بعد معركة القصر والنصر الذي تم فيها يجب عدم الالتفات إلى الصغائر وعلي الجيش أن يواصل بمهنية عالية واحترافية تحرير بقية العاصمة وبالتالي تحرير بقية البلاد ولا حاجة له لكتائب مؤدجلة ولا حركات مسلحة فكل هؤلاء الحرب لهم تعني الغنائم فقط وفوائد ما بعد خدمتها !
اعجبني حديث في الصميم أدلي به رئيس دائرة الأمن والسلم في الاتحاد الافريقي لقناة الجزيرة مباشر في معرض إجابته علي سؤال طرحه عليه المذيع المتألق احمد طه وجاء السؤال كالآتي :
( ما رايك في أن الحكومة السودانية تلاحق بعض المعارضين لها وتطلب من الانتربول القبض عليهم وإرسالهم الي الخرطوم ليحاكموا بتهم حددتها في الطلب وهي تهم جسيمة عقوبتها الإعدام أو علي الاقل السجن المؤبد ) ؟!
اجاب الرجل الرزين المحنك بكل صدق ومن غير مجاملة لأي طرف قائلا :
( أن ظروف السودان الحالية وهو يشهد اكبر كارثة إنسانية عرفها العالم تحتم علي أبنائه جميعا أن يكونوا يدا واحدة ليعبروا هذا الظرف الاستثنائي بسلام ولاداعي البتة وليس من الحكمة فتح جبهات بين بعضهم البعض تخرج منها الاتهامات والمشاحنات والكيد وعندما تتوقف هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية هنالك متسع من الوقت وفي أجواء صافية يمكن أن ينال كل مقصر جزاء تقصيره بعد أن تتاح له كل الفرص للدفاع عن نفسه حتي لا يؤخذ بريء بذنب مجرم وحتي لا يفلت مذنب عن العقاب ) !!.
واليوم حتي لا تتكرر الأخطاء التي مكنت للدعم السريع أن بشب عن الطوق ويناطح جيش الوطن بعد أن أصبح موازيا له وسمعنا أنه في التسليح صارت له إمكانيات دولة ( طبعا كلنا نعرف منو الكان السبب في جعل الدعم السريع وقائده بكل هذه القوة المهولة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ) !!
وعلي حسب حكمة المسؤول عن دائرة الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقي يجب أرجاء الخوض في الاتهامات والاتهامات المضادة ليتفرغ أهل السودان عموما لوقف هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية وبعدين إن شاء الله سبحانه وتعالى بعد أن تخمد اصوات المدافع ويعود اللاجئون والنازحون الي ديارهم وتعود البلاد في أمن وامان من جديد يكون لكل حادث حديث !!..
نكرر القول ونعيد لقد حان الوقت أكثر من ذي قبل بأن يتحمل الجيش مسؤوليته كاملة في حراسة الوطن والحدود وان ينسي الي الابد اللعب في ميدان السياسة وهذا الميدان ليس مجاله ولا محل اختصاصه ويكفيه شرفا أن يكون قوميا مهنيا ينظر إليه الجميع باحترام وهو يؤدي واجبه المقدس دون التحيز لأي جهة كانت .
نريد شعار جيش واحد شعب واحد أن يتجسد حقيقة راسخة بمعني أن الجيش هوالجهة الوحيدة التي تحتكر حمل السلاح ولا يعطي هذا السلاح لكل من هب ودب ... والخطورة أن السلاح عندما يقع في أيدي غير مسؤولة وغير مدربة عليه التدريب الكامل وهي غير ملمة بقوانين حمله يمكن أن يتحول هذا السلاح الي فوضي يروح ضحيتها العشرات من الأبرياء .
ثم إن أي كتائب مؤدلجة يسمح لها بخوض المعارك علي زعم أنها سند للجيش من يضمن أنهم يدخلون بتكتيكات في ظاهرها حب الوطن ولكن في باطنها خدمة اهداف الجهات التي ينتمون إليها وغالبا تكون هذه الجهات متطرفة الغاية عندهم تبرر الوسيلة .
أما الحركات المسلحة فإنها تحت قيادة من يسمون بلوردات الحرب فهؤلاء الحرب بالنسبة له سوق يمكن أن يجنوا منه المليارات وعند نهاية الحرب ينتظرون مكافاتهم بالاستوزار والشركات والمساكن الفخمة وكل ما في نعيم هذه الدنيا الفانية !!..
نرجو أن يواصل جيشنا الوطني مهمة تنظيف البلاد من المليشيا التي كلفته أكثر من سنتين مقاومة وشراسة علما بأن هذه المليشيا من صنع يده وقد خرجت من رحمه وشر البلية مايضحك !!..
حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الراية فلسطينية والنصر للكوفية
هند بنت سعيد الحمدانية
ترفع الرايات في المعارك منذ الأزل، وتُفدى بالأرواح والأبدان، ويُلاذُ بها ويلتف حولها الجنود والجيوش؛ فهي رمز النصر القادم والحافز الأعظم الذي يُحرك ويُلهب مشاعر الجيوش نحو الصمود والكفاح والسعي للكرامة والنصر.
فها هي معركة مؤتة أعظم معارك المُسلمين تُخلِّد لوحة مهيبة في المقاومة والنضال؛ حيث يُواجه ثلاثة آلاف من المسلمين جيشًا كبيرًا من الروم وأنصارهم من العرب قوامه 200 ألف مقاتل، في مشهد جلل خلده التاريخ يأخذ راية المسلمين زيد بن حارثة ويذود عنها حتى يُقتل طعنًا بالرماح، ثم يمسك بالراية جعفر بن أبي طالب، فتقطع يمينه فيمسكها بشماله فتقطع، ثم يحتضنها بعضديه حتى يقتل في سبيل الله، فيأخذ راية المسلمين عبدالله بن رواحة ويتقدم بها وهو يقول: "أقسمت يا نفس لتنزلنه.. لتنزلن أو لتكرهنه.. إن أجلب الناس وشدوا الرنة.. مالي أراك تكرهين الجنة.. قد طال ما قد كنت مطمئنة.. هل أنت إلا نطفة في شنة".
عرف الجاحظ الرايات في كتاب "البيان والتبيين" فقال: "هي خُرَقٌ سود وحمر وصفر وبيض" ويُفهم من الجاحظ أنَّ الرايات في الأصل ما هي إلا قطعٌ من القماش ذات مقاساتٍ وألوانٍ مختلفة، لكنها تختص برمزيتها العميقة التي تلامس الإنسان وجذوره المُمتدة في الأرض.
ولا شيء يستحق الذكر عندما نذكر الإنسان والأرض سوى الإنسان الفلسطيني وجذوره الممتدة في كل شبر من أرض فلسطين، ورايته التي أصبحت ترفرف في سماء كل بلدان العالم بعد صحوة الوعي العالمي التي سجلها طوفان الأقصى المبارك والتي ما زالت تجوب كل شعوب العالم الحر من مشارق الأرض ومغاربها، رافعة العلم الفلسطيني ومكتسية الكوفية الفلسطينية، منددة الظلم والطغيان والإبادة هاتفةً باسم الحرية لفلسطين والحرية لغزة؛ فمئات الآلاف من أحرار العالم مستمرين في التظاهر ومتشبثين براية فلسطين وكوفيتها رغم كل التهديدات التي تطالهم والاعتقالات الجائرة في ساحات المدن والشوارع وداخل الجامعات، ومع ذلك فما زالت الكوفية تتربع صدور أشهر الفنانين العالميين، وما زال العلم الفلسطيني يرفرف فوق أبراج وبنايات مُعظم بلدان العالم، وما زالت جماهير كرة القدم تشكل الراية الفلسطينية في المجمعات الرياضية وتهتف بالحرية لغزة الأبية، العلم الفلسطيني لن يسقط والكوفية أصبحت أيقونة عالمية للصمود والحق والحرية.
ولعلَّ الحادثة المؤلمة والتي حدثت ضمن الإضراب العالمي للتضامن مع غزة، وأودت بحياة الشاب الشجاع التونسي فارس خالد أثناء محاولته رفع علم فلسطين فوق أعلى نقطة في إحدى البنايات مما أدى إلى سقوطه ووفاته، فيظهر والده مُحتسبًا وفخورًا مُخاطبًا المقاومة الفلسطينية في غزة بقوله: "ها قد أتاكم أخوكم"، ثم تُصِر والدته أن تشيع جنازته مكتسيةً بالعلم الفلسطيني.
ترفرف الراية الفلسطينية في سماء الحرية وتتوشح الأكتاف والصدور الكوفية الفلسطينية، والنصر وعدٌ من الله وفي الكتاب مذكور، لكن يبقى السؤال: ما دوري أنا العربي المسلم في هذه المعركة الدامية؟! معركة غزة ضد كل قوى الظلم والطغيان، العدو فيها بات معروفًا وواضحًا ووقحًا من الصهاينة واليهود والغرب والعرب. وهناك في الجانب الآخر في القطاع الضيق المُحاصر وحيدة غزة في معركتها الأخيرة وجيشها العزيز الراسخ الذي بات معروفًا وواضحًا أيضًا أمام كل أنظار العالم بجنوده المستضعفين من الأجنة والأطفال والنساء والرجال والبنات والبنين، وبقيت الراية الفلسطينية الفرض الذي حُق على جميع الأحرار حمله ورفعه، دوري ودورك أن نرفع الراية في كل محفل وغاية ونكتسي الكوفية الفلسطينية شرفًا وتحديًا وموقفًا؛ فالشاعر يرفع الراية في كل قصيدة وعند مطلع كل بيت، والرسَّام يرسم الراية في لوحة من الفن والنضال، والمُعلِّم يرفع الراية بين مقاعد الدراسة وفي أذهان طلابه، والكاتب يرفع الراية بين أسطر مقالاته، والأم والفنان والمطرب والملحن والسياسي جميعهم يرفعون الراية إلى أن تتحقق الآية: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40).
رابط مختصر