موقع النيلين:
2025-03-22@12:37:11 GMT

الطاهر التوم يكتب: تقبيل التراب… عودة وعي

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

توقفتُ طويلاً عند مشهد التقطته كاميرا أحد جنود القوات المسلحة خلال عملية تحرير الجزيرة من مليشيا آل دقلو المجرمة. كانت الصورة من داخل سيارة عسكرية تشق طريقها وسط حشدٍ من المواطنين المبتهجين، يهتفون ويهللون للنصر. وفي لحظةٍ عابرة، انحنى أحد المواطنين نحو الأرض والتقط قبضةً من التراب ثم قبّلها.

هذه اللقطة، بكل بساطتها، اختزلت لي معنى لطالما غاب عنّا وتوارى عن مفرداتنا، بل عن وعينا الوطني نفسه: قيمة هذه الأرض في نفوسنا.

فهي ليست مجرد ذرّات رمل، بل هي الانتماء والارتباط والجذور.

نعم، عاد القصر الجمهوري، معلنًا طيَّ فصلٍ مهمٍّ من فصول هذه المعركة الشرسة. ومن يدرك مدى تعقيد هذه الفصول وتشعّب تفاصيلها، يفهم لماذا خرج حميدتي في تسجيله الأخير ليعلن تمسّكه بالبقاء في القصر وعدم مغادرة الخرطوم. فهو، أو من دفعه لخوض هذه الحرب، يعي تمامًا ما يعنيه أن يستردّ الجيش القصر الجمهوري والخرطوم.

في هذا القصر، رُفع علم الاستقلال لأول مرة في تاريخنا، إعلانًا لميلاد دولة ذات سيادة. واليوم، نعود إليه لنرفع العلم من جديد، ربما على السارية نفسها، لكن بعد أن نزفنا دماءً غاليةً ودفنّا في ثرى هذه الأرض آلافًا من أبناء الوطن المخلصين .

كلفة الوصول إلى القصر عام 1956 لم تكن كمثيلتها عام 2025. هذه المرة كانت الكلفة أكبر وأثقل، دمًا ودمعًا وخرابًا. لذلك، فإن الوعي الذي يولد فينا بعد هذا المسير الشاق لا ينبغي أن يكون عابرًا أو سطحيًا.

لو عدنا من هذا المسير الشلق والمؤلم بصورة ذلك المواطن الذي قبض في كفّه ذرات التراب ثم قبّلها، بما حملته تلك الصورة من وعيٍ ودلالةٍ ومعنى، لكفانا.

الطاهر التوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

محمد حامد جمعة: حسن

في هذا المساء .والنهار يطفئ أنواره يتراجع يفسح لليل الساعات المباركات في عشرة رمضان الأخيرة و(الجمعة) . يتوسد صديقنا وزميلنا ـ في الإعلام ـ وضابط الجيش بالإعلام العسكري .إبن سلاح المدرعات حيث وحدته الأم المقدم الركن حسن إبراهيم .يتوسد التراب بمقابر الكلية الحربية وكأنه (سيف) إستطال منها ثم إلى غمدها يعود . يغرس هناك جذوره في التراب وشاهده يرسم عبارة الحب في الذهاب والأياب .أن أنت باقٍ ها هنا .وباق يا (حسن) في خواطر الحكايات وإستبشار اللقاء والمصافحة وخدمة الناس بجهد لا يكل أو يمل . أو تعيقه الأحوال والظروف
2
المقدم الركن حسن إبراهيم . كان وسيظل من أبطال هذه المعركة . الأخفياء . ممن أداروا كثير من المهام للإعلام والإعلاميين . الوطني والأجنبي بإخلاص وهمة وجهد يعلمه كل الذين تعاملوا مع نافذة مركز الشهيد عثمان مكاوي للإعلام العسكري . وقد ظل الشهيد وبشهادة كل الإعلاميين بامدرمان وكرري .يؤدي واجبه بكفاءة مميزة وبصمة شخصية منه جمعت بين صفات الإعلامي النابه والضابط المنضبط . والسوداني الكامل الوعي .مع ميزات إضافية أجملها في تواضع ودود . ولسان رطب بالمودة واليسر . وحضور نشط بالليل والنهار في خدمة كل من يطلب عونه وإستشارته . وشهد الله كان الرجل ببزته العسكرية صحفي ومقاتل ودبلوماسي ومفخرة للناس .وما إلتقاه شخص إلا وخرج منه بإنطباع إيجابي وثناء عليه . المؤسف فيه أننا كلنا تأخرنا في إشهاره لنكتبه على جانب تل قبره
3
كل الشهداء عندنا مكرمون . وعند الله الجزاء الأوفى . غير اني أعتقد أن لاهل الإعلام واجب في تكريم خاص للشهيد الركن حسن أبراهيم . اللهم نسألك لحسن وكل أخوانه المغفرة وعال الجنان . وأن تبارك في ذريته وصغاره . وأن يكون لنا قدوة في العزم والهمة والنزاهة .وحسن الأثر بين الناس

محمد حامد جمعة نوار

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سلسلة روايات كانت ممنوعة- أدب السجون (رواية القوقعة) لمصطفى خليفة… وثيقة وشهادة من رحم المعاناة
  • الجيش في القصر… فهل انتهت الحرب؟
  • خالد الإعيسر يكتب: لمن ظنّوا أن الأمر مجرد مزحة!
  • محمد حامد جمعة: حسن
  • ???? معركة القصر… انتصرت إرادة الأمة
  • الجيش السوداني يعلن استعادة القصر الرئاسي… و«الدعم السريع»: المعركة مستمرة
  • انتاجية الفدان الواحد كانت ٢٨ جوالا للفدان … الإحتفال بعيد الحصاد بالولاية الشمالية
  • مليشيا الدعم السريع المتمردة غدرت بقوات الجيش والاحتياطي المركزي التي كانت تؤمّن القصر الجمهوري
  • "عودة الشتوية"| انخفاض درجات الحرارة واحتمالية سقوط الأمطار.. "الأرصاد" تطالب المواطنين بارتداء الملابس المناسبة.. و"طبيب" يحذر من نزلات البرد