الخليج الجديد:
2024-07-12@23:11:23 GMT

الحكومة ومصادرة المجال الرقمي في الأردن

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

الحكومة ومصادرة المجال الرقمي في الأردن

الحكومة ومصادرة المجال الرقمي في الأردن

يشكّل المجال الرقمي وما ينشر في الصحافة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي هاجسًا عند الحكومة الأردنية.

يستخدم القانون مصطلحات فضفاضة يمكن إعادة تأويلها وتوظيفها بطريقة غير عادلة، مثل "الحقيقة" و"الوحدة الوطنية" و"الفتنة" وغيرها.

يتضمن القانون موادا إيجابية تتعلق بانتحال الشخصية والابتزاز الجنسي والاتجار بالبشر لكنه يمنح القانون صلاحيات واسعة للنيابة العامة بعيدًا عن القضاء.

أهدر مجلس النواب الأردني فرصة بناء علاقة بالأحزاب والمجتمع المدني ومشاورة الشعب، وإعادة الثقة بالمؤسسات السياسية ومشروع التحديث السياسي.

سارعت الحكومة بتشريع وتمرير القانون دون منحه مساحة واسعة للنقاش العام والحصول على مقترحات تسهم في تعديل بنود القانون وتحسينه لخدمة المصلحة العامّة.

تغيب الشرعية السياسية والثقة المجتمعية عن الحكومات الأردنية، إذ لا يشارك الشعب ولا البرلمان في اختيارها، والحكومة الراهنة فشلت في كسب ثقة الأردنيين منذ تشكيلها أواخر 2020.

* * *

يناقش هذا المقال دوافع الحكومة الأردنية من تمرير قانون الجرائم الإلكترونية المثير للجدل، والذي صادق عليه الملك الآن، ومخاوف القوى السياسية والحقوقية من تبعات القانون على حريات الرأي والتعبير والمشاركة السياسية والاقتصاد الرقمي.

أثارت الحكومة الأردنية مؤخرا جدلًا واسعًا بعد اقتراحها مشروع قانون جديد تحت اسم الجرائم الإلكترونية تشير مجموعة من بنوده صراحة إلى تقييد حرية الرأي والتعبير السياسي في المجال الرقمي. جاء الاقتراح في ظل مرحلة التحديث السياسي التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام. زادت حدة الجدل بعد إقرار مجلس النواب والأعيان مشروع القانون بعد تعديلات طفيفة لكنها أبقت القانون مُقيّداً لحرية التعبير.

تعتبر قوى سياسية حزبية واجتماعية وحقوقية القانون مكبلا للمشاركة السياسية ولمساءلة الأشخاص في الوظيفة العمومية، ويلغي فكرة التحديث السياسي، كما أنه يعمل على إدخال سلطة جديدة للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي ما يمهد الطريق لمرحلة مقلقة في الرقابة على الإنترنت.

فقدان الشرعية السياسية والثقة المجتمعية

بشكل عام، تغيب الشرعية السياسية والثقة المجتمعية عن الحكومات الأردنية، حيث لا يشارك الشعب ولا البرلمان في اختيار الحكومة (رئيس ومجلس الوزراء). ومنذ تشكيلها في أواخر عام 2020؛ فشلت الحكومة الحالية في كسب ثقة الأردنيين، وهو أمر يظهر بوضوح من خلال ردود أفعال المجتمع السياسي تجاهها ومن خلال استطلاعات الرأي العام الدورية التي تُجرى في البلاد.

يعاني مجلس النواب من نفس المشكلة، حيث لم يحظ بثقة الأردنيين منذ تشكيله عام 2020 عندما تكوّن المجلس من خلال انتخابات برلمانية تعد من بين الأقل مشاركة في تاريخ البلاد، حيث لم تصل نسبة الاقتراع العام فيها 30 في المئة، مع ضعف الأداء التشريعي والرقابي وتواضُع التواجد الحزبي.

الحكومة وهاجس المجال الرقمي

يشكّل المجال الرقمي وما ينشر في الصحافة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي هاجسًا عند الحكومة الأردنية.

يمكن ملاحظة كيف قررت الحكومة حجب منصة تيك توك في الأردن لعدم قدرتها على السيطرة على سرعة انتشار المحتوى والبث المباشر في احتجاجات الجنوب المتعلقة بارتفاع أسعار الوقود، كما حجبت من قبل تطبيق كلوب هاوس الذي ناقش قضايا الشأن العام واستضاف المعارضة الخارجية.

فضلًا عن حجب خاصية البث المباشر على موقعي فايسبوك وتويتر خلال احتجاجات شعبية سابقة، إضافة إلى حجبها موقع حبر الإلكتروني في أكثر من مرة بعد تقديم هذه المواقع قراءات تحليلية نقدية لعمل الحكومات، ومؤخرًا حجبت السلطات موقع الحدود الساخر سياسيًا.

تدرك الحكومات المتعاقبة في الأردن تأثير المجال الرقمي على مؤسسات عامّة فاقدة لثقة المواطنين، وعاجزة منذ سنوات عن إيجاد حلول لتحسين حياة المجتمع، وفي مقدمتها أزمة البطالة المتفاقمة في دولة معظم سكانها من فئة الشباب.

ومن جانب آخر لم تعتاد على قبول النقد والمساءلة، وتفهمه على أنه انتقاص من مكانتها وجدارتها. والمفارقة، في هذا السياق، حدثت عندما طلب رئيس الحكومة خلال اجتماعه بمجموعات شبابية بالانخراط في العمل الحزبي دون خوف وتردد، وبعد أيام اعتقلت الحكومة مجموعة من الشباب الحزبيين خلال تنظيمهم وقفة احتجاجية ضد قانون الجرائم الإلكترونية المقترح.

التأثير السياسي والاقتصادي للقانون

يتضمن القانون موادا إيجابية فيما يتعلق بانتحال الشخصية والابتزاز الجنسي والاتجار بالبشر كما هو في المواد (3) في البند «ج» والمادة (10) والمادة (13) في البند «أ/3» إضافة إلى المادة (18).

ولكنه يحوي أيضًا موادا أخرى تجرّم النشر وتداول المعلومات. كما هو في المواد (3) البند «أ+ب» (11)، (12)، (15)، (16)، (19) البند «ب» إضافة إلى المواد (20)، (25) (37)، كما يمنح القانون صلاحيات واسعة للنيابة العامة بعيدًا عن القضاء.

بالإضافة إلى ذلك، يستخدم القانون مصطلحات فضفاضة يمكن إعادة تأويلها وتوظيفها بطريقة غير عادلة، مثل "الحقيقة" و"الوحدة الوطنية" و"الفتنة" وغيرها.

من الناحية السياسية، يسبب القانون المقترح تعكيرًا لصفو المناخ السياسي العام، حيث أصبحت الشكوك كبيرة في مصداقية ووعود مشروع التحديث السياسي، ويضيف مزيداً من الخوف والقلق في نفوس الكثير من الشباب الذي بدأ يدرك أهمية المشاركة السياسية الحزبية.

فالفعل السياسي في الأردن يرتبط بشكل كبير بالنقد السياسي للمسؤولين ومساءلة الحكومات والمؤسسات العامة. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الشباب بشكل كبير على المجال الرقمي للوصول إلى الجماهير خلال الانتخابات النيابية والمحلية المزمع إجراؤها بعد نحو عام من الآن.

تؤثر ضبابية بنود القانون على الاقتصاد الرقمي. حيث أثار هذا قلق أصحاب الشركات الناشئة والمشاريع الريادية التي يقودها الشباب، لأن مواد القانون المقترح تحد من وسائل الدفع الإلكتروني وتحويل الأموال والخدمات الرقمية.

خصوصًا وأن هناك مشاريع تُدعم من قِبل جهات مانحة لتحقيق اقتصاد رقمي يخدم النساء والشباب في الأردن ويساعدهم على التغلب على التحديات الاقتصادية وتحقيق الاعتماد على الذات.

وهذا ما أكدته وزارة الخارجية الأمريكية في بيان رسمي تنتقد فيه القانون المقترح وتحذّر من تبعاته على الاقتصاد الرقمي وحرية التعبير السياسي ومستقبل الديمقراطية في الأردن.

يمكن القول إن الحكومة أخطأت مجددًا عندما سارعت في تشريع وتمرير القانون دون منحه مساحة واسعة للنقاش العام، والحصول على مقترحات تسهم في تعديل بنود القانون وتحسينه بما يخدم المصلحة العامّة.

وفي نفس السياق، وقع مجلس النواب الأردني في نفس الخطأ، فقد أهدر فرصة لبناء علاقة مع الأحزاب والمجتمع المدني وإجراء مشاورات مع الشعب، وإعادة الثقة بالمؤسسات السياسية وباستمرار مشروع التحديث السياسي في البلاد.

*عبدالله الجبور باحث في الاجتماع السياسي

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن الحكومة الأردنية مجلس النواب التحديث السياسي المجال الرقمي قانون الجرائم الإلكترونية الشرعية السياسية الحکومة الأردنیة التحدیث السیاسی مجلس النواب فی الأردن

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الدولي لعمال النقل يدعو لتحييد الخطوط الجوية اليمنية من الصراع السياسي

دعا الاتحاد الدولي لعمال النقل، الخميس، الأطراف السياسية اليمنية لتحييد عمل شركة الخطوط الجوية اليمنية بعيدا عن الخلافات السياسية وتغليب المصلحة العليا لليمن بالتزامن مع عودة أزمة الطائرات المحتجزة لدى الحوثيين ومساعي الجماعة للسيطرة الكلية على الشركة.

 

وقال الإتحاد الدولي لعمال النقل في بيان له، إنه يتابع بقلق بالغ ما يدور في شركة الخطوط الجوية اليمنية من تفاقم الأزمة وتصعيدها بشكل مستمر دون اي حل يساعد في نزع فتيل الأزمة معربا عن بالغ القلق من تصاعد الازمة والتي قد تؤدي إلى انهيار الناقل الوطني للجمهورية اليمنية.

 

وأكد أن تفاقم الأزمة في الخطوط الجوية اليمنية بين السياسيين في ظل الظروف التي تمر بها الجمهورية اليمنية ما هو الا مؤشر لتفاقم الوضع الإنساني ومحاصرة الشعب اليمني والذي يعاني ويلات الحرب والصراع والدمار منذ العام 2015.

 

وأعتبر ما تقوم به شركة الخطوط الجوية اليمنية من تشغيل لرحلاتها ما هو "الا بصيص الأمل ونور الحياة لكل اليمنيين الذي يعانون الصعوبات والتحديات في كل مناحي الحياة".

 

ويضم الإتحاد الدولي للنقل 750 نقابة نقل يمثلون 20 مليون منتسب في 157 دولة حول العالم.


مقالات مشابهة

  • تلافيف محنتنا المزمنة
  • الاتحاد الدولي لعمال النقل يدعو لتحييد الخطوط الجوية اليمنية من الصراع السياسي
  • ارتفاع معدل التضخم في الأردن خلال النصف الأول من 2024
  • تغيرات المشهد السياسي في السودان
  • ارتفاع معدل التضخم في الأردن بنسبة 1.67% خلال النصف الأول للعام الحالي
  • الأردن: 3.879 مليار دينار قيمة الإيرادات المحلية للشهور الخمسة الأولى للعام الحالي
  • بزشكيان أمام جملة مطالب بإيران.. إليك أبرزها
  • التقدم والاشتراكية يتهم الحكومة بـ"التعامل الفاشل وغير المسؤول" مع أزمة طلبة الطب والصيدلة
  • بنسبة 101%.. صادرات نفط كركوك إلى الأردن تسجل ارتفاعا
  • الحوار السياسي يكون داخل السودان فقط