الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المردكلة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
"لماذا يتحول بعض الأفراد العاديين إلى قتلة جماعيين؟ وكيف تلعب الأيديولوجيا دورا في تبرير هذه الجرائم؟"
في كتابه الجديد "الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة"، يقدم الدكتور جوناثان ماينارد تحليلا عميقا لهذه الظاهرة المروعة.
والدكتور ماينارد هو محاضر أول وأستاذ مشارك في السياسة الدولية في قسم الاقتصاد السياسي في كلية كينجز لندن، وبرلماني يعمل في وحدة الشؤون الدولية في مجلس العموم البريطاني.
قبل انضمامه إلى كلية كينجز في عام 2020، كان الدكتور ليدر ماينارد يعمل في جامعة أكسفورد، وشملت أبحاثه موضوعات تتصل بالعلاقات الدولية والعلوم السياسية والنظرية السياسية، وتركز على دور الأيديولوجيا في الصراعات المسلحة والمنافسة الجيوسياسية والسياسات المتطرفة، وخاصة في أشكال العنف ضد المدنيين مثل الإبادة الجماعية وإرهاب الدولة وانتهاكات حقوق الإنسان المنهجية.
كما أن لديه اهتمامات بحثية ثانوية في الدور الأوسع للأيديولوجيا في السياسة المعاصرة وأخلاقيات العنف السياسي والمناظرات المنهجية في إطار النظرية السياسية والعلوم السياسية النوعية.
وفي عام 2025 م، صدرت الترجمة العربية لكتابه "الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة" عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر بوساطة المترجم محمد الدخاخني.
يناقش ماينارد في كتابه أن عمليات القتل الجماعي، التي تظهر على شكل إبادات وحملات إرهابية وصولا إلى المذابح، تقوم بها منظمات شبه عسكرية، وتشتمل على أكثر الانتهاكات جورا لحقوق الضحايا، وتشكل "الجرائم الفظيعة" الأشد خطورة في القانون الدولي، ثم يتساءل لماذا تحدث هذه العمليات؟ وما العوامل الأيديولوجية التي تحفز البشر على ارتكاب الجرائم وأعمال العنف؟
إعلانأجاب ماينارد في كتابه عن هذه الأسئلة، طارحا ثلاث فرضيات شائعة لتفسير الإبادة الجماعية وأعمال العنف؛ الفرضية الأولى هي حالة الاضطراب العقلي التي قد يعانيها مرتكب الجريمة، والفرضية الثانية هي الطبيعة العدوانية للفطرة البشرية، وأن البشر بطبيعتهم قتلة، أما الفرضية الثالثة فهي إجبار القتلة على ممارسة العنف.
ووفقًا لتحليلات مستفيضة أجراها الكاتب، فإن الأيديولوجيا التي يتبناها المجتمع، ممثلة في مجموعة المعتقدات السياسية التي تعتنقها الدولة، هي التفسير الحقيقي لعمليات القتل الجماعي، مشيرا إلى عدة عوامل أيديولوجية أساسية؛ منها تصوير المدنيين بأنهم يشكلون تهديدا، واتهامهم بارتكاب جرائم خطيرة، وإنكار روابطهم الهوياتية مع مجتمعهم السياسي، إضافة إلى اعتبار أن العنف ضدهم واجب، مع التأكيد على فوائد العنف الاستراتيجية في المستقبل، وأن القتل الجماعي حتمي، ولا بديل عنه لمواجهة الطرف الآخر.
ومهما حاولنا تجاهل الحقيقة واعتماد التفسيرات الشائعة لتبرير جرائم الحرب وأعمال العنف، فإننا مضطرون إلى الاعتراف بأن وحشية البشر تظهر مع ظهور أيديولوجيات العنف في المجتمع، التي تغويهم للمشاركة في جرائم وإبادات مميتة.
أقسام الكتابويأخذنا ماينارد في كتابه، عبر تسعة فصول غنية بالمعلومات، تبدأ بمقدمة تحليلية وتنتهي بخاتمة تستشرف المستقبل، مقسما الكتاب على النحو الآتي:
الفصل الأول: مقدمةوفيه يفصل المؤلف القول في مقدمات لا بد منها لكتابه، فيتحدث عن لغز القتل الجماعي، والأيديولوجيا ونقادها، ثم ينتقل إلى ما أسماه تفصيل الحجة، ويستعرض بعدها المخطط التفصيلي للكتاب.
الفصل الثاني: توضيح الأيديولوجياوفيه يناقش المؤلف بالتفصيل تحرير مفهوم الأيديولوجيا مجيبا عن سؤال: ما الأيديولوجيا؟ ثم يغوص في التحليل العميق لتأثيرات الأيديولوجيا، مجيبا عن سؤال: كيف تؤثر الأيديولوجيا في السلوك؟ ليقدم بعد ذلك خلاصات الفصل الثاني في نقاط مركزة.
إعلان الفصل الثالث: كيف تفسر الأيديولوجيا القتل الجماعي؟وفيه يقدم المؤلف شرحا وافيا لحالة القتل الجماعي من دون أيديولوجيا، ثم يناقش بالتفصيل والتحليل الحجة الأساسية: الأيديولوجيات والأزمات السياسية، ثم يقدم تحليلا عميقا للأيديولوجيا وتحالفات الجناة، لينتقل بعدها متناولا قضية من أهم القضايا، وهي جذور الأيديولوجيا المتشددة بالتفصيل والتحليل. وكعادته في نهاية كل فصل، يقدم خلاصات مركزة لكل ما استعرضه.
الفصل الرابع: التبرير المتشدد للقتل الجماعيويبدأ المؤلف هذا الفصل بالإجابة العميقة عن سؤال: أي أيديولوجيات ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن الإبادات والقتل الجماعي؟ ثم يتناول بالتحليل المستفيض سلطة السرديات التبريرية، وفي نهاية الفصل يقدم خلاصاته المركزة كما اعتاد في كل الفصول.
وفي بدايته يقدم لمحة عامة عن القمع الستاليني، ليناقش بعدها بالشرح صعود الحالة الستالينية، ثم يتناول الستالينية والقتل الجماعي بوصفه سياسة قمعية.
الفصل السادس: قصف الحلفاء للمدنيين في الحرب العالمية الثانيةوبعد أن يقدم المؤلف لمحة عامة عن الحدث، ينتقل ليجيب عن جذور عقائد القصف الجوي عند الحلفاء، ثم يتحدث بالتحليل عن الأيديولوجيا وقصف مناطق المدنيين في الحرب العالمية الثانية.
الفصل السابع: القتل الجماعي في الحرب الأهلية في غواتيمالاوبعد اللمحة العامة عن الحدث، يتحدث المؤلف عن تطور الأيديولوجيا العسكرية، ثم يستفيض في التحليل عن الأيديولوجيا والقتل الجماعي لمكافحة المتمردين.
الفصل الثامن: الإبادة الجماعية في روانداوبعد اللمحة العامة، يقدم المؤلف شرحا وافيا عن تطور القومية الإثنية المتشددة للهوتو، ليناقش بعد هذا الشرح الأيديولوجيا في الإبادة الجماعية.
الفصل التاسع والأخير: الخاتمةالتي يستعرض فيها المؤلف خلاصاته حول دور الأيديولوجيا في القتل الجماعي، طارحا رؤيته في التقدم نحو الأمام، ومنهجيته في التنبؤ والرقابة.
إعلانفإذا كنت مهتما بفهم كيف تؤثر الأيديولوجيات على قرارات الدول والمجموعات المتطرفة، فإن كتاب "الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة"، الواقع في 560 صفحة، يعد مرجعا مهما يغوص في أعماق هذه التساؤلات، ويشرح العلاقة بين الأيديولوجيا والقتل الجماعي، ولا غنى لباحث في هذا الموضوع عنه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان السیاسات الأمنیة الإبادة الجماعیة الأیدیولوجیا فی القتل الجماعی فی کتابه
إقرأ أيضاً:
حماس تنتقد: التصريحات الأميركية تساوي بين الجلاد والضحية
الجديد برس|
أكدت حركة حماس أن المقاومة الفلسطينية تمارس حقها المشروع في الدفاع عن شعبها وأرضها ومقدساتها في وجه الاحتلال والعدوان، وأن محاولة قلب الحقائق لن تنجح في تبرئة الاحتلال من جرائمه، ولن تمنح واشنطن غطاءً أخلاقيًا لسياساتها المنحازة.
جاء ذلك في بيان اليوم الجمعة، تعقيبًا على التصريحات المنحازة لمستشار الأمن القومي الأمريكي التي تساوي بين الجلاد والضحية، وتتبنى رواية الاحتلال بالكامل.
وشددت حماس على أن الحديث عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” هو تزوير فج للواقع، فالمحتل لا يملك حق الدفاع عن احتلاله، بل هو المعتدي أصلًا.
وقالت: العدوان الصهيوني المستمر على شعبنا منذ عقود، وجرائم الإبادة في غزة، هي التي تستدعي الإدانة والمحاسبة، لا التبرير والدعم.
وأشارت إلى أن الزعم بأن “حماس اختارت الحرب بدل إطلاق سراح الرهائن” هو قلب للحقائق، فالمقاومة الفلسطينية قدمت مبادرات واضحة لوقف إطلاق النار وتنفيذ صفقة تبادل شاملة، لكن الاحتلال، بقيادة نتنياهو، هو من رفضها، وتعمد إفشالها لتحقيق مصالحه السياسية، باعتراف قادة أجهزته الأمنية أنفسهم.
وشددت على أن الحديث عن إمكانية تمديد وقف إطلاق النار لو أطلقت المقاومة جميع الأسرى، تجاهل متعمد لحقيقة أن الاحتلال لم يكن جادًا في تنفيذ بنود التهدئة، ولم يلتزم بأي من شروطها، بل استمر في القتل والتجويع والحصار، وهو ما أفشل التفاهمات ونسف فرص التمديد.
وقالت: التصريحات الأمريكية تكشف مجددًا الشراكة الكاملة في العدوان على شعبنا، والتواطؤ مع الاحتلال في ارتكاب جرائم الإبادة والتجويع والحصار بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بينهم آلاف الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء.
وختمت بالتأكيد أن محاولات قلب الحقائق لن تنجح، والتاريخ سيسجل من وقف مع الحق ومن تواطأ مع القتل.