حارسٌ في مرمى الظلم.. قصة أبو حمرة في دوامة الترحيل والتنمر
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
حارسٌ في مرمى الظلم.. قصة أبو حمرة في دوامة الترحيل والتنمر.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي
إقرأ أيضاً:
الغزيون في مرمى النار مجدداً
في خضم التصعيد العسكري المتجدد في غزة، تتجلى ملامح مأساة مستمرة، حيث تلوح في الأفق حقيقة أن المفاوضات بين الأطراف كانت مرهونة بالفشل منذ البداية، لسبب بسيط هو أن فكرة "التنازلات تعني الهزيمة" قد سيطرت على تفكير كلا الجانبين، مما يجعل أي محاولة للتقارب أو التفاهم تبدو شبه مستحيلة وهو ما ويزيد من تعقيد الفرص الضئيلة للوصول إلى حل شامل ينهي كابوس الحرب.
لا يمكن قراءة الهجوم الإسرائيلي الأخير بمعزل عن حالة الجمود التي وصلت إليها المفاوضات مع حماس، فإسرائيل كانت تراهن على تنازلات من الحركة بشأن ملف الأسرى والتهدئة طويلة الأمد، في حين أن حماس، رغم الضغوط، لم تُظهر أي ليونة تتيح إحراز تقدم ملموس. وبينما كانت القاهرة والدوحة وواشنطن تعمل على تقريب وجهات النظر، جاءت الضربة العسكرية كرسالة إسرائيلية بأن استمرار المراوحة وكسب الوقت لن يكون بلا ثمن.
من الجانب الإسرائيلي، فإن هذا التصعيد يخدم بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من أزمة سياسية داخلية متصاعدة، حيث يشكل أي تحرك عسكري فرصة للهروب من أزماته الداخلية وكسب مزيد من الدعم من اليمين المتطرف، الذي يطالب بتوجيه ضربات أكثر حدة لغزة ووقف أي حديث عن تنازلات في المفاوضات.
أما حركة حماس، فتجد نفسها أمام معادلة معقدة؛ فمن جهة، تسعى للحفاظ على صورة "النصر المعنوي" الذي كرسته بصمودها لأكثر من عام ونصف أمام محاولات نتنياهو القضاء عليها بالكامل، مع أنها تدرك لا محالة أن تعثر المفاوضات يعني تتجدد المواجهة مرة أخرى، وإرتفاع فاتورة "الصمود" على حساب القطاع وأهله، حيث يتحول كل إنجاز سياسي أو عسكري إلى عبء إضافي يدفع المدنيون ثمنه من أرواحهم وأمنهم ومستقبلهم.
لكن هل يعتمد موقف حماس على رؤية استراتيجية؟ أم أن ما يحدث هو مجرد رد فعل مبني على مواقف تكتيكية غير مجدية؟ الواقع يظهر أن حماس قد ضحت بالكثير من أجل صفقة سياسية محدودة، لم تؤدِ إلى أي تغيير حقيقي في موازين القوى أو الواقع المفروض على الأرض. حتى في الوقت الذي يتحدث فيه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عن جهود التفاوض، نجد أن اهتمامه محصور في ملف الأسير الأميركي، في حين تظل قضية وقف إطلاق النار أو مستقبل غزة مغيبة عن جدول الأعمال. وهذا يعكس بوضوح أن المفاوضات تسير بلا هدف واضح، وأن الأطراف الدولية الكبرى تكتفي بالتفاعل مع الظروف الحالية دون أن تطرح رؤية استراتيجية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة.
مع تصاعد الرفض من حماس للمقترحات الإسرائيلية، يظل السؤال الأبرز: ما الذي يمكن أن تحققه حماس بعد أن قررت إسرائيل العودة الى الحرب مجدداً؟ هل بإمكانها حقاً تحقيق مكاسب في ظل الظروف الراهنة؟ الواقع يجيب بالنفي، فحماس التي أشعلت فتيل حرب كبرى زعمت من خلالها تغيير الواقع المفروض عليها تجد نفسها اليوم في موقع صعب مع فقدانها القدرة على التأثير في مجريات الأحداث بعد إنهيار قدراتها العسكرية وتفكك محور المقاومة الذي راهنت عليه من أجل الضغط على إسرائيل، وإذا نظرنا إلى حسابات الربح والخسارة يمكن القول إن حماس قد تكون حققت انتصاراً معنوياً بصمودها طوال سنة ونصف، لكنها على المدى البعيد ستواجه هزيمة حتمية، ذلك لأنها لن تتمكن من إقناع الأطراف العربية والدولية بدعم خطة إعمار غزة على شاكلة المواجهات السابقة.
لا يختلف اثنان على أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن معاناة الفلسطينيين، لكن ذلك لا يعفي الفصائل الفلسطينية من مسؤوليتها في تجنيب سكان غزة ويلات الحرب. فلا يمكن الاستمرار في التعامل مع المدنيين كأوراق ضغط في المفاوضات، ولا يمكن أن تظل القضية الفلسطينية رهينة تكتيكات عسكرية دون رؤية استراتيجية تُخرج غزة من دائرة الصراع المتكرر.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الفلسطينيون إلى قيادة سياسية تدرك أن موازين القوى لا تصنعها صواريخ تُطلق من غزة بقدر ما تصنعها استراتيجيات طويلة الأمد تُوظف لصالح القضية الفلسطينية ككل لا لصالح فصيل أو حسابات آنية، ذلك لأن سلامة الأبرياء يجب أن تتخطى الحسابات السياسية، وعلى حماس أن تعي أن أي مكسب سياسي لن يكون أغلى من أرواح الأبرياء الذين يقضون مع كل جولة تصعيد جديدة.