الثورة/

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قبل أن نستكمل الحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى، وعن بعضٍ من الدروس والعبر المهمة، التي نستفيدها منها، في مرحلةٍ نحن أحوج ما نكون إلى الاستفادة من سيرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، فيما تواجهه أُمَّتنا من تحديات ومخاطر، قبل أن نستكمل الحديث عن ذلك، نتحدث في هذه المحاضرة:

• بمناسبة بدء الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

• وعن ليلة القدر وأهميتها.

• وكذلك عن المناسبة المتعلقة بليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”.

• فيمــا يتعلــق بشهـــر رمضـــــان المبــــارك:

• هو بكله (من أوله، إلى آخره) شهرٌ عظيمٌ، ومباركٌ، وعظيم الفضل، والأجر فيه مضاعفٌ من أوله إلى آخره، الأجر على الأعمال الصالحة.

• الأجواء كذلك فيه مهيأةٌ (من بدايته، إلى نهايته) للتزود بالتقوى، وتزكية النفس، وتطهيرها، وكذلك لِلتَّزَوُّدِ من هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونور القرآن الكريم، وللارتقاء الإيماني، والتقرُّب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

• وهو بكله- أيضاً- موسمٌ عظيمٌ للخير والبركات، ولاستجابة الدعاء.

• وهو كما في الحديث النبوي الشريف: ((أَوْلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ إِجَابَةٌ وَعِتْقٌ مِنَ النَّارِ)).

وللعشر الليالي والأيام الأواخر منه خصوصيتها:

• في زيادة الفضل.

• وأيضاً في الأهمية والفرصة.

هي- بنفسها- ليالي مباركة، وأياماً مباركة، لها ميزة في فضلها، وزيادة الأجر فيها، وميزة بالتماس ليلة القدر في الليالي العشر الأواخر منها (من ليالي شهر رمضان المبارك).

• وأيضاً ورد عن رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” أنه كان يوليها المزيد من الاهتمام، بالنسبة للعشر الأواخر من شهر رمضان، كان يوليها المزيد من الاهتمام، ويَحُثُّ المسلمين في أولها على أن يولوها مزيداً من اهتمامهم.

والإنسان عادةً إذا كان مهتماً من بداية شهر رمضان، يكون قد تَأهَّل وتَهَيَّأ نفسياً وذهنياً في المجال الإيماني، وكذلك في القرب من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والشعور بالقرب من الله “جَلَّ شَأنُهُ”، يكون قد تهيأ أكثر للاستفادة منها، فهي- بنفسها- مهمة، ويتاح للإنسان فيها- إذا كان اغتنم فرصة الشهر الكريم من بدايته- أن يستفيد منها أكثر، وأن تكون بالنسبة له فرصةً عظيمةً يَتَّجِه فيها من واقعٍ نفسيٍ مُهيأ.

ولكن من المهم أن يحذر الإنسان من حالة الفتور؛ لأن البعض من الناس يكون قد مَلّ، وبدأ يعاني من الفتور بعد مضي ثلثي شهر رمضان، من لا يدرك قيمة هذا الشهر المبارك، ولا يلتفت إلى هذه المسألة، ولا يلتفت إلى أهمية العشر الأواخر؛ يمكن أن يؤثِّر عليه فتوره وملله، فيكون أقل اهتماماً في العشر الأواخر منه، بما كان عليه فيما قد مضى من شهر رمضان المبارك.

العشر الأواخر هي مهمةٌ جدًّا، وكما قلنا: كان رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” يوليها المزيد من الاهتمام، في إحيائها بالذكر لله، بالعبادة لله، بالدعاء… بغير ذلك من القُرَبِ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فهي فرصة عظيمة للإنسان، فرصةٌ مهمةٌ جدًّا، وينبغي للإنسان أن يستثمرها، وأن يتَّجه وهو مجددٌ للعزم للاهتمام بها أكثر، وتكثيف نشاطه أكثر في الاستفادة منها، فرسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” كان يتَّضح الفارق في اهتمامه، مع أنه عظيم الاهتمام بكل أمور الدين، وبكل ما يُقَرِّب إلى الله، بشهر رمضان بكله، لكن كان يظهر الفارق في مزيد اهتمامه بالعشر الأواخر، وهو في مقام الهداية، وفي عظيم المنزلة عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

مع الاهتمام بالعشر الأواخر بكلها، تُلْتَمس فيها أيضاً (ليلة القدر)، وليلة القدر هي ليلةٌ عظيمة الشأن والأهمية والبركة، هي ليلة نزول القرآن الكريم، الليلة التي لها أهمية كبيرة تتعلق بحياتنا، وشؤوننا، وتدبير الله في أمورنا وفي واقعنا.

ليلــة القــدر، في القرآن الكريم سورةٌ باسمها وتتحدث عنها، تُبَيِّن عظمتها وأهميتها؛ لأنَّها ليلة نزول القرآن الكريم، يقول الله فيها: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}[القدر:1-2]، وهذا تعظيمٌ كبيرٌ لشأنها، وأهميتها، وبركاتها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}[القدر:2].

{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:3]، فلها هذه الأهمية الكبيرة: أنها تفوق ألف شهر، يعني: ما يقارب عمراً بأكمله، أكثر من ثمانين عاماً، تفوق ذلك في بركتها، في مضاعفة الأجر فيها… وغير ذلك مما نتحدث عنه بالتفصيل.

{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر:4-5]، فيها أيضاً نزول الملائكة إلى الأرض، في إطار التدبير الإلهي الواسع، لشؤون الناس في هذه الأرض، والشؤون الأخرى المتعلقة بها، وهي ليلة لها أيضاً هذه الميزة العظيمة، {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر:5]، ليس فيها عقوبات من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” تنزل على أهل الأرض.

هذه المميزات المهمة، التي نتحدث عنها بشيءٍ من التفصيل:

• في مقدمتها: أنها ليلة نزول القرآن الكريم:

كتاب الهداية، والفلاح، والفوز، والنجاة، والذي يمثِّل الاهتداء به واتِّباعه كل خيرٍ للإنسان وكل سعادة، نزوله رحمةٌ عظيمةٌ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفضلٌ كبير على عباده؛ لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وفي إطار تدبير الله لشؤون عباده؛ ولـذلك فهي ليلةٌ عظيمة الشأن، ليلةٌ لنزول البركات، لنزول الرحمة والخير.

في بركتها الواسعة، التي تفوق مستوى تصورنا، قال عنها الله في آيةٍ أخرى، وهو يتحدث أيضاً عن نزول القرآن فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}[الدخان:3]، ولـذلك فلأنَّها ليلةٌ مباركة؛ يلتمس الإنسان فيها البركة من الله، البركة في كل أموره: البركة في نفسه، في حاله، في مستقبله، في كل أحواله وشؤونه، فيما يلتمس فيه الإنسان الخير من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

• هي أيضاً ليلةٌ لتقدير الأمور، فيما يتعلق بالتدبير التفصيلي في شؤون حياتنا، وفي أمور حياتنا:

وهذا يأتي في إطار تدبير الله العام؛ يعني: هناك تدبير عام لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في شؤون خلقه وعباده، ويأتي في إطاره التدبير التفصيلي بشكلٍ سنوي، في ليلة القدر لعامٍ كامل بعدها، في أحوال الناس وشؤونهم التفصيلية، قال الله عنها: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان:4]، يعني: في هذا الإطار التفصيلي، من التدبير العام لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في شؤون عباده.

هذا مهم على المستوى الشخصي للإنسان، يعني: يتعلق بك أنت، فيما يدبِّره الله من أحوالك وشؤونك في عامك القادم، وفيما يتعلق بالمستوى الجماعي للناس، للمجتمعات، في مختلف أحوالهم، فالموضوع له علاقة بك أنت، في حياتك، في شؤونك، في أوضاعك… وغير ذلك.

وهناك مسألة مهمة جدًّا، وهي: أن الإنسان فيما هو عليه من توجُّه، من أعمال… وغير ذلك، لهذا علاقةٌ فيما يكتبه الله له، أو يكتبه عليه، لهذا علاقةٌ بتدبير الله في أحوالك، في شؤونك، ما أنت عليه من التَّوجُّه، والعمل، والالتزام، وهذه مسألة مهمة جدًّا.

فمن المهم للإنسان أن يكون في هذا الشهر الكريم، وفي تلك الليلة بنفسها، في حالة إقبال إلى الله، توجُّه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، دعاء، نيَّة صادقة، توجُّه صحيح، هذا مهمٌ للإنسان فيما يكتبه الله؛ لأن الإنسان بحاجة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإلى رحمته.

• هي ليلةٌ تفوق في بركتها ومضاعفة الأجر فيها ألف شهرٍ من الزمان:

{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:3]، يعني: عمراً بأكمله، عمراً بأكمله، والإنسان بحاجة إلى استثمار مثل هذه الفرص العظيمة، التي أتاحها الله من رحمته بنا، وهيأها لنا، ومَنَّ علينا بها، من رحمته بنا، أن يُهَيِّئُ لنا فرصاً عظيمة لمضاعفة الأجر والثواب، ومضاعفة رصيدنا من الخير، هذا مهمٌ لنا في الدنيا، ومهمٌ لنا جدًّا في مستقبلنا الأبدي والدائم في الآخرة، الفوز برضوان الله، ورحمته، وجنته، وما أعدَّه الله فيها من الكرامة، والنعيم العظيم الدائم الخالص الراقي، الإنسان بحاجة إلى ذلك.

هذه الفرص التي يضاعف فيها الأجر كثـــــيراً، هي عظيمةٌ لتحقيق نقلات كبيرة وقفزات كبيرة في مضاعفة الأجر، والإنسان بحاجة إلى ذلك؛ لأن أعمارنا قصيرة، وجزءٌ كبيرٌ من أعمارنا يضيع في أمور أخرى.

مثلاً: الإنسان قد يستغرق نصف عمره في النوم، والأكل، والشرب، وتوابعهما، قد يستغرق نصف العمر، إذا تعمَّر الإنسان مثلاً: خمسين عاماً، احسب خمسة وعشرين سنة (نوماً، وأكلاً، وشرباً، والتوابع لذلك)؛ إذا تعمَّر أقل من ذلك، نفس القصة؛ إذا تعمَّر أكثر من ذلك، نفس القصة؛ وما بالك بأوقات أخرى يهدرها الناس ويُضِيْعُونها؛ لقلـة استيعابهم لأهمية وثمن الوقت والعمر في حياة الإنسان، مع أنه حتى مما يُسأل الإنسان عنه يوم القيامة: ((عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاه)).

فالإنسان يضيع الكثير الكثير من وقته، ولربما الأوقات التي يستثمرها الإنسان- فعلاً- في العمل الصالح، الذي يكتسب به رضا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والخير العظيم في الدنيا والآخرة، وفي الآخرة الفوز العظيم، لربما هي أوقات محدودة، لو حُسِبَت من أوقات الإنسان، تطلع أوقات محدودة.

ولـذلك يُهيِّئُ الله هذه الفرص العظيمة جدًّا، التي تعطي الإنسان فرصة لمضاعفة الأجر بأضعاف كثيرة جدًّا، الله من رحمته جعل الأجر مضاعفاً من البداية، الحسنة بعشرة أمثالها، ولكن تُضاعف في مواسم، في مناسبات، في ظروف، تُضاعف الأجور بشكل كبير؛ أمَّا في ليلة القدر فبعشرات الآلاف، تضاعف بعشرات الآلاف، فيكون إحياء الليلة بكلها كما لو كان الإنسان في عبادة، وتقرُّب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأعمال صالحة، يؤديها على مدى أكثر من ثمانين عاماً، فكيف يُضِيْعُ الإنسان هذه الفرصة؟!

ما يُقَدِمّه، مثلاً: عندما ينفق في سبيل الله، الإنفاق في سبيل الله أجره في الحد الأدنى منه بسبعمائة ضعف، لكن كم ستطلع في ليلة القدر المضاعفة، والمضاعفة فيها بهذا المستوى: بعشرات آلاف الأضعاف.

كذلك الأعمال الأخرى: في صلاتك (في النافلة، والفريضة)، فيما يتعلق بتلاوة القرآن الكريم، فيما يتعلق بالأذكار، فيما يتعلق بالبر والإحسان… وغير ذلك من الأعمال الصالحة؛ فهي فرصة عظيمة.

من الغبن الكبير والخسارة الفادحة أن يُضِيْعها الإنسان وهي متاحةٌ له؛ لأن استفادتنا من هذه الفرص يتوقف على إقبالنا نحن، الله هيأها لنا، ماذا يعمل لنا أكثر من ذلك؟! تأتي حتى هذه الفرص التي هي فرص زمنية، تأتي ليلة بنفسها، وَتَمُرُّ هذه الليلة في عمرك، ما الذي تريده أكثر من ذلك؟! هي فرصة عظيمة؛ فالإنسان إذا لم يُقْبِل هو، لم يحرص هو على الاستفادة من هذه الفرص، تضيع عليه، ويكون هو الخاسر، هو الخاسر؛ لأن الإنسان في يوم القيامة يدرك أهمية مثقال الذَّرَّة من الخير، رصيدك للفوز بما عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وللسعادة الأبدية، وللنجاة من عذاب الله، هو: العمل الصالح، أنت بحاجةٍ إلى هذا العمل الصالح؛ حتى تكون في يوم القيامة ممن تثقل موازينه، فتكون في العيشة الراضية، والسعادة الهنيئة الأبدية الدائمة الخالصة؛ وإلَّا كان البديل هو الخسارة، والضياع، ونار جهنم والعياذ بالله، قضية خطيرة على الإنسان.

كذلك في مجال العلاقة مع الله، في الارتقاء الإيماني، هناك فرصة عظيمة في ليلة القدر، حينما يكون هذا من أهم ما تحرص عليه أنت، تحرص على أنه كيف يزداد إيمانك، كيف ترقى في منزلتك عند الله، في مكانتك عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في رضاه عنك… في غير ذلك، فيما يتعلق بالعلاقة مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هناك فرص في الارتقاء في علاقتك بالله “جَلَّ شَأنُهُ”، فهي فرصة للإنسان، فرصة كبيرة جدًّا.

• ليلة القدر من مميزاتها: أنها ليلة نزول الملائكة “عَلَيْهِمُ السَّلَامُ” بشكلٍ كبيرٍ إلى الأرض:

وهذا في إطار التدبير الإلهي: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ }[القدر:4] كما في (سورة القدر)، نزولهم في إطار التدبير الإلهي، وتدبير متعلق بشؤون الناس، وبشؤون الأرض، وينزلون على هذا الأساس.

ونزولهم أيضاً هو خير وبركة، نزولهم بأعداد كبيرة (الملائكة) بما هم عليه من إيمان، وقرب عظيم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومنزلة عالية رفيعة عند الله، فنزولهم فيه خيرٌ وبركة.

وهم يطوفون في نزولهم أيضاً على الذين يقومون، يقومون في هذه الليالي المباركة، فيما هم فيه من ذكر، من دعاء، من عبادةٍ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يطوفون عليهم، قد ينال الإنسان وهو في حالة إقبال إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من بركة نزولهم، وقربهم منه، ومرورهم عليه، بركة، وأثر إيجابي وعظيم في نفسه وروحه، وقد ينال الإنسان من دعائهم أيضاً، من دعائهم له، وهم يُسَلِّمون ويدعون لمن يطوفون عليهم؛ ولـذلك نزولهم أيضاً هو من مميزات ليلة القدر، نزولهم الكبير إلى الأرض في أطار هذا التدبير الإلهي.

• من مميزاتها: أنَّها ليلة سلامٍ من نزول عذاب الله، فلا ينزل فيها عذابٌ من الله في الأرض على مدى الليلة بكلها:

{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}[القدر:5]، وهذا يُبَيِّن أنها ليلة رحمة، رحمة عظيمة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

ولـذلك من المهم للإنسان أن يغتنم فرصةً كهذه، فيها الرحمة متاحةٌ، وأبواب الخير مُفَتَّحةٌ بشكلٍ غير مسبوق، الملائكة ينادونك، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ناداك وهيأ لك هذه الفرصة، فلماذا لا تُقْبِل أنت؟! لماذا لا تُدرك عظمة هذه الليلة وتلتمسها في العشر الأواخر؟ هذا المهم، والأفضل للإنسان، يلتمسها في العشر الأواخر، وأن يهتم في كل العشر الأواخر، وإن كانت هناك بعض الليالي قد تحظى باهتمام أكثر في العشر نفسها، لكنَّ الذي يفيد الإنسان، ويُمَثِّل ضمانة، هو الاهتمام بالعشر بكلها.

هي ليلةٌ مهمةٌ للدعاء، يعني: من أهم ما يحرص عليه الإنسان في العشر الأواخر، والتماسه لليلة القدر فيها، هو: الاهتمام بالدعاء، ولكن من دون إهمال لبقية الأعمال، التي هي قُرَبٌ عظيمة إلى الله:

• مثل: صلاة النافلة.

• مثل: الأذكار الأخرى.

• تلاوة القرآن، تلاوة القرآن الكريم شيءٌ عظيم ومهم.

• أعمال البر، الإحسان… غير ذلك.

الدعاء مهم جدًّا، الإنسان بحاجة إلى الدعاء، وفرصة عظيمة. من رحمة الله أن يفتح للبشر هذا المجال، يعني: كان من المهم أن يكون تدبير الله لأحوالنا تدبيراً محتوماً مقضياً، ومكتملاً، ولا يكون هناك أي مجال للدعاء، ثم لا يكون لك إلَّا ذلك المكتوب، لكن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” جعل جزءاً من تدبيره لأحوالنا مرتبطاً بدعائنا، فدعاؤنا أصبح من ضمن الأسباب، ولكن ومعه العمل، ومعه الاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولـذلك فالكثير من الأمور قد تتاح للإنسان، وتُكْتَب للإنسان، ويحصل على الكثير من فضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عندما يأخذ بهذا السبب: في الدعاء إلى الله.

الدعاء- بنفسه- عبادة تُعبِّر عن التجاء الإنسان إلى الله، عن إيمانه به، عن رجائه لله، عن خوفه من عذاب الله، عن رغبته فيما عند الله، عن ثقته بالله، عن أمله بالله، عن إقباله إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعبير عن افتقاره إلى الله “جَلَّ شَأنُهُ”؛ ولكن هو سببٌ أيضاً، الدعاء سبب للحصول على الخير، على البركات، على الفضل العظيم؛ ولـذلك أمرنا الله في القرآن بالدعاء: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:60]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}[البقرة:186]، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أتاح الفرصة للإنسان أن يتوجَّه إلى الله بالدعاء.

ولـذلك ليلة القدر لها أيضاً أهمية كبيرة فيما يتعلق بالدعاء، مع أن شهر رمضان بكله موسم، موسم للدعاء، وكل الوقت متاح، لكن هناك أوقات لها فضيلة أكثر، ميزة أكثر، استجابة الدعاء فيها أكثر، يُتيح الله فضله لعباده فيها أكثر بشكلٍ مضاعف، وهكذا المسألة في أهميتها وفرصتها للإنسان.

في الاهتمام بالدعاء، مهم أن يكون لدى الإنسان تركيز على الأولويات المهمة:

يعني: نحن أولاً نتوجَّه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من واقعنا الذي نحن فيه، وظروف حياتنا؛ في ظروف حياتنا، وفي إطار مسئولياتنا، هناك أمور مهمة جدًّا لنا، علينا أن تكون محطَّ تركيز واهتمام في دعائنا:

• بحسب اهتمام الإنسان، ووعيه، وإيمانه، يدرك أن في مقدِّمة ما يطلبه من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو: المغفرة:

الإنسان بحاجة إلى المغفرة؛ لأنه لا شيء أكثر ضرراً على الإنسان من الذنوب، يعني: أكبر خطر علينا في حياتنا، أكبر مصدر للشر في حياتنا، أكبر شيءٍ يهدد حياتنا ومستقبلنا الدائم، هو: الذنوب والمعاصي، ووزر الذنوب وزر خطير على الإنسان، كلما استمر الإنسان حاملاً له؛ فله تأثيره السيء على نفسية الإنسان، يعني مثلاً: إذا كان على الإنسان ذنوب معيَّنة، ولم يتخلَّص منها بالإقبال إلى الله بالتوبة النصوح، والدعاء، وطلب المغفرة، والإقلاع عن المعاصي والذنوب، تلك الذنوب هي تمثِّل تأثيراً سلبياً عليه، حِملاً كبيراً عليه:

• لها تأثيرها السلبي المستمر في نفسه، تأثير سيء على نفسيته.

• تأثير سيء على علاقته بالله.

• لها تأثير فيما يترتب عليها من العقوبات الإلهية.

هناك ذنوب ومعاصٍ تجلب النقم بأنواع مختلفة: تجلب العقوبات الإلهية بأنواع مختلفة، تسبب للإنسان أن يخسر الكثير من رعاية الله وفضله، تؤثِّر على علاقتك بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تُحبط أعمالك الصالحة… وهكذا، تأثيرات متنوعة للذنوب.

فالإنسان عليه أن يعي خطورة الذنوب عليه، وأن يُقْبِل إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بطلب المغفرة، والعفو، والرحمة، والعتق من النار، النار هي جزاء على الذنوب والمعاصي.

• وأن يطلب من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” رضوانه وجنته.

• يدعو بحسن الختام.

• يدعو بالتوفيق.

• يدعو بالسلامة من الزيغ، وأن يُثَبِّته الله على الحقّ.

• يدعو بالنصر، بالنصر لأُمَّتنا، للمؤمنين، لعباد الله المستضعفين، النصر على الأعداء، أعداء هذه الأُمَّة، الطغاة، المجرمين، الظالمين، المستكبرين.

• يدعو بالفرج لعباد الله المستضعفين.

• يدعو بخير الدنيا والآخرة.

• يدعو أيضاً فيما يتعلق بمطالبه الشخصية:

أحياناً الإنسان في اهتماماته الإيمانية والدينية، يرى صعوبات في أمور معينة، أو يرى تأثيراً سلبياً على نفسه في جوانب معيَّنة، يحتاج إلى مساعدة الله لتجاوز ذلك، يطلب من الله، يمكنه في مناجاته الشخصية أن يطلب من الله بشكل صريح يعني فيما بينه وبين الله: أن يعينه على أمرٍ مُعَيَّن، أن يُخَلِّصه من تأثير شيءٍ مُعَيَّن… وهكذا، يتَّجه فيما بينه وبين الله في دعائه، للاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وطلب هدايته وتوفيقه.

• كذلك في أحوال الإنسان:

البعض يحتاج للدعاء بالشفاء، يدعو الإنسان أيضاً بالشفاء والعافية، للمرضى من المؤمنين والمؤمنات، من أقاربه، من أرحامه، من أصدقائه، الإنسان يدعو لنفسه كذلك بالعافية، بالشفاء، البعض- مثلاً- من الشباب بحاجة إلى الزواج، ولديهم معوّقات، يدعون الله، البعض من الشابات كذلك… وهكذا بالنسبة للأمور المهمة للإنسان، أن يكون مما يحرص الإنسان على أن تكون من ضمن دعائه.

هنــاك أيضــاً فيمــا يتعلـق بالدعــــاء الأدعيـــة القرآنيـــــة:

هي من الأدعية التي ينساها الكثير من الناس، يبحثون عن دعاء هنا، وهنا، وهنا، وأدعية هنا وهناك، وينسون الأدعية القرآنية.

في مقدِّمة الأدعية التي من المهم لنا أن نستفيد منها هي: الأدعية التي علَّمنا الله في القرآن الكريم، أدعية عظيمة، ومهمة، ولها تركيز على الأشياء المهمة، وفي نفس الوقت مختصرة، يمكن للإنسان أن يحفظها، يمكن للإنسان أيضاً أن يبقى مركِّزاً ذهنياً ونفسياً أثناء الدعاء بها، قد يكون الدعاء- مثلاً- إذا كان طويـــــــلاً جدًّا، قد تنصرف ذهنية الإنسان، أو يتشتت تركيزه؛ لكن مع هذه الأدعية يمكن أن يبقى الإنسان في حالة تركيز ذهني، وإقبال نفسي، وخضوع وتضرع لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

• من أهم الأدعية في القرآن الكريم، التي هي أدعية عظيمة ومهمة، وكل أدعية القرآن مهمة وعظيمة: الدعاء الجامع لخير الدنيا والآخرة:

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة:201]، هذا دعاء جامع لخير الدنيا والآخرة، وللنجاة من النار، ويَسْهُل على الناس جميعاً أن يحفظوه، حتى عامة الناس يتمكنون من حفظ هذا الدعاء؛ ولـذلك هو من الأدعية العظيمة، المهمة، المباركة، الجامعة، يمكن للإنسان أينما كان أن يركِّز على الدعاء به.

• من الأدعية العظيمة والمهمة: دعاء الربانيين:

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:147]، وهذا دعاء عظيم ومهم جدًّا، ودعاء بالنصر، وطلب المغفرة.

• ومن الأدعية المهمة: دعاء الراسخين في العلم:

هذا دعاء للثبات والسلامة من الزيغ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران:8]، هذا دعاء مهم جدًّا؛ لأن كثير من الناس يزيغون عن نهج الحق وطريق الهدى بعد أن كانوا فيها، وهذا أخطر أنواع الضلال، وأخطر أسباب الخذلان، والعياذ بالله، فهي قضية خطيرة.

• من الأدعية المهمة، والعظيمة، والمباركة: دعاء أصحاب الكهف، وله مدلول مهم وعظيم:

{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}[الكهف:10]، هذا دعاء مبارك، ودعاء عظيم، ودعاء مختصر أيضاً.

هناك أدعية مأثورة، يُستفاد منها.

هناك أيضاً أدعية، مثل: أدعية الصحيفة السَّجَّادِيَّة… ونحوها.

هناك أيضاً الدعاء المختار، الذي تم توزيعه للبرنامج الرمضاني، وهو دعاء جامع، ومفيد، وجيد.

وهناك أيضاً في مسألة الدعاء، كذلك- كما قلنا- في أمور الإنسان، في دعائه لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حتى بلهجتك وبدون تَكَلُّف في التعبير، يمكنك أن تطلب من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وتدعوه بما تريد، الله يُدْعى بكل اللغات وبكل اللهجات، ((وَدُعِيْتَ بِالْأَلْسُن))، بمختلف اللغات واللهجات.

مع الدعاء، ينبغي أن يكون هناك إقبال إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بالتركيز الذهني، والخشوع، والتضرع، والخضوع، هذا مهمٌ جدًّا (روحيَّة الدعاء)، {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف:55]، وفي آية: {وَخِيفَةً}[الأعراف:205]، {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}[الأعراف:56]، الله يقول عن أنبيائه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء:90]. هذه أمور مهمة جدًّا فيما يتعلق بالدعاء.

• هناك أيضاً- وباختصار- في ليلة الحادي والعشرين: ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، والتحاقه بالرفيق الأعلى، في سنة 40 للهجرة النبوية:

هناك ملزمة هي من مقررات البرنامج الرمضاني: (ملزمة ذكرى استشهاد الإمام علي “عَلَيْهِ السَّلَامُ”)، لشهيد القرآن “رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ”، فيها دروسٌ مهمة عن هذه الذكرى، وكذلك عن أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وعادةً نعتمد على أن الناس سيهتمون بها، ويستفيدون منها، فيكون حديثنا مجرَّد تعليق واستكمال.

أمير المؤمنين “عَلَيْهِ السَّلَامُ” استشهد- كما قلنا- في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك، في سنة 40 للهجرة النبوية، نفَّذ اغتياله من سمَّاه رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بأشقى الأشقياء، وشبَّهه بعاقر ناقة ثمود الذي جلب الشقاء على قومه، وهذا التشبيه؛ لما جلبه أشقى الأشقياء- (ابن مُلجم) لعنه الله- على المسلمين بجريمته الرهيبة.

لم يكن استهداف أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” مجرَّد حدثٍ مضى وانقضى في غابر الزمن، وانتهى، بل كان جُرماً وجنايةً كبيرةً عظيمةً على الإسلام والمسلمين، وامتدت تأثيرات ذلك الجرم الخطير على الأُمَّة في وضعها، على امتداد تاريخها، لمصلحة حركة النفاق في الأُمَّة، بدءاً بالطغيان الأموي، وطغاة بني أُمية، الاستهداف لأمير المؤمنين لم يكن مجرَّد استهداف لشخص عادي، أو استهداف لزعيمٍ حاكمٍ على العالم الإسلامي، ثم أتى غيره وانتهى الأمر، لا، المسألة خطيرة جدًّا.

أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” أولاً: له مقامه العظيم، ومنزلته العالية بين أولياء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فجريمة قتل المؤمن، المؤمن العادي، الذي هو في إطار هذا العنوان: مؤمن ملتزم بخط الإيمان وطريق الإيمان، جريمة قتله عمداً تعتبر من أعظم الجرائم والذنوب الكبيرة عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والله يقول في القرآن الكريم: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:93]، هذا على مستوى المؤمن، فما بالك عندما يكون هذا المؤمن من عظماء أولياء الله، من أكمل المؤمنين إيماناً، من أعلى المؤمنين منزلةً عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عدَّ في جرائم بني إسرائيل، من أكبر جرائمهم: أنهم كانوا: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ}[آل عمران:21].

أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في مقامه الإيماني العظيم، الذي هو أعظم الناس إيماناً، وأعلاهم منزلةً بعد رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والذي سمَّاه الله في القرآن الكريم بصالح المؤمنين: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم:4]، هو من قال عنه رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، حينما برز (يوم الخندق) في مواجهة عمرو بن عبد ود العامري: ((بَرَزَ الْإِيْمَانُ كُلُه))، أمير المؤمنين في مستواه الإيماني، وفي كماله الإيماني، هو الشاهد الذي يشهد لرسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ويشهد للقرآن، ويشهد للإسلام بالحق، وبأنَّ ذلك يمثِّل المنهج الإلهي العظيم، الذي هو أرقى منهج تستقيم عليه حياة البشرية، ويسمو بالإنسان:

• في أثره الروحي والتربوي.

• وفي الرشد والحكمة، والمعرفة والعلم.

• وفي غير ذلك من الكمال الإنساني.

وهو أيضاً من يجسِّد الشخصية المؤمنة، الأصيلة، الراقية، الشخصية المسلمة كيف هي، كيف هو الإنسان المؤمن، كيف هو أثر الإيمان فيه، يُجسِّد هذا العنوان أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”:

• على مستوى الصفاء، والنقاء، والخلوص من الشوائب.

• وعلى مستوى أيضاً الكمال العظيم والراقي.

أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” أيضاً بموقعه العظيم والمهم في الإسلام، دوره بالنسبة للإسلام، وبالنسبة للأُمَّة، هو في الموقع الذي عبَّر عنه رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، في حديث المنزلة المعروف، والمتواتر بين الأُمَّة بكل أطيافها: ((أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي))، هذا موقعه من رسول الله، هذه مكانته، هذه منزلته: ((بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى))، إِلَّا أَنَّهُ بدون النبوة، بدون عنوان النبوة، ويمتد في مسيرة الهداية، والكمال الإيماني، ونهج الإسلام الحق، من دون عنوان النبوة.

من هو من أُمَّة موسى “عَلَيْهِ السَّلَامُ” كان في منزلة هارون؟ لا أحد، هذا هو موقع أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”.

دوره العظيم في ذلك، فيما عبَّر عنه رسول الله بهذا الحديث، في هذا النص المهم، دوره في نُصرة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” ومؤازرته- كان مؤازراً لرسول الله، مناصراً لرسول الله، معيناً لرسول الله، جندياً عظيماً مع رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي خدمة الإسلام، وفي السعي لإحقاق الحق، وفي الجهاد في سبيل الله تعالى- في مستوى الجهد الذي قدَّمه، والدور الذي قام به، في هذه المنزلة، وهذا المستوى: ((بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى)).

منزلته في الإسلام، في تجسيده لقيم الإسلام، في كماله الإيمان، كان بهذا المستوى الرفيع، والعالي، والمتميز: ((بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى))، دوره المهم في الحفاظ على الامتداد الأصيل والنقي للإسلام، والتَّصدِّي لحركة النفاق، كان من هذا الموقع؛ لأنه موكولٌ إليه هذا الدور، وهو في هذا المستوى من المسؤولية، ومن الأهلية والجدارة للقيام بهذا الدور.

وهذا الدور أيضاً ورد الحديث عنه بشكلٍ صريحٍ ومؤكِّدٍ أيضاً في الحديث النبوي الآخر، عندما قال رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”: ((عَلِيٌّ مَعَ القُرْآنُ، وَالقُرْآنُ مَعَ عَلِيّ))، وحينما قال: ((عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ، وَالحَقُّ مَعَ عَلِيّ))، امتداد لنهج الإسلام الأصيل، في مواجهة الزيف من حركة النفاق، التي تسعى للانحراف بالأُمَّة من داخلها؛ ولـذلك فأمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” هو النسخة الأصلية للإسلام بصفائها من كل الشوائب، وبكمالها عن كل نقصٍ، على مستوى الكمال الإيماني.

والأُمَّة بحاجة إلى هذا النموذج الأصيل؛ لأنَّها تتعرض لهجمة رهيبة، من داخلها ومن خارجها:

• من داخلها: حركة النفاق على امتداد التاريخ، والتي حمل رايتها (الطغيان الأموي)، فتحرَّك للانقلاب على موروث الإسلام العظيم بالنفاق، والتزييف لصورة الإسلام بصورة بديلة، مستنسخة، مزيَّفة، مشوَّهة، محرَّفة، تتأقلم مع أهواء طغاة بني أُمية.

• ومن خارج الأُمَّة: هناك الكافرون، حركة الكافرين، وعلى رأسهم اليهود، التي تستهدف الأُمَّة في: الإضلال، والإفساد، والتحريف لمنهج الله الحق.

فأولئك وأولئك، من داخل الأُمَّة ومن خارجها، هم يسعون للانحراف بالأُمَّة، وفي نفس الوقت يريدون سبيل الله أن يكون سبيلاً مِعْوَجّاً، ويريدون للإسلام أن يكون بنسخةٍ أخرى، غير النسخة الأصيلة، السليمة من الشوائب، نسخة مُحَرَّفة، مُشَوَّهة، تتأقلم مع أهواء الطغاة والمجرمين، وتساعد على التَّقَبُّل بهم، تلك الصورة المشوَّهة يريدون أن يستبدلوا أيضاً رموز الهداية والهداة للأُمَّة، برموز مضلين، ومجرمين، وطغاة، وطغاة؛ حتى تكون الأُمَّة متقبِّلة، متقبِّلةً للطغاة والمجرمين، ومواليةً للظالمين، بدون أي حرج، يصبح ذلك- في تصورها الخاطئ، وفهمها المغلوط؛ نتيجةً للتحريف- جزءاً من التزامها الإيماني والديني.

الدور الخطير لحركة النفاق في الأُمَّة كشفه القرآن الكريم:

• في حديثه عن المنافقين، حتى بأكثر مما تحدَّث عن الكافرين.

• وفي موقفه الحاسم من المنافقين والنفاق.

• وفي كشفه لحقيقتهم، ولكل فئاتهم؛ لأن المنافقين فئات متنوعة:

• منهم فئات تتصف بالفجور.

• منهم فئات تتصف بالتمظهر بالتدين.

• منهم فئات تتحرك تحت العنوان الديني.

• وأخرى تتحرك تحت عناوين أخرى: عناوين المصلحة… وغير ذلك.

فالقرآن كشفهم بكل فئاتهم وأصنافهم، وكشف عن مستوى خطورتهم على الأُمَّة، وعن سوئهم، ولو لم يكن ليكشف لنا سوء دورهم إلَّا قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ}[النساء:145]، أو {فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}[النساء:145]، قراءتين: {فِي الدَّرَكِ} و {فِي الدَّرْكِ}، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء:145].

المنافقين لماذا يكون عقابهم أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار؟ لسوء دورهم، وعظيم جرمهم، وكبير جنايتهم على الناس، وضد الإسلام والحق، فقول الله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}[المنافقون:4].

حركة المنافقين في داخل الأُمَّة هي:

• حركة تزييف.

• وحركة إضلال وتحريف.

• وحركة إفساد وتخريب.

• وحركة خلخلة لواقع الأُمَّة من الداخل.

ولــذلك يقول الله عنهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}[البقرة:11]؛ لأنهم يحملون عناوين مخادعة في أوساط الأُمَّة.

ولـذلك فأمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” له دورٌ أساسيٌ في فضح حركة النفاق؛ لأنه الامتداد الأصيل الذي يصون للأُمَّة دينها، ويقدِّم النموذج الحقيقي والراقي للإسلام، حركة النفاق على العكس من ذلك: تحريف، تزييف، إضلال، تغيير، تبديل، مما يناسب أهواءهم، والإمام عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” هو يقدِّم النموذج الحقيقي، وهو الامتداد الأصيل، وحلقة الوصل مع رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”.

حركة النفاق لا يمكنها أن تجاهر بكل وضوح وبدون مواربة بالكفر برسول الله، أو بالتَّنكُّر لرسول الله، {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون:1]، فهم يشهدون شهادة مؤكَّدة؛ ولـذلك فهناك علامة فارقة أخرى تبيِّن الحال ما بين الإيمان والنفاق، ما بين الإيمان والنفاق في داخل الأُمَّة، هذه العلامة التي تحدث عنها رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بقوله لأمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: ((لَا يُحِبُكَ إِلَّا مُؤْمِن، وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِق))؛ فكان أمير المؤمنين علامة فارقة بين الإيمان والنفاق؛ والأصالة والزيف، في داخل الأُمَّة، كما في هذا الحديث النبوي الواضح والصريح.

الطغيان الأموي لهذا السبب حارب أمير المؤمنين علي “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وعاداه، وأبغضه؛ لأنه كان يراه عائقاً يَحُوْل بينه وبين تحقيق أهدافه، فقد كان أمير المؤمنين “عَلَيْهِ السَّلَامُ” حصناً حصيناً، وسدّاً منيعاً، يتصدى لهم، وواجههم، واجه الفئة الباغية التي تدعو إلى النار، كما وصفها رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” في حديثه، وفي قوله عن عمار: ((تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَة، يَدْعُوهُم إِلَى الجَنَّة، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّار))، وحركة النفاق هي حركة تدعو الناس إلى النار، الأعمال التي تنحرف بهم عن نهج الإسلام فتصل بهم إلى نار جهنم.

وباستشهاد أمير المؤمنين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، تمكَّن الطغيان الأموي الذي حمل راية النفاق في الأُمَّة من السيطرة عليها، وكان مسار طغاة بني أُمية في الأُمَّة عندما تمكَّنوا من السيطرة عليها، وهم يحملون راية النفاق، ومشروعهم في الأُمَّة هو مشروع النفاق، تمكَّنوا من التَّوجُّه في نفس المسار الذي حذَّر منه رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، حينما حذَّر منهم: ((اِتَّخَذُوا دِيْنَ اللهِ دَغَلاً، وَعِبَادَهُ خَوَلاً، وَمَالَهُ دُوَلاً))؛ فأضاعوا الأُمَّة، أضاعوا الأُمَّة وانحدروا بها نحو الأسفل، نحو الحضيض، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

ولـذلك فالأُمَّة لا ينقذها مما هي فيه؛ لأنَّها تعاني من حركة النفاق التي استمرت ما بعد الطغيان الأموي، وهي امتدادٌ لها إلى هذا الزمن، تنحرف بالأُمَّة، تغيِّر مفاهيم الإسلام، تغيِّر ولاء الأُمَّة للكافرين، وللطغاة الظالمين، وللمجرمين، وللسيئين، وللمضلين، لا خلاص للأُمَّة إلَّا بالعودة الصادقة إلى الله، وإلى النهج الأصيل للإسلام، وإلى الولاء لرموز الهداية المؤمنين، الذين يتَّجهون بالأُمَّة الاتِّجاه الحقّ، على أصالة الإسلام ومنهجه الصحيح، ويخلِّصون الأُمَّة من التبعية للمنافقين، ومن الظالمين، وأيضاً والولاء للكافرين، والتبعية للكافرين؛ لأن نهج الإسلام الأصيل يمتاز بهذه الميزة: أنَّه يفصل الأُمَّة تماماً عن التبعية والولاء للكافرين، والمنافقين، والمضلين، والمفسدين، والمجرمين؛ ويتَّجه بالأُمَّة في الاتِّجاه الصحيح، على خطى أنبياء الله في الصراط المستقيم، ويتَّجه بالأُمَّة في منهجية الإسلام، التي هي عزٌّ، وفوزٌ، وفلاحٌ، ونجاةٌ في الدنيا والآخرة، يفوز من سار عليها، وحينما يلقى الله، يلقاه فائزاً، كما قال أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” عندما استهدف وأتت الشهادة: ((فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَة)).

أَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الإنسان بحاجة إلى شهر رمضان المبارک أمیر المؤمنین علی فی العشر الأواخر فی القرآن الکریم أمیر المؤمنین ع الدنیا والآخرة فی لیلة القدر من شهر رمضان على الإنسان نزول القرآن هذا المستوى لرسول الله فرصة عظیمة فیما یتعلق ع ل ى آل ه تدبیر الله الأواخر من للإنسان أن الإنسان فی من الأدعیة ل إلى الله داخل الأ م ه إلى الله هناک أیضا سبیل الله ر الإنسان الکثیر من رسول الله هذه الفرص النفاق فی لیلة نزول على مستوى ت ع ال ى س ب ح ان ه من المهم هذا دعاء ة الدعاء عند الله وغیر ذلک ة القرآن فی الأ م الله فی م ن اف ق من داخل هی فرصة من الله التی هی هی لیلة أن یکون أکثر من على الأ فی أمور کذلک فی ال ق د ر مهمة جد هذا مهم إذا کان هذه الأ غیر ذلک فی إطار ف ی الد ذلک فی ا لیلة ا الله من ذلک ه الله بالأ م من الت فی هذا ى الله على أن ما بین ذلک من ه فیها فی هذه ن الله فی نفس

إقرأ أيضاً:

كلمة قائد الثورة حول تطورات العدوان الصهيوني على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية(نص +فيديو)


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب:64].

 

 

كلمة السيد عبد الملك الحوثي بخصوص التطورات الأخيرة في المنطقة
pic.twitter.com/BHl2gFXRbh

— AHMAD SLMAN (@1ahmadslman) March 18, 2025

 

قام العدو الإسرائيلي المجرم، اللعين، الخبيث، باستئناف عدوانه، بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزَّة، ناكثاً باتِّفاق وقف العدوان، وإنهاء الحصار والتجويع، وسبق ذلك ولأكثر من أسبوعين نكثه له، بمنعه لدخول المساعدات الإنسانية والغذاء، وحركة البضائع، إلى قطاع غزَّة.
العدو الإسرائيلي، منذ استأنف إبادته الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني، في آخر الليل البارحة، أباد على الفور المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، ومعظمهم من الأطفال والنساء، معظم الشهداء من الأطفال والنساء، واستأنف إبادته الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، بمشورةٍ أمريكيةٍ كما أعلن الأمريكي نفسه، وأيضاً بالسلاح الأمريكي، الذي قدَّمه للإسرائيلي خلال هذه الأسابيع، وأعلن عن ذلك أيضاً.
العدو الإسرائيلي استهدف بالقنابل الأمريكية أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة إلى خيامهم، هم في الخيام، معظمهم في الخيام، والبعض منهم- القلة القليلة- بين ركام منازلهم المُدَمَّرة، واستهدفهم بتلك القنابل الأمريكية المُدَمِّرة، التي مزَّقت الأطفال إلى أشلاء.
استئنافه لعدوانه بالإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، يأتي مع الظروف الصعبة جدًّا، التي يعيشها الشعب الفلسطيني في القطاع، بعد العدوان على مدى خمسة عشر شهراً، وتدمير كل مقومات الحياة في قطاع غزَّة، وتدمير المدن، والأحياء السكنية، والمنازل، والمنشآت، بشكلٍ كامل، لم يبقى إلا القليل القليل جدًّا، نسبة ضئيلة للغاية، مع التجويع الشديد، فالظروف هي بالغة الصعوبة، والمعاناة كبيرةٌ جدًّا، والحالة هي مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة، وبما لا مثيل له في كل الأرض، مع التعطيش أيضاً، ليس فقط التجويع، أصبحوا يعانون حتى في الحصول على الماء للشرب.
العدو الإسرائيلي في إقدامه على هذا الإجرام الفظيع، والإبادة الجماعية، والتجويع، هو يفعل ذلك اعتماداً على:
·الشراكة الأمريكية؛ لأن الأمريكي يدعمه بكل أشكال الدعم، ويُقدِّم له الحماية أيضاً.
·وأيضاً على التخاذل العربي، التخاذل العربي مسهمٌ بلا شك، في جرأة العدو الإسرائيلي على الإقدام على ما يفعله من إجرام فظيع للغاية، وعدوان كبير، وانتهاك لكل الخطوط الحمر، لم يبق هناك أي خطوط حمر، ولا مراعاة لأي اعتبار.
يُقْدِم على ما يُقْدِم عليه من إبادة جماعية، من تدميرٍ شامل، من قتلٍ فظيع، وإجرامٍ رهيب، وتجويعٍ كبير، وهو مطمئنٌ إلى أنه لن يكون هناك من الجانب العربي أي تَحَرُّك جادّ، ولو في الحد الأدنى من الموقف، فهو مطمئنٌ تجاه ذلك.
بل إن من الأشياء التي تُشَجِّعه أكثر هو: التحريض من بعض الأنظمة العربية، التحريض له لأن يواصل عدوانه وإبادته للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة.
هذه مسألة خطيرة جدًّا؛ لأن التخاذل العربي هو مؤثِّر على بقية الموقف الإسلامي، في بقية البلدان الإسلامية، يعني: لو تحرَّك العرب بالشكل المطلوب، ولو في الحد الأدنى من الموقف، لتحرَّكت معهم الكثير من البلدان الإسلامية بمستوى جيد، لكنها حتى عندما تتحرَّك بسقفٍ أعلى، سرعان ما يبادر الزعماء العرب، وتبادر الأنظمة العربية، لاتخاذ موقف سلبي تجاهها، سواءً كان ذلك من جهة البلدان المعروفة في الساحة الإسلامية، وهي بلدان كبرى، الجمهورية الإسلامية في إيران لها موقفها المشرِّف، والتي تعاني من أجله كثيراً، من داخل الساحة العربية والإسلامية، في ردة الفعل السلبية، تجاه موقفها المناصر بما لا مثيل له رسمياً في الأنظمة في العالم الإسلامي، ولكن هناك أيضاً دول أخرى حتى في شرق آسيا وغيره، هي مرتبطة في موقفها بمستوى الموقف العربي، ويؤثِّر على موقفها هذا التَّدَنِّي الكبير جدًّا في الواقع العربي، ومن الجانب العربي الرسمي؛ لـذلك المسألة خطيرة جدًّا، المسألة خطيرة جدًّا.
العدو الإسرائيلي يَنْكُث بالاتِّفاق، الذي عليه ضمناء، اتِّفاق واضح، فيه التزامات واضحة، وعليه ضمناء، ويعود إلى إجرامه في الإبادة الجماعية بكل وسائلها، من قتل، وتجويع، ومنعٍ واستهدافٍ للرعاية الطبية.
هذا أيضاً يبيِّن باستمرار سوء، وطغيان، وإجرام، وحقد، العدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي؛ لأنهما وجهان لعملةٍ واحدة، مع ما لهما من رصيدٍ إجراميٍ فظيعٍ لا مثيل له في العالم.
ومع ذلك يحاول البعض من العرب، أن يتَّجه بالكل اتِّجاه العلاقة الوُدِّيَّة والإيجابية مع العدو الإسرائيلي، تحت عنوان التطبيع، وهو بما هو عليه من حقد، وإجرام، وعدوانية، وسوء؛ من العار، من الخزي، من عظيم الذنب، من الجريمة، أن يكون الإنسان على علاقة إيجابية بجهة كهذه، لها كل هذا المستوى من الإجرام، والرصيد الإجرامي، والعدوانية، والسوء؛ لأن ذلك فيه خدمة، خدمة للعدو الإسرائيلي، وخدمة للأمريكي.
ويبيِّن- في نفس الوقت- لشعوب أُمَّتنا بشكلٍ عام أن هذا العدو هو بهذا المستوى من السوء، والعدوانية، والإجرام؛ وبالتـالي لا مناص عن التَّحَمُّل للمسؤولية في مواجهته، في التصدي له، في العمل على التخلُّص منه؛ لأنه بهذه العدوانية، والسوء، والشَّرّ، والطغيان، والإجرام، يُشَكِّل خطورةً فعليةً وحقيقية على كل أُمَّتنا، على مختلف بلدانها وشعوبها.
الإسرائيلي بهذا المستوى من السوء والحقد والإجرام، يعني: هي بالنسبة له منهجية، هي سلوكٌ راسخ، هي روحية، هي بالنسبة له حالة راسخة، مُتَشبِّثٌ بها، توجُّهٌ ينطلق على أساسه؛ فهي جهة شرّ، وجهة خطر، وجهة عدوان على أُمَّتنا، ولو قد استكملت عدوانها، وتفرَّغت، وأنهت وصفَّت القضية الفلسطينية بشكلٍ كامل، لتوجَّهت إلى غير الشعب الفلسطيني، ولَمَا راعت لأحدٍ أبداً ما كان عليه من التخاذل والتَّفرُّج، بل حتى أكثر من ذلك، ما كان عليه من الإيجابية تجاهها، والتعاون معها، والعلاقة معها.
العدو الإسرائيلي واضحٌ في أنه لا يعطي أي اعتبار للاتِّفاقيات، لمن يراهنون على أن معهم اتِّفاقات معه، هو بهذا الشكل: لا يراعي أي اتِّفاق، ومعه الأمريكي، لمن يراعي أن للأمريكي دور في اتِّفاقيات مع العدو الإسرائيلي، أو ضامنٌ فيها، فهو بهذا الشكل: ينكث أيضاً، ويتماها مع الإسرائيلي الناكث، كلاهما مجرمان، وكلاهما ناكثان، ولا يفيان بما عليهما من التزامات، العدو الإسرائيلي ليس وفياً إطلاقاً تجاه أي التزامات، أي اتِّفاقات، وهذا درسٌ كبير- كما قلنا- للذين يراهنون على مسألة الاتِّفاقات ونحوها.
الله فضحهم في القرآن الكريم: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}[البقرة:100]، هم ليسوا أوفياء أبداً، {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ}[البقرة:75]، هم أهل نكث، أهل تحريف، أهل تزوير للحقائق؛ هم معتدون، حاقدون، لا يرقبون في مؤمنٍ إِلًّا ولا ذمة، {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:62]، ترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان لا يتحرجون عن ذلك، فهم أهل عدوان، وأهل حقد، وأهل إجرام.
ولـذلك من يراهن على الاتِّفاقيات معهم، عليه أن يرى جيداً، ها هم ينكثون بالاتِّفاقيات، ويتهربون منها، ويتهربون من استحقاقاتها، ومن العجيب جدًّا- وبكل وقاحة- أنهم يحاولون أن يضغطوا على (حركة حماس)، لِأَنْ تقبل باستكمال تبادل الأسرى بعيداً عن الاتِّفاق، في صيغته الواضحة، ومن دون الدخول في المرحلة الثانية من الاتِّفاق، ومن دون الاستحقاقات اللازمة، المبنية على الاتِّفاق، التي هي: في وقف العدوان، في إعادة الإعمار لغزَّة، لماذا؟ يقولون: [لأنهم يريدون أن يعودوا إلى العدوان على غزَّة]، لأنهم يريدون الاستمرار في الحرب حسب قولهم.
فمن الواضح أنهم يريدون أن يُجَرِّدوا (حركة حماس) من ورقة الأسرى، وأن يستعيدوهم من دون المرحلة الثانية من الاتِّفاق؛ للتهرب من استحقاقاتها:
·التي هي وقف العدوان على غزَّة.
·التي هي إكمال الانسحاب من غزَّة.

·إكمال الانسحاب أيضاً من حيث هم مستمرون في الاحتلال وهو ضمن المرحلة الأولى، مثل ما هو الحال في (محور رفح).
فهم يتهربون من الاستحقاقات، والتي هي استحقاقات ضرورية بالنسبة للشعب الفلسطيني؛ يعني: لا يمكن لـ (حركة حماس) أن تساوم في ذلك، أو تُقايض في ذلك، لماذا؟ هل يمكن أن تقايض من أجل ألَّا يحصل حرب، ألَّا يحصل عدوان على القطاع؟ أولئك يريدون أن يعودوا إلى العدوان؛ وإنما يريدون أن يكونوا قد جَرَّدُوا (حركة المقاومة الإسلامية حماس) من ورقة الأسرى، التي لا تزال ورقة ضغط في يدها.
فهم يقولون لـ (حركة حماس): [عليكِ أن تمضي في مسار آخر، بديل عن المرحلة الثانية من الاتِّفاق، يتم فيه استكمال تبادل الأسرى، دون أن يكون على العدو الإسرائيلي الوفاء بما عليه من استحقاقات في المرحلة الثانية من الاتِّفاق، بما فيها: وقف العدوان، وبما فيها: إتاحة المجال لإعادة الإعمار لغزَّة، وفق الصيغة التي تم الاتِّفاق
عليها]، لماذا؟ قالوا: [لأنهم يريدون أن يعودوا إلى العدوان على قطاع غزَّة]، فلا يمكن أن تساوم (حركة حماس) في هذه المسألة: في مسألة أن تقبل بتجريدها من ورقة الأسرى، ثم يعودون إلى العدوان على قطاع غزَّة.
ولـذلك هم أهل طغيان واضح، وباطل واضح، باطل مكشوف، عدوانية واضحة تماماً، تنكُّر لكل الحقوق، مع أن مسألة ما يقومون به من: إبادة جماعية، واستهداف للمدنيين، وتجويع للمجتمع في قطاع غزَّة، لأهالي غزَّة، هذه أشياء لا يبررها أي شيء على الإطلاق، حتى لو كانوا في حرب، حتى لو كانوا في مواجهة، ليس هناك ما يبرر لهم أن يفعلوا ذلك، هم بذلك يتنكرون للقانون الدولي، لمواثيق الأمم المتحدة، لكل الحقوق، لكل الأعراف، للشرع الإلهي والدين الإلهي الحق، للقيم الإنسانية... لكل شيء، وهم يرتكبون بذلك انتهاكات وجرائم محسوبة على أنها من كبار الجرائم بكل الاعتبارات: في مواثيق الأمم المتحدة، في القوانين، في الأعراف... في كل شيء، ليس هناك ما يبرر لهم ذلك.
لكنهم وصلوا إلى منتهى الوقاحة، والعدوانية، والانكشاف، والجرأة، لماذا؟ لأنهم مطمئنون إلى أنه ليس هناك أي تحرُّك جادّ لمحاسبتهم على جرائمهم، من الجهات التي عليها أن تتحرَّك في ذلك، بدءاً بالعالم الإسلامي، هناك مسؤولية كبيرة على المسلمين في المقدِّمة قبل غيرهم، مع أنها مسؤولية عالمية على كل المجتمع البشري، ولكن كان من واجب المسلمين أن يُشكِّلوا هم تَحَرُّكاً عالمياً فعَّالاً وقوياً؛ لأن بقية البلدان تنظر إلى مواقف المسلمين، فحينما تشاهد أنهم تحت سقفٍ هابط في تَحَرُّكِهم، والكثير منهم ليس له موقف أصلاً، والبعض منهم متواطئٌ مع العدو؛ فهي لن تتحرك بأكثر من المسلمين، مع أن البعض منهم تحرَّكوا- فعلاً- بأكثر من أكثر البلدان، وأكثر الأنظمة في العالم الإسلامي، في مواقفهم، من ضمنها: المقاطعة السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، للعدو الإسرائيلي، وهذا ما لم تفعله كبريات الأنظمة العربية، أي نظام عربي من كبريات الأنظمة العربية أقدم على موقف بهذا المستوى: المقاطعة الكاملة للعدو الإسرائيلي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى السياسي، على مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية؟! هذا الموقف في هذا الحد الأدنى، وهذا المستوى البسيط جدًّا، لم تصل ولم ترقَ الأنظمة العربية، ولا أكثر العالم الإسلامي، إلى مستواه، هذا شيءٌ مؤسفٌ جدًّا!
المسلمون عليهم مسؤولية دينية، يعني ذلك: أن الله سيحاسبهم على تَنَصُّلِهِم، وتفريطهم في هذه المسؤولية، تَنَصُّلِهِم عنها، وتفريطهم فيها؛ لأن من ضمن التزاماتهم الدينية: أن ينصروا المظلوم منهم، وهذه مظلومية واضحة لكل المسلمين، لكل العالم، ومظلومية رهيبة جدًّا، مظلومية شعب يباد، يُضْطهد، يُقْتَل، مظلومية لا مثيل لها فيما يجري في كل الدنيا، فعليهم مسؤولية أيضاً في أن يقفوا ضد الظالم، المجرم، الباغي، الطاغي، وأي مجرم أسوأ من العدو الإسرائيلي، أكثر إجراماً منه، أبشع إجراماً منه؟! منتهى الإجرام، والعدوان، والطغيان، والكفر، والظلم، هو موجود في العدو الإسرائيلي، ويمارسه العدو الإسرائيلي.
هذه الأُمَّة التي عليها مسؤولية الجهاد في سبيل الله، لتتحرك ضد مثل هذا الظلم، وهذا الطغيان، وهذا الإجرام، وهذا العدو، الذي قد بيَّن الله في القرآن الكريم أنه عدوٌ لهذه الأُمَّة، وأنه الأشد عداءً لها بين كل أعدائها، والأكثر حِقداً عليها بين كل أعدائها، والأسوأ بين كل أعدائها، عدوٌ سيء، بل أشد عداءً: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة:82]، فكان اليهود هم في المرتبة الأولى؛ ومع ذلك واجب الأُمَّة التي عليها أن تتخذه عدواً، تتَّجه لتتنصّل عن هذه المسؤوليات.
هذه الأُمَّة التي من واجبها أن تكون الأُمَّة التي تتصدّر الساحة العالمية، وكل الأمم، في الاتِّجاه الذي فيه الدعوة إلى الخير، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110]، هذه المسؤولية العظيمة، هذا الدور العظيم، الذي عليه خِيَارُها، وهُدَاتُها، والصالحون فيها، الذين ينبغي أن تحذو حذوهم، وأن تسير في دربهم؛ لكنَّها تُفَرِّط في هذه المسؤولية الدينية.
الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عندما أمرنا بالجهاد في سبيله في القرآن الكريم في آيات كثيرة، آيات كثيرة، أكثر من خمسمائة آية في القرآن، وجعله فريضةً من الفرائض الأساسية في الدين الإسلامي؛ لمواجهة مثل هذا الطغيان، هذا الظلم، هذا الإجرام، هذا الفساد، هذا المنكر، الذي يمارسه العدو الإسرائيلي، ويستهدف به هذه الأمة، فأين هو تحرُّك الأمة على مستوى المجالات كلها، لتجاهد في سبيل الله عسكرياً، سياسياً، اقتصادياً، إعلامياً... في كل مجال، أين هو التحرك الجاد والفاعل؟! هذه مسؤولية كبيرة على الأمة.
الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" توعَّد على التخاذل والتفريط في القرآن الكريم بالعذاب الشديد، في ظروفٍ كهذه هي ظروف تنفر فيها الأمة، تنفر فيها، تتحرك فيها بمسارعة، وبِجِدِّيَّة، وباهتمام، وبالسقف الذي يرقى إلى مستوى التحدي والخطر، ومواجهة هذا الخطر؛ ولـذلك حينما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة:39]، فالتفريط في هذه المسؤولية، أمام ما يحدث ويجري بمرأى ومسمع من هذه الأمة، وداخل هذه الأمة، في فلسطين، في الرقعة الجغرافية التي هي من عمق هذه الأمة، ليست أحداثاً في آخر الدنيا، حتى تتعلل هذه البلدان وهذه الشعوب أنه ليس بإمكانها أن تفعل شيئاً، ولا أن تُقدِّم شيئاً، ولا أن تعمل شيئاً؛ بل في الرقعة الجغرافية التي تنتشر عليها هذه الأمة، وتحت سيطرة هذه الأمة في بلدانها، وأوطانها، وعمقها الجغرافي، فالمسؤولية كبيرة جدًّا على هذه الأمة.
ثم أن تشكِّل- كما قلنا- نواةً لموقفٍ عالمي، وهناك إمكانية لتحرُّك واسع من كثيرٍ من الدول، لكنهم- كما قلنا- يتأثرون بالموقف العربي والإسلامي، حينما يرونه تحت سقفٍ هابط، وبمستوى متدنٍ، ومجرد إصدار بيانات وتعليقات؛ فهم- في نهاية المطاف- يرون أنهم لن يكونوا أكثر تفاعلاً، ولا عليهم مسؤولية حتى بالاعتبار الإنساني والقانوني، بأكثر مما على العرب، وبأكثر مما على المسلمين.
المسؤولية هي في التَّحَرُّك بكل جِدِّيَّة على كافة المستويات؛ للضغط بإيقاف ذلك العدوان، والإجرام، والإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني.
التَّحَرُّك في سقفه، الذي هو في إطار المسؤولية والواجب، هو التحرك العسكري أيضاً، وليس فقط على بقية المستويات، بل في المقدِّمة التَّحَرُّك العسكري، الأُمَّة تمتلك في قدراتها العسكرية ما يُمَكِّنها من موقفٍ عسكريٍ كبير، لو أنَّها تعاونت، لو أنَّها اتَّحدت في موقفها هذا من العدو الإسرائيلي، ولكن أصبح هذا بعيد المنال، ومن الواضح أنَّ هذا- بالنسبة لهم- من الأشياء التي لا يمكن أن يُقْدِمُوا عليها، بالذات الأنظمة والحكومات، ولكن لماذا لا يدعمون الإخوة المجاهدين في فلسطين عسكرياً؟! لماذا لا يقدِّمون لهم الدعم العسكري؟!
بالرغم مما يمتلكه العدو الإسرائيلي من: إمكانات، وقدرات عسكرية، ومصانع، وما بحوزته من السلاح؛ تُقدِّم له أمريكا مختلف أنواع السلاح، بكميات كبيرة وهائلة، بمئات الآلاف من الأطنان، وتُقدِّم التمويل لذلك من ميزانيتها؛ في الدول الغربية كذلك: بريطانيا، تدعم العدو الإسرائيلي بالسلاح؛ ألمانيا، تدعمه بالسلاح؛ دول أوروبية وغربية، تُقدِّم له السلاح، فلماذا لا تُقَدِّم البلدان العربية والإسلامية السلاح للإخوة المجاهدين في فلسطين؟! بل إنهم ينتقدون على الجمهورية الإسلامية في إيران، عندما تدعم المجاهدين في فلسطين دعماً عسكرياً، ويعادونها لأجل ذلك، بدلاً من أن يبادروا هم إلى تقديم الدعم والعون للشعب الفلسطيني ومجاهديه بالسلاح، وهم بحاجة إلى السلاح، أو بالمال، ليوفروا لأنفسهم السلاح.
الخطوات التي أكدنا عليها في كلمات كثيرة، ومنها:
·المواقف السلبية تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين، في تصنيفهم بالإرهاب لدى الأنظمة العربية: لماذا لا يتخذون خطوة بتغيير ذلك، والتعامل بإيجابية معهم، والمساندة، والتشجيع، والتحفيز، خطوات عملية؟! واضح أنهم لا يريدون أن يتحرَّكوا أي تَحَرُّك جادّ وصادق في مستوى مواقف عملية.
·سياسيــــاً: بقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية، وكذلك اتِّخاذ خيارات في المحافل الدولية، الأفق السياسي واسع، فيه خيارات مُتَعَدِّدَة، لو تَحَرَّكوا فيه بِجِدِّيَّة.
·على المستوى الاقتصادي: بالمقاطعة الاقتصادية، لا يزال العدو الإسرائيلي مستفيداً بشكلٍ كبير من دول إسلامية ودول عربية في الجانب الاقتصادي، ويعتمد على ذلك بشكلٍ أساسي، يَطْمَئِن تجاه ذلك للاستمرار في إجرامه.
ولـذلك في هذا المقام، من الدول التي يستفيد منها بشكلٍ كبير اقتصادياً: تركيا، ومصر، والأردن، والسعودية، الامارات... هذه البلدان من واجبها أن تكون جادَّة في اتِّخاذ مواقف في المقاطعة الاقتصادية، وكذلك بقية البلدان:
سمعنا عن أذربيجان، أنَّها عقدت، أو على وشك أن تعقد اتِّفاقاً جديداً مع العدو الإسرائيلي.
أثيوبيا من هناك تتَّجه، أثيوبيا حالها حال مختلف، لكنها ضمن هذه المنطقة، يعني: مختلف من حيث أنها ليست كدولة محسوبة ضمن العالم الإسلامي بكلها، خليط ومزيج، لكن مسؤولياتها مسؤوليات إنسانية، وهي ضمن هذه المنطقة، فيما يجري فيها من تطورات وأحداث، في آثارها، وعواقبها، ونتائجها.
على كلٍّ، هناك بلدان كثيرة في العالم الإسلامي، وبلدان عربية والمغرب العربي، على المستوى الرسمي: هناك تطبيع، هناك علاقات اقتصادية، هناك تعاون مع العدو الإسرائيلي.
في مقابل استمرار العدو الإسرائيلي في إجرامه، وتعنته، ونكثه بالاتفاقات، عليهم مسؤولية أن يكون لهم موقف جادّ ليقطعوا علاقتهم الاقتصادية والسياسية معه، فبوسعهم الكثير.
·إعلاميــــاً: والمفترض أن يكون هناك تحرُّك إعلامي واسع، وأن تتوجَّه الإمكانات الإعلامية ضد العدو الإسرائيلي؛ لفضحه، ولفضح إجرامه ولمساندة الشعب الفلسطيني، وللتأثير على الرأي العام العالمي، للتحرُّك العملي لمنع الاستمرار في هذه الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
فهناك خطوات رسمية متاحة في عالمنا الإسلامي، وفي عالمنا العربي، لو هناك جِدِّيَّة، وشعور بالمسؤولية للتحرك لفعل شيءٍ ما، ولو بالحد الأدنى؛ أمَّا أنهم يستمرون على ما هم عليه من تخاذل، من أي مواقف فعلية، أي قرارات، أي خطوة عملية في أي مستوى؛ فهـذا يُشَجِّع العدو الإسرائيلي على الاستمرار فيما هو فيه.
فيما يتعلق أيضاً بالشعوب، الشعوب عليها مسؤولية كبيرة، والمؤمَّل من الشعوب أن تتحرَّك بما تستطيع. المقاطعة الاقتصادية للأمريكي، وللعدو الإسرائيلي أيضاً، هذا شيءٌ متاح في كل عالمنا الإسلامي، بل كما قلنا فيما مضى: الشعوب التي هي شعوب مكبوتة، مكبَّلة، مقيَّدة من أنظمتها عن أي تحرك: لا تستطيع أن تتظاهر، لا تستطيع أن تتحرك إعلامياً، لا تستطيع أن يكون لها أنشطة واضحة لمساندة الشعب الفلسطيني، هي تستطيع أن تقاطع البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وأن يكون لمقاطعتها تأثير.
ولـذلك عندما نلحظ- مثلاً- وضعية الشعوب في دول الخليج، لديها هذه الفرصة، وعليها مسؤولية في ذلك، تستطيع أن تقاطع بمستوى واسع جدًّا، في مصر... في بلدان عربية كثيرة، كل البلاد العربية، في العالم الإسلامي، كلما اتَّجهت الشعوب للمقاطعة الاقتصادية، كان لذلك تأثير على الأمريكي؛ لأنه من المهم الضغط عليه؛ لأنه شريك وحامٍ، ودوره أساسيٌ، العدوان يأتي بإذنه، يتوقف بأمره، وهكذا دوره أساسيٌ في العدوان على قطاع غزة، وهذه مسؤولية كبيرة، ونحن في شهر الصيام، في شهر التقوى، اتقوا الله يا أيها المسلمون، يا أمة الإسلام، اتقوا الله، عليكم مسؤولية أمام الله، اعملوا ما تستطيعون، وهذا مما تستطيعون، ومما يؤثِّر على العدو، ومما لا يؤثِّر عليكم أصلاً، مما ليس له تأثيرٌ عليكم؛ لأن هناك بدائل في مسألة البضائع، بدائل لبلدان إسلامية وعربية وغيرها، غير البضاعة الأمريكية والبضاعة الإسرائيلية.
على المستوى الإعلامي: هناك مجال واسع في بلدان كثيرة للناشطين الإعلاميين، للوسائل الإعلامية التي هي في إطار التحرُّك الشعبي، في مواقع التواصل الاجتماعي وغيره، لمناصرة الشعب الفلسطيني، وكذلك في السعي للتأثير في الساحة العالمية، هذا مهمٌ جدًّا، فيما يتعلَّق بمواقع التواصل الاجتماعي من أجل تحريك الرأي العام، وإثارة الرأي العام في مختلف البلدان لمناصرة الشعب الفلسطيني
وهكذا بالنسبة لأحرار شعوب وبلدان العالم، سواءً في أوروبا، الأحرار في شعوبهم، وحتى في أمريكا نفسها، والجاليات في أستراليا، في غيرها، من المهم أن يعودوا إلى نشاطهم، الذي قاموا به على مدى خمسة عشر شهراً، في التضامن مع الشعب الفلسطيني بمختلف أنواع الأنشطة: التظاهرات، الفعاليات، كذلك الأنشطة الجامعية في الجامعات... وغير ذلك، ينبغي أن يتحرك الجميع، وأن يستشعر الجميع مسؤوليتهم، هذه مسؤولية إنسانية، وأخلاقية، ودينية، وينبغي للجميع أن يتحرك فيها بكل اعتبار: الاعتبار الإنساني في تلك البلدان، فليتحركوا؛ لأن التفرُّج على هذه الجريمة، وهذه الكارثة، وهذه المأساة، هو- فعلاً- أمرٌ معيبٌ ومخزٍ ووصمة عار على كل المجتمع البشري، لا ينجي من هذا العار، ومن خزيه، ومن عواقبه السيئة في سنَّة الله تعالى في العقوبات في الدنيا والآخرة، إلَّا الموقف، الموقف الصحيح، الموقف الجادّ، الموقف المسؤول.
فيما يتعلَّق بموقفنا نحن في يمن الإيمان والجهاد والحكمة، فقد أعلنه شعبنا العزيز، وأكَّد عليه في خروجه المليوني العظيم، في إحيائه العملي والجهادي لغزوة بدرٍ الكبرى بالأمس، ونحن نؤكِّده اليوم، ونؤكِّد على أننا سنستأنف التصعيد في أعلى مستوياته ضد العدو الإسرائيلي، وسنعمل كل ما نستطيعه ضد العدو الإسرائيلي، ولنصرة الشعب الفلسطيني، ونتصدى لأي مساندةٍ أمريكية لاستهداف بلدنا، مساندة للعدو الإسرائيلي والاستهداف لبلدنا.
ونقول للشعب الفلسطيني، ولإخوتنا في غزة: لستم وحدكم، فالله معكم، ونحن معكم، نتألم لآلامكم، نحزن لحزنكم، ونتحرَّك بكل ما نستطيعه لنصرتكم، لن نألوا في ذلك جهداً، ونسأل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أن يعيننا على ذلك، وأن يوفِّقنا في ذلك.
من المهم أيضاً للجميع من أبناء أمتنا في هذا الشهر المبارك: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء، ونحن في شهر رمضان المبارك، وعلى وشك دخول العشر الأواخر منه، الدعاء بالفرج والنصر والعون والتأييد مهم، مع التَّحَرُّك العملي، الدعاء مع التَّحَرُّك العملي، مع الاهتمام العملي، هذه القضية بوسع كلِّ إنسانٍ أن يسهم فيها، وعليه مسؤولية أن يسهم بقدر ما يستطيع:
·البعض يمكنه أن يسهم بالمال، بالتبرع، التبرعات والمسألة أكثر من مسألة التبرعات: إنفاق في سبيل الله، في إطار الواجب الديني، والمسؤولية الدينية.
البعض يستطيع أن يساهم بالإنفاق في سبيل الله بقدر ما يسعه، بقدر ما يمكنه، عليه مسؤولية في ذلك.
·يتعاون بالمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية؛ لأن تلك الأموال تفيدهم، يستفيدون منها، هم يعتمدون على الإمكانات المادية، في قنابلهم، في سلاحهم، في تمويل عدوانهم، بالمال، كله يعتمد على المال.
والله أمر المسلمين في صدر الإسلام بمقاطعة مفردة (كلمة) كان يستفيد منها اليهود، {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا}[البقرة:104]، واستفادتهم منها استفادة ضئيلة جدًّا، يعني: أمر في أنفسهم، معنىً يقصدونه وهو مسيءٌ إلى رسول الله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ثم بهذا المستوى الذي لا يزال في أعماق أنفسهم، تقاطع تلك المفردة؛ أمَّا الآن هم يستفيدون: في الواقع، في الميدان، في الإبادة الجماعية، في تقوية واقعهم ضد هذه الأمة، بما يُشكِّل خطورةً عليها بكلها.
·البعض- مثلاً- في المجال الإعلامي، يعمل، عليه مسؤولية ليجاهد، ليجاهد إعلامياً...
وهكذا في كل مجال، هناك مسؤولية، وهناك ما يسع الكثير أن يُسهم فيه بقدر مجاله، تخصصه، إمكاناته، ما يسعه ويتمكن منه، فهناك مسؤولية على الجميع بهذا الاعتبار.
نَسْأَلُ اللهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُعَجِّلَ الفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيّ وَمُجَاهِدِيه الأَعِزَّاء، وَأَنْ يُعِينَهُم، أَنْ يَكْسِرَ جَبَرُوت الْعَدُوِ الإِسْرَائِيلِي وَالأَمَرِيكِي وَكِبْرِياءَهُمَا.
وَنَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.


وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • أمسية ثقافية في أرحب بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
  • المرشد الإيراني علي الخامنئي: العودة إلى نهج البلاغة ضرورة للاستفادة من دروس أمير المؤمنين
  • الشهادة في فكر الإمام علي “عليه السلام”
  • المحاضرة الرمضانية الثامنة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (فيديو)
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة للسيد القائد 1446هـ
  • في محاضرته الرمضانية السابعة عشرة.. قائد الثورة : غزوة بدر الكبرى يوم فارق بين الحق والباطل
  • (نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة للسيد القائد 1446هـ
  • نص كلمة قائد الثورة حول تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة
  • كلمة قائد الثورة حول تطورات العدوان الصهيوني على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية(نص +فيديو)