قوات من الجيش السوداني من داخل القصر الجمهوري بالخرطوم (مواقع التواصل)

في خطوة تشكل علامة فارقة في مسار الحرب بالسودان، استعاد الجيش صبيحة اليوم الجمعة القصر الجمهوري، مقر رئاسة الدولة السودانية ورمز السيادة بالخرطوم، بعد أن فقده منذ الدقائق الأولى لبداية الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023.

 

وأعلن الجيش السوداني بسط سيطرته على القصر، وجاء في بيان للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة: "في ملحمة بطولية خالدة، توجت قواتنا اليوم نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت من سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري".

 

وشهد محيط القصر الجمهوري على مدى الأشهر الماضية معارك ضارية تمكن فيها الجيش من انتزاع القصر بمبنييه القديم والجديد بعد إلحاق الهزيمة بقوات الدعم السريع التي فقدت اليوم أحد أهم المواقع التي كانت تتحصن بها وسط العاصمة الخرطوم.

 

ووسط مشاعر فرح وطني غمرت فئات الشعب السوداني المختلفة، برز سؤال مُلِحٌّ حول ما تعنيه هذه السيطرة العسكرية على القصر ودلالاتها وتأثيراتها في الواقع على أكثر من صعيد.

 

الأنفاس الأخيرة

 

وفي حديث للجزيرة نت، أكد رئيس أركان الجيش السوداني السابق الفريق أول هاشم عبد المطلب أن استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري تؤكد أن النصر بات قريبا.

 

وقال عبد المطلب إنه بسيطرة الجيش على القصر الذي يمثل رمزية السيادة تكون مليشيا الدعم السريع قد فقدت ما كانت تحرص عليه، لأن السيطرة تفقدها هدفا كان يمثل لها الكثير داخليا وخارجيا.

 

وأشار عبد المطلب إلى خطة متكاملة يجري تنفيذها لتحرير ما تبقى من مناطق بالخرطوم، وأفاد بأن نشاط قوات الدعم السريع التي كانت هي من تهاجم قل كثيرا وانحصر على الدفاع فقط وعلى القصف المدفعي واستخدام المسيّرات لإثبات الوجود، "مما يعني أن العدو بات يلفظ أنفاسَه الأخيرة"، وفقا لتعبيره.

 

وعزا تغيير قوات الدعم السريع لتكتيكاتها لعدة أسباب منها غياب القادة، إما بقتلهم أو بهروبهم إلى إقليم دارفور، وانخفاض الروح المعنوية، والنقص الكبير في أنواع مهمة لهم كالأسلحة والذخائر والمحروقات، بجانب عدم قدرتهم على استخدام أسلوبهم المعروف بالفزع بعد أن حرمهم الهجوم المتزامن للقوات المسلحة في محاور مختلفة من ذلك، وهو ما أثر عليهم كثيرا، ماديا ومعنويا.

 

بداية العد التنازلي

 

ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد جمال الشهيد أن سيطرة الجيش على القصر الجمهوري يعد تقدما إستراتيجيا كبيرا ومهما، لكنه لا يعني نهاية الحرب بعد، مضيفا أن الحرب دخلت مرحلة العد التنازلي، لكن الحسم يتطلب استكمال العمليات في بقية ولايات كردفان ودارفور.

 

وأفاد الشهيد، في حديث للجزيرة نت، بأن المرحلة المقبلة حاسمة جدا، وأي تقدم إضافي للجيش قد يجعل إنهاء الحرب مسألةَ وقت لا أكثر، مشيرا إلى أن الدعم السريع أصبح في موقف دفاعي ضعيف، ولكنه لم يستبعد استخدامه تكتيكات حرب المدن لإطالة أمد المعركة.

 

وقال إن السيطرة على القصر الجمهوري يعني توجيه ضربة معنوية قوية لمليشيا الدعم السريع، حيث تمنح السيطرة عليه -تكتيكيا- الجيش نقطة ارتكاز قوية وسط الخرطوم، مما يسهل التقدم نحو مواقع أخرى أيضا هي في غاية الأهمية، كما يعزز من ثقه الحكومة وينهي مزاعم سيطرة المليشيا المتمردة على المرافق الحيوية والإستراتيجية.

 

واعتبر الشهيد سيطرة الجيش وفرض إرادته على القصر الجمهوري نصرا كبيرا له، وخسارة كبيرة في المقابل للدعم السريع، جازما بأن تقدم الجيش يعزز موقفه التفاوضي في أي عملية سياسية مستقبلية، وسيدفع بالقوى الإقليمية والدولية لإعادة حساباتها بناء على موازين القوة الجديدة، خاصة الدول التي تدعم أو تتوسط لإنهاء النزاع.

 

تحييد مراكز القيادة والسيطرة

 

وفي منتصف مارس/آزار الجاري تعهد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في تسجيل بثه على منصة "ْإكس"، بعدم خروج قواته من القصر، لكن المعارك الضارية التي شنها الجيش السوداني على قواته بمحيط القصر، جعلت الكثير منها يبحث عن الانسحاب من القصر الذي لم يعد آمنا منذ ذلك الحين، بعد تضييق الخناق من كل اتجاه.

 

وبدا الجيش السوداني مصرا على استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم والمواقع الإستراتيجية التي فقدها منذ بداية الحرب حيث عزز عملياته في الخرطوم عبر تكثيف الضربات الجوية والمدفعية، مما أدى إلى استنزاف الدعم السريع بتحييد مراكز القيادة والسيطرة التابعة لها، مما يعكس تقدما في إضعاف القيادة الميدانية للمتمردين.

 

وحبس السودانيون أنفاسهم وهم يتابعون تطورات العملية العسكرية خلال الأيام الماضية في محيط القصر الجمهوري الذي يُعد مصدرا مهما من مصادر تاريخ السودان الحديث والمعاصر ورمزا لسيادة الدولة السودانية وشرعيتها واستقلالها.

 

واشتعلت فور الإعلان الرسمي عن استكمال السيطرة على القصر منصاتُ التواصل الاجتماعي ومجالس السودانيين، ابتهاجا بهذه الخطوة التي اعتبرها البعض إطاحة بآمال "حميدتي" في الاستيلاء على الحكم بالقوة، واعتبرها آخرون مؤشرا لاستعادة المناطق الأخرى بالخرطوم التي ما زالت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

 

قيمة معنوية وسيادية

 

وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مجدي عبد العزيز إن تحرير القصر الجمهوري وعودته إلى حضن الوطن يعد نصرا ذا قيمة معنوية وإستراتيجية وسيادية لا تُضاهى لأنه يعتبر أحد أهم أيقونات السيادة الوطنية وأحد أهم الصروح ذات البعد التاريخي والوطني في السودان.

 

وأشار عبد العزيز الذي عمل لوقت ليس بالقصير بمراسم الدولة من داخل القصر الجمهوري أن القصر بمبنييه القديم والجديد ظل مقر رئاسة الدولة السودانية حيث وجدت به مكاتب وديوان رئاسة الدولة بكل أشكاله الدستورية التي مرت على عهود السودان منذ الاستقلال.

 

وأوضح أن قوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي" كانت تساهم في حراسة القصر الجمهوري وغدرت بمن كانوا يعتبرون رفاقهم في المهمة من قوات الحرس الجمهوري التابعة للجيش السوداني، وقامت باحتلاله طيلة شهور الحرب الماضية وتخريب مرافقه وسرقة محتوياته إلى أن جاءت ساعة تحريره.

 

وكشف أن القصر الجمهوري يضم بداخله أضخم متحف رئاسي بالسودان حوى العديد من الآثار والتحف التي تعبر عن عهود مختلفة منذ عهد الجنرال تشارلز جورج غردون حاكم السودان في العهد الاستعماري الأول والذي قُتل على سلالم القصر على أيدي الثوار في عام 1885، مرورا بعهد اللورد هربرت كتشنر الذي قاد حملة لغزو السودان في عام 1898، ومن بعد كل آثار العهود الوطنية وقادتها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: على القصر الجمهوری قوات الدعم السریع الجیش السودانی سیطرة الجیش

إقرأ أيضاً:

تطور مفاجئ في الخرطوم.. الجيش السوداني يسيطر على القصر الجمهوري وفرار قوات الدعم السريع

شمسان بوست / متابعات:

في تطور ميداني مفاجئ، سيطر الجيش السوداني صباح اليوم الجمعة على القصر الجمهوري في وسط العاصمة الخرطوم، بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع التي كانت تتحصن داخل المبنى. وأكدت مصادر ميدانية أن القوات المسلحة السودانية نفذت عملية نوعية استمرت لساعات، مستخدمة الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، أسفرت عن استعادة السيطرة الكاملة على واحد من أهم رموز السيادة في البلاد.

شهود عيان تحدثوا عن دوي انفجارات ضخمة واشتباكات متواصلة منذ الفجر وحتى ساعات الصباح الأولى، تخللها تقدم آليات الجيش السوداني من عدة محاور نحو محيط القصر، قبل أن تتمكن وحدات الاقتحام من دخوله وتطهيره بالكامل. وبحسب المصادر، فقد انسحبت قوات الدعم السريع بشكل مفاجئ من الموقع، بينما تم القبض على عدد من أفرادها، بعضهم في حالة إصابة بالغة.

القصر الجمهوري، الذي ظل خلال الأشهر الماضية تحت سيطرة قوات الدعم السريع، يمثل نقطة استراتيجية وسيادية بالغة الأهمية، لكونه مقر الحكم ورمز الدولة السودانية، ويقع في موقع حساس وسط العاصمة وعلى مقربة من مؤسسات ومقار دبلوماسية بارزة. استعادة هذا الموقع من قِبل الجيش تعتبر ضربة موجعة لقوات الدعم السريع التي تراجعت ميدانيًا في أكثر من جبهة خلال الأسابيع الماضية.

وتأتي هذه التطورات بعد قرابة عامين من اندلاع الصراع المسلح بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي خلّف آلاف القتلى والجرحى، وتسبب في نزوح ملايين السودانيين داخليًا وخارجيًا، وسط انهيار شبه تام في مؤسسات الدولة والخدمات الأساسية.


ردود الفعل على السيطرة الجديدة تنوعت ما بين الترحيب الحذر من القوى السياسية والمدنية، والقلق الشعبي من اتساع رقعة المواجهات في الخرطوم، خاصة مع استمرار الاشتباكات في بعض المناطق الجنوبية والغربية للمدينة. المواطنون، رغم شعور بعضهم بالأمل جراء هذا التقدم، ما زالوا يعيشون تحت وقع القصف والانفلات الأمني، في ظل غياب أفق واضح لحل سياسي شامل.


وفي الوقت الذي لم تصدر فيه قوات الدعم السريع أي بيان رسمي بشأن انسحابها من القصر، تحدثت حسابات تابعة لها عن “إعادة تموضع تكتيكي” دون الخوض في تفاصيل، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات لهجمات مضادة في الساعات أو الأيام المقبلة.


السيطرة على القصر الجمهوري تمثل من الناحية العسكرية والمعنوية تقدمًا كبيرًا لصالح الجيش، وقد تعيد رسم خارطة السيطرة داخل العاصمة، إلا أن المشهد العام لا يزال هشًا، في ظل غياب تسوية سياسية حقيقية، واستمرار حالة الاحتراب التي تعصف بالبلاد منذ ربيع عام 2023.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو..بعد أن فقدت عدد من قاداتها..  أين توجهت  قوات “الدعم السريع” بعد سيطرة الجيش السوداني على القصر الجمهوري؟
  • تطور مفاجئ في الخرطوم.. الجيش السوداني يسيطر على القصر الجمهوري وفرار قوات الدعم السريع
  • سيطرة الجيش السوداني على القصر ماذا تعني.. خبيرة استراتيجية ترد
  • أول رد من ميليشيا الدعم السريع بعد سيطرة الجيش السوداني على القصر الرئاسي
  • الجيش السوداني يعلن السيطرة على القصر الجمهوري في الخرطوم
  • الجيش السوداني يطرد قوات الدعم السريع من القصر الجمهوري في الخرطوم
  • الجيش السوداني يستعيد السيطرة على القصر الجمهوري في الخرطوم
  • إعلام رسمي يكشف عن تطور بشأن سيطرة الجيش السوداني على القصر الرئاسي من قبضة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يقترب من السيطرة على القصر الجمهوري وسط الخرطوم