الثورة نت:
2025-04-13@14:43:34 GMT

القرار ليس في واشنطن… بل في صنعاء

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

 

 

بعد عملية “طوفان الأقصى” والهجوم المفاجئ الذي شنته المقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023، بات واضحاً للجميع أن الحرب لم تعد مجرد صراع بين طرفين؛ بل كانت بداية لمرحلة جديدة في المنطقة، مرحلة تراجع فيها النفوذ الغربي بشكل غير مسبوق. فالتطورات التي شهدتها الساحة العسكرية والسياسية في الأشهر التي تلت تلك العملية كانت تشير بوضوح إلى أن المعادلة الإقليمية كانت على وشك الانقلاب.

وفي الوقت الذي كان فيه كيان الاحتلال يتوقع أن يتمكن من حسم المعركة بسرعة كما جرت العادة، أظهرت التطورات على الأرض شيئاً مغايراً تماماً.

اليوم، ليس من المستغرب أن نقول إن القوى التي كانت تُعتبر في السابق “فاعلين غير أساسيين” قد أصبحت تصنع القرارات الحاسمة في المنطقة، وكان من أبرز هؤلاء اليمن.

لقد غيّر الدور البارز الذي لعبته حركة أنصار الله في هذا السياق كل الحسابات ولم تعد اليمن مجرد ساحة حرب أخرى تتعرض للدمار بسبب حصار قاسٍ فرضه تحالف العدوان بقيادة السعودية، بل أصبحت عامل تأثير رئيس في محيطها الإقليمي. ومن المفارقات الكبرى أن ذلك جاء في وقت كان فيه العالم يُلقي باللوم على إيران في كل ما يتعلق بالتحركات اليمنية، رغم أن الواقع أثبت أن حركة أنصار الله مستقلة تماماً في قراراتها، بل وتفوقت على العديد من الدول الكبرى في قدرتها على مواجهة التحديات.

عندما نتحدث عن دعم إيران لحركة أنصار الله، فإننا نتجاهل حقيقة أن هذا الصراع ليس مجرد حرب بالوكالة.

اليمن، منذ بداية الحرب، لم يتلق الدعم العسكري من إيران كما كان يُروج في الإعلام الغربي. فما كشفته الأحداث في السنوات الماضية هو أن اليمنيين قد نجحوا في تطوير قدراتهم العسكرية بأنفسهم، بفضل الإرادة الصلبة والدعم المحلي من قبل شباب اليمن الذين أثبتوا أنهم أكثر استعداداً وكفاءة من كثير من القوى الإقليمية والدولية. حتى الشهيد قاسم سليماني، الذي كان أحد الأركان الأساسية في السياسة الإقليمية الإيرانية، أكد في أكثر من مناسبة أن شباب اليمن يمتلكون من القدرات ما يجعلهم أكثر كفاءة من أي قوة أخرى في المنطقة.

والأمر الذي ربما يجهله الكثيرون هو أن اليمن، منذ بداية العدوان عليه في عام 2015، يعاني من حصار بري وبحري وجوي لا مثيل له في التاريخ الحديث. هذا الحصار لم يسمح بأي إمدادات خارجية، بما في ذلك الأسلحة والذخائر، مما دفع أنصار الله إلى تصنيع معداتهم الحربية محلياً. وعلى الرغم من هذه الظروف، تمكنت الحركة من إنتاج صواريخ وطائرات مسيرة أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً لعدد من القوى الإقليمية والدولية، وهو ما دفع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى محاولة فرض عقوبات قاسية على إيران بدعوى أنها تُقدّم الدعم لحركة أنصار الله. إلا أن الحقيقة تظل ثابتة: اليمن محاصر، وليس هناك أي دليل يثبت أن إيران كانت وراء تزويد “أنصار الله” بالأسلحة أو المعدات العسكرية.

إن محاولات الولايات المتحدة وكيان الاحتلال لتحميل إيران المسؤولية عن أي هجوم ينفذه أنصار الله تبدو محاولة يائسة لتغطية عجزهما عن مواجهة التحديات التي فرضها محور المقاومة.

المفارقة الكبرى التي تكشفها الحرب في اليمن هي أن واشنطن وكيان الاحتلال يعيشان في فقاعة سياسية، حيث لا يزالان يعتقدان أن السيطرة على المنطقة أمر حتمي بالنسبة لهما. ولكن الحقيقة أن اليمن قد غيّر هذه المعادلة بشكل غير متوقع. من خلال الهجمات التي استهدفت السفن {الإسرائيلية} في البحر الأحمر، مروراً بالهجمات على مواقع أمريكية، أثبتت حركة “أنصار الله” أنها ليست مجرد فصيل تابع لدولة أخرى، بل هي قوة مستقلة تستطيع تحريك الموازين الإقليمية. وفي هذا السياق، يمكن القول إن قرار الحرب والسلام لم يعد بيد واشنطن أو يافا التي أصبح أسمها العبري تل أبيب، بل أصبح في يد أطراف جديدة تسعى لتحقيق استقرار في المنطقة بناءً على معايير أخرى غير تلك التي تسعى القوى الغربية لفرضها.

أما في ما يخص تصريحات ترامب، فإنها تعكس حجم الارتباك الذي تعيشه الإدارة الأمريكية.

الرئيس الأمريكي الذي جاء إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية محملاً بوعود “إعادة الهيبة” إلى أمريكا، لم يكن يدرك أن مصالحه الاقتصادية والسياسية أصبحت على المحك بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة. فالحصار الذي فرضه على إيران منذ عام 2018، والسياسات العدائية تجاه محور المقاومة، جعلته يجد نفسه أمام تحد غير مسبوق. في الوقت الذي كانت فيه أمريكا تحاول فرض هيمنتها على أسواق الطاقة، جاء الهجوم على السفن {الإسرائيلية} في البحر الأحمر ليؤكد أن ميزان القوى في المنطقة قد تغير.

كما أن فكرة أن إيران تتحمل مسؤولية الهجمات التي ينفذها {الحوثيون} هي فكرة مغلوطة. إيران لم تكن هي من قرر الهجوم على سفن الكيان الصهيوني أو القوات الأمريكية في البحر الأحمر. بل إن حركة أنصار الله في اليمن هي التي اتخذت قراراتها بشكل مستقل، وفقاً لمصالحها الاستراتيجية. ليس هذا فحسب، بل إن الهجمات التي استهدفت السفن الأمريكية والتابعة للكيان الصهيوني كانت بمثابة رد فعل طبيعي على الحصار المفروض على اليمن، وعلى موقف أمريكا من دعم الكيان الصهيوني في العدوان على الفلسطينيين.

إذاً، فإن النظرة السطحية التي تحاول أن تروج لها بعض القوى الغربية ووسائل إعلام عربية تابعة لها حول مزاعم الدعم الإيراني للحوثيين هي مجرد ستار يغطي عجز تلك القوى في مواجهة الحقيقة: إن حركة أنصار الله أصبحت قوة ذات قدرة كبيرة على اتخاذ قرارات مستقلة تؤثر بشكل مباشر في مجريات الأحداث الإقليمية. فما فعله “أنصار الله” في هذا السياق هو أنهم أطلقوا حركة مقاومة حقيقية، ترتكز على استقلال القرار، بعيدة عن تأثيرات الدول الكبرى والدول الأخرى .

وفي النهاية، إذا كانت هناك أي دروس يجب تعلمها من هذه الحرب، فهي أن إرادة الشعوب هي العنصر الحاسم في تغيير الواقع. لم يعد الأمر محصوراً في سياسات القوى الكبرى أو الحروب بالوكالة. ما يحدث اليوم في اليمن هو نتيجة إرادة حرة لشعب قرر أن يكون له دور في تقرير مصيره، دون أن ينتظر توجيها من أحد. هذه هي الحقيقة التي يحاول ترامب ونتنياهو تجاهلها، لكنهم في النهاية سيضطرون للاعتراف بها، لأن الحقائق على الأرض تتحدث بصوت أعلى من أي خطاب سياسي.

اليوم ومع كل تقدم تحققه المقاومة، يصبح من الواضح أن القرار لم يعد يُتخذ في واشنطن أو كيان الاحتلال، بل أصبح في عواصم أخرى تسعى لتحقيق أهدافها بعيداً عن الهيمنة الغربية، ومنها بالطبع صنعاء.

 

كاتب عراقي

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي يشكك في فاعلية التصعيد الأميركي ضد أنصار الله

كتب رامون ماركس Ramon Marks مقالة نُشرت على موقع The National Interest لفت فيها إلى أن جماعة أنصار الله اليمنية استطاعت إغلاق ممر البحر الأحمر لحوالي عامين رغم مساعي البحرية الأميركية وحلفائها.

وأضاف الكاتب أن واشنطن فشلت على صعيد الحفاظ على حرية الملاحة في منطقة تعد من أهم الممرات البحرية في العالم، لافتًا إلى أن “الثورة التكنولوجية في الحرب البحرية الناتجة عن الأنظمة الصاروخية المضادة للسفن والمسيّرات أعطت أنصار الله القدرة على إغلاق مضيق باب المندب”. وأوضح أن “المواجهة المستمرّة تحمل معها تداعيات خطيرة للولايات المتحدة كقوة بحرية عالمية”.

وقال الكاتب إن “المسيّرات والأنظمة الصاروخية الموضوعة على الأرض أصبحت تستطيع تدمير سفن حربية على بعد مئات أو حتى آلاف الأميال عن المناطق الساحلية”. وأضاف أن “هجمات أنصار الله البحرية تؤكد على الوضع الصعب الذي تجد نفسها البحرية الأميركية فيه”، ولفت إلى أنه “تبيّن بأن حاملات الطائرات وغيرها من السفن الحربية المسلحة بطائرات وأنظمة صواريخ متطورة ومكلفة لا تلائم هذا العصر الجديد من الحروب”، وأشار إلى أن “قيام البحرية والكونغرس بتطوير اعتماد آلية بغية التمكين من مواجهة هذه الأسلحة عملية قد تستغرق سنوات”.

وتحدّث الكاتب عن انتشار “للبحرية الأميركية بشكل يفوق قدرتها، حيث اضطرت إلى الإبقاء على مجموعتين قتاليتين تابعتين للحاملات في البحر الأحمر، وذلك من أجل التصدي لهجمات أنصار الله على السفن الحربية والتجارية”. كما أشار إلى أن “البحر الأحمر يبقى مغلقًا رغم ذلك، وذلك بينما هناك تحديات تنافسية في أماكن أخرى من العالم التي تتطلب اهتمامًا للبحرية، وبشكل أساس الصين”.

واستبعد أن “تتمكن البحرية الأميركية بأن تصل إلى نفس حجم البحرية الصينية”، إذ أن “أحواض بناء السفن القديمة الأميركية تفتقد إلى القدرة الإنتاجية”. كذلك أضاف أنه وأمام هذه التحديات المتعددة، فإن “ضرورة بقاء مجموعات قتالية تابعة للحاملات الأميركية في البحر الأحمر والمقاربة السطحية المكلفة والخطيرة في مواجهة صواريخ ومسيّرات أنصار الله تصبح اقتراحًا مكلفًا والذي لا يمكن تبريره على الأمد الطويل”.

وتابع الكاتب إن “إدارة ترامب، وعلى الأرجح انطلاقًا من إدراكها لما ذُكر، صعّدت الحملة ضد أنصار الله، حيث تستخدم المزيد من موارد القوة الجوية مثل قاذفات B-2 في مساعي أكثر هجومية من أجل إلحاق “هزيمة نهائية” بحركة أنصار الله”، وفق تعبير الكاتب. واستدرك قائلًا إنه “يتوجب الانتظار لمعرفة ما إذا كانت القوة الجوية وحدها ستكون كافية من أجل تحقيق النصر الحاسم”. كما اعتبر أن “النتائج حتى الآن تفيد بأن تكثيف استخدام القوة الجوية قد لا يكون كافيًا”، مشيرًا إلى أن “هجمات أنصار الله في البحر الأحمر مستمرة بلا هوادة، وذلك على الرغم من أن ثمن الذخائر الجوية التي استخدمت على مدار ثلاثة أسابيع فقط بلغ ما يزيد عن مليار دولار”. كذلك تحدث عن قرار صعب سينبغي على واشنطن اتخاذه فيما لو كانت “القوة الجوية وحدها غير كافية “لإسكات” أنصار الله”، وفق تعبيره.

وتابع الكاتب إنه “من ضمن الخيارات الانسحاب من البحر الأحمر وترك الأمر للحلفاء الأوروبيين للتعامل عسكريًا مع أنصار الله”، ولفت إلى أن “الولايات المتحدة قد تضطر إلى النظر في المزيد من التصعيد، بما في ذلك الحجر البحري والغارات البرية، وذلك فيما لو كانت القوة الجوية وحدها غير قادرة على إزالة التهديد”.

وأكد الكاتب أن “أنصار الله وضعت الولايات المتحدة في معضلة استراتيجية صعبة، بحيث تغيب الخيارات الجيدة”. كما نبّه إلى أن “مصداقية واشنطن لم تعد تستطيع تحمل المعركة المتعادلة الممتدة المجمدة”، مشددًا على ضرورة أن تحل الولايات المتحدة هذا “النزاع”، وإلاّ فإنها ستدفع ثمن العواقب الاستراتيجية”، ومنبهًا من أن “واشنطن قد تجد أنه ليس أمامها سوى المزيد من التصعيد، أو الاضطرار إلى مواجهة نكسة على غرار أفغانستان، ولكن هذه المرة على أيدي أنصار الله”.

 

مقالات مشابهة

  • قيادي في أنصار الله يحذر فصائل التحالف..”مستعدون لقلب المعادلة”
  • الجيش الأمريكي يشنّ غارات عنيفة على اليمن.. «أنصار الله» تتوّعد بمواجهة أي تحرك برّي
  • اليمن في قلب المعركة .. موقف ثابت لا يتزحزح في نصرة غزة مهما كانت العواصف
  • ناشيونال إنترست: اليمن أفشل الردع الأمريكي رغم إنفاق 4.86 مليار دولار
  • البيت الأبيض: المناقشات مع إيران كانت إيجابية وبناءة للغاية
  • واشنطن تُعيد خلط أوراق السلطة في اليمن: نجل صالح يصعد والإصلاح يغلي
  • كاتب أميركي يشكك في فاعلية التصعيد الأميركي ضد أنصار الله
  • غارات تحصد عشرات الأرواح في اليمن.. واشنطن ترسل حاملة طائرات ثانية للشرق الأوسط
  • خبر صادم.. يحيى سريع ممنوع من الظهور على (X)
  • ما هي الورقة التي حذر “الحوثي” من تفعيلها ان مضت واشنطن في حماقتها