من (وعي) المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة للسيد القائد 1446هـ
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
أكد السيد القائد – عليه السلام – في محاضرته الرمضانية الخامسة عشرة للعام الهجري 1446 هـ، أن الهداية في صدارة النعم ومصدر الهداية هو الله سبحانه وتعالى وهي جزء من تدبيره في الحياة، وان هناك هداية فطرية التي فيها التعقل والتمييز وهداية إرشادية تأتي من ضمن امتداد الرسل والأنبياء عبر كتب الله ووحيه لرسله وأنبيائه، والهداية الإرشادية امتداد للهداية الفطرية، فالتعليمات والتوجيهات الإرشادية لها جذور في فطرة الإنسان، وهناك ترابط وتطابق وتكامل تام في كل أنواع الهداية ،فمن فطرة الإنسان ان يتوجه للعبادة لله، ومن فطرة الإنسان الانضباط للتشريعات، والفطرة الإرشادية تنظم الحياة للإنسان، وإذا قام الإنسان باختراع بدائل عن الهداية الإرشادية فإنه يخطئ وينتج بديلا مغلوطا يترتب عليه ضلال كبير في واقعه، وتصورات الإنسان من نفسه من دون هداية هي تصورات خاطئة.
إن التصورات الخرافية التي يقوم بها الإنسان تأتي بسبب البعد عن الهداية الإرشادية لأنها بعيدة عن السنن التي رسمها الله، والإنسان ليس سوى مفرده وجزء واحد من ضمن مخلوقات الله في مملكة الله الواسعة التي فيها تدبير الله، والهداية الإرشادية هي حق لله في التدبير في ملكوت الله، والله هو ربنا وهو المعني برعايتنا، والإنسان مستخلف في الأرض من الله، وبالتالي عليه ان يسير وفق أوامر ونواهي وتعليمات وإرشادات الله، والهداية مرتبطة بالله تعالى لأنه الخالق الذي يحيط بكل شيء علما، وهو الذي يعلم السر وما يخفى والغيب والشهادة، ويعلم أعماق النفس البشرية والمحيط بما في هذا العالم، ولذلك هو الوحيد سبحانه الذي يشرع للناس ويهديهم لما يعرفه ويعلمه هو، وفيما يتعلق بالأنبياء والهداة من عباد الله دورهم هو تبيلغ هداية الله وليس لهم الحق في اختراع تشريعات، ان الإنسان مفتقر الهداية ولا غنى له عن هداية الله..
إن الإنسان وبمجرد ان يبتعد عن هداية الله يسقط مباشرة في الضلال، فالإنسان قاصر وضعيف ومحدود في إدراكه ومعرفته، وثم ان هناك الشيطان الذي يضل الإنسان ويعمل الشيطان على تقديم تصورات خاطئة للإنسان حتى يضله ويفسده، ولنا في قصة نبينا آدم وأمنا حواء والشيطان حقائق واضحة، فقد قدم لهم فكرة مغلوطة عن الشجرة التي منعهما الله الأكل منها، وعندما تقبل آدم تصورات الشيطان اخرج من الجنة التي كان فيها، والإنسان بحاجة لهدى الله سبحانه وتعالى، والله قد زود الإنسان بكل هذه الهداية للإنسان منذ بداية الخلق حتى لا يضلوا، وهي من مظاهر عبودية الله وربوبيته والوهيته ورعايته لعباده، والهدى الصحيح هو هدى الله سبحانه وتعالى، ويترتب على اتباع مسيرة هدى الله وأتباع إرشاداته ونواهيه وأوامره زيادة هدى الله وتتنزل الهداية العظيمة المتجددة على الإنسان ليتعلم ويعرف كيف يتحرك على نحو صحيح، ونحن آخر الأمم وآخر الحقبة الأخيرة من الوجود البشري ولدينا أرقى قنوات الله في هداية الله وهو القرآن الكريم، وعلينا أن نهتدي على مستوى الالتزام به والسير على نهجه، واليوم الأمة الإسلامية في حالة يرثى لها بسبب تخليهم عن هدى الله والقرآن الكريم..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
عبد الله علي إبراهيم
(جريدة الخرطوم 11 ديسمبر 1988)
(لا يرى الحاملون على دولة 1956 سوى مفردة الحكومة فيها. وهي مفردة قصوى لا جدال. ولكن غفلتهم عن مفردات غراء لهذه الدولة لم يرمهم في غيظ ضرير على هذه الدولة فحسب، بل اعتزلوا أيضاً هذه المفردات الغراء التي تركوها لتستوحش تحت شرور نفس الحكومة. وهذه مقالة من أخريات حاولت فيه لفت نظر كتائب استئصال دولة 56 أن لهم، كما يقول المثل، حبان في بيت العدا. وبلغ من فساد هذا الغيظ المحض الضرير انتداب حميدتي دعمه السريع للقضاء المبرم على هذه الدولة. وقعد "فراجة" الليبرويساريون الذين جعلوا من القضاء المبرم على هذه الدولة ثقافة شاعت حتى انتهزها البطلق أماتكم كما في مثل ورد في كتاب لبابكر بدري).
لولا ملابسات الحجز بقطار كريمة يوم الجمعة الماضية لكنت قد شاركت في احتفال نقابة السكة حديد باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة السودانية لحقوق الإنسان.
وجدت في حضور احتفال عطبرة لحقوق الإنسان مزايا عديدة علاوة على أنه فرصة سانحة لزيارة أخرى لمدينتي الأولى. فقد أثلج صدري أن ترمي نقابة السكة الحديد بثقلها في حركة حقوق الإنسان بعد أن ظلت قاصرة على صفوة خيرة من المتعلمين منذ تأسيس حركتها في 1985. وقد شاب أداء هذه الصفوة خلل في التركيز حين رجحوا الضغط العالمي الجاهز لنصرة قضيتهم دون حفز الضغط الشعبي المحلي وإلهامه في سياقاته السياسية والاجتماعية الصعبة. ولذا بدا مفهوم حقوق الإنسان كطارئ وقع لنا من اهتمام العالم بنا لا كأصل قديم في مشروعنا الاجتماعي والنقابي والسياسي.
ساءني دائماً الاتهام المعمم الذي يطلقه بعض المتحدثين من المتعلمين بأن بيئتنا العربية المسلمة مسكونة بالاضطهاد العنصري وغير مواتية لحقوق الإنسان. وغالباً ما استدلوا على ذلك بأبيات من المتنبي عن كافور، أو ممارسات للزبير باشا، أو مبدأ الكفاءة في الزواج في عقد زواج شهير من الثمانينات. وهذا انتقاء عشوائي للاستدلال على عدم سماحتنا استدلالاً لن تسلم معه أي جماعة من الاتهام بالاضطهاد العنصري مهما بلغت من آيات السماحة والإنسانية.
لقد جادلت هؤلاء الإخوة طويلاً الفت انتباههم إلى أن إنسانيتنا العربية الإسلامية لم تتجمد في التاريخ لأنها فعل في التاريخ تتجدد به وتجدده.
وكنت أشير عليهم بدراسة مفهوم "النقابة" الذي هو من أفضال مدينة عطبرة السياسة على وطننا. فتعريف النقابة أنها تنظيم يضم عمال أو موظفي المؤسسة بغير اعتبار للعرق أو الدين أو القبيلة أو النوع. ومن فوق صفاء هذه المفهوم ونبله ازدهرت الحركة النقابية السودانية التي ظلت تحرس مجتمعنا وإنسانيتنا بعين ساهرة.
في وقت باكر أهدتنا عطبرة "النقابة": هذه الأداة التي اشتد عودها من تخطيها للحزازات العرقية والقبلية والدينية التي تمنع الممارسة الحرة للحقوق الإنسانية. وأتمنى أن يكون احتفال نقابة عمال السكة الحديد باليوم العالمي لتلك الحقوق مناسبة لتتصل النقابة بالإطار التنظيمي للحركة العالمية لحقوق الإنسان.
أما عن التزامنا بمبدأ حقوق الإنسان فالنقابة ذاتها شاهد كبير على بعد المدى الذي قطعناه في هذا السبيل.
ibrahima@missouri.edu