عندما اتابع خطاب الاخوة في الانتقالي، ادرك حينها انهم لا يمثلون مشروعنا الجنوبي، الجنوب اليمني الذي قرر الوحدة الوطنية مع شمال الوطن، بعد ان انهكته الحروب والصراعات، و انهك باستئثار فكر على كل الأفكار، جنوب اعترفت قيادتها نها أخطأت حينما اقصت شركائها في الكفاح المسلح ضد المستعمر، وانها كانت ضحية لسياسة المستعمر (فرق تسد) ففرقت قوى الكفاح المسلح، ودعاة التحرر والاستقلال من الوصاية الاستعمارية، و لم تستطيع ان تسد الفراغ غياب تلك القوى، لان الأوطان لا تبنى الا بسواعد وأفكار كل الاطياف، وكان مضمون اعترافهم، بعبارة كنا شباب طائش ومتحمسين لا ندرك مخاطر اقصاء الاخر وتهميش الرؤى والأفكار المختلفة، وتدمير التنوع الفكري والثقافي والتعدد السياسي.
هذه الصحوة التي دفع ثمنها الرفاق في الحزب الاشتراكي اليمني ثمنا باهضا، و تحمل جور مرحلة تاريخية بكل عيوبها، اكسبته الكثير من العداوة، وخسر بسببها حاضنته الشعبية في الشمال والجنوب، بل اساء كثيرا لتجربته ومشروعه العادل، هي دولة الكادحين و دولة البُرُولِتاريا، فكان صيدا سهل للقوى التقليدية في الشمال، من خلال كسبها لكل المتضررين من سياسة الحزب وتصفية الاخر المختلف، استطاع نظام صالح ان يحرض ضد الاشتراكي من خلال احتضان خصومة وهم كثر، ضحايا الحرب الاهلية ابان الاستقلال، وضحايا الخطوة التصحيحية اليمين الانتهازي ( قحطان الشعبي وجماعته) واليسار الانتهازي( سالمين وجماعته) والزمرة( علي ناصر وجماعته)، وضحايا التصفيات على وطول فترة حكم الحزب وعرض الوطن ومنها الطائرة الدبلوماسيين وتصفية القبيلة( عملية الغدر بالشيخ الغادر ومن معه) واكبر الأخطاء هو محاربة الملتزمين بالدين الإسلامي، بينما كان البيئة المجتمعية في عدن حينها متنوعة ومنضبطة بنظام قبول الاخر، حيث كانت عدن هي الجنوب اليمني، بنسيج اجتماعي متنوع ومتعايش الأعراق والثقافات والأفكار والأديان والمذاهب، وبقية الجنوب كانت مجتمعات متخلفة بكر لم يمسها بعد التحضر والوعي، فكانت عدن هي منبرهم ومنبع ثقافتهم، وكان من السهل ترويضهم اذا ما ترك لعدن ان تبقى كما تركها المستعمر نموذج للدولة الناشئة، والذي حدث العكس، سمح للريف ان يعكر صفو المدينة، وفل نور منبر عدن بالتدريج، كما عطل مركزها الاقتصادي ودورها السياسي، وأصبحت مسرحا للصراعات عصبيات ما قبل الدولة، كان الريف الرافد الحقيقي لأدوات تلك العصبيات، وهذا ما ساعد على فشل الدولة وانهيار التجربة، وسهل للقوى التقليدية ومنظومة الحكم في الشمال من الانتصار على تجربة الجنوب.
الحزب الاشتراكي رغم عيوبه كان حال من الوعي، ولهذا تدارك مخاطر سياسته، واعلن الإصلاح السياسي والاقتصادي، في وقت كان النفوذ القبلي قد توغل في العمل السياسي، وكانت خطوة الإصلاح متأخرة، فهرب للوحدة على امل ان تلتم حوله القوى الوطنية الأخرى ليشكل تحالفا قويا يعيد لدولة الكادحين زخمها، مع بعض التغيرات في توسيع مساحة الحرية والشراكة يمكن تحقيق دولة المواطنة، والتبادل السلمي للسلطة، وكل ذلك كان حلما تأخر كثيرا، وكانت قواه في اضعف حال، بينما القوى الأخرى كانت كثر نفوذا ودعما إقليميا ودوليا، خاصة بعد سقوط النظام الاشتراكي في قلعته الام الاتحاد السوفيتي.
وعندما تنهار الحاضنة الشعبية، ويفرغ المشروع من عدالته يشوه في والوعي الجمعي، ويسقط كل شيء، ولا تنفع القوى المسلحة ولا الترسانة العسكرية.
فضاع حلم دولة المواطنة في الصراع بين القوى السياسية، الحزب الاشتراكي وحلفاءه والمؤتمر والإصلاح وحلفاءهم.
تفاءل الناس خيرا في ثورة الربيع، التي كان الجنوب مشعلها، والشمال زادها وهجا، ولكن الانقلاب والحرب جعلتها ضحية للتدخلات الخارجية، وعاد المستعمر وادواته الإقليمية ليقبض بخيوط اللعبة السياسية، وأصاب ادواتها من أحزاب ومؤسسات جماهيرية، والمؤسسات التشريعية بالموت السريري، وأعاد تشكيل ادواته، مثل الانتقالي والقوات العسكرية التابعة على أسس مناطقية ومذهبية، وتصفية القوات المسلحة الوطنية، وتصفية قوى التحرر والاستقلال من الوصاية والتبعية، وهو اليوم يدير تلك الأدوات من غرفة عملياته في إسرائيل وبأدوات الصهاينة العرب وعملائهم في الداخل .
كل ما نشاهده من تحركات و مواكب والرجوزات واصنام ودمى في المشهد، هي لزوم الوصاية والتبعية، في سيناريو لرسم سلطة لا وطنية، لانتهاك وطن وسلب المواطن كرامته وشرف انتماءه بل هويته، و واقعنا اليوم مؤشر للوصول الى ما هو اسوء واخطر مما نحن فيه اليوم.
الحل ان تستعيد القوى الوطنية حقها في الدفاع عن الوطن وحق تقرير المصير، والتصدي لهذا العبث، تشكيل جبهة وطنية اليوم مطلب مهم وضروري في النضال من اجل استعادة سيادتنا وكرامة الامة، والشعب اليوم مهيئ للانتفاضة ضد العبث وسياسة استلاب الوطن لسيادته والانسان لإرادته وكرامته.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن كتابات مقالات يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
اليوم يُحسم القرار.. إما عام دراسي طبيعي أو على العام السلام
كما كان متوقعا، تجدد الخلاف، وإن لم يكن بشكل علني، داخل صفوف المعلمين مع اللجان من جهة ومع وزيرة التربية ريما كرامي من جهة ثانية، وهذه المرة انتفض المعلمون الذين أكدوا أن الصبر انتهى، وما تفعله هذه الحكومة لم تفعله أي حكومة من قبل وذلك نتيجة اعتماد بدلات المثابرة وثمن صفائح البنزين (32 مليون ليرة أي 357 دولاراً) عوضاً عن بدل الإنتاجية (375 دولاراً)، وتراجع تعويض المديرين بنحو 40 دولاراً.هذا الجو الذي نقله مصدر تربوي لـ"لبنان24" يشير إلى تخبط كبير، ما استدعى تدخل قادة اللجان، الذين طلبوا من المعلمين أنّ يعطوا وزيرة التربية ريما كرامي فرصة حتى مساء الخميس، وعلى أساس قرارها، سيتم إما الذهاب بالعام الدراسي إلى شط الأمان، وإما الذهاب نحو شلّ العام الدراسي بشكل تام.
"لبنان24" تواصل مع عدد من المعلمين الذين أبدوا امتعاضهم وتوجهوا برسائل مباشرة إلى رؤساء اللجان الذين يتواصلون مع وزيرة التربية، وأمهلوهم فرصة حتى مساء اليوم، الخميس، مؤكدين أن كافة الإشارات سلبية، على الرغم من الإيجابية التي أبدتها وزيرة التربية خلال اللقاء الأخير، خاصة وأن الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي كانوا قد فكوا إضرابهم السابق في 19 و 20 آذار بعد لقاء وزيرة التربية وطلبها استمهالها بعض الوقت لتقديم دراسة تعوض إلغاء بدل الإنتاجية.
وبعد التعبير عن التزامها بكلامها، ليس أمام وفد الرابطة الذي قابلها وحسب، بل من خلال إصدار بيان عن مكتبها الإعلامي تؤكد فيه ذلك، عادت آنذاك الرابطة إلى الهيئة العامة واستطلعت رأي الأساتذة فجاءت نسبة التصويت مؤيدة لإعطاء مهلة معينة تنتهي اليوم.
في هذا السياق، ومع احتدام الخلافات، قال مصدر تربوي شارك في اجتماعات اللجان، ان العدد الأكبر من الاساتذة قد اتخذوا قرارات مسبقة من دون انتظار اللجان تتمثل في التوقف مطلع الأسبوع المقبل عن الذهاب إلى المدرسة، ما يعني ضمنيا، إعلان الإضراب المفتوح. ويؤكّد المصدر أن تساؤل الأساتذة لم يتوقف عند "هل سيتم صرف المستحقات وفق الوعود الجديدة"، بل طرح البعض تساؤلات:" هل يوجد اعتمادات مرصودة للقبض أصلا؟".
ونقل المصدر عن عدد من الأساتذة قولهم أنّهم يرفضون من مطلع الأسبوع المقبل استكمال التعليم وكأنهم عمال سخرة مرة ثانية، مطالبين بتوضيح مصير مرسوم المساعدة الاجتماعية لفصل الصيف.
وعلى الرغم من التوترات السائدة داخل اللجان بين الرؤساء والمعلمين، أفاد المصدر التربوي أنّ رؤساء اللجان نقلوا إلى الاساتذة أنّهم لن يكونوا بوارد التساهل أبدا مع الوزيرة، مشيرين إلى أنّهم لن يلتزموا إلا بخيارات الأكثرية، وهذا ما دفعهم لإجراء تصويت عبر "واتساب" خلص إلى إعطاء وزير التربية والحكومة الفرصة الأخيرة، اليوم الخميس.
وعليه، فإن الاساتذة لن يكتفوا فقط بإعلان الإضراب المفتوح لا بل سيتوجهون إلى إعلان نهاية العام الدراسي بعد المعاملة "غير المسبوقة" من قبل الحكومة، يختم المصدر.
المصدر: لبنان24 مواضيع ذات صلة لغز "المومياء الحامل".. دراسة تحسم الجدل Lebanon 24 لغز "المومياء الحامل".. دراسة تحسم الجدل