الثورة نت:
2025-03-22@21:28:31 GMT

القرار ليس في واشنطن… بل في صنعاء

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

 

 

بعد عملية “طوفان الأقصى” والهجوم المفاجئ الذي شنته المقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023، بات واضحاً للجميع أن الحرب لم تعد مجرد صراع بين طرفين؛ بل كانت بداية لمرحلة جديدة في المنطقة، مرحلة تراجع فيها النفوذ الغربي بشكل غير مسبوق. فالتطورات التي شهدتها الساحة العسكرية والسياسية في الأشهر التي تلت تلك العملية كانت تشير بوضوح إلى أن المعادلة الإقليمية كانت على وشك الانقلاب.

وفي الوقت الذي كان فيه كيان الاحتلال يتوقع أن يتمكن من حسم المعركة بسرعة كما جرت العادة، أظهرت التطورات على الأرض شيئاً مغايراً تماماً.

اليوم، ليس من المستغرب أن نقول إن القوى التي كانت تُعتبر في السابق “فاعلين غير أساسيين” قد أصبحت تصنع القرارات الحاسمة في المنطقة، وكان من أبرز هؤلاء اليمن.

لقد غيّر الدور البارز الذي لعبته حركة أنصار الله في هذا السياق كل الحسابات ولم تعد اليمن مجرد ساحة حرب أخرى تتعرض للدمار بسبب حصار قاسٍ فرضه تحالف العدوان بقيادة السعودية، بل أصبحت عامل تأثير رئيس في محيطها الإقليمي. ومن المفارقات الكبرى أن ذلك جاء في وقت كان فيه العالم يُلقي باللوم على إيران في كل ما يتعلق بالتحركات اليمنية، رغم أن الواقع أثبت أن حركة أنصار الله مستقلة تماماً في قراراتها، بل وتفوقت على العديد من الدول الكبرى في قدرتها على مواجهة التحديات.

عندما نتحدث عن دعم إيران لحركة أنصار الله، فإننا نتجاهل حقيقة أن هذا الصراع ليس مجرد حرب بالوكالة.

اليمن، منذ بداية الحرب، لم يتلق الدعم العسكري من إيران كما كان يُروج في الإعلام الغربي. فما كشفته الأحداث في السنوات الماضية هو أن اليمنيين قد نجحوا في تطوير قدراتهم العسكرية بأنفسهم، بفضل الإرادة الصلبة والدعم المحلي من قبل شباب اليمن الذين أثبتوا أنهم أكثر استعداداً وكفاءة من كثير من القوى الإقليمية والدولية. حتى الشهيد قاسم سليماني، الذي كان أحد الأركان الأساسية في السياسة الإقليمية الإيرانية، أكد في أكثر من مناسبة أن شباب اليمن يمتلكون من القدرات ما يجعلهم أكثر كفاءة من أي قوة أخرى في المنطقة.

والأمر الذي ربما يجهله الكثيرون هو أن اليمن، منذ بداية العدوان عليه في عام 2015، يعاني من حصار بري وبحري وجوي لا مثيل له في التاريخ الحديث. هذا الحصار لم يسمح بأي إمدادات خارجية، بما في ذلك الأسلحة والذخائر، مما دفع أنصار الله إلى تصنيع معداتهم الحربية محلياً. وعلى الرغم من هذه الظروف، تمكنت الحركة من إنتاج صواريخ وطائرات مسيرة أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لعدد من القوى الإقليمية والدولية، وهو ما دفع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى محاولة فرض عقوبات قاسية على إيران بدعوى أنها تُقدّم الدعم لحركة أنصار الله. إلا أن الحقيقة تظل ثابتة: اليمن محاصر، وليس هناك أي دليل يثبت أن إيران كانت وراء تزويد “أنصار الله” بالأسلحة أو المعدات العسكرية.

إن محاولات الولايات المتحدة وكيان الاحتلال لتحميل إيران المسؤولية عن أي هجوم ينفذه أنصار الله تبدو محاولة يائسة لتغطية عجزهما عن مواجهة التحديات التي فرضها محور المقاومة.

المفارقة الكبرى التي تكشفها الحرب في اليمن هي أن واشنطن وكيان الاحتلال يعيشان في فقاعة سياسية، حيث لا يزالان يعتقدان أن السيطرة على المنطقة أمر حتمي بالنسبة لهما. ولكن الحقيقة أن اليمن قد غيّر هذه المعادلة بشكل غير متوقع. من خلال الهجمات التي استهدفت السفن {الإسرائيلية} في البحر الأحمر، مروراً بالهجمات على مواقع أمريكية، أثبتت حركة “أنصار الله” أنها ليست مجرد فصيل تابع لدولة أخرى، بل هي قوة مستقلة تستطيع تحريك الموازين الإقليمية. وفي هذا السياق، يمكن القول إن قرار الحرب والسلام لم يعد بيد واشنطن أو يافا التي أصبح أسمها العبري تل أبيب، بل أصبح في يد أطراف جديدة تسعى لتحقيق استقرار في المنطقة بناءً على معايير أخرى غير تلك التي تسعى القوى الغربية لفرضها.

أما في ما يخص تصريحات ترامب، فإنها تعكس حجم الارتباك الذي تعيشه الإدارة الأمريكية.

الرئيس الأمريكي الذي جاء إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية محملاً بوعود “إعادة الهيبة” إلى أمريكا، لم يكن يدرك أن مصالحه الاقتصادية والسياسية أصبحت على المحك بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة. فالحصار الذي فرضه على إيران منذ عام 2018، والسياسات العدائية تجاه محور المقاومة، جعلته يجد نفسه أمام تحد غير مسبوق. في الوقت الذي كانت فيه أمريكا تحاول فرض هيمنتها على أسواق الطاقة، جاء الهجوم على السفن {الإسرائيلية} في البحر الأحمر ليؤكد أن ميزان القوى في المنطقة قد تغير.

كما أن فكرة أن إيران تتحمل مسؤولية الهجمات التي ينفذها {الحوثيون} هي فكرة مغلوطة. إيران لم تكن هي من قرر الهجوم على سفن الكيان الصهيوني أو القوات الأمريكية في البحر الأحمر. بل إن حركة أنصار الله في اليمن هي التي اتخذت قراراتها بشكل مستقل، وفقاً لمصالحها الاستراتيجية. ليس هذا فحسب، بل إن الهجمات التي استهدفت السفن الأمريكية والتابعة للكيان الصهيوني كانت بمثابة رد فعل طبيعي على الحصار المفروض على اليمن، وعلى موقف أمريكا من دعم الكيان الصهيوني في العدوان على الفلسطينيين.

إذاً، فإن النظرة السطحية التي تحاول أن تروج لها بعض القوى الغربية ووسائل إعلام عربية تابعة لها حول مزاعم الدعم الإيراني للحوثيين هي مجرد ستار يغطي عجز تلك القوى في مواجهة الحقيقة: إن حركة أنصار الله أصبحت قوة ذات قدرة كبيرة على اتخاذ قرارات مستقلة تؤثر بشكل مباشر في مجريات الأحداث الإقليمية. فما فعله “أنصار الله” في هذا السياق هو أنهم أطلقوا حركة مقاومة حقيقية، ترتكز على استقلال القرار، بعيدة عن تأثيرات الدول الكبرى والدول الأخرى .

وفي النهاية، إذا كانت هناك أي دروس يجب تعلمها من هذه الحرب، فهي أن إرادة الشعوب هي العنصر الحاسم في تغيير الواقع. لم يعد الأمر محصوراً في سياسات القوى الكبرى أو الحروب بالوكالة. ما يحدث اليوم في اليمن هو نتيجة إرادة حرة لشعب قرر أن يكون له دور في تقرير مصيره، دون أن ينتظر توجيها من أحد. هذه هي الحقيقة التي يحاول ترامب ونتنياهو تجاهلها، لكنهم في النهاية سيضطرون للاعتراف بها، لأن الحقائق على الأرض تتحدث بصوت أعلى من أي خطاب سياسي.

اليوم ومع كل تقدم تحققه المقاومة، يصبح من الواضح أن القرار لم يعد يُتخذ في واشنطن أو كيان الاحتلال، بل أصبح في عواصم أخرى تسعى لتحقيق أهدافها بعيداً عن الهيمنة الغربية، ومنها بالطبع صنعاء.

 

كاتب عراقي

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تجدد العدوان الأمريكي على اليمن.. 4 غارات تستهدف الحديدة

جددت القوات الأمريكية عدوانها الهمجي على اليمن، في إطار تخفيف الضغط الذي شكلته جماعة الحوثي على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفي محاولة لكسر موجة التضامن اليمنية مع الفلسطينيين في قطاع غزة.

وذكرت قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي اليمنية الخميس، أن أربع غارات أمريكية على الأقل استهدفت مديرية الميناء بمحافظة الحديدة والتي تضم ميناء الحديدة ومقر قيادة القوات البحرية.

وقالت جماعة الحوثي الخميس، إن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقضاء عليها، لن يثنيها عن "مواصلة مناصرة غزة".

وذكر بيان صادر عن هاشم شرف الدين، المتحدث باسم الحكومة التابعة للحوثيين إن "تهديدات ترامب الفارغة لن تثني أحرار اليمن عن موقفهم المناصر لغزة وفي طليعتهم أنصار الله".


وأضاف: "مثلما يستهدف الكيان الصهيوني الغاصب الشعب الفلسطيني بأكمله في غزة ثم يدّعي أنه يستهدف حماس فقط، يحاول ترامب أن يدّعي أن العدوان الأمريكي الجديد على اليمن يستهدف أنصار الله فقط".

واعتبر شرف الدين، أن "تهديد ترامب بأنه سيتم القضاء على أنصار اللهن محاولة يائسة لتبرير العدوان الغاشم الذي تنفذه أمريكا على اليمن".

وأردف: "العالم أجمع يعرف أن الأمريكي حاقد على الشعب اليمني لموقفه الإنساني والأخلاقي والديني المدافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة ولرفضه المؤامرة الأمريكية الصهيونية في استباحة البلدان العربية وشعوبها".

والأربعاء، توعد ترامب، بالقضاء على الحوثيين تماما.

وقال ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال" إنه "تم إلحاق أضرار جسيمة بالحوثيين"، وإن "الوضع سيزداد سوءا بالنسبة لهم تدريجيا".


والسبت، أعلن ترامب، أنه أمر جيش بلاده بشن "هجوم كبير" ضد الحوثيين في اليمن.

وحتى مساء الخميس، تم رصد عشرات الغارات الأمريكية على اليمن، أدت إلى استشهاد 53 شخصا وإصابة أكثر من 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال، بحسب بيانات حوثية.

و"تضامنا مع غزة" في مواجهة الإبادة الإسرائيلية، باشر الحوثيون تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 استهداف سفن شحن مملوكة للاحتلال أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ وطائرات مسيرة، وكذلك استهداف مواقع داخل دولة الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • أحمد السقا: انسحبت من التصوير مرة واحدة.. كانت هتحصل مجزرة
  • كاتب أمريكي: واشنطن غير متفاجئة من التصعيد في جنوب لبنان وإسرائيل تبرر هجماتها
  • كاتب أمريكي: واشنطن غير متفاجئة من التصعيد في جنوب لبنان وإسرائيل ترى هجماتها مبررة
  • الولايات المتحدة تعتزم إرسال حاملة طائرات ثانية إلى منطقة الشرق الأوسط
  • علي عبد الله صالح.. القائد الذي صنع تاريخ اليمن الحديث
  • بدر الدين الحوثي الأب الروحي لجماعة الحوثيين في اليمن
  • تجدد العدوان الأمريكي على اليمن.. 4 غارات تستهدف الحديدة
  • "أنصار الله" يستهدفون مطار "بن غوريون".. ونتنياهو يهرب لـ"المنطقة المحمية"
  • ناطق الحكومة: تهديدات ترامب الفارغة لن تثني أحرار اليمن عن موقفهم المناصر لغزة وفي طليعتهم أنصار الله