كيف كشفت ملفات كينيدي مخبري وكالة المخابرات المركزية الأمريكية؟
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه ولسنوات، وبينما كانت الحكومة الأمريكية ترفع السرية عن وثائق تتعلق - بعضها بشكل ضعيف للغاية - باغتيال الرئيس الأسبق جون كينيدي، ونشرتها، كان الافتراض الذي عبر عنه أصحاب نظريات المؤامرة وبعض المؤرخين هو أن أي شيء كان لا يزال محجوبا قد يكون ذا شأن.
وأضافت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن هذا الافتراض دفع بعض حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمن فيهم ابن شقيق كينيدي، روبرت كينيدي الابن، الذي يشغل الآن منصب كبير مسؤولي الصحة في البلاد، إلى الضغط عليه للإفراج عن الدفعة الأخيرة من ملفات أرشيف كينيدي، معتقدين أنها قد تكشف عن أدلة دامغة: وهي أن كينيدي لم يُغتال على يد مسلح منفرد في دالاس.
ولكن مع نشر الأرشيف الوطني لما يقرب من 64,000 صفحة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، بما في ذلك بعض الصفحات التي تضمنت عمليات تحرير سابقة، يتضح أن هناك سببا آخر ربما كان وراء هذه السرية: حماية المصادر، بل والممارسات غير المقبولة أحيانا في عمليات الاستخبارات الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة أن الوثائق لا تزال قيد المراجعة، لذا قد تظهر حقائق مهمة في المستقبل، مع أن المؤرخين يعتبرون ذلك مستبعدا للغاية.
ولكن بناء على معيار واحد - مراجعة المواد المنشورة سابقا والتي لم تعد محررة - بدا القلق الحقيقي هو أن هذه الدفعة ستزود الصديق والعدو على حد سواء بأسماء عملاء ومخبري وكالة المخابرات المركزية الذين ما زالوا على قيد الحياة، وعمليات جمع المعلومات الاستخبارية الموجهة إلى الحلفاء، والعمليات السرية، وحتى ميزانيات وكالة المخابرات المركزية.
مثال على ذلك: ملفات تفصل كيفية جمع وكالة المخابرات المركزية للمعلومات السرية في كوبا. أحد الأمثلة يأتي من مذكرة استخباراتية رئاسية مؤرخة في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963، في اليوم التالي لاغتيال كينيدي، ويفترض أنها كانت موجهة إلى الرئيس الجديد، ليندون جونسون.
كشفت نسخة نُشرت سابقا أن "مترجمين كوبيين يعملون الآن في العديد من مواقع صواريخ أرض-جو (سام) في الجزيرة". حجبت في النسخة العامة من الوثيقة، على الأقل حتى ليلة الثلاثاء، الكلمات التي توضح كيفية الحصول على تلك المعلومات: "في الأسبوع الماضي، اعترضنا رسائل عسكرية كوبية".
وفي مثال صارخ آخر، أبلغ آرثر شليزنجر الابن، أحد كبار مساعدي البيت الأبيض، كينيدي يوم تنصيبه عام 1961 أن "47% من المسؤولين السياسيين العاملين في سفارات الولايات المتحدة كانوا" ضباط استخبارات يعملون تحت غطاء دبلوماسي - أي جواسيس، بمعنى آخر.
كما أخبر شليزنجر الرئيس الجديد أن 123 موظفا من الوكالة مدرجين كـ"دبلوماسيين" هم في الواقع عملاء لوكالة المخابرات المركزية. (وهذا ليس جديدا لمن شاهد مسلسل "هوملاند"). لم تدرج هذه المعلومات في إصدارات الوثائق السابقة. كانت هذه المرة.
لطالما التزمت "سي آي إيه" بتكتم شديد بشأن عملياتها. وهذا أمر مفهوم، نظرا لطبيعة أعمال التجسس، ولكن أيضا لتاريخها الحافل بالممارسات المشكوك فيها أحيانا. ومن الأمثلة ذات الصلة غزو خليج الخنازير، وهو إنزال عسكري أمريكي فاشل في كوبا في عهد كينيدي، وفقا للتقرير.
وأشار التقرير إلى أن هذا قد يساعد في تفسير الطبيعة الفوضوية للكشف الأخير عن الوثائق. فقد نشرت أكوام من الوثائق غير المصنفة على دفعتين بعد أن أعلن ترامب فجأة يوم الاثنين أنه سيتم نشرها في اليوم التالي. ويشير كل ذلك إلى جهد أخير من جانب مجتمع الاستخبارات للحد مما ينشر للرأي العام.
ونقل تيموثي نفتالي، الأستاذ المساعد في جامعة كولومبيا والمدير السابق لمكتبة نيكسون الرئاسية، قوله "لم يكن التأخير بسبب الأدلة الدامغة التي من شأنها أن تساعدنا على فهم دور لي هارفي أوزوالد في الاغتيال، بل لأن هذه الوثائق احتوت على المصادر والأساليب".
وأضاف البروفيسور نفتالي، مستشهدا بأدلة في الوثائق على أن الولايات المتحدة كانت تعترض اتصالات حليف خلال سنوات كينيدي: "كنا نعترض رسائل من مصر. هذا لا علاقة له بمن قتل كينيدي".
وبحسب التقرير، فقد نجح مسؤولو الاستخبارات لعقود في حجب مثل هذه الكشوفات. هذه المرة، واجهوا قوتين.
الأولى هي أن الكثير من هذه المعلومات يعود تاريخها إلى 60 عاما. من الصعب أن نتصور كيف يمكن أن تكون الكشوفات التي تعود إلى هذا الزمن البعيد ضارة. معظم الأشخاص المذكورين إما متوفون أو متقاعدون، وقد أُعيدت كتابة الشفرات السرية منذ زمن طويل، وتغيرت التحالفات.
القوة الثانية هي ترامب، الذي دأب طوال حياته المهنية على تداول أسئلة حول ملابسات اغتيال كينيدي. من هذا المنظور، كانت هذه التفاصيل المضافة أضرارا جانبية. (وإن لم يكن ذلك تماما: فهي تُعزز، عند قراءتها بطريقة معينة، فكرة وجود نوع من الدولة العميقة، وهي نظرية أخرى تُحرك ترامب والعديد من مؤيديه).
وأوضحت الصحيفة أنه لا يزال هناك وثائق مفقودة وبعض المقاطع المحذوفة في الملفات التي نُشرت يوم الثلاثاء، مما يُشير إلى أن وكالات الاستخبارات تمكنت من إخفاء بعض الأمور.
لكننا نعلم الآن أن الولايات المتحدة كانت تعترض اتصالات سرية في ستينيات القرن الماضي من قِبل مجموعة من الدول. وقد أقرت الدولة الآن بعمليات سرية في اليونان وفنلندا والبرازيل وقبرص خلال أوائل الستينيات، حسب التقرير.
قال نفتالي: "بالنسبة لطلاب الشؤون الدولية، لدينا الآن أدلة على اعتراضهم وقراءة الاتصالات الرسمية لإندونيسيا ومصر خلال عهد كينيدي"، مضيفا "بالنسبة لهواة اغتيال جون كينيدي، كل هذا مجرد كلام فارغ".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية كينيدي ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة كينيدي ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وکالة المخابرات المرکزیة
إقرأ أيضاً:
وثائق مسربة تكشف تدخل المخابرات الأمريكية في الانتخابات بعدة دول
كشفت وثائق رفعت عنها السرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن استخدام الوكالة للأموال في التأثير على الانتخابات في عدد من الدول، من بينها اليونان وفنلندا والبرازيل، وهو ما يعزز المزاعم حول تدخل الولايات المتحدة في الشؤون السياسية للدول الأخرى خلال العقود الماضية.
دعم مالي سري في الانتخابات والاحتجاجاتوبحسب الوثائق المسربة، فقد قامت وكالة المخابرات المركزية بتمويل مظاهرات حاشدة في دول بأمريكا اللاتينية، وخصصت موارد ضخمة لمحاربة حكومة فيدل كاسترو في كوبا خلال ستينيات القرن العشرين. كما تشير إحدى الوثائق إلى اجتماع عُقد عام 1962، حيث أقر نائب مدير الوكالة آنذاك، ريتشارد هيلمز، بتورط المخابرات المركزية في تقديم دعم مالي سري خلال العمليات السابقة التي استهدفت التأثير على نتائج الانتخابات في عدة دول.
وجاء في إحدى الوثائق المسربة: "تمت ملاحظة تقديم الوكالة للدعم المالي السري في سياق الانتخابات في بيرو واليونان وفنلندا وإيطاليا والبرازيل"، في إشارة إلى مدى اتساع نطاق العمليات السرية التي نفذتها المخابرات الأمريكية خلال تلك الفترة.
الجدير بالذكر أن هذه الوثيقة نُشرت عام 2023، لكن في حينها تم شطب أسماء الدول من النص قبل أن يتم الكشف عنها مؤخرًا.
وفي وثيقة أخرى مؤرخة عام 1962، تم تسليط الضوء على الدور الذي لعبته وكالة المخابرات المركزية في تنظيم احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية.
وأشارت الوثيقة إلى أنه "في إطار دعم جهود بعض الدول، نفذت وكالة المخابرات المركزية أنشطة دعائية، بما في ذلك سلسلة من المظاهرات الحاشدة في الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا والإكوادور وغواتيمالا والمكسيك وبنما وبيرو وأوروغواي وفنزويلا". وتعكس هذه المعلومات الجهود التي بذلتها المخابرات الأمريكية لخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي في هذه الدول، في سياق الحرب الباردة والمواجهة مع النفوذ السوفييتي في المنطقة.
توسيع "المشروع الكوبي" لمواجهة فيدل كاستروإضافة إلى ذلك، تتضمن الوثائق تفاصيل موسعة حول "المشروع الكوبي"، المعروف أيضًا باسم "عملية مانجوس"، والذي كان يهدف إلى إسقاط حكومة فيدل كاسترو في كوبا. ووفقًا للمعلومات الواردة في الوثائق، فقد كان من المخطط أن يرتفع عدد العاملين في المشروع إلى 600 شخص، مع زيادة ميزانية عامي 1963 و1964 إلى أكثر من 100 مليون دولار، في محاولة مكثفة لزعزعة استقرار النظام الكوبي.
وتأتي هذه التسريبات في سياق سلسلة من الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخرًا، حيث سبق للسلطات الأمريكية أن نشرت ملفات سرية تتعلق باغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1963، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول مدى تورط المخابرات الأمريكية في الأحداث السياسية الكبرى على مدار العقود الماضية.