عربي21:
2025-05-02@11:55:55 GMT

انهيار القيم الأخلاقية

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

يمر العالم اليوم بمرحلة تاريخية تتسم بانهيار القيم الإنسانية وغياب الأمن الروحي والسلام، وهو نتيجة تراجع المفاهيم التي قامت عليها الحضارة الحديثة، مثل العقلانية والحرية والعدالة والمساواة.
لم يعد الإنسان مركز الاهتمام، بل أصبح مجرد أداة في منظومة استهلاكية تديرها قوى متحكمة بالقرار العالمي، وهو واقع يتجلى بوضوح في المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، حيث تكشف الوجه الحقيقي لسياسات العولمة التي تُكرس الاستبداد والاستغلال.



إذا كانت العقلانية أنقذت البشرية من الظلامية في مراحل تاريخية سابقة، فإن العولمة المعاصرة تسير في اتجاه معاكِس، حيث أصبحت وسيلة لفرض الهيمنة والتفاهة وإضعاف الهوية الثقافية. في فلسطين، يتجسد هذا التناقض بوضوح: في الوقت الذي تتشدق فيه الدول الكبرى بقيم الحرية والعدالة، نجد أن حقوق الفلسطينيين تُنتهك يومياً، في ظل صمت عالمي وتواطؤ القوى المسيطرة. والحرب على غزة مثال صارخ على هذه الازدواجية، حيث تُقابل المذابح والتشريد بتبريرات واهية، فيما تتبنى المؤسسات الدولية خطاباً زائفاً حول حقوق الإنسان.

في العقود الأخيرة، أضحت العولمة مدعومة بثورة رقمية حولت الإنسان إلى كائن مستهلِك خاضع لإرادة الشركات العملاقة التي تسيطر على المعلومات وتوجه الرأي العام. وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يفترض أن تكون مساحة للحوار الحر، أصبحت أداة للتضليل وقمع الأصوات المعارضة. في غزة، تتجلى هذه العبودية الرقمية بأبشع صورها، حيث تُحجب الرواية الفلسطينية، وتُمارَس الرقابة الصارمة على كل محاولة لكشف الحقيقة. لقد أصبح التحكم في المعلومة سلاحاً يُستخدم لخدمة أجندات القوى الكبرى، ما يفاقم معاناة الشعوب المظلومة ويمنعها من إيصال صوتها إلى العالم.

ليس ما يحدث في فلسطين مجرد صراع محلي، بل اختبار حقيقي لضمير العالم ومصير الإنسانية. إذا استمر النظام العالمي في التواطؤ مع الاحتلال وقمع الحقوق المشروعة للشعوب، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الانهيار القيمي والتفكك الاجتماعي. العالم اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يعيد الاعتبار للمبادئ الإنسانية الحقيقية، أو يواصل السير نحو مستقبل تحكمه القوة العمياء والمصالح الضيقة.

يتوجب على المجتمع الدولي، إن كان جاداً في التمسك بالقيم الإنسانية، اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء معاناة الفلسطينيين. من بين هذه الخطوات:

• فرض عقوبات دولية على الجهات التي تنتهك حقوق الإنسان في فلسطين، تماماً كما يتم فرض عقوبات على دول أخرى عند ارتكابها جرائم مماثلة.

• دعم المبادرات القانونية التي تسعى إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين في المحاكم الدولية.

• تمكين الإعلام الحر لضمان من نقل الحقيقة دون رقابة أو تزييف، ما يساهم في خلق وعي عالمي حقيقي حول الوضع في غزة.

• الضغط السياسي والدبلوماسي لإجبار الأطراف الفاعلة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وفقاً لقوانين الشرعية الدولية.

• دعم الاقتصاد الفلسطيني من خلال تشجيع الاستثمارات والمشاريع التي تعزز من صمود الشعب الفلسطيني وتحد من تبعيته الاقتصادية.

يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن الإنسانية من استعادة قيمها وإنقاذ نفسها من السقوط في فخ العولمة المتوحشة أم أن ما يحدث في غزة ليس سوى بداية لانهيار أوسع لنظام يدّعي الحضارة بينما يمارس الهمجية؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تتعلق بغزة وحدها، بل بمستقبل البشرية بأسرها.

 (الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإنسانية غزة غزة أخلاق الإنسانية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

نهى طلعت في عيد العمال: العمل جوهر الكرامة الإنسانية ومحرك التنمية

تقدمت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي، مؤسس وعضو الجمعية العامة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بخالص التهاني وأصدق الأمنيات إلى جموع عمال وعاملات مصر في جميع أنحاء الجمهورية.

وقالت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي في تصريح لها بهذه المناسبة، إن عيد العمال هو يوم لتكريم وتقدير كل يد عاملة تساهم بجهدها وعرقها في بناء هذا الوطن، وهو فرصة لنجدد الامتنان لهؤلاء الرجال والنساء الذين يمثلون القوة الدافعة وراء كل إنجاز يتحقق على أرض مصر.

وأكدت عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الأهمية القصوى للعمل ليس فقط كمصدر للرزق، بل كونه جوهر الكرامة الإنسانية وأساس استقرار الفرد والمجتمع.

وأضافت: "العمل يمنح الإنسان الشعور بالقيمة، ويعزز انتمائه لمجتمعه، وهو السبيل لتحقيق الذات والمساهمة الفاعلة في مسيرة التقدم الوطني".

وشددت الدكتورة نهى طلعت على أن الحق في العمل هو حق إنساني أساسي، لا ينفصل عن الحق في الحياة الكريمة والحق في التنمية.

وأوضحت بأن ضمان هذا الحق لا يقتصر على توفير فرص العمل، بل يمتد ليشمل ضمان بيئة عمل صحية وآمنة، وأجور عادلة، وحماية اجتماعية تكفل للعامل وأسرته مقومات الحياة الكريمة، وهو ما نسعى لترسيخه كثقافة وممارسة من خلال عملنا في المجلس القومي لحقوق الإنسان وبالتعاون مع كافة الشركاء".

وأشارت مؤسس وعضو الجمعية العامة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي إلى الدور الحيوي لمنظمات المجتمع المدني والعمل الأهلي التنموي في دعم قضايا العمال.

وقالت إن التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، جنباً إلى جنب مع الجهود الحكومية، يعمل على تمكين العمال وتنمية مهاراتهم وتوفير الدعم اللازم لهم، إيماناً بأن الاستثمار في العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع على المجتمع ككل."

واختتمت الدكتورة نهى طلعت عبد القوي تصريحها بتجديد التهنئة القلبية لعمال مصر، داعيةً إياهم إلى مواصلة العطاء بنفس الروح المعهودة من الإخلاص والتفاني، ومتمنية لهم ولمصرنا الغالية دوام الرفعة والازدهار.

طباعة شارك عيد العمال نهى طلعت عبد القوي المجلس القومي لحقوق الإنسان التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي المجتمع المدني

مقالات مشابهة

  • رؤساء المشيخات الإسلامية في البلقان يشيدون بجهود الإمارات لترسيخ القيم الإنسانية
  • حملة "دوووس"..لعبة الحياة التي تُعيد القيم المفقودة للشباب المصري من طلاب إعلام عين شمس
  • المفوض السامي لحقوق الإنسان: على العالم التحرك لوقف “الكارثة الإنسانية” في غزة
  • هل يفكك ترامب الركائز الصلبة لأميركا ويهدد اقتصاداها؟
  • مفوض حقوق الإنسان يدعو العالم إلى منع وقوع كارثة إنسانية في غزة
  • “العفو الدولية” : عودة ترامب تشعل الهجوم على حقوق الإنسان عالميا
  • نهى طلعت في عيد العمال: العمل جوهر الكرامة الإنسانية ومحرك التنمية
  • مفوض حقوق الإنسان يدعو العالم إلى منع وقوع كارثة إنسانية شاملة في غزة
  • حقوق الإنسان في البصرة تدعو لإعلان حالة الطوارئ بالمحافظة
  • البيت الأبيض: ترامب يركز على تراجع معدلات التضخم التي خلفتها إدارة بايدن