اعتقال إمام أوغلو: أردوغان يتخلى عن سياسة "العصا والجزرة" ويتبنى نهجًا أكثر تشددًا
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نهج "العصا والجزرة"، متجهاً نحو سياسة أكثر تشددًا، كما يظهر في اعتقال أكرم إمام أوغلو وقمع المعارضة، بالتزامن مع تصعيد أمني ضد الأكراد. وعلى الصعيد الإقليمي، عزز نفوذه في سوريا بعد سقوط الأسد، بينما يواجه على الجبهة الداخلية تحدّيات سياسية واقتصادية متزايدة.
تشهد تركيا تحولًا ملحوظًا في نهج الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي تخلى عن استراتيجيته السابقة التي كانت تجمع بين الضغوط والتنازلات، متجهاً نحو سياسة صارمة ترتكز على القمع السياسي والتشدد الأمني.
يظهر هذا التوجه بشكل واضح في حملة القمع الأخيرة ضد المعارضة، حيث تم اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز الشخصيات المعارضة، بتهم تتعلق بالفساد والتعاون مع من تصفهم الحكومة بالإرهابيين.
تعتبر هذه الخطوة تصعيدًا كبيرًا ضد المعارضة، التي وصفتها بـ"الانقلاب السياسي" الهادف إلى إقصاء إمام أوغلو عن السباق الانتخابي المقبل، كمرشحٍ قويٍ محتمل، وخصم لا يُستهان بعد أن كادت الساحة تخلو من كل ما من شأنه أن يهدد حكم الرئيس أردوغان بعد وفاة ألدّ أعدائه في السنوات الماضية وهو فتح الله غولن الذي توفى الخريف الماضي في منفاه بالولايات المتحدة.
وقد أثار هذا الاعتقال موجة من الاحتجاجات الداخلية والتنديدات الدولية، حيث يرى أنصاره أن القضية ذات دوافع سياسية تهدف إلى تحييده عن المشهد السياسي، خاصة بعد أن ازدادت شعبيته عقب نجاحه في إدارة بلدية إسطنبول وتقديمه نفسه كبديل قوي لأردوغان. ومن المرجح أن يؤدي هذا التصعيد إلى تعزيز مكانة إمام أوغلو كرمز للمعارضة، مما قد يزيد من التحديات أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم.
Relatedنحو مئة نائب فرنسي ينددون "بسياسة حرب اردوغان" على الأكراداردوغان يهدد مجددًا بعرقلة انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو ماكرون واردوغان يتبادلان الرسائل لتبديد حدة التوتر الأكراد وسياسة اليد الممدودةبالتزامن مع ذلك، تواصل الحكومة التركية التعامل مع الملف الكردي بقبضة من حديد . إذ رغم إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن استعداده لنزع السلاح كخطوة نحو تحقيق السلام، فإن أردوغان لم يُبدِ اهتمامًا بهذه المبادرة، مما يعكس غياب أي نية رسمية لحل الصراع سياسيًا.
وأكد حزب الشعوب الديمقراطي (DEM) المؤيد للأكراد أن الحكومة لم تقدم أي خطوات ملموسة نحو المصالحة، ما يعكس استمرار السياسة الأمنية المتشددة.
تركيا وسقوط الأسدوبموازاة هذه الأحداث، كسب أردوغان في الأحداث الإقليمية الأخيرة وصول حلفاء له إلى السلطة في سوريا الجارة، بعد سنوات طويلة من الدعم الذي قدمه للمعارضة المسلحة في هذا البلد، وبعد أن بدا الخيار التركي هناك على وشك الأفول العام الماضي، وتحوّل الضغوط من دمشق نحو أنقرة، مع انفتاح الحكومات العربية في الخليج على إعادة فتح سفاراتها لدى نظام بشار الأسد.
لكن سرعان ما انقلبت الصورة تماما في لحظةٍ إقليمية استثنائية، إذ دعم أردوغان زخماً جديداً تمخّض عن إسقاط نظام الأسد ودخول الجماعات المسلحة إلى دمشق بقيادة أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام. بعدها أصبح أحمد الشرع (أو الجولاني سابقا) الرئيس الانتقالي للسلطة الجديدة في سوريا والتي تبدو في اتجاه سياستها الخارجية متناغمةً بوضوح مع سياسات أردوغان.
وعلى الرغم من ذلك، بقي الوضع الداخلي التركي متوتراً على خلفية حالة الاستقطاب السياسي المتزايد، وعدم استقرار المؤشرات الاقتصادية، والتراجع المستمر لليرة التركية في الأسواق. لتأتي حملة أردوغان على المعارضة فتفجر استقرارا هشاً شهدته البلاد في الأسابيع الأخيرة.
Relatedتطور تاريخي: ماذا تعني دعوة أوجلان حزبه لإلقاء السلاح بالنسبة لتركيا وسوريا؟تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتباطهم بحزب العمال الكردستانيتركيا تصرّ: حل حزب العمال وتسليم سلاحه فورًا!وعلى الصعيد الدولي، يبدو أن أردوغان يستمد مزيدًا من الجرأة من دعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ومن التحولات الأخيرة في الملف السوري، حيث عزز النفوذَ التركي هناك على حساب الأكراد بعد انسحاب القوات الأميركية من بعض المناطق. هذه العوامل مجتمعة جعلت أردوغان أكثر ثقة في فرض أجندته داخليًا وخارجيًا دون الحاجة إلى تقديم تنازلات.
وتشير هذه التطورات إلى أن أردوغان قد تخلّى نهائيًا عن نهج "العصا والجزرة" الذي كان يستخدمه سابقًا لموازنة سياسته، ليعتمد الآن على "العصا فقط" في مواجهة معارضيه، سواء داخل تركيا أو خارجها، مما ينذر بمزيد من التوترات السياسية والاجتماعية في المرحلة المقبلة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتباطهم بحزب العمال الكردستاني تركيا: التضخم يتراجع للشهر الثامن على التوالي ويسجل أدنى مستوى له منذ منتصف 2023 بعد أكثر من عقد من القطيعة.. تركيا تُعيد فتح قنصليتها في حلب رجب طيب إردوغانتركياحزب العمال الكردستانيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي رجب طيب إردوغان تركيا حزب العمال الكردستاني روسيا قطاع غزة حركة حماس إسرائيل تركيا الاتحاد الأوروبي معارضة علم النفس رجب طيب إردوغان فولوديمير زيلينسكي سوريا بشار الأسد یعرض الآنNext إمام أوغلو حزب العمال
إقرأ أيضاً:
الاحتجاجات في تركيا تتصاعد بعد اعتقال أوغلو المتهم بمحاولة انقلاب
سرايا - من المتوقع أن يُصّعد آلاف الأتراك الاحتجاجات الخميس بعد ما وصفوه بالاعتقال غير الديمقراطي لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، رغم قيام الدولة بحظر التجمعات ووضع الشرطة حواجز واعتقال العشرات بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
واعتقلت تركيا إمام أوغلو، أبرز المنافسين السياسيين للرئيس رجب طيب أردوغان، الأربعاء بتهم تشمل الفساد ومساعدة جماعة إرهابية، في خطوة انتقدها حزب المعارضة الرئيسي واعتبرها "محاولة انقلاب على الرئيس المقبل".
ويأتي اعتقال إمام أوغلو، الذي يحظى بشعبية كبيرة وشغل منصب رئيس بلدية إسطنبول لفترتين، في إطار حملة قانونية مستمرة منذ شهور في جميع أنحاء البلاد على شخصيات من المعارضة، وُصفت بأنها محاولة مسيسة للإضرار بفرصها في الانتخابات.
وقال إمام أوغلو على منصة إكس داعيا أعضاء السلطة القضائية والحزب الحاكم بزعامة أردوغان إلى محاربة الظلم "يجب أن نقف كأمة ضد هذا الشر".
وأضاف "تجاوزت هذه الأحداث أحزابنا ومبادئنا السياسية. المسألة الآن تتعلق بشعبنا، وبالأخص عائلاتكم. حان الوقت لنرفع أصواتنا".
وتنفي الحكومة هذه الاتهامات، وحذرت من ربط أردوغان أو السياسة باعتقال إمام أوغلو وفرضت بعده حظرا على التجمعات لمدة أربعة أيام وقيّدت الوصول إلى بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وأغلقت الشرطة طرقا الخميس ونشرت شاحنات مزودة بمدافع مياه بالقرب من قسم الشرطة المحتجز داخله إمام أوغلو ومناطق أخرى في إسطنبول.
وقال علي إزار أحد مؤيدي المعارضة وهو في طريقه إلى عمله في وسط إسطنبول "اعتقلوا على عجل رئيس بلديتنا الذي انتخبناه بأصواتنا". وأضاف "لا أعتقد أن هذه ممارسة ديمقراطية وأندد بها".
وخرج آلاف المحتجين إلى الشوارع والجامعات في مدن مختلفة، منها إسطنبول والعاصمة أنقرة، رغم أن تركيا تحجم العصيان المدني بشكل كبير منذ خروج احتجاجات ضد حكومة أردوغان في عام 2013 دفعت الدولة إلى شن حملة قمع عنيفة.
ورددت الحشود شعارات مناهضة للحكومة وعلقت لافتات تحمل صور إمام أوغلو والزعيم المؤسس لتركيا مصطفى كمال أتاتورك وأعلاما تركية في المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1169
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 20-03-2025 06:01 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...