بقلم : د. سمير عبيد ..

أولا: لقد ثَبُتَ للعالم والمنطقة ولجميع النخب العراقية في الداخل والخارج ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق فقدت الشعور والإحساس بما يدور في المنطقة والعالم، وبما هو قادم للعراق.. لذا:-
١-فشيعة السلطة الذين هيمنوا على القرار الشيعي عِنوة وعلى جزء كبير من القرار العراقي كدولة وضعوا بيضهم في السلة الإيرانية واستسلموا تماما وصاروا وكأنهم (مسؤولين في المحافظات الإيرانية داخل ايران ) فباتوا عبيدا للإملاءات الإيرانية !
٢- أما سُنّة السلطة في العراق فهم كالأيتام فيوميا يهرولون وراء أم ومرضعة شكل ونوع .

فتارةً تصفّهم تركيا وكأنهم أطفال روضة وتملي عليهم ، وتارة تفرقهم وتجمعهم مشاريع واموال دولة قطر، وتارة تفرقهم وتجمعهم سياسات الإمارات ،وتارة تحركهم سفارة إيران نفسها، وتارة تملي على بعضهم إسرائيل بعد ان ملت اسرائيل من توسلهم ورسائلهم .بحيث اتعب هؤلاء الساسة المكون السني وفرقوا شمله .. واتعبوا العراق وصاروا كمبارس فوضوي للايجار !
٣- اما الأكراد فهم بالتأكيد لم يبقوا مثلما كانوا سابقا كتلة واحدة قوية وتطلب من المركز سقوف عالية لتأخذ سقوف مقبولة لهم .بحيث أصبح بين نسيجهم تفرعات ومشاكل وتخوين وانعدام الثقة ومعارضة في الشارع ، وايضاً بسبب تركيا وايران بالدرجة الاولى ودول وجهات اخرى بالدرجة الثانية .ووضعهم لا يحسدون عليه ولكن الفرق بينهم وبين الشيعة والسنة انهم يعرفون ماذا يدور في المنطقة والعالم، ويعرفون ماهو القادم للعراق. فنظموا انفسهم على ضوء ذلك وخصوصا في أربيل !
ثانيا :-
لا عليكم باعلام السلطة في العراق.ولا عليكم ببالونات وعنتريات احزاب ومليشيات السلطة فهم حاليا يمارسون السياسة على قاعدة المثل القديم ( مثل خلالات العبد .. هاي طاهرة وهاي نجسة) واكيد ان الاجيال الجديدة لا تعرف فحوى هذا المثل. لذا نشرحه ( في يوم من الايام تم ارسال العبد ” اي الخادم” إلى منطقة بعيدة ليجلب التمر من منطقة بعيدة واثناء المسافة الطويلة اراد العبد التيول فشعر ان ” طفار بوله” قد لامس التمر . وعندما جاع العبد فأخذ يأكل من التمر ولكنه يشاهد التمرة النظيفة فيأكلها ويرمي التمرة المتسخة او التي لا تعجبه ويقول عنها ( هذه نجسه/ ويقصد وصلها البول ) فيرميها .. وعندما فرغت السلة او الكيس ولم يصل إلى الذين أرسلوه بقي في حيرة بين الجوع وبين ان تصل معه كمية من التمر لكي لايتعرض للعقوبة والطرد … فعاد لنفس الطريق وهو يجمع التمر الذي رماه على طول الطريق على ان تمر ( نجس ) لكي يعود به للذين أرسلوه )) وهكذا الساسة في العراق بالضبط وخصوصا الساسة الشيعة ( عقموا جميعا من تقديم ماهو جديد .. فاتبعوا سياسة التدوير وإنتاج انفسهم على طريقة خلالات العبد ) وجوه فاسدة وفاشلة يرمونها فيعيدوها للواجهة بعد فترة من جديد وهكذا..والانجازات باقية صفر !
..من هنا انعدمت الثقة بالنظام السياسي العراقي الحاكم من قبل دول المنطقة والاقليم والعالم ومن قبل الشعب العراقي . فأصبحت العملية السياسية في العراق عبارة عن سباق خيل الشرطة ( فالخيول نفسها والنتيجة نفسها في كل موسم ومناسبة) وحتى المشجعين لهذا السباق هم انفسهم اي الشرطة فقط!
ثالثا:
١-شعر المجتمع الدولي بتأنيب الضمير على ماحل بالمجتمع العراقي من دمار وفرقه وجهل ،وما حل بالعراق من مآسي وتراجع وخراب وتخلف فأخذ المجتمع الدولي يفكر بالخطر على مصالحه في منطقة الشرق الأوسط لا سيما وان العراق دولة محورية من حيث موقعها الاستراتيجي وثرواتها وعمقها التاريخي والحضاري والتنافس الابدي والتاريخي بينه وبين ايران التي تحالفت مع روسيا والصين واصبحت رأس حربة المحور الصيني الروسي .
٢-من هنا دب الخوف في المجتمع الدولي ( وبما ان المجتمع الدولي لم يرضى على السياسة الإيرانية ويعتبرها سياسة مستفزة ولا تنسجم مع ما يريده المجتمع الدولي لمنطقة الشرق الأوسط )سارع المجتمع الدولي لتوبيخ الولايات المتحدة على مافعلته بالعراق والعراقيين بسبب غزوها واحتلالها وسكوتها عن تدمير العراق والشعب العراقي وهيمنة ايران على شؤون واقتصاد العراق . فتم اتخاذ القرار ب ( التغيير السياسي في العراق ) وبإشراف النظام الدولي الذي تعتبر الولايات المتحدة عضواً فيه. فوضعت السيناريوهات لتحرير العراق من (إيران والمليشيات ومن احزاب الإسلام السياسي ومن التبعية لايران وغيرها ) وتأسيس ( نظام رئاسي وطني قوي / مدعوم من النظام الدولي ) يقوم بمحاسبة الطبقة السياسية منذ عام ٢٠٠٣ وحتى يوم التغيير. وبناء نظام وطني جديد مختلف تماما عن الحقبة الفاشلة التي بدأت منذ عام ٢٠٠٣ وحتى يوم التغيير !
رابعا:-
١-فوضعت الولايات المتحدة سيناريو التغيير في العراق امام المجتمع الدولي فقام بتشذيبه وتعديله بشرط ان يكون التغيير ( بلا خسائر بشرية وبلا تدمير للمؤسسات ) ووضعت الخطط الدقيقة لتحقيق ذلك . فسارعت الولايات المتحدة لاستعمال سياسة ( الوخز ، والتضييق، والتثوير المتدحرج ضد الطبقة السياسية ، والخناق التدريجي ،وصولا للخنق النهائي وقطع الأنفاس تماما ) ..
٢-فعلى سبيل المثال ان مايدور ضد ( الحوثيين ) منذ ايام وسوف يستمر هو رسائل للعراق وايران معا. وهو تبرير لنشر القوات والمعدات والأسلحة والطائرات والبارجات وملأ القواعد الاميركية والغربية في المنطقة بالعدة والعديد التصاعدي لتحقيق مايلي :-
أ:-انهاء محور الحوثي وطرد إيران من اليمن وتأسيس نظام سياسي جديد وطني وقوي في اليمن .وسيكون برئاسة اللواء قوات خاصة احمد ( نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح )
ب:-وانهاء النفوذ الإيراني في العراق من خلال ( تغيير النظام الحاكم في العراق بنظام وطني قوي) اي القضاء على المليشيات المسلحة التابعة لإيران واجتثاث التغلغل الإيراني في العراق و مثلما حصل في سوريا وانهاء حلفاء إيران من الاحزاب والحركات التابعة لها والتي تواليها .
ج:-والاندفاع وراء إيران حتى تخومها (فاذا نفذت ايران ماجاء برسالة ترامب إلى الخامنئي ) حيث التخلص من اليورانيوم المخصب ب ٦٠٪؜ والقضاء على برنامج الصواريخ الباليستية واعادة اتفاقية البرنامج النووي من جديد فحينها تسلم ايران ولكن بشرط تنكفئ نحو الداخل ولا عليها بحيرانها واسرائيل … واذا رفضت فسوف تتعرض لضربات لا يصفها العقل وصولا لتغيير النظام وتفكيك القوميات وتقسيم ايران ( وهذا كله على توازي مع مخطط الفوضى في تركيا حتى تفكيكها جغرافيا وديموغرافيا ، وانهاء نفوذ اردوغان وحزبه وانهاء هيمنة الاخوان المسلمين على السلطة في تركيا ) وبتوازي مع تفكيك ما تبقى من المحور الإيراني في المنطقة !
سمير عبيد
٢١ اذار ٢٠٢٥

سمير عبيد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الولایات المتحدة المجتمع الدولی فی المنطقة فی العراق

إقرأ أيضاً:

اردوغان‬ .. ‫يحرق نفسه وحزبه‬ وربما ‫تركيا‬ .. وايران على نفس الطريق !

‫بقلم‬ : سمير عبيد ..

‫أولا‬:
قلناها ونكررها ان السياسات التركية ” الكولونيالية الاستعلائية ” لا تختلف عن السياسات الإيرانية ” الكولونيالية الاستعلائية “..فالاولى مغلفة بالاسلاموية والانسانية والشعارات الفلسطينية وهي في الحقيقة ” قومية عثمانية توسعية صرفة ” ..والثانية مغلفة ” بالتشيع ونصرة المستضعفين ” والشعارات حول فلسطين وهي بالحقيقة ” قومية فارسية توسعية صرفة “! .والسياستان في تركيا وايران كان ولازال الغرب غير غافل عنهما اطلاقاً . فوضع الغرب الخطط لصدها وحصارها .ويبدو انهما دخلا في حيز هذه الخطط الغربية المدعومة من واشنطن !
‫ثانيا‬:
وان بريطانيا والغرب وحتى الدولة العميقة في أمريكا سئمت من العبث والتوسع ( الإيراني التركي وبالعكس) في منطقة يعتبرها الغرب محرمة على غيره ،وخصوصا على النظامين في إيران وتركيا . فمنطقة الشرق الأوسط يعتبرها الغرب شريان حياة واقتصاد ومرور استمرارية العيش للغرب والولايات المتحدة ولا يمكن التنازل عنها لأنقرة وطهران مهما كانت التكاليف .. وبريطانيا اول الدول التي لم تسمح بفقدان تركتها القديمة في العراق واليمن والخليج والصومال لصالح تركيا وايران ( فجاءت قرارات تقليم اظافر تركيا وايران معاً في عام ٢٠٢٥ )وان البداية قد باشروا بها !
‫ثالثا‬:-
فالقرارات قد أتخذت ان عام 2025 هو عام انتهاء عصر اردوغان وحزبه ” حزب العدالة والتنمية ” وانتهاء صلاحية النظام الإيراني ( والقضية ليست لسواد عيون العراقيين او الخليجيين او حتى الإيرانيين والأتراك غيرهم ) بل لحسابات استراتيجية واقتصادية تتعلق بمقدمات ولادة العالم الجديد وتوزيع مناطق النفوذ ،وتطبيق استراتيجية انهاء الإسلام الاخواني” السني” الذي تتزعمه تركيا ، والإسلام العقائدي ” الشيعي” الراديكالي الذي تتزعمه ايران !
‫رابعا‬:
فتركيا وعلى مايبدو لم تنتظر حتى ( الربيع التركي ) فهاجت وماجت في( خريف تركي) ويبدو انها مقدمات إلى ربيع تركي موجع جدا لأردوغان وحزبه ،،، وحسب تحليلنا ان سبب بدايات الفوضى التركية بحيث لم تنتظر إلى الربيع هو ( المستنقع السوري ) الذي ورطت نفسها تركيا فيه لحسابات مستقبلية واستراتيجية واضحة عند إسرائيل وروسيا وحتى عند واشنطن والسعودية والإمارات ( ولهذا رفعت إسرائيل شعار لنتغدى بهم قبل أن يتعشون بنا)خصوصا بعد أن سجلت إسرائيل انتصارات استراتيجية على محور ايران . فحاصرت إسرائيل دمشق ونظام احمد الشرع المدعوم من قطر وتركيا ، ومن ثم وضعت الشرع ونظامه والجيش الانگشاري المتحالف معه في كماشة لحسابات استراتيجية ” جغرافية وديموغرافية” تتعلق بالمشروع التركي القطري الذي اصبح تحت رحمة اسرائيل في سوريا . وان الغرب داعم لإسرائيل بهذا (لذا ان اندفاع اردوغان في سوريا سيقابله حرائق في داخل تركيا) وها هي بدأت الانهيارات السياسية والاقتصادية والامنية في تركيا .ونستطيع القول ان طمع اردوغان سوف يحرق تركيا من الداخل وسيجد نفسه قريبا في واقع معقد للغاية !
خامسا :-
اما ايران فحالها من سيء إلى أسوأ ( بحيث باتت كالرجل المريض ) ولا عليكم بالشعارات والعنتريات التي تخرج من مسؤوليها وخصوصا من قادة الحرس الثوري الذي ابتلع الدولة وحاليا في حيره ( لا يستطيع اخراجها ولا يستطيع بلعها). فإيران في حالة انهيار اقتصادي وتصدع امني واتساع الفجوة بين الشعب والنظام . بحيث لم تتوقع ايران يوما انها سوف تتفرج على تحطيم محورها في داخل الدول العربية أمام ناظرها في “غزة ولبنان وسوريا وصولا لليمن” والعراق على إلقائمة ثم الداخل الإيراني نفسه هذه المرة. وان رسالة الرئيس الاميركي ترامب واضحة جدا عندما امهل القيادة الإيرانية لشهرين فقط ( اما الرضوخ التام او تحطيم المشروع النووي والمنشآت الإيرانية ومنظومة الصواريخ البالستية واخذ مضيق هرمز بتحالف دولي” طبعا بعد طردها من آخر معاقلها وهو العراق” ) لا سيما وان إعلان الرئيس الاميركي ترامب انه مع اسرائيل سواء كانت على حق او على باطل فحال ماتقرر بأي شيء ستجد امريكا خلفها وهذا ضوء اخضر جديد ولم يسبق ان اعطاه رئيس أميركي لإسرائيل. وهاي اي إسرائيل بدأت بمشروع الفوضى في تركيا وتستعد للضربات الكبيرة جدا ضد ايران !
سادسا :
نحن لا نشمت بإيران ولا حتى بتركيا رغم الاذى الذي أصاب العراق والشعب العراقي منهما والسبب لانهما جارتين ومسلمتين ويفترض انهما عمق استراتيجي للعراق والعرب كونهما جيران لهما ودول مسلمة.. ولكن وللأسف ان القيادتين في طهران وأنقرة لم تفكرا بهذا بل كان ولازال لديهما نهج آخر وهو تحويل الدول العربية إلى ضيعات متفرقة تهيمن عليها ايران وتركيا اقتصاديا وامنيا وثقافيا. وهذا لن ترضاه الشعوب العربية ومنها الشعب العراقي. وكذلك لن تقبل به الولايات المتحدة والغرب. لأن منطقة الدول العربية ومنطقة العراق حصرا هي شريان حياة لأمريكا والغرب وبريطانيا . والخلاصة ان الطمع والغطرسة والاستعلاء على العراق والدول العربية من قبل تركيا وايران هي السبب لِما يحصل وسيحصل ضد إيران وتركيا !
سمير عبيد
٢٠ اذار ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • خوفًا من إستفزاز امريكا.. اغلاق مقر إستراتيجي للحوثيين في العراق وايران تحذر مليشياتها
  • محمد الشرقي يشهد جلسة “قوة التغيير والتوازن النفسي” ويؤكد أهميتها في بناء المجتمع
  • عبد العزيز يهاجم قوانين الانتخابات ويؤكد ضرورة التغيير “حتى بالقوة”
  • اردوغان‬ .. ‫يحرق نفسه وحزبه‬ وربما ‫تركيا‬ .. وايران على نفس الطريق !
  • نائب عن حزب “فرنسا الأبية” يندد بالاستفزازات المستمرة لروتايو تجاه الجزائر
  • “نتنياهو” و”ترامب” يدوسون على القانون الدولي (كاريكاتير)
  • وكيل قوى عاملة النواب تطالب المجتمع الدولي بالتصدي للبربرية الإسرائيلية تجاه غزة
  • “الخارجية الفلسطينية” تطالب المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بوقف العدوان على قطاع غزة
  • وكيل قوى عامة النواب تطالب المجتمع الدولي بالتصدي للبربرية الإسرائيلية تجاه غزة