكان إننا باقون في قطاع غزة ولن نخرج حتى لو اختلط هذا الركام بدمائنا ولحومنا، مهما كلف ذلك من ثمن».ويتابع بصوت منهك: «إن الحياة على هذا الركام هي معركة يومية للبقاء. لا توجد وظائف، ولا توجد موارد كافية لإعالة عائلتي. كل يوم نحاول إيجاد ما يُبقي أطفالنا على قيد الحياة، دون أن نعرف ماذا يخبئ لنا الغد. لا نشعر بالأمان ولا بالاستقرار، وكل ما نريده هو أن نعيش حياة طبيعية مثل باقي البشر».

الإعمار وانتهاء الحرب.. أمل يتضاءل

يتناول أبو علاء نعيم طعام الإفطار على ركام منزله في مخيم جباليا، بعد أن دمرته الحرب. يعيش الرجل المسن حياة مشردة بين الخيام والبقايا، بلا سقف يقيه حرارة النهار أو برد الليل.

يقول بصوت متهدج لـ«عُمان»: «أتناول طعام الإفطار على الركام، لأنه ليس لي بيت أقعد فيه، منزلي مدمر».

يشعر الرجل الخمسيني بالإحباط كلما نظر إلى منزله الخراب، فيما يتضاءل أمله في رؤيته مشيدًا مرة أخرى، وسط التلاعب الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار، لدرجة جعلته قلقًا جدًا من عودة الاقتتال: «نريد البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، كي نستطيع الاستقرار فيه. لن تذهب مشاعر الإحباط لدينا إلا بإعمار منازلنا، وانتهاء الحرب».

ويكمل حديثه بحسرة: «لا أحد يسمع صوتنا ولا أحد يشعر بمعاناتنا. كل ما نحلم به هو سقف يحمي أطفالنا من البرد والمطر. حياتنا تحولت إلى جحيم مستمر، كل يوم نواجه تحديات جديدة للبقاء على قيد الحياة. لا نطلب المستحيل، فقط حقنا في الحياة الكريمة».

حياة بدائية.. ينعدم معها الأمل

تجلس راوية النحال (34 عامًا)، على كومة من الحجارة في بيت حانون، تراقب أطفالها وهم يلعبون وسط الأنقاض دون وعي بحجم المأساة التي يعيشونها. تتحدث بنبرة حزينة: «كل حياتنا طبخنا وشغلنا كله على موقد الحطب، هذه في حد ذاتها مأساة لا توصف. نغسل الأواني والملابس فوق الركام. حياة بدائية صعبة. نتعب من أجل تعبئة المياه، ولا توجد إضاءة، كل حياتنا صعبة».وتتابع وعيونها تلمع بالألم لـ«عُمان»: «لا توجد أي فرصة لأطفالنا للتعلم أو العيش بكرامة. حياتهم تتشكل وسط الخراب والبؤس، وهذا يؤلمنا أكثر من كل شيء. نحن نعاني ليس فقط من الفقر والجوع، بل من انعدام الأمل في مستقبل أفضل».

نشر الإحباط.. استراتيجية إسرائيلية لإنهاك الغزيين

في هذا السياق، يقول المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين إن إسرائيل تستغل الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة كأداة للضغط السياسي، واصفًا المماطلة في إدخال المساعدات الإنسانية ومنع وصول الكرفانات والخيام بأنها سياسة عقاب جماعي ممنهجة تهدف إلى كسر صمود الشعب الفلسطيني ودفعه للقبول بأي تسوية مفروضة من الاحتلال.

ويضيف أبو هين خلال حديثه لـ«عُمان» أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إبقاء سكان قطاع غزة في حالة من اليأس والتوتر عبر خلق بيئة معيشية غير قابلة للاستمرار.

يقول: «عندما يتم قطع الكهرباء عن محطة التحلية الرئيسية في ظل صيام شهر رمضان، فهذا يعني معاناة يومية في توفير المياه الصالحة للشرب وللاستخدام المنزلي، وهو أمر يصعب على أي إنسان تحمله».

وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، يرى أبو هين أن إسرائيل لم تتوقف يومًا عن محاولة فرض شروطها من خلال سياسة الحصار والإغلاق، وحتى من خلال التحركات العسكرية المتقطعة لإبقاء الوضع مضطربًا وغير مستقر.

ويوضح: «إسرائيل تتبع سياسة النفس الطويل. في كل مرة تتوقف فيها العمليات العسكرية، تعود للمماطلة في تنفيذ الالتزامات الإنسانية كوسيلة للضغط وإظهار أن زمام الأمور لا يزال بيدها».

أما عن حالة الإحباط التي يعيشها سكان غزة، يقول أبو هين: «إن هذه المعاناة ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية الاحتلال لخلق حالة من الإنهاك النفسي والجسدي لدى الفلسطينيين، بحيث يتضاءل أملهم في تحسن الأوضاع، مما يسهم في فرض واقع جديد تُراد منه تهدئة طويلة الأمد بشروط إسرائيلية بحتة».

ويضيف أبو هين أنه كلما طال أمد هذه الظروف المأساوية، كلما ارتفعت مستويات الإحباط واليأس لدى السكان، خاصة مع غياب أي تحركات دولية فعالة تضمن فتح المعابر وإدخال المساعدات. ويتابع قائلاً: «المجتمع الدولي يقف عاجزًا، وإسرائيل تعرف جيدًا كيف تستغل هذا العجز لتعزيز سياساتها العدوانية في قطاع غزة».

ويختتم أبو هين تصريحه قائلاً: «ما نشهده اليوم هو ليس فقط مأساة إنسانية، بل أيضًا محاولة لفرض حالة من الاستسلام السياسي على سكان القطاع. وبدون وجود ضغط دولي حقيقي وإرادة فلسطينية موحدة للتصدي لهذه السياسات، ستبقى غزة أسيرة لهذا الواقع المأساوي».

مأساة رمضان في ظل الدمار

يمر رمضان على الغزيين هذا العام بقلوب منكسرة وأرواح مثقلة بالهموم. تُطبخ موائد الإفطار على نيران الحطب، ولا يجد الكثيرون ما يسد رمقهم سوى القليل من العدس أو البطاطس التي تُطهى بلا زيت أو توابل. ليس رمضان هنا بهجة، بل هو موعد جديد للتذكير بعمق المأساة.

ورغم هذه الظروف القاسية، يتمسك أهالي غزة بالأمل الضعيف المتبقي لديهم. بعضهم يلتف حول نار الحطب ليخبز القليل من العيش الذي يتقاسمونه بين أطفالهم، والبعض الآخر يكافح لإيجاد ما يطهى أصلًا. وفي غياب الكهرباء، تحول الظلام إلى جزء من حياة يومية يكتنفها البؤس.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قطاع غزة على رکام لـ ع مان لا توجد کل یوم

إقرأ أيضاً:

أصوات تحت الركام.. البحث عن 6 أشخاص أسفل أنقاض منزل منهار بأسيوط.. صور

تواصل قوات الحماية المدنية والإنقاذ بمحافظة أسيوط، اليوم الجمعة، أعمال البحث عن 6 أشخاص أسفل أنقاض منزل مكون من 3 طوابق بقرية النخيلة بمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط.

تلقى اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، إخطارًا من مأمور مركز شرطة أبوتيج بوقوع الحادث، وذلك بناءً على بلاغ من غرفة عمليات النجدة.

لاتجارهم في المخدرات وحيازة الأسلحة..جنايات أسيوط تعاقب 4 أبناء عم بأحكام رادعةأوقاف أسيوط: 300 مسجد لصلاة التهجُّد في العشر الأواخر من رمضانمحافظ أسيوط: شحنة جديدة من الأدوية والكراسي المتحركة ودراسة إنشاء دار للأوبراالعثور على 390 قطعة أثرية بمنزل مندوب مبيعات في أسيوط

انتقلت إلى موقع الحادث قوات الشرطة والإسعاف والحماية المدنية، حيث تبين من المعاينة انهيار منزل مكون من 3 طوابق  ملك المواطن "عبدالرزاق ف ن" وتمكنت قوات الحماية المدنية والأهالي من استخراج جثة لسيدة و 4 مصابين من أسفل الأنقاض.

فرضت قوات الأمن كردونًا أمنيًا حول المنطقة، وجاري البحث عن 6 آخرين أسفل الأنقاض وتم تحرير محضر بالواقعة، وجاري العرض على النيابة العامة للتحقيق.، وتم إخطار شركات الكهرباء والغاز والإدارة الهندسية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

صور انهيار منزل بأسيوط 

مقالات مشابهة

  • حماس: الاحتلال يفرض حصارا مطبقا ومنعا شاملا لكل مقومات الحياة بغزة
  • قبور من الركام لآلاف المفقودين في غزة
  • رئيس وزراء لبنان: إسرائيل تتذرع بسلاح حزب الله للبقاء في الجنوب
  • أصوات تحت الركام.. البحث عن 6 أشخاص أسفل أنقاض منزل منهار بأسيوط.. صور
  • موعد عيد الفطر المبارك.. الفلك يقول كلمته
  • أطفال أبو دقة.. بين الركام وآلام الحرب في غزة
  • إسرائيل تسعى لهدم نصف مخيم جنين.. ماذا يقول الأهالي؟
  • الأمم المتحدة: استئناف العمليات العسكرية في غزة يهدد حياة المدنيين
  • البنك الدولي يتوّقع نمّواً «غير مسبوق» للاقتصاد الليبي.. ماذا يقول الخبراء؟