تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص؛ حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.

من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.

إذا كنا نتحدث عن الدراما العميقة التي تأسر القلوب، فلا بد أن نذكر "حديث الصباح والمساء"، العمل الذي استطاع أن يترجم عبقرية نجيب محفوظ إلى دراما تليفزيونية أبهرت المشاهدين. المسلسل ليس مجرد قصة عادية، بل هو ملحمة إنسانية تتنقل عبر الأجيال، وتسرد حكايات الحب، الخيانة، الصراع الاجتماعي، والتغيرات السياسية التي أثرت في المجتمع المصري.

ويقدم "حديث الصباح والمساء" تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي من خلال ثلاث عائلات، تبدأ من منتصف القرن التاسع عشر وتمتد حتى نهاية القرن العشرين. هذه العائلات هي: عائلة البدري: التي تمثل الطبقة الغنية وأصحاب النفوذ، وعائلة السماحي: التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وتحاول الصعود اجتماعيًا، وعائلة السُرّاج: التي تمثل الطبقة الكادحة والمسحوقة.

وتتشابك مصائر الشخصيات عبر الأجيال، حيث تتحول حياة بعضهم من الفقر إلى الثراء، ومن النفوذ إلى الضياع، بينما يظل آخرون عالقين في دوامة الصراعات العائلية والحب المستحيل.

أحد الجوانب العبقرية في المسلسل هو الطريقة غير التقليدية في السرد، حيث يتم تقديم القصة من خلال الأسماء المرتبة أبجديًا؛ ما يعطي المشاهد إحساسًا بالقدرية ودائرة الحياة التي تتكرر بين الأجيال.

وحقق المسلسل نجاحًا هائلًا عند عرضه لأول مرة في رمضان 2001، وكان واحدًا من الأعمال القليلة التي استطاعت أن تحوّل رواية أدبية إلى دراما تليفزيونية بنفس العمق والجمال.

وتميز المسلسل بسيناريو محكم وحوارات فلسفية تحمل لمسة نجيب محفوظ، إلى جانب موسيقى تصويرية ساحرة من ألحان الموسيقار ياسر عبد الرحمن، التي أضافت بعدًا عاطفيًا عميقًا للأحداث. وعلاوة على الأداء التمثيلي المذهل من نجوم كبار ، مثل ليلى علوي، أحمد خليل، وأحمد ماهر.

قصة العمل مأخوذة عن رواية نجيب محفوظ، والمعالجة الدرامية والسيناريو محسن زايد، وإخراج أحمد صقر، ومن بطولة ليلى علوي، عبلة كامل، أحمد خليل، دلال عبدالعزيز، خالد النبوي، أحمد ماهر، سوسن بدر، محمود الجندي، وأحمد رزق.

"حديث الصباح والمساء" لم يكن مجرد مسلسل، بل كان رحلة عبر الزمن، حيث تتكرر المصائر، وتتشابك الحكايات، في لوحة فنية بديعة رسمها نجيب محفوظ وأعاد إحياءها صُنّاع المسلسل ببراعة، إنه واحد من أعظم الأعمال الدرامية في تاريخ التليفزيون المصري، وسيظل دائمًا مصدر إلهام لعشاق الدراما الراقية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حديث الصباح والمساء رمضان زمان حكايات على ضوء الفانوس نجيب محفوظ أحمد صقر ليلى علوي عبلة كامل خالد النبوي حدیث الصباح والمساء نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

بينالي أبوظبي للفن العام.. فرصة فريدة للتأمل والاستكشاف

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «أبوظبي للغة العربية» يوقّع اتفاقية تعاون مع مكتبة الإسكندرية «كُتَّاب الإمارات» و«أبوظبي للثقافة» يحتفيان باليوم العالمي للشعر

يتيح بينالي أبوظبي للفن العام لزواره في شهر رمضان، فرصة استكشاف المجموعة الثانية من الأعمال الفنية المشاركة في دورته الافتتاحية، حيث يحوّل هذا الحدث العديد من مواقع أبوظبي إلى احتفالية بالفن والثقافة والمجتمع على مستوى الإمارة. ويستمر البينالي حتى 30 أبريل المقبل، وكشف حتى الآن عن سلسلة من التركيبات الفنية الجديدة الخاصة بالموقع، كجزء من برنامج أوسع يضم أعمال أكثر من 70 فناناً من الإمارات العربية المتحدة والمنطقة والعالم أجمع.
وخلال الشهر الفضيل، يقدم البينالي فرصة فريدة للتأمل والاستكشاف الفني للزوار من جميع الخلفيات الثقافية والاهتمامات. ويتيح البينالي فرصة الاستمتاع بروح الموسم من خلال القيام برحلات مميزة قبل أو بعد الإفطار عبر كورنيش أبوظبي، والحدائق العامة، وموقع هيلي الأثري، وواحة العين الهادئة، والمجمع الثقافي النابض بالحياة، وسوق السجاد الصاخب.
كما يمكن للزوار استكشاف التركيبات الفنية التي أبدعها فنانون محليون ودوليون، لتعكس روح المجتمع والبيئة والتراث الثقافي على طول الدروب الموضحة على الموقع الإلكتروني الخاص ببينالي أبوظبي للفن العام، حيث يمكّن الاطلاع على ملخص حول الفنانين وأعمالهم المعروضة في مواقع مختلفة خلال شهر مارس الحالي.
أعمال فنية تستحق الاستكشاف في شهر رمضان هذا العام: مخزن الهجرة (2024)، من إبداع مجموعة أنغا الفنية، والتفاعل المدني (2024)، من إبداع مجموعة أركيتيكتورا إكسبانديدا، ومرح التقاليد (2024) من إبداع عائشة حاضر، وفضاء عميق (2024) من إبداع لوسيا كوخ، وإكليل الحكمة من إبداع رند عبدالجبار، ولنروِ كؤوسنا قبل أن يجف الزمن (2024) من إبداع نينا أوكور، وخرائط ودلائل أخرى (2024) من إبداع صوفيا بالاجاموالا، والعش (2024) من إبداع طارق كيسوانسون، والمحطة من إبداع أتيليه عزيز القطامي.
ويقدم «مختبر دروازة للتقييم الفني» سلسلة من الجلسات الحوارية بين الفنانين المشاركين والخبراء المحليين وأمناء المعارض، تليها مأدبة سحور وعرض أدائي لبيت العود في سوق السجاد.

مقالات مشابهة

  • مهرجان مالمو يكرّم أحمد حلمي: رحلة إبداع تتوّج بتقدير عالمي
  • بينالي أبوظبي للفن العام.. فرصة فريدة للتأمل والاستكشاف
  • أجواء رمضان تضيء جامعة أسيوط بفعاليات مميزة وسهرة "ذكريات زمان" بكلية التربية النوعية
  • دراما رمضان 2026.. مسلسلات تحجز مكانها بأجزاء جديدة
  • مليشيا الدعم السريع المتمردة غدرت بقوات الجيش والاحتياطي المركزي التي كانت تؤمّن القصر الجمهوري
  • رمضان زمان| حديث الصباح والمساء.. ملحمة درامية مستوحاة من إبداع نجيب محفوظ
  • كزبرة يخوض أول بطولة درامية مُطلقة بـ «على ضهر راجل».. ويرد على مُنتقدي اختياراته
  • هل أتاكَ حديثُ الطاغية!!؟
  • رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| بوابة الحلوانى.. دراما التاريخ والسياسة فى عصر الخديوى