توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
21 مارس، 2025
بغداد/المسلة: بلال الخليفة
توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة -5- السيطرة على المواطن
قال الفيلسوف والاقتصادي والمفكر هيوم (ان الحكومات كلما ازدادت حرية وشعبية ازدادت ضرورة اعتمادها على التحكم بالرأي لضمان الخضوع للحكم). أي بتعبير اخر ان على الحكومات ان تجعل المواطن بان يكون متفرج لا مشارك في الحكم وعليه أيضا ان يختارهم هم في الانتخابات لا غيرهم.
فالليبرالية الجديدة في نظر المفكر السياسي ماديسون ( حماية الأقلية الثرية من الأغلبية ) وهنا يقصد الأقلية الثرية ومنهم المسؤولين والاغلبية هم الشعب، وكما يوجد تصريح له في مكان اخر ان مسؤولية الحكومة ، حماية أصحاب المال من الأغلبية الجاهلة او الرعاع بحسب وصف المفكر هتشسن واما الكسندر هاملتون فوصف الشعب (وحش هائل) وبالتالي ان من واجب الحكومة هو السيطرة على ذلك الوحش وجعله في خدمة الصفوة ويقصد هنا عم الأثرياء ومنهم المسؤولين.
يقول وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي ايزنهاور وهو يصف الدول الفقيرة ومنها دول أمريكا اللاتينية (هذه الحكومات مثل الطفل لا يملكون فعليا القدرة على الحكم الذاتي) وقال هذا الكلام في مجلس الامن الدولي ويقصد هنا ان الحكومات للدول تكون بامرتها تحت طوعها وهنا يعني تحت طوع وامرة الشركات العالمية الكبرى، فهنا أعطت لنفسها أي أمريكا والشركات التي خلفها الحق في إدارة تلك الدول بصورة مباشرة او غير مباشرة.
وتفحص بالوضع الاقتصادي وبأمور العقود التي تبرمها الحكومات مع الشركات الكبرى التابعة للدول الكبرى نلاحظ ان معظم التعاقدات لا يوجد فيها جدوى اقتصادية من انشاءها والبعض الاخر ان التعاقدات تحدث دون منافسة ودون تطبيق التعليمات والضوابط النافذة بالخصوص مع وجود بدائل افضل واكفئ واقل سعرا، وخير مثال التعاقد مع شركة جي أي الامريكية وليس سيمنس الألمانية في مجال الكهرباء، ويوجد مثال اخر وهو التعاقد مع شركة دايو في انشاء ميناء الفاو الكبير وليس الشركات الصينية الكبرى المتخصصة بالموانئ.
ان النتيجة من الليبرالية الجديدة هو كما قال جون ديوي والذي يعد احد اهم فلاسفة القرن العشرين ومن ابرز رموز الليبرالية في أمريكا الشمالية (ان الديمقراطية تفرغ من محتواها ومضمونها عندما تحكم الشركات – الاقتصاديات للأحزاب- الكبرى حياة البلاد من خلال السيطرة على وسائل الإنتاج والتبادل التجاري والدعاية – القنوات الفضائية – والنقل والاتصالات بالإضافة الى التحكم بالصحف والجيوش الالكترونية .
نتيجة ذلك تم جعل المواطن لا يرغب بالاشتراك في الانتخابات وبالتالي لا يرغب في تجديد بقاء السياسيين والمسؤولين في المنصب لانهم اصبحوا اما من أصحاب المال نتيجة الكسب غير المشروع والفساد او اصبحوا لعبة او دمية تحركها مافيات المال، ان العزوف عن انتخاب المسؤولين الذي اشرنا لهم هو امر لا يستسيغه القادة (رؤساء الأحزاب) ولذلك يعملون بكل وسيلة لجر المواطن للانتخابات بوسائل إعلامية او غيرها.
وان الامر هذا واضح جدا في الانتخابات الأخيرة للبرلمان العراقي فالتخمينات الأولية تحدثت على ان نسبة المواطنين المشتركين في الانتخابات هم اقل من 20% واما اعلان النتائج الرسمي فبالعموم لا يثق المواطن فيه. فالمواطن يتطلع لأشخاص ليس ممن تلطخت يده بالمال الحرام ولا يمتلك تاريخ ملوث بالفساد .
النتيجة ان المواطن يرغب في وجوه جديدة تمتلك تأثير وتستطيع مجابهة ومواجهة مافيات المال والسياسيين الفاسدين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: اللیبرالیة الجدیدة فی الانتخابات
إقرأ أيضاً:
السلطة والمال .. عاملان يحددان قوة عوائل الحكم في العراق
بغداد اليوم ـ بغداد
كشف المحلل السياسي عباس الشطري، اليوم الخميس (20 آذار 2025)، عن عاملين يحددان قوة عوائل الحكم في العراق، فيما أشار إلى سبب قد يدفع لإنهاء وجودها في الإنتخابات القادمة.
وقال الشطري في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن "الانتخابات المقررة في نهاية 2025 تعد مهمة لكافة القوى والأحزاب والتيارات السياسية، حيث تسعى كل جهة للحفاظ على وجودها في السلطة. لذا، العديد من القوى والتكتلات اختزلت وضعها في عوائل معينة تمتلك عاملين مهمين، المال والسلطة، وبالتالي قد نرى ترشيح العديد منهم لأبنائهم أو مقربيهم في الانتخابات".
وأضاف، أن "هناك بعض العوائل بدأت تأخذ سياق وجودها في البرلمان والمحافظات، لكن الأمر لم يصل إلى مستوى الظاهرة أو النطاق الواسع، وبشكل عام البلاد لم تصل بعد إلى مستوى الحاكميّة العائلية.
وأشار إلى، أن "الشعب منتبه لهذه الحالة، رغم أن مشاركته في الدورات الانتخابية لا تزال دون مستوى الطموح"، مؤكداً أنه "لا يمكن التعويل على توسع حكم العوائل في البلاد، رغم تأثير المال القوي في زيادة هذه الظاهرة في بعض المحافظات".
وأوضح الشطري أن "المشاركة الواسعة في الانتخابات القادمة قد تؤدي إلى تغيير الطبقة السياسية، خاصة أن هناك إيماناً بأن جزءاً كبيراً منها فاسد ولا يصلح، خصوصاً أن فساد تلك الطبقة كان له ارتدادات سلبية على المجتمع".
وأكد المحلل السياسي أن "المشاركة الواسعة ستؤدي إلى انحسار الطبقة السياسية الحالية التي لا تحظى برضا الشعب، رغم أن حكومة السوداني حققت نجاحات لافتة في الآونة الأخيرة". وأضاف: "كلما كانت المشاركة واسعة، ستتغير بوصلة صناديق الاقتراع، وبالتالي العديد من الأحزاب التي تعتمد مبدأ الترشيح العائلي أو المقربين من المسؤولين ستنحصر، مما قد يؤدي إلى مفاجآت في الانتخابات المقبلة".
وتُعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق محطة سياسية مهمة في ظل التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجه البلاد.
ولم يتبقَ على إجراء الانتخابات سوى بضعة أشهر بدأت تتوالى فيها المفاجآت وأيام حُبلى بالقرارات ووجود الفاعل السياسي الخارجي الذي قد يجعل المزاج الدولي والإقليمي يغير مسار العملية السياسية في العراق.
وخصصت الحكومة 400 مليار دينار لانتخابات 2025 (ما يقارب 300 مليون دولار)، فيما تم تخصيص 160 مليار دينار لانتخابات عام 2018 تضمنت شراء الأجهزة الخاصة بالتصويت.
وبدأت مفوضية الانتخابات استعداداتها لإجراء الانتخابات نهاية العام الحالي 2025، وسط تحركات سياسية مبكرة تشير إلى صراعٍ حاد على تشكيل التحالفات، ومحاولات لتعديل قانون الانتخابات بما يضمن مكاسب للقوى التقليدية رغم استبعاد تعديل القانون "لضيق الوقت" بحسب قادة سياسيين ومراقبين.
وتعد المقاطعة الكبيرة لكل الدورات الانتخابية في العراق إحدى أكبر الإشكاليات التي تعانيها الطبقة السياسية العراقية، إذ تعكس عدم قدرتها على تغيير قناعات الناس للخروج إلى الانتخابات، حيث بقيت نسب المشاركة ضئيلة رغم زخم البرامج والوعود الانتخابية في تحسين الواقع المعاشي والقضاء على الفساد وتوفير فرص العمل والخدمات.