تفاصيل محاكمة آلاف بتهمة التعاون مع الدعم السريع
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
الخرطوم- بعد نحو عامين من اندلاع الحرب في السودان، بدأ القضاء في محاكمة آلاف المتعاونين مع قوات الدعم السريع، وحدد موعدا لمحاكمة قائد القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ومجموعة من قياداته. كما تعتزم النيابة العامة إحالة ملف 16 من القيادات السياسية على القضاء لمحاكمتهم غيابيا، في خطوة عدها محامون سياسية.
وفي أغسطس/آب 2023، أصدر رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان قرارا بتشكيل لجنة للتحقيق حول الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الدعم السريع.
وحدد القرار مهام اللجنة في "اتخاذ كافة الإجراءات القانونية في مواجهة قيادات وأفراد الدعم السريع داخليا وخارجيا، وكل من يثبت تورطه بالاشتراك أو التحريض أو المعاونة".
محاكماتوقالت مصادر قانونية في النيابة العامة للجزيرة نت إن اللجنة دونت أكثر من 15 ألف اتهام في مواجهة متعاونين مع قوات الدعم السريع، أو متخابرين ومشاركين معها، إضافة إلى اتهامات أخرى تحت طائلة القانون الجنائي شملت الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة العرقية ضد قيادات في القوات بشأن الجرائم التي وقعت بولاية غرب دارفور.
وبدأت محكمة جنايات ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، أمس الخميس، إجراءات لمحاكمة 950 متهما بالتعاون مع قوات الدعم السريع.
إعلانوأكد وكيل ثاني النيابة باللجنة الوطنية لانتهاكات الدعم السريع، سهيل الطاهر، أن كل من تثبت إدانته في أثناء التحري سيقدم للمحاكمة. وطمأن المتهمين بأن أي واحد منهم لم تثبت إدانته سيتم إطلاق سراحه بكفالة حسب البينات المتوفرة في محاضر التحري.
وكانت تقارير حقوقية تحدثت عن اعتقال السلطات أكثر من ألفي شخص، بينهم نساء وأطفال، في سجن ود مدني بتهم التعاون مع قوات الدعم السريع.
وقضت المحاكم في ولايات كسلا والبحر الأحمر والقضارف ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض، خلال المراحل السابقة، بإعدام والسجن لفترات مختلفة على مئات المتهمين بالاشتراك والتعاون والتخابر مع قوات الدعم السريع.
وأعلن النائب العام، رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في "جرائم الحرب" في السودان، الفاتح طيفور، الأسبوع الماضي، أن النيابة ستحيل ملف الاتهام الموجه لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك و15 آخرين إلى المحاكمة قريبا لمحاكمتهم غيابيا بعد انقضاء الفترة المحددة لتسليم أنفسهم إلى الشرطة.
الفريق أول ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة السوداني يوجه النائب العام ووزارة العدل بالإسراع في فتح بلاغات في حق من أسماهم العملاء والخونة وكل من اتهم الشعب السوداني أو مؤسسته العسكرية أو الشرطة السودانية أو جهاز المخابرات أو هيئة العمليات. pic.twitter.com/nenl0OoNIb
— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) March 29, 2024
اتهامات جنائيةوكانت النيابة العامة أصدرت في أبريل/نيسان 2024 أوامر بالقبض على حمدوك و15 من قادة تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" لتوقيعهم إعلانا سياسيا مشتركا مع "حميدتي"، وتصل عقوبات تلك الاتهامات إلى الإعدام.
وضمّت قائمة المتهمين رئيس الحركة الشعبية -التيار الثوري ياسر عرمان، وعضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي، ووزير مجلس الوزراء السابق خالد عمر، ورئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، والأمين العام للحزب الواثق البرير، ورئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل وآخرين.
إعلانودافع النائب العام عن محاكمة القيادات السياسية موضحا أن تلك "الاتهامات جنائية وليست سياسية، تتعلق بالتحريض على التمرد والاستيلاء على السلطة بالقوة وتقويض النظام الدستوري وطالت كل من تعاون مع قوات الدعم السريع، وصار شريكا".
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي سامي عبد الملك أن ثمة ضرورة لتصنيف المحتجزين بتهمة التخابر أو التعاون مع الدعم السريع وفقا لأدوارهم، "فباستثناء المنتظمين في القتال بشكل مباشر، هناك متهمون بالمساهمة في التعبئة والتجنيد أو الدعم المعنوي أو السياسي وهناك متهمون بالتواطؤ مع العدو".
وفي حديث للجزيرة نت، دعا عبد الملك إلى التمييز بين مرتكبي الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين، وأولئك الذين أُجبروا على التعاون أو اضطروا إلى التعايش تحت الترهيب في مناطق سيطرة الدعم السريع.
ولم تعد قضية المتعاونين مع قوات الدعم السريع قضية أمنية، بل لها أبعاد متعددة تتطلب حل تشابكاتها معالجات قانونية واجتماعية، حتى لا تقود إلى تعميق الانقسامات في المجتمع السوداني، حيث بات قطاع واسع منه محتقنا بالغبن تجاه مجموعات سكانية بعينها متهمة بالتعاون في عمليات السلب والنهب وانتهاك الأعراض، مما يدفعهم إلى الانتقام، وفقا للناشط الحقوقي.
محاكمة سياسيةويوم 13 مارس/آذار الجاري، أصدر قاضي محكمة الإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة أمرا بمثول 16 من قيادات الدعم السريع ومسانديه أمام المحكمة بمدينة بورتسودان يوم 20 أبريل/نيسان المقبل، في قضية مقتل حاكم ولاية غرب دارفور خميس أبكر.
وشملت قائمة المتهمين، إلى جانب "حميدتي"، نائبه في قيادة القوات عبد الرحيم دقلو وقائد القوات بولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة، ورئيس الإدارة المدنية للقوات بغرب دارفور تجاني كرشوم وآخرين.
وقُتل خميس أبكر يوم 14 يونيو/حزيران 2023، بعد وقت وجيز من اعتقاله بواسطة قوات الدعم السريع التي نشرت مقطع فيديو يظهر فيه الوالي القتيل، بصحبة عناصر من القوات، في حين جرى تداول واسع لمشاهد التمثيل بجثته.
إعلانمن جهته، يقول المحامي عبد الله السنوسي إن المحاكمات التي نظرت فيها المحاكم خلال الشهور الماضية طالت من ثبت تورطهم في التعاون مع قوات الدعم السريع، وهم "قلة مقارنة مع الأعداد الكبيرة للمتعاونين معها وللذين أرشدوها على منازل ضباط في الجيش والشرطة، أو على ممتلكات المواطنين، بينما قدم بعضهم معلومات استخباراتية تضر بأمن البلاد".
وحسب حديث المحامي للجزيرة نت، فإن المحاكم تصدر قرارها بناء على ما يتوفر لها من أدلة وبينات وليس لديها صبغة سياسية، كما أن المحاكمات لا تستهدف أحدا على أساس عرقي، وتستند إلى القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب التي تشمل نصوصا واضحة لا تقبل التأويل.
غير أن عضو المكتب التنفيذي لهيئة "محامو الطوارئ" رحاب مبارك ترى أن المحاكمات الجارية للمتهمين بالتعاون مع قوات الدعم السريع سياسية، لكن النيابة بحثت لها عن صبغة جنائية تتناسب مع التكييف القانوني.
وتقول رحاب للجزيرة نت إن التهم في القانون الجنائي المرتبطة بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة يقصد بها العسكريون "غير أن غالبية المحاكمات لمدنيين، كما أن المحاكمات لا تتوفر فيها معايير العدالة، وجرت محاكمة أكثر من 250 مدنيا بالإعدام والسجن المؤبد، وآخرين بالسجن 10 سنوات"، وأشارت إلى وجود "اختلال في النظام العدلي منذ قبل الحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان التعاون مع قوات الدعم السریع للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تقول إنها سيطرت على مخيم للنازحين في دارفور
الخرطوم - قالت قوات الدعم السريع الأحد 13 ابريل 2025، إنها سيطرت على مخيم للنازحين في إقليم دارفور في غرب السودان بعد يومين من قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار، وفق ما أفاد مصدر داخل القوات وكالة فرانس برس.
وأوضح المصدر لوكالة فرانس برس شرط عدم ذكر هويته لأسباب أمنية "قواتنا بسطت سيطرتها على قاعدة زمزم وتم تأمين المنطقة". ويعد هذا المخيم الأكبر في دارفور وهو يقع قرب الفاشر عاصمة شمال دارفور التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أيار/مايو الماضي.
وعانى مخيم زمزم الذي يؤوي أكثر من 500 ألف لاجئ بحسب الأمم المتحدة، إلى جانب مخيَمي أبو شوك والسلام القريبين، بشكل كبير خلال الحرب المستمرة منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومنذ الجمعة، شنّت قوات الدعم السريع هجمات برية وجوية على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة ومخيمَي زمزم وأبو شوك.
والأحد، قالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان إنه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم كدادة "أقدمت على تصفية... 56 من سكان المدينة على أساس عرقي".
وأعلنت قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش، الخميس استعادة السيطرة على بلدة تقع على مسافة حوالى 180 كيلومترا جنوب غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان.
وقال حاكم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش، الأحد إنه منذ الجمعة "قتل 450 شخصا في الفاشر والمناطق المحيطة بها" على يد قوات الدعم السريع.
ودعا البابا فرنسيس الأحد في ختام صلاة التبشير الملائكي في روما والتي بثها الفاتيكان، إلى إحلال السلام في العالم مشيرا خصوصا إلى السودان.
وقال إن "15 نيسان/أبريل يصادف الذكرى الثانية الحزينة لاندلاع الحرب في السودان والتي خلفت آلاف القتلى وأجبرت ملايين العائلات على الفرار من ديارها".
اندلعت الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ونشرت تنسيقية الفاشر الأحد قائمة بأسماء القتلى بينهم مدير مستشفى البلدة.
كذلك، اتهم الناشطون قوات الأمن بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق" و"تهجير قسري"، مشيرين إلى فقدان 14 شخصا.
وأضافوا أن كل شبكات الاتصالات أوقفت.
- معركة الفاشر -
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وصارت ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة مقسّمة عمليا، إذ يسيطر الجيش على مساحات واسعة في شرق البلاد وشمالها بينما تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من دارفور غربا وأجزاء من جنوب السودان.
وبعد استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم الشهر الماضي، كثفت قوات الدعم السريع من هجماتها باتجاه مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ أيار/مايو 2024.
ولا تزال هذه المدينة التي تعد نحو مليوني نسمة تحت سيطرة الجيش.
السبت، أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص في السودان بعد هجمات شنتها الجمعة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.
وأفادت التقارير الأولية الصادرة عن التنسيقية الجمعة بمقتل 25 شخصا في زمزم و32 في الفاشر، فيما أفاد الجيش بمقتل 74 و17 شخصا على التوالي.
وقال ناشطون الجمعة إنه من الصعب تقييم حجم الأضرار التي لحقت بزمزم بسبب صعوبات في الاتصالات والإنترنت.
وقال آدم رجال، المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور، لوكالة فرانس برس، "تعرضت مخيمات النازحين هذه (الأحد) لقصف وهجوم من قبل آليات قتالية تابعة لقوات الدعم السريع".
كذلك، أكد استئناف المعارك داخل مدينة الفاشر.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وفي كانون الثاني/يناير 2025، اتهمت واشنطن رسميا حكومة السودان بـ"ارتكاب إبادة جماعية" في إقليم دارفور، المنطقة الصحراوية الواقعة عند الحدود مع تشاد والتي توازي مساحة فرنسا.