السنة الماضية، صدر حكم بسجن المدرس السعودي أسعد الغامدي 20 عاما على خلفية انتقاده حكومة بلاده على الانترنت، ضمن موجة أحكام مشددة أثارت تنديدا دوليا واسعا ضد المملكة الخليجية.

لكنّ الشهر الماضي، أفرج عن الغامدي، وهو أب لستة أبناء، بشكل مفاجئ ضمن عدد كبير من المعتقلين السياسيين الذين غادروا السجون في شكل شبه أسبوعي، فيما تحاول الرياض تحسين صورتها أمام العالم.



أحصت وكالة "فرانس برس" إخلاء سبيل أكثر من 30 معتقلا سياسيا، معظمهم سجناء رأي، منذ كانون الأول/ ديسمبر الفائت، سجنوا نتيجة لما سماه ولي العهد السعودي النافذ لأمير محمد بن سلمان "قوانين سيئة".



وقال مصدر مقرب من الحكومة السعودية لـ"فرانس برس": "هناك بعض القضايا التي حصل بها جور شديد".

وتابع: "بعض القضاة يظن أنه يرضي الحكومة حين يصدر حكما بـ 30 عاما لتغريدة. ولي العهد لم يطلب ذلك ولا يرضيه ذلك".

وشهدت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية صدور أحكام بالسجن لسنوات طويلة من المحكمة الجزائية المتخصصة التي تنظر في قضايا الإرهاب ضد مواطنين عاديين لا يتابعهم سوى قلة.

وفيما هناك بوادر واضحة للتغيير، لا يزال بعض المعارضين خلف القضبان.

وقال محللون إن الإفراجات الأخيرة من المرجح أن تكون جزءا من محاولة السلطات السعودية لتحسين صورة المملكة في الخارج، وليس جزءا من أي إصلاح منهجي.

وضمن من شملتهم حملة القمع، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز البريطانية والأم لطفلين سلمى الشهاب التي سبق أن حُكم عليها بالسجن 34 عاما في 2022 قبل أن تُخفّف إلى 4 سنوات في 2024.

أُفرج عن الشهاب التي كانت تهمتها أنها غردت وأعادت التغريد دعما للنساء لمتابعيها البالغ عددهم 2600 متابع، الشهر الماضي بعدما قضت مدة حكمها المخفضة.

كما صدر حكم بسجن المواطنة نورة القحطاني (45 عاما) وهي أم لخمسة أبناء، بعدما دينت بتهمة "الطعن" في عدالة الملك وولي عهده على الانترنت. وجاء الحكم القاسي بعد حكم مبدأي بسجنها 6 سنوات ونصف سنة.

"مراجعة" ملفات المعتقلين
منذ تولي الأمير محمد ولاية العهد في 2017، تحاول السعودية تعديل صورتها من خلال تبني إصلاحات اجتماعية، تتضمن السماح للنساء بقيادة السيارات وإعادة فتح دور السينما، كما نالت حق تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2034 ومعرض "إكسبو 2030".

لكنّ هذه الأحكام القاسية كانت دوما تلطخ الإصلاحات الاجتماعية وسجلها الحقوقي.

وبدأت السعودية "مراجعة" هذا الملف الحساس بعد صدور حكم بإعدام المدرس المتقاعد محمد الغامدي، شقيق أسعد، على خلفية انتقاده الحكومة على الانترنت في 2023.

وأعرب ولي العهد السعوديّ النافذ في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية في أيلول/ سبتمبر 2023 عن "عدم سعادته وخجله" من صدور حكم بالإعدام في القضية.

وقال المصدر المقرب من الحكومة إنّ "الأمير محمد شكل منذ عامين لجنة من وزراء ومسؤولين لمراجعة كافة ملفات المعتقلين السياسيين".

وفي آب/ أغسطس الماضي، ألغيت عقوبة السجن بحق الغامدي، قبل أنّ يحكم بالسجن 30 عاما في الشهر التالي.

على رأس المطلق سراحهم، الحقوقي محمد القحطاني الذي أُفرج عنه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعد أكثر من سنتين من انتهاء محكوميته لعشر سنوات نهاية 2022.

كما أُفرج عن الأكاديمي مالك الأحمد والداعية محمد الهبدان اللذين اعتقلا ضمن حملة اعتقالات كبيرة في أيلول/ سبتمبر 2017، وكذلك المؤثر منصور الرقيبة الذي صدر حكم بسجنه 27 عاما.

وأوضح المصدر الحكومي: "ما يحدث الآن هو نتاج عمل هذه اللجنة التي لا تزال مستمرة في عملها لضمان تحقيق العدالة".

"إصلاح شامل"
تلقت سمعة السعودية ضربة قوية عالميا بعد مقتل وتقطيع جثمان الصحفي السعودي الناقد جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2018. اتهم تحقيق للأمم المتحدة السعودية بتنظيم عملية القتل، بينما أفادت وكالة الاستخبارات الأمريكية بأن الأمير محمد "أجاز" على العملية.

نفت الرياض هذا الاتهام، وألقت بالمسؤولية على عناصر "مارقة".

وفي حين تعهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن جعل ولي العهد "منبوذا" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان زار المملكة في 2022، والآن تتمتع السعودية بعلاقات جيدة مع الرئيس دونالد ترامب.

وأبدى عمر كريم، الخبير في السياسة الخارجية السعودية في جامعة برمنغهام البريطانية، اعتقاده أنّ إخلاءات السبيل الجارية "ليست نتيجة لأي ضغوط أجنبية حيث لا يمكن أن تكون البيئة الخارجية حاليا أكثر مثالية بالنسبة للمملكة".

وأفاد: "ومع دخول حكم الملك سلمان عامه الحادي عشر الآن ووصول ولي العهد إلى عامه الثامن، تظل سلطتهما راسخة وبالتالي يمكن أن نزعم أن الظروف الحالية مواتية لإرسال لفتة إيجابية للمعارضين السعوديين".

وتابع: "مع بروز المملكة كلاعب حاسم في السياسة العالمية... فإن تحسين سمعتها في مجال حقوق الإنسان يبدو استراتيجية مهمة".

وبعد تطبيع علاقتها مع غريمتها إيران والتوسط في تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، عززت المملكة مكانتها الدولية باستضافة محادثات أمريكية أوكرانية.

وقال كريم إن الإفراجات "ستعزّز حسن النية بخصوص القيادة السعودية".

لكن أسماء كبيرة مثل الداعيين سلمان العودة وعوض القرني سبق أن طالبت النيابة السعودية بإعدامهم بتهم "إثارة الفتن"، ما زالوا مسجونين منذ حملة 2017.

ورحب عبدالله العودة، نجل الداعية سلمان ورئيس مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط ومقره واشنطن، بالإفراجات، معربا عن أمله في أنّ "يُحل موضوع الاعتقال التعسفي واعتقالات أصحاب الرأي والضمير للأبد".



بالتوازي مع إطلاق سراح المعتقلين، وجهت الدولة على لسان رئيس جهاز أمن الدولة عبد العزيز الهويريني دعوة للمعارضين بالخارج للعودة "دون عقاب".

وقال الهويريني خلال مقابلة تلفزيونية مطلع الشهر "أما اللذين بالخارج، فالدعوة لهم مفتوحة... من يقرر العودة... فهؤلاء مرحّب بهم ولن يطولهم أي عقاب".

لكنّ سعيد الغامدي، الداعية الإسلامي المعارض وشقيق أسعد ومحمد والذي يتخذ من لندن منفى اختياريا قال إنّ الأمر "يتطلب إصلاحا شاملا" قبل التحدث عن عودة المعارضين.

ويقوم الحكم في السعودية على نظام ملكي في غياب برلمان مُنتخب ولا يُسمح بأي معارضة سياسية. ويعين القضاة بموجب أوامر ملكية.

وأفاد الغامدي: "إصلاح شامل... يعني مشاركة سياسية واستقلال القضاء وحريات عامة بلا استثناء، غير ذلك فأي خطوة ستظل شكلية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية السعودية السعودية اصلاحات ابن سلمان المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولی العهد

إقرأ أيضاً:

الأردن..الزائر الأبيض يصل المملكة للمرة الأولى في رمضان منذ 27 عاماً(فيديوهات)

شهدت مناطق متفرقة في وسط المملكة وشمالها وجنوبها تساقطات ثلجية، بعد أن تأثرت المملكة بمنخفض جوي صنف بأنه من الدرجة الثانية.

وذكر مركز طقس العرب أن  المملكة تأثرت بمنخفض جوي مُصنف بأنه من الدرجة الثانية (شتوي) ومُترافق مع كتلة هوائية شديدة البرودة في طبقات الجو كافة. 

وبين المركز، أنه ونتيجة للبرودة الشديدة في طبقات الجو خاصة المنخفضة، شهدت قمم المرتفعات الجبلية الشمالية خاصة قمم محافظتي جرش وعجلون، ونخص بالذكر منطقتي رأس منيف، تساقطات ثلجية. كانت الثلوج متراكمة خلال ساعات ليل الخميس/الجمعة وفجر وصباح الجمعة.

ولفت المركز إلى أن هذه التساقطات الثلجية هي الأولى من نوعها في رمضان منذ حوالي 27 عاماً، كما أنها تصادفت مع أول أيام الاعتدال الربيعي.

 


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند الأردن..الزائر الأبيض يصل المملكة للمرة الأولى في رمضان منذ 27 عاماً(فيديوهات) عبارات جميلة عن الأم البعيدة شعر عن الأم 2025 3 أفكار للعشرة الأواخر من رمضان من الشيخ ماهر المعيقلي سموذي السنيكرز مناسب للسحور Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • التويجري : ولي العهد طرح سؤالاً غير منطومة الصناعة السعودية .. فيديو
  • الرئيس السيسي: نجدد العهد على تحسين أوضاع مجتمعنا ومواجهة كافة التحديات
  • الأردن..الزائر الأبيض يصل المملكة للمرة الأولى في رمضان منذ 27 عاماً(فيديوهات)
  • طالبان تطلق سراح أمريكي بعد وساطة قطرية
  • خطوة إصلاحية مهمَّة حذارِ من إجهاضها
  • بعد احتجازه لعامين.. طالبان تطلق سراح الأمريكي جورج جليزمان
  • تظاهرات في سنجار للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين من وحدات مقاومة سنجار
  • إيران تطلق سراح الفرنسي أوليفييه غروندو المحتجز منذ 2022
  • محتجز منذ 2022... إيران تطلق سراح المواطن الفرنسي أوليفييه جروندو