أن تعزف لعلي بن أبي طالب:
لا يجوز المزايدة علي أحد في الجهة التي يبيع لها قوة عمله ما دامت لا تنطوي علي عمالة أو بيع أو عدوان أو دنس شخصي أو عام. الناس تبيع قوة عملها في العالم كما هو وليس كما تتمناه من أجل توفير إحتياجاتها وعادة إحتياجات أخرين من صغار وشيوخ وشيخات وفي هذا نبل.
لذلك تجدني اشمئذ من المزايدة علي إنسان سوداني بسبب عمله مع جهة أجنبية أو شركة سودانية أو حكومة بلده ما لم يتم تسبيب مقنع لحيثيات الإدانة علي أساس عيب معين وليس كتعميم توراتي.
كما ورد في الإسلام أن الضرورات والنوائب تبيح المحظورات ولا أعرف ضرورة ولا نائبة تفوق ماساة الحرب وهذا التدمير الشامل لمصادر الرزق والممتلكات وموفرات الكرامة.
تقول أساطير القعدات السودانية أن محمد وردي حين كان في أول المشوار ولم يصل للنجومية بعد كان قد طلب من عم له، بالمعني الواسع للعمومة في السودان، أن يشارك في فرقته لانه كان عازفا ماهرا. إشترط العم علي وردي أن لا يحتسي الخمر مقابل مشاركته. وافق وردي لانه إحتاج لمهارة الرجل ووزنه. ولكنه، كوردي، كان يعرف كيف يحتسي كاسين في الفاصل بعيدا عن مراقبة العم الفضولي. ولكن في حفلة ما أثناء الفاصل بالصدفة وجد العم وردي وأمامه الخندريس، فرمي آلته الموسيقية وقال لورد شوف ليك زول غيري يعزف ليك. فما كان من وردي إلا أن قال له “روح يا شيخ، أعزف مع علي بن أبي طالب”.
أيضا في مرحلته الماركسية كان الحاج وراق يدعو لطريق التنمية المستقل وتشجيع الراسمالية الوطنية بدلا عن الإعتماد علي الإستيراد. حاول كوز أن يحرج الوراق في ركن نقاش الحاج وقال له أراك تدعو لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وانت ترتدي بنطلون جينز امريكي، يا للنفاق والتناقض. رد الوراق للكوز وقال: يعني أنت دايرنا نمشي عرايا في إنتظار قدوم مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وللا شنو؟
ما يستفاد من القصة أنك قبل أن تزايد علي الآخرين في مصادر رزقهم، تاكد أولا أنك تعمل في شركة علي بن أبي طالب للتصدير والإستيراد أو مؤسسسة الكرار للتنمية المستدامة أو هيئة موانيء باب مدينة العلم النبوي. ما عدا ذلك، وفر سمك لمن باعوا أوطان الغير وحقهم في الحياة.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: علی بن أبی طالب
إقرأ أيضاً:
هكذا عرفتُ الصين... مُشاهدات أول طالب مغربي
القاهرة "د.ب.ا": في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يحكي لنا الكاتب والطبيب المغربي الدكتور محمد خليل، عن الصين التي لا نعرفها... الناس وطقوس حياتهم اليومية... وحركة تنقلهم في الشوارع.. ومدن ومعالم كأننا نقرأ عنها للمرة الأولي، حيث سرد المؤلف فصول ومحطات رحلته بلغة تشم فيها رائحة الأماكن، وعبق التاريخ.
يقول الدكتور محمد خليل وهو يروي لنا يومياته ومشاهداته في الصين: "الملفت للنظر حين تمر بالطرقات هو اللباس الموحد للناس رجالاً ونساء كلهم يرتدون لباس "ماو" ذا لون أزرق أو رمادي، وعلى رؤوسهم قبعات من لون البدل نفسه، ويتنقل معظمهم على دراجات هوائية".
ويسرد لنا "خليل" كيف شعر بالرهبة حين زار ضريح الزعيم ماو وحين شاهد موميائه المجنطة فيقول: "يظهر الزعيم ماو محنطا، وكأنه نائم بلباسه المعروف. لا يُسمح بالوقوف أو أخذ الصور، والحقيقة أن هذه الزيارة ما زالت محفورة بذاكرتي، نظرا للرهبة التي يشعر بها المرء حين دخوله الضريح خصوصا عندما يشاهد لأول مرة إنسانا محنطاً.
ويحكي مؤلف الكتاب عن الجامع الكبير في شيان، الذي يُعد أول مسجد في الصين، شُيّد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً على شكل قصر إمبراطوري، بناه الإمبراطور شیان رونغ من سلالة تانغ سنة 742م. في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وأهدى الإمبراطور هذا الصرح الإسلامي للتجار المسلمين الذين تزوجوا من الصينيين.
وهكذا تتنوّع الموضوعات وتتعدد الحكايات في كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، لمؤلفه الدكتور محمد خليل، الذي كان أول طالب مغربي تطأ أقدامه أرض الصين، تلك البلاد البعيدة عن عالمنا العربي.
أفكار وذكريات
الكتاب الذي صدر عن دارة السويدي بأبوظبي، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، حمل نصوصاً لافته أهّلته للفوز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، في دورتها الثانية والعشرين لعام 2024، في فرع الرحلة المعاصرة.
وقد دوّن الكاتب المغربي الدكتور محمد خليل، مشاهداته باعتباره أول طالب مغربي في الصين، وأول طبيب مغربي جمع بين الطب الغربي والطب التقليدي الصيني؛ بهدف الإجابة على الكثير من الأسئلة التي كانت تُطرح حول رحلته إلى الصين، مثل: كيف فكرت في الذهاب إلى أقصى مكان في العالم بقصد الدراسة؟ وكيف قضيت حياتك الدراسية هناك؟ وكيف كان تعامل الصينيين معك؟ وكيف كانت معيشتك في الصين؟.. ولماذا لم تكتب معايشتك لتلك الأحداث؟ وغير ذلك من الأسئلة، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب الذي سعى فيه مؤلفه لتجميع أفكاره وسرد ذكرياته في الصين وتوثيقها في كتاب يسرد فيه المؤلف تفاصيل ما شاهده وعايشه في الصين وفي الدول المجاورة التي تمكن من زيارتها.
نبش الذاكرة
وحين بدأ الدكتور محمد خليل، في نبش ذاكرته واسترجاع ذكرياته ومشاهداته خلال فترة دراسته في الصين، ليبدأ في تدوين كتابه الذي بين أيدينا، بدأ بالنظر فيما لديه من البومات صور التقطت خلال تلك الفترة، والصور التي تحمل تواريخ التقاطها، كما قام بمراجعة الرسائل التي أرسلها لعائلته، والتي كان يقص فيها بعضاً من جوانب حياته اليومية في الغربة، لكن المدهش كما يؤكد لنا "خليل" عبر صفحات كتابه، هو أنه ما أن بدأ الكتابة في أولى صفحات كتابه، حتى بدأت مخيلته تستحضر أسماء الأماكن التي زارها والأشخاص الذين التقاهم طوال فترة إقامته في الصين، حيث استحضر مواقف ومشاهد لم يكن يتوقع أن تبقى عالقة بذاكرته.
الإصلاح والانفتاح
وتطرق الدكتور محمد خليل في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، إلى مسيرته الدراسية في الصين، وإلى حال المجتمع الصيني آنذاك، وإلى الحالة السياسية والثقافية بالصين في ثمانينيات القرن الماضي، وبداية الإصلاح والانفتاح خلال فترة دينج شياو بينج.
وسرد المؤلف مشاهداته للأماكن التي تجول بها في الصين، والدول التي زارها أثناء العطل الدراسية، كما تناول المؤلف في كتابه فترة ما بعد الدراسة ورجوعه إلى وطنه المغرب، ثم عودته إلى الصين مُجدداً بعد اثنتي عشرة سنة من مغادرتها، وحكى للقارىء عن التغيير الكبير الذي طرأ في الصين وكان شاهدا على تفاصيله.
كما تحدث عن ارتباطه بالصين، ورئاسته لجمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، وهي التجربة التي تكللت بحصوله على جائزة المساهمات المميزة للصداقة الصينية العربية، وهي الجائزة التي تسلمها من الرئيس الصيني شي جين بينج.
وبحسب المقدمة التي تصدرت صفحات الكتاب، والتي كتبها المستعرب الصيني الدكتور وانع يويونغ، فإن كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يأتي ليكون بمثابة فيلم وثائقي يعج بتفاصيل تستعرض مسيرة الكاتب العلمية في الصين، وتتناول دقائق حياته اليومية في معهد اللغات الأجنبية تم في كلية الطب التقليدي الصيني، وتصف التغيرات الكبيرة والتطورات، التي شهدها المجتمع الصيني طوال العقود التي قضاها المؤلف في علاقته بالصين، طالبا مقيماً تارة، وتارة أخرى سائحاً متجولاً.
وهكذا كان مؤلف الكتاب الدكتور محمد خليل - الذي فاز بجائزة المساهمات المميّزة للصداقة الصينية العربية، بفضل أدواره الفعّالة في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين، وإسهاماته في تعميم الطب التقليدي الصيني في وطنه المغرب - شاهداً على التطوّرات التي مرت بها الصين منذ بداية الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي وعلى مدار عقود تالية.
بين صينين
ووصف المؤلف الدكتور محمد خليل الفترة التي قضاها كطالب في الصين، بأنها جاءت متزامنة مع بداية مرحلة الإصلاح والانفتاح التي أعلن عنها الرئيس دينج شياو بينج، مُعتبراً رحلته أنها كانت " رحلة بين صينين غير صنوين، هما صين الأمس وصين اليوم".
وخلص "خليل" إلى ضرورة التواصل والتعايش بين بني البشر بمختلف مللهم ونحلهم وألسنتهم وألوانهم، والإيمان بشرعية الاختلاف واحترام الآخر. وكذلك ضرورة السعي المشترك لدعم التعددية والوصول لعالم أكثر انسجامًا وتقاربًا، واحترام تنوّع حضارات العالم وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ومنح مزيد من الإهتمام للميراث الحضاري الإنساني، وتعزيز التبادلات، وتجاوز الحواجز بين الحضارات عن طريق تعزيز التبادل الحضاري وتجاوز صراع الحضارات.
وأورد الكتاب بعضاً من تاريخ الصين، واستحضر جانبا من رحلة الرحّالة العربي ابن بطوطة إليها، والتي دوّن تفاصيلها في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار "، و ونقل ما قاله ابن طوطة عن حرص الصينيّين عبر التاريخ على الزائر والتاجر الأجنبي، وسجّل مظاهر رعايتهم للفقراء والمساكين، واهتمام المسلمين الصينيين ودعمهم لأشقائهم من المسلمين القادمين إلى الصين من بلدان العالم العربي والإسلامي، ولفت إلى أن الصين من أكثر البلاد أمناً وأحسنها حالاً للمسافرين، وأنّ أهل الصين أعظم الأمم إحكاما للصناعات، وأشدهم إتقانا فيها.