يبدو أن البشر بطبيعتهم يتفاعلون مع الرمزي أكثر من الحقيقي الواقعي. فالجيش حقق انتصارات عسكرية أهم وأخطر من استعادة القصر الجمهوري، مثل ربط المهندسين بوادي سيدنا، تحرير جبل مويا، عبور الجسور إلى الخرطوم وبحري، وتحرير مدني وفك الحصار عن القيادة، هذه كلها كانت انتصارات غيرت مسار المعركة وكل نصر منها كان مفتاح لما بعده.


من الناحية العسكرية تحرير القصر كأرض ليس بتلك الأهمية وكنت أتوقع أن المليشيا لن تتمسك به بعد التحول الواضح في المعركة لصالح الجيش، فمن المستحيل أن تصمد أي قوة في منطقة وسط الخرطوم بعد عبور الجيش من أم درمان وفك الحصار عن القيادة وانفتاح المدرعات شمالا. ولكن غباء قادة المليشيا ربما جعلهم يخلطون بين الأهمية العسكرية والأهمية الرمزية.

هناك مواقع مفتاحية أنت تتمسك بها لأهميتها الاستراتيجية مثل جسر مفتاحي أو مدينة على ملتقى طرق وما شابه. ولكن قصر ووزارات ومعسكر في قلب العاصمة تقول كل المؤشرات بأن السيطرة عليها من قبل الجيش مسألة وقت، لماذا تخسر قواتك فيها إن لم تكن مجرد مليشي أحمق؟

خروج حميدتي في تسجيل قبل أيام يتحدى فيه ويعلن تمسكلهم بمنطقة القصر والمقرن أعطى المعركة طابع التحدي وهي في الواقع لم تكن كذلك، إذ لا مجال للدخول في تحدي في معركة محسومة سلفا لصالح الجيش. فبالنسبة للجيش لا يوجد تحد يذكر في الاستيلاء على منطقة وسط الخرطوم. فهذه ليست منطقة جبل مويا ولا مصفاة الجيلي ولا الجزيرة؛ هي عبارة عن منطقة ضيقة محدودة يحدها مقرن النيلين من الشمال والغرب وجيش القيادة العامة من الشرق، أما جهة الجنوب حيث جيش المدرعات الذي استمر في الزحف فهي لم تكن مواجهة دفاعية للمليشيا بقدر ما هي بوابة هروب لم يستغلوها حتى وجدوا أنفسهم في حالة حصار كامل!

بالنسبة للمتابع البعيد تحرير القصر هو أهم لحظة بالطبع كتلخيص لانتصار الجيش السوداني. ولكن من الناحية العسكرية فإن استرداد القصر هو أشبه بلحظة التتويج النهائي بالفوز على المنصة، والتتويج هو حدث احتفالي ولكن الفوز قد حدث قبل ذلك في الميدان.

فالجيش قد كسب المعركة قبل ذلك وهو قد جاء ليحتفل في القصر الجمهوري. والمليشيا لم تكن لبقة بطبيعة الحال وحاولت إفساد الاحتفال ولكنها بذلك جعلته أكثر جلبة وأكثر إثارة.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: لم تکن

إقرأ أيضاً:

بعد خور دليب.. منطقة جديدة في جنوب كردفان تحت سيطرة الجيش السوداني 

متابعات ــ تاق برس    ‏‎متابعات – تاق برس  تمكنت قوات الجيش السوداني المتمركزة في معسكر خور الدليب اليوم السبت وبعد هجوم مباغت من عدة محاور  من فرض سيطرتها على منطقة أم بير بعد أن أجبرت قوات الدعم السريع المتحالفة مع قوات عبد العزيز الحلو على الهروب من المنطقة بعد خسائر كبيرة في الارواح والمعدات.

ومثل هذا الانفتاح الكبير في جنوب كردفان انتصارا حاسما للجيش السوداني في محلية ابوكرشولا والتي أصبحت بالكامل تحت سيطرة الجيش السوداني،فضلا عن نجاح الجيش في استعادة كل المناطق التي فقدها في الفترة الأخيرة بجنوب كردفان. الجيش السودانيجنوب كردفانخور دليب

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكشف عن إحباط عملية تسلل وسقوط قتلى وتدمير آليات عسكرية
  • الحوثي تستهدف قاعدة عسكرية ومطار بن جوريون في إسرائيل
  • رئيس لجنة حصر الأضرار بالقصر الجمهوري يعلن عن بداية عمل اللجنة
  • الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف عسكرية ومطار بن غوريون في إسرائيل
  • خطوة رسمية لتأهيل القصر الجمهوري
  • تعادلان و7 انتصارات في الدوري العراقي الممتاز
  • الجيش اللبناني يسيطر على مواقع عسكرية جنوب الليطاني
  • بعد خور دليب.. منطقة جديدة في جنوب كردفان تحت سيطرة الجيش السوداني 
  • بالاتفاق مع قسد.. الجيش السوري يدخل منطقة سد تشرين في ريف حلب
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يعلن استكمال سيطرته على محور موراغ وتطويق كل منطقة رفح