يدرك الإطار التنسيقي الحاكم أن رغبته بمشاركة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر في الدخول إلى حلبة الصراع الانتخابي ما هي إلا باب ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. فالتنسيقي لم ينسَ إصرار الصدر، الفائز الأول في انتخابات 2021، على تشكيل حكومة الأغلبية التي دفع من أجلها دماءً داخل المنطقة الخضراء، معقل السلطة، بسبب مواجهته للخاسرين من قوى الإطار التنسيقي الذين أصروا على حكومة توافقية.

يعلم الإطار التنسيقي أن عودة مقتدى الصدر تعني استعادة المواجهة القديمة، لكنها مواجهة لا بد منها، بعد أن أدرك التنسيقي أنه قد يخسر كل شيء حين وصل إلى طريق مسدود. قد تكون الانتخابات القادمة هي الحل الأخير لمأزق النظام السياسي الحاكم.

في سنوات الحكومات السابقة، كان يمكن توزيع الفشل والإحباط على جميع الأطراف السياسية، بما في ذلك الصدر. أما بعد انسحاب الكتلة الصدرية من الحكومة والبرلمان وترك الساحة للإطاريين لتشكيل الحكومة التي سُميت بحكومة الخدمات، اكتشف المواطن البسيط أن العنوان الخدمي ما هو إلا خدعة بصرية يتحمل نتائج فشلها طرف سياسي واحد، دون أن يتوزع الاتهام بين الأطراف الأخرى ويضيع الدم بين الجماعات السياسية.

يحاول الإطار التنسيقي استدراج مقتدى الصدر للدخول إلى السباق الانتخابي، حتى وإن كانت المشاركة لعبور مرحلة الانتخابات، ويكون بعدها لكل حادث حديث. فالتنسيقي يعلم حجم القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها الصدر، والتأثير السياسي الذي يحدثه إذا دخل الانتخابات، مما قد يزيد من نسب المشاركة من الأغلبية الصامتة المقاطعة، حيث كانت نسب المشاركة لا تتجاوز أعداداً ضئيلة يتفوق بها الجمهور الحزبي المؤدلج للأحزاب الذي يزحف إلى صناديق الاقتراع.

يمتلك مقتدى الصدر عنصر المفاجأة وقرارات غير متوقعة، وربما تكون هذه العوامل هي التي تجعل خصومه يحسبون له ردود الأفعال. لذلك، كانوا في كل مناسبة ينتظرون منه الإعلان عن دخول الانتخابات، لكن توقعاتهم تخيب. مرة عندما أقام مأدبة إفطار لأعضاء الكتلة الصدرية المستقيلة، وأخرى في صلاة جمعة موحدة حين طالب أتباعه بتحديث بيانات سجلاتهم الانتخابية. وفي مناسبات أخرى، كان الرأي العام ينتظر إعلان المشاركة في الانتخابات، لكن رسائل الصدر كانت مجرد تلميحات.

ماذا لو لم يشارك زعيم التيار الوطني الشيعي في الانتخابات، وإن كل ما كان يجري هو لعب على أعصاب الإطاريين وجسّ نبضهم؟ كل شيء ممكن.

يعلم التنسيقي أن ساعة المواجهة قادمة مع الصدر، بوجود “الأخوة الأعداء” الذين رفعوا السلاح بوجه شعاره “الأغلبية السياسية”، وغريمه نوري المالكي الذي يتحين الفرصة للعودة إلى كرسي رئاسة الوزراء للمرة الثالثة. لكن في ذات الوقت، يرغب هؤلاء بتأجيل هذا الصراع على الأقل للتخلص من حقبة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي ظهر لهم كخصم لم يحسبوا له حساباً، حين فاجأهم برغبته في ولاية ثانية، وطرف جديد بدأ ينازعهم في السلطة والنفوذ.

يقال، والعهدة على قائلها، إن الصدر ربما استلم عن طريق مجساته رسائل مبطنة من العامل الدولي والإقليمي، بأن الزعيم “الشيعي” ربما يكون إحدى أدوات التغيير القادم في العراق. لأسباب قد يكون أهمها أن مقتدى الصدر يمتلك علاقات جيدة مع المكون السني وكذلك الكرد، الذين تحالف معهم في بدايات دعوته لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية.

وكما يقولون: ليس حباً في معاوية ولكن كرها في علي. لذلك، يحاول الإطار التنسيقي الاستفادة من كل الأحداث والوقائع للعبور إلى بر الأمان، حتى وإن كانت الدعوة إلى مشاركة الصدر في الانتخابات وتهافت قادة الإطار التنسيقي للتحالف معه.

من الصعب التكهن بالسيناريو المحتمل للانتخابات وموعد إجرائها وطبيعة الظروف التي تؤثر عليها، بوجود اضطراب دولي وفوضى تقترب شرارتها من العراق. هناك توقعات بأن العراق سيكون هدفاً لتصفية الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، وبوجود عقوبات مرتقبة على الاقتصاد العراقي من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بسبب جماعات مستعدة لتدمير العراق حجراً على حجر من أجل عيون الجارة الشرقية. كل تلك العوامل قد تجعل إجراء الانتخابات في موعدها أمراً صعباً، وربما يكون ذلك سبباً لتأجيل الصدر قراره في المشاركة من عدمها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مقتدى الصدر العراق الإطار التنسیقی فی الانتخابات مقتدى الصدر

إقرأ أيضاً:

فتاة تشنق نفسها بـالشال داخل منزلها بمدينة الصدر

بغداد اليوم -  


مقالات مشابهة

  • فتاة تشنق نفسها بـالشال داخل منزلها بمدينة الصدر
  • انتحار فتاة بشنق نفسها في مدينة الصدر
  • الإطار والمواجهة المحتومة مع التيار الصدري
  • الإطار تحت ضغط المنافسة الانتخابية وتوقعات بمعادلات سياسية جديدة
  • المفوضية: تم توعية 15 مدرسة بأهمية المشاركة في الانتخابات البلدية
  • مقتدى الصدر يحيّر الجميع: هل تُفعّل الماكنة الانتخابية؟
  • «اللجنة الاستشارية» تختتم اجتماعاتها.. مناقشة تهيئة بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات
  • الانتخابات العراقية 2025: هل ينجح تحالف الرموز؟
  • مقتدى الصدر: إسرائيل تعاود قصف الأطفال والمدنيين بغزة بغطاء أمريكي