الجزيرة:
2025-03-22@01:58:07 GMT

مقامرة ترامب في غزة واليمن

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

مقامرة ترامب في غزة واليمن

الحملة العسكرية الجويّة التي أطلقها الجيش الصهيوني ضدّ المدنيين، وما تبقى من معمار في غزة، في الثامن عشر من مارس/ آذار 2025، يمكن اعتبارها بداية لحرب طويلة أو قصيرة، كما يمكن اعتبارها مفاجأة غير متوقعة، أو متوقعة لكل من يعرف نتنياهو، أو تابع خطه السياسي والفكري، وإصراره على الحرب ضدّ غزة، طوال خمسة عشر شهرًا.

أما بالنسبة إلى ترامب، وهو الذي بيده قرار الحرب واللاحرب في قطاع غزة، منذ ما قبل توليه الرئاسة الأميركية، فمن المنطقي عدم توقعها منه، لأنه هو الذي أعطى الأولوية، لوقف الحرب وإطلاق كل الأسرى. وفرض على نتنياهو الخضوع لإرادته، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، كارهًا في 17/1/2025 في غزة.

فما الذي استجدّ حتى يعطي الضوء الأخضر لنتنياهو، فيطلق الهجوم آنف الذكر، مؤذنًا بعودة الحرب إلى غزة؟ وذلك بالرغم من عدم الإعلان عن وقف التفاوض، لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

فما زال دور الوسطاء الثلاثة، أميركا ومصر وقطر جاريًا، ومستمرًا من حيث المبدأ. علمًا أن ثمة تناقضًا، هنا، مع عودة للحرب عمليًا على الأرض، وبتصعيد فاق معدلها اليومي، خلال المرحلة السابقة من الحرب.

ما يجب أن يُقرأ في هذه الحملة في يومها الأول، كما استمرارها، إذا ما استمرت، هو تحديد ما طرأ على موقف ترامب حتى يغيّر موقفه. ويعطي الضوء الأخضر لنتنياهو، الذي لم يترك وسيلة إلا سخّرها، ليغيّر ترامب موقفه، وما استطاع إلى ذلك سبيلًا.

إعلان

تغيير ترامب موقفه، ليس بالشيء الجديد، أو الخارج عن مألوفه في التقلب والتغيير. ولكن من جهة أخرى، هذا التقلب بالنسبة إلى هذه القضية بالذات يحتاج إلى تفسير.

علمًا أن محاولات كثيرةـ بذلها نتنياهو وحلفاؤه في أميركا، لئلا يضغط لوقف إطلاق النار، قبل تسلمه مقاليد الرئاسة في العهدة الثانية لكنها ذهبت هباء، مقابل الإصرار على وقف إطلاق النار. مما فرض على نتنياهو الخضوع لرغبة ترامب، وأنفه راغم.

صحيح أن الإعلان عن وقف إطلاق النار والبدء بتنفيذ بنوده المتعلقة بالأسرى، قد فاجأ ترامب من حيث حجم النصر الذي حققته المقاومة، وعبر عنه الشعب، وهم يحتفلون به. وما عكسه أيضًا زحف الجماهير من الجنوب إلى الشمال، فضلًا عن الاحتفاء بمراسم تبادل الأسرى دفعة بعد أخرى، كما اقتضت المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق.

لا شك في أن ترامب ومساعديه منحازون بالكامل، أصلًا، للكيان الصهيوني، وقد فوجئوا بحجم الانتصار، وما عكسته غابة البنادق والحشود الشعبية. ثم فوجئوا أكثر عندما حُشروا سياسيًا، لتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، لإطلاق كل المحتجزين الأسرى.

لقد حاول ويتكوف مبعوث ترامب لتنفيذ الاتفاق، أن يضع اتفاقًا جديدًا للمرحلة المتبقية، يلغي ما اتفق عليه، خصوصًا من ناحية الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال، من كل القطاع، وتوقيع اتفاق لوقف الحرب.

على أن هذه المناورة، سرعان ما فشلت بسبب تعارضها مع بنود الاتفاق الموقع عليه، وإصرار المفاوض الفلسطيني على تنفيذ ما اتفق عليه، وعدم السماح بالتنصل منه.

هنا وجد ترامب ومبعوثه، أن السحر انقلب على الساحر. وذلك لسبب بسيط، وهو استحالة أن يحقق بالسياسة والضغوط، ما لم يتحقق في الحرب والمواجهة طوال خمسة عشر شهرًا.

وهو الأمر الذي فرض عليهما، أن يضحيا بصدقيتهما، خصوصًا، ما أعلنه ترامب من إصرار على إطلاق كل "المختطفين" الأسرى، وذلك بالانتقال إلى اتباع سياسة الضغط، بالحرب والإبادة البشرية، والتدمير والتهويل والتخويف، تكرارًا لسياسة بايدن ونتنياهو الإجرامية الدموية الفاشلة.

إعلان

سوف يتبين لترامب أن هذه السياسة، ستجعله يواجه عزلة دولية خانقة، والدليل شبه الإجماع الدولي الذي استنكر العودة إلى الحرب وجرائم الإبادة، منذ اليوم الأول في الموقف من العودة إلى الحرب.

على أن أخطر ما قد ينشأ عن هذه العزلة والفشل، يأتي من لجوء ترامب للهرب باتجاه الحرب ضد إيران، أو التوسّع في سياسة الحرب بدلًا من سياسة الصفقات الضاغطة، والمبالغة بالعقوبات الأشد فالأشد.

وبهذا سيجد نفسه يعاني من فشل في الإستراتيجيتين، إذ تذهبان إلى تحقيق الأقصى، وتفترقان عن "الاعتدال" ومراعاة الحد الأدنى من المعقولية. وذلك بعيدًا من التطرف الأقصى سواء أكان بالحرب أم بالصفقات والعقوبات.

هنا سيجد ترامب نفسه متورطًا في حرب ضدّ غزة، ناهيك عن حربه ضدّ اليمن، فلا يتحقق الهدف فيهما. أي عدم خضوع المقاومة والشعب في غزة، أو اليمن، قيادة وشعبًا، فيجد نفسه، أمام خيار التراجع، أو خيار الدخول في حرب بريّة نتائجها غير مضمونة. بل ستكون كارثية على كل مشروعه الذي وعد به ناخبيه.

أضف إلى ذلك أن هذه الحرب، ولا سيما في غزة، ستكرّس انحطاط سمعة الكيان الصهيوني، من حيث كونه كيانًا مارقًا، ومجرم حربٍ وإبادة، وتدمير شامل، ومستهترًا بالقانون الدولي، والقِيَم الإنسانية.

وسوف يلحق بسمعة ترامب، مع أولى غزواته العسكرية، كل ما يشينها، من دون تحقيق النتائج المتوخاة. وذلك ما دام الذي يقابله صامدًا مقاتلًا، وحاملًا للقضية العادلة، ولا يبدّل تبديلًا.

وأخيرًا وليس آخرًا، سيواجِه ترامب لأول مرّة، وهو في قمة عُنجهيته القانون الشهير: "انتصار الدم على السيف". وذلك حين يحارب شعبًا مظلومًا، يدافع عن قضية عادلة، ولا يخضع حين يتعرض للعدوان، وجرائم الإبادة، والتدمير شبه الشامل.

فالحرب ما لم تحقق إنزال الهزيمة العسكرية، واستسلام العدو، لا تؤدي إلى نصر، إذا ما أصرت على القتل الجماعي والتدمير، ولا تجد قيادة جبانة أو ضعيفة، ترضى لنفسها الاستسلام. وهذان شرطان منعدمان في غزة وفي اليمن.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يقرأ الأوكرانيون موافقة بوتين وشروطه لوقف إطلاق النار؟

كييف- بوساطة أو "ضغوط" أميركية، ولأول مرة منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، يتجه المسار نحو اتفاق بين الروس والأوكرانيين، يقضي بوقف استهداف منشآت الطاقة والبنى التحتية في كلا الطرفين.

اتفاق مؤقت مدته 30 يوما، تريد واشنطن أن يؤسس لنهاية الحرب وسلام دائم في أوكرانيا، الأمر الذي رحب به ووافق عليه كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهذا يعتبر أكبر المؤشرات الإيجابية.

ولكن، رغم أن تفاصيل الهدنة المؤقتة لم تحدد أو توقع بعد، سرعان ما بدأ الأوكرانيون تشكيكا بإمكانية الوصول إلى تطبيقها، لا سيما مع استمرار تحليق الطائرات المسيرة بكثافة في كلا الاتجاهين، بما في ذلك صوب العاصمة كييف.

كما تناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء عن محاولات روسية لاقتحام مقاطعة سومي الأوكرانية، ومحاولات أوكرانية بالمقابل اقتحام مقاطعة بيلغورود الروسية.

شروط تعجيزية

تزيد شروط بوتين المعلنة وغير المعلنة لوقف إطلاق النار والحرب تشكيك الأوكرانيين، خاصة أنها تتعدى "الخطوط الحمراء" التي رسمتها إدارة زيلينسكي لأي عملية تفاوض.

وتتعلق الشروط بوقف التعبئة في الجيش الأوكراني، وقطع الدعم الغربي عن كييف، والاعتراف بالقرم و4 مقاطعات أوكرانية محتلة كأراض روسية، إضافة إلى المطالبة بحياد أوكرانيا العسكري، وعدم وجود قوات أجنبية على أراضيها، ناهيك عن حديث وسائل إعلام مقربة من الكرملين حول رغبة روسية بالاستحواذ على ميناء أوديسا في البحر الأسود.

إعلان

ويصف رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو هذه الشروط بـ"التعجيزية"، ويعتبر في حديثه مع الجزيرة نت أنها "تذكر ببداية الحرب، عندما كانت كييف مطالبة بالاستسلام، والاعتراف بالهزيمة".

لكن الخبير يرى في الوقت ذاته أن "الهدف من طرح هذه الشروط هو الظهور بموقع القوة، ورفع سقف المطالب لتقديم تنازلات أقل في المستقبل القريب"، وكذلك يرى أن "اتصال بوتين بترامب كان إيجابيا بشكل عام، وخالف توقعات انحياز الأخير بقوة لصالح روسيا".

أفراد من الجيش الروسي في بلدة سودزا التي استعادها مؤخرا في منطقة كورسك بروسيا (رويترز) هدف الهدنة

وفي إطار الشك أيضا، يتساءل الأوكرانيون عن الهدف الحقيقي من هدنة مدتها 30 يوما فقط، وعنوانها الأبرز تحييد منشآت الطاقة والبنية التحتية فقط من قائمة الأهداف.

ويقول خبير السياسات والعلاقات الإستراتيجية في "المجموعة الوطنية لمكافحة الأزمات" تاراس زاهورودني للجزيرة نت إن "كل العبارات التي تشير إلى عدم مهاجمة قطاع الطاقة لا تعني إلا شيئا واحدا، وهو أن الروس يُعانون بشدة من الهجمات الأوكرانية، لأنه في مثل هذه الحالات فقط يبدؤون إظهار حسن النية".

أما الخبير فيسينكو فقال -في حديث سابق مع الجزيرة نت- إن "وقف إطلاق النار لن يشمل -على الأغلب- جبهات يزيد طولها عن ألف كيلومتر، لأن روسيا تعتبر أنها تقاتل على أراضيها بهدف التحرير".

من ناحية أخرى، يلمح الخبير أوليكساندر خارتشينكو، مدير مركز أبحاث الطاقة، إلى أن "أوكرانيا تريد الهدنة كأساس لوقف الحرب، أما الروس فيريدونها مؤقتة لإعادة ترتيب الصفوف والحسابات العسكرية فقط قبل استئناف العمليات، وكذلك لمعرفة موقف الغرب، هل سيدعم كييف بالمزيد، أم سيدفعها نحو التهدئة".

ويدلل على ذلك بالقول للجزيرة نت "التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لتحييد قطاع الطاقة سيؤثر بشكل كبير على الوضع فعلا، أما هدنة مدتها 30 يوما فلن تمكن حتى من إعادة تشغيل المحطات الفرعية الصغيرة".

إعلان تفاؤل وحذر

ومع كل ذلك، تعبر تصريحات بعض كبار المسؤولين الأوكرانيين، ومن بينهم وزير الخارجية أندريه سيبيغا، عن تفاؤل بإمكانية وقف إطلاق النار والوصول إلى نهاية للحرب خلال العام الجاري.

لكن مسؤولين ومحللين آخرين يتوخون الحذر في توقع ما سينتج عن اللقاء الجديد الذي سيجمع الروس والأميركيين في مدينة جدة يوم الأحد القادم 23 مارس/آذار، وآخر يجمع الأوكرانيين مع الأميركيين لاحقا.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي دميترو توزوف للجزيرة نت "من وجهة نظري، يفعل ترامب كل شيء لإرضاء بوتين، بدءا من رفض نعته بصفات القتل والديكتاتورية والاعتداء التي يستحقها، وانتهاء بتلبية مطالبه المتعلقة بالضغط على أوكرانيا ورفع العقوبات وعودة العلاقات، وبهذا يتجه العالم نحو قبول الشر كجزء طبيعي من وجوده".

ويضيف "بالنسبة لي، توقيع اتفاق الهدنة لن يعني ولن يغير الكثير، أول شيء فعله بوتين بعد الاتصال مع ترامب كان ضرب المدن والعاصمة الأوكرانية، وقطع إمدادات الكهرباء عن مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك في دونيتسك، وقصف مستشفيين اثنين في سومي".

ومن وجه نظر توزوف، فإن "الأميركيين يجدون اليوم سعادتهم في بلد معزول بالمحيطات عن العالمين الروسي والصيني، وبعيد عن مشاكل وحروب أوروبا" ويضيف "لن أتوقع أي شيء إيجابي، لم تفلح كل تحذيراتنا ومقارناتنا التاريخية".

ويتحدث عن ترامب قائلا "إنه يصدق أن صانع الحرب (بوتين) يريد السلام، ويلومنا بعنف لأننا لا نصدقه كشعب، لا يسمع ترامب صوتنا ولا يريد، إنه يتعامل معنا كميكروبات ضارة بكل صراحة".

مقالات مشابهة

  • لجنة تفقد مجمعات جامعة الجزيرة تقف على الدمار الذي طال مجمع أبو حراز
  • أسوشيتدبرس: الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة قد تكون أكثر فتكًا ودمارًا
  • إسرائيل تعود إلى الحرب في غزة بأهداف أوسع وقيود لا تُذكر
  • كيف يقرأ الأوكرانيون موافقة بوتين وشروطه لوقف إطلاق النار؟
  • ما الذي دار في أول اتصال هاتفي بين ترامب وزيلينسكي؟.. استمر 60 دقيقة
  • إدارة ترامب: حماس اختارت الحرب وتتحمل المسؤولية كاملة عن تصاعد العنف
  • بيان أميركي بعد مكالمة ترامب وزيلينسكي
  • زيلينسكي يعلن قبول عرض ترامب وقف إطلاق النار مع روسيا
  • إنهاء الحرب في أوكرانيا على الطاولة.. ماذا جرى في الاتصال بين ترامب وبوتين؟