تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يقدم التقرير الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام بعنوان "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماط متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" (مارس ٢٠٢٥) تحليلًا تفصيليًا للتحولات الراهنة فى طبيعة الإرهاب فى الغرب، مع التركيز على صعود الإرهاب الفردى أو ما يُعرف بـ"الذئاب المنفردة"، إضافة إلى التغيرات فى أنماط التطرف، خاصة بين الفئات الشابة.

ويستند التقرير إلى بيانات من قاعدة TerrorismTracker التابعة لشركة Dragonfly Intelligence، والتى توفر توثيقًا شاملًا للحوادث الإرهابية منذ عام ٢٠٠٧. ويعتمد التحليل على مؤشرات كمية ونوعية لتوضيح الاتجاهات الجديدة فى العمليات الإرهابية، مشيرًا إلى أن معظم الهجمات التى وقعت فى الغرب خلال السنوات الأخيرة نُفّذت من قبل أفراد غير مرتبطين تنظيميًا بجماعات إرهابية، لكنهم متأثرون بأيديولوجيات متطرفة عبر الإنترنت أو ببيئات اجتماعية معينة.

ويسلط التقرير الضوء على التطور السريع فى استراتيجيات التطرف، حيث أصبح الأفراد، وخصوصًا الشباب، ينزلقون إلى الفكر المتطرف بوتيرة متسارعة، مما يجعل التدخل الأمنى والوقائى أكثر صعوبة. 

ويركز التحليل على التغيرات التى طرأت على العمليات الإرهابية، موضحًا كيف أصبحت الهجمات أكثر فردية وأقل ارتباطًا بتنظيمات كبيرة، مما يعقد جهود المكافحة التقليدية التى تعتمد على تفكيك الشبكات الإرهابية المنظمة. كما يناقش التقرير العلاقة المتشابكة بين عمليات إطلاق النار الجماعية والهجمات الإرهابية، مما يثير تساؤلات حول كيفية تصنيف هذه الهجمات وطبيعة دوافع منفذيها. ويؤكد التقرير على الحاجة إلى تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة هذا النوع من التهديدات، من خلال دمج التحليل الرقمى مع الجهود الأمنية التقليدية، بالإضافة إلى معالجة العوامل الاجتماعية والسياسية التى تساهم فى انتشار التطرف بين الأفراد، خاصة فى البيئات الرقمية المعاصرة.

التحولات فى طبيعة الإرهاب فى الغرب

يشير تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي" إلى أن طبيعة الإرهاب فى الدول الغربية شهدت تحولًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. فبعد أن كانت الهجمات الإرهابية تعتمد فى الغالب على تخطيط جماعى من قبل تنظيمات كبرى مثل القاعدة وداعش، أصبح الإرهاب الفردى أكثر شيوعًا، حيث باتت العمليات تُنفذ من قبل أفراد يعملون بشكل مستقل، دون تلقى أوامر مباشرة من قيادة تنظيمية مركزية. ويتضح هذا التحول من خلال ارتفاع نسبة الهجمات التى ينفذها "الذئاب المنفردة"، وهى تلك التى لا يكون لمنفذيها ارتباط تنظيمى فعلى بجماعة متطرفة، رغم تأثرهم بأيديولوجياتها أو تواصلهم مع عناصرها عبر الإنترنت.

هذا التحول يعكس تغيرًا جوهريًا فى التكتيكات الإرهابية، حيث لم يعد تنفيذ الهجمات يتطلب دعمًا لوجستيًا أو تدريبًا ميدانيًا من جماعات إرهابية، وإنما أصبح بمقدور الأفراد استخدام وسائل بسيطة وتقنيات متاحة بسهولة لتنفيذ عملياتهم. وقد ساعدت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى فى تمكين هؤلاء الأفراد من الوصول إلى مواد دعائية متطرفة، ومتابعة محتوى تحريضي، والتواصل مع شبكات سرية دون الحاجة إلى لقاءات مباشرة أو سفر إلى مناطق النزاع كما كان الحال فى العقود السابقة. ويشير التقرير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت تلعب دورًا رئيسيًا فى اختصار فترة التطرف، حيث يمكن أن يتحول شخص عادى إلى متطرف خلال أسابيع قليلة فقط، بعدما كان الأمر يستغرق شهورًا أو سنوات فى الماضي.

إضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن هذا التحول أدى إلى تعقيد مهمة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، حيث أصبح من الصعب التنبؤ بالهجمات أو إحباطها قبل وقوعها. فى السابق، كان بإمكان الأجهزة الأمنية تعقب شبكات الإرهاب المنظمة عبر المراقبة الإلكترونية والتسلل إلى المجموعات المتطرفة، لكن فى ظل الإرهاب الفردي، يصبح كشف المخططات الإرهابية أكثر صعوبة، خاصة عندما لا يظهر منفذو الهجمات أى سلوك مشبوه قبل تنفيذ عملياتهم. كما أن الذئاب المنفردة لا تحتاج إلى تمويل كبير أو معدات معقدة، مما يجعل من الصعب تعقب نشاطها. ونتيجة لذلك، يوصى التقرير بإعادة التفكير فى استراتيجيات مكافحة الإرهاب، بحيث يتم التركيز بشكل أكبر على تحليل الأنماط السلوكية الرقمية، ورصد التحولات الفكرية للأفراد عبر الإنترنت، بدلًا من الاقتصار على تفكيك الشبكات التقليدية.

تصاعد الإرهاب المنفرد وخصائصه الفريدة

يبرز تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماط متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" تصاعد الإرهاب الفردى بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث يشير إلى أن ٩٣٪ من الهجمات الإرهابية القاتلة فى الغرب خلال السنوات الخمس الماضية نفذها أفراد يعملون بمفردهم. ويؤكد التقرير أن هذه الهجمات أصبحت أكثر فاعلية مقارنة بتلك التى تنفذها مجموعات، مما يجعلها أكثر تهديدًا للأمن العام. ويرجع هذا النجاح إلى الطبيعة غير المركزية لهذه الهجمات، حيث لا تتطلب عمليات التخطيط والتنفيذ شبكة دعم لوجستية، مما يقلل من فرص رصدها أو إحباطها قبل وقوعها. فى المقابل، فإن الهجمات التى تنفذها مجموعات عادةً ما تتطلب اتصالات وتنسيقًا بين أفرادها، وهو ما يسهل على الأجهزة الأمنية تعقبها عبر وسائل المراقبة التقليدية.

وأحد الجوانب الأكثر تعقيدًا فى ظاهرة الإرهاب الفردى هو أن مرتكبى هذه الهجمات غالبًا ما يتصرفون بمفردهم تمامًا، دون ترك أثر رقمى واضح أو شبكة علاقات يمكن تتبعها. فبينما كانت العمليات الإرهابية التقليدية تتطلب سفرًا أو تدريبات ميدانية أو عمليات تمويل مشبوهة، فإن الذئاب المنفردة باتت تعتمد على الإنترنت كمصدر أساسى للتدريب والتوجيه الأيديولوجي. يتيح لهم ذلك الوصول إلى مواد دعائية متطرفة، ودروس حول صناعة المتفجرات أو اختيار الأهداف، دون الحاجة إلى لقاء مباشر مع أى عناصر متشددة. إضافة إلى ذلك، فإن كثيرًا من هؤلاء الأفراد لا يكونون على قوائم المراقبة الأمنية، لأنهم لم يسبق لهم الانخراط فى أى نشاطات مشبوهة، مما يجعل اكتشافهم أكثر صعوبة.

فى ظل هذه التحديات، يشير التقرير إلى أن الأجهزة الأمنية تحتاج إلى تطوير استراتيجيات استخباراتية جديدة تعتمد بشكل أكبر على تحليل البيانات السلوكية والرقمية. فبدلًا من التركيز فقط على مراقبة الاتصالات أو تفكيك الشبكات، يتعين على الجهات المختصة دراسة الأنماط النفسية والسلوكية التى قد تشير إلى التطرف المحتمل. من بين هذه الأدوات، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى لتحليل منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ورصد أى تغيرات مفاجئة فى سلوك الأفراد، مثل الانعزال الاجتماعي، أو استهلاك مكثف للمحتوى المتطرف، أو إبداء اهتمام غير عادى بوسائل العنف. وبهذه الطريقة، يمكن للأجهزة الأمنية تطوير مقاربة استباقية للكشف عن المخاطر قبل تحول الأفراد إلى تهديد فعلي.

العلاقة بين الإرهاب وعمليات إطلاق النار الجماعية

يبرز تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماطا متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" العلاقة المتشابكة بين الإرهاب الفردى وعمليات إطلاق النار الجماعية، مشيرًا إلى أن العديد من حوادث إطلاق النار الجماعية فى الغرب تشترك فى الخصائص مع الهجمات الإرهابية، مما يجعل تصنيفها مسألة خلافية. فمن الناحية التقنية، يُعرَّف الإرهاب على أنه استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية، بينما يُنظر إلى عمليات إطلاق النار الجماعية غالبًا على أنها أعمال فردية تنبع من اضطرابات نفسية أو دوافع شخصية. ومع ذلك، فإن التقرير يوضح أن العديد من منفذى هذه العمليات يتبنون أفكارًا متطرفة أو يستلهمون هجماتهم من أيديولوجيات تحريضية، حتى لو لم يعلنوا انتماءهم إلى تنظيم إرهابى معين. ويظهر هذا التداخل بوضوح فى حوادث إطلاق النار التى ينفذها أفراد لديهم دوافع عنصرية أو قومية متطرفة، حيث تكون دوافعهم أيديولوجية بحتة، رغم غياب صلات رسمية لهم بجماعات معروفة. وأحد أبرز الجوانب التى يسلط عليها التقرير الضوء هو أن الإرهاب المنفرد لم يعد محصورًا فى الأيديولوجيات الدينية مثل الجهادية، بل أصبح يشمل نطاقًا أوسع من الدوافع، بما فى ذلك التطرف اليميني، والقومي، واليساري، وحتى دوافع المؤامرة. على سبيل المثال، شهدت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية حوادث إطلاق نار نفذها أفراد يعتنقون أفكارا تفوق العرق الأبيض، مثل الهجوم على مسجد كرايستشيرش فى نيوزيلندا عام ٢٠١٩، والذى كان مدفوعًا بأيديولوجية قومية متطرفة. مثل هذه الهجمات، رغم وضوح دوافعها السياسية، لا تُصنَّف دائمًا رسميًا كإرهاب، مما يخلق جدلًا حول المعايير المستخدمة فى تحديد ما إذا كان الفعل إرهابيًا أم مجرد جريمة كراهية أو عمل عنف فردي. يشير التقرير إلى أن هذا التضارب فى التصنيفات قد يؤدى إلى تقليل مستوى الانتباه إلى التهديدات الناشئة من التيارات المتطرفة غير الدينية، والتى يمكن أن تكون بنفس درجة الخطورة مثل الجماعات الإرهابية التقليدية. وفى ظل هذا الوضع، يدعو التقرير إلى إعادة تقييم كيفية تصنيف أعمال العنف الجماعي، مع الأخذ فى الاعتبار أن الدوافع الأيديولوجية قد تكون غير معلنة لكنها لا تقل أهمية عن الدوافع التقليدية. كما يشير إلى أن التمييز بين "الإرهاب" و"إطلاق النار الجماعي" قد يكون عقبة أمام تطوير سياسات أمنية شاملة، إذ يؤدى إلى تركيز الجهود على فئات معينة من التهديدات، بينما يتم التقليل من خطورة التهديدات الأخرى. علاوة على ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعى تلعب دورًا فى تعزيز هذا التداخل، حيث يُمكن أن يتأثر الأفراد بشكل سريع بالدعاية المتطرفة أو يجدون فى الهجمات السابقة مصدر إلهام، مما يزيد من احتمالية وقوع عمليات جديدة. ويخلص التقرير إلى أن مكافحة الإرهاب فى العصر الحديث تتطلب نهجًا أكثر تكاملًا، يدمج بين تحليل العوامل الأيديولوجية والسلوكية، بدلًا من التركيز فقط على الانتماءات التنظيمية التقليدية.

استهداف الشباب والتطرف السريع

يؤكد تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماط متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" أن فترة التطرف تقلصت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بحيث يمكن أن تحدث خلال أسابيع قليلة فقط، مقارنة بمتوسط زمنى بلغ ١٦ شهرًا فى أوائل القرن الحادى والعشرين. ويرجع هذا التغير إلى انتشار الدعاية المتطرفة على الإنترنت، التى أتاحت الوصول إلى المحتوى الإرهابى بسهولة غير مسبوقة، مما يجعل الأفراد، وخاصة الشباب، أكثر عرضة للتأثر بأيديولوجيات متطرفة خلال فترة زمنية قصيرة. كما يشير التقرير إلى أن الفئة العمرية المتورطة فى هذه الظاهرة قد تغيرت بشكل ملحوظ، حيث أصبح المراهقون يمثلون نسبة متزايدة من المعتقلين فى القضايا الإرهابية، خاصة فى أوروبا، حيث بلغ عددهم حوالى ثلثى المعتقلين فى القضايا المرتبطة بتنظيم داعش خلال عام ٢٠٢٤.

يرى التقرير أن هذا التحول يعكس مدى هشاشة الشباب أمام الدعاية المتطرفة، خاصة عبر الإنترنت، حيث أصبحت الجماعات الإرهابية تعتمد بشكل متزايد على استراتيجيات تجنيد رقمية تستهدف الفئات الشابة تحديدًا. وتشمل هذه الأساليب إنتاج محتوى جذاب، مثل الفيديوهات الدعائية والألعاب الإلكترونية التى تحاكى المعارك، بالإضافة إلى تكييف الرسائل المتطرفة بحيث تبدو متوافقة مع مشاعر الغضب أو العزلة التى يشعر بها بعض الشباب. كما أن الاضطرابات النفسية، مثل القلق والاكتئاب، تلعب دورًا كبيرًا فى تسهيل عملية الاستقطاب، حيث يجد بعض الشباب فى الأيديولوجيات المتطرفة وسيلة للتعبير عن رفضهم للمجتمع أو بحثهم عن هدف لحياتهم. هذا إضافة إلى أن بعض المراهقين الذين ينشأون فى بيئات مضطربة، سواء بسبب العنف الأسرى أو التمييز الاجتماعي، قد يكونون أكثر عرضة للوقوع فريسة لهذه الدعاية.

فى ظل هذا التغير السريع، يشدد التقرير على أهمية تطوير سياسات وقائية تستهدف المدارس والمنصات الرقمية، بهدف الحد من انتشار التطرف بين الفئات الشابة. ومن بين هذه السياسات تعزيز برامج التوعية فى المدارس حول مخاطر التطرف الرقمي، وتوفير قنوات دعم نفسى واجتماعى للمراهقين الذين يواجهون العزلة أو الصعوبات العائلية. كما يقترح التقرير تعزيز التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا لمراقبة المحتوى المتطرف بشكل أكثر فعالية، دون المساس بحرية التعبير. ومن خلال الجمع بين الجهود الأمنية والإجراءات الوقائية، يمكن الحد من قدرة الجماعات الإرهابية على استغلال الفئات الشابة، وتقليل خطر التحول السريع نحو التطرف العنيف.

العوامل المؤثرة فى انتشار التطرف المنفرد

يشير تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماط متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" إلى أن انتشار التطرف الفردى لم يعد مقصورًا على أيديولوجية معينة، بل أصبح ظاهرة أكثر تعقيدًا، مدفوعة بعدة عوامل متشابكة. من أبرز هذه العوامل المرونة الأيديولوجية، حيث لم يعد الإرهابيون الأفراد يلتزمون بأيديولوجية صلبة أو محددة، بل أصبحوا يدمجون بين عناصر دينية، سياسية، ونظريات مؤامرة فى بناء سردياتهم الشخصية. فمثلًا، قد يتبنى المهاجم مزيجًا من الأفكار القومية المتطرفة، والعنصرية، والمفاهيم الدينية المتشددة، دون الانتماء المباشر إلى أى تنظيم معروف. هذه السيولة الفكرية تجعل من الصعب تصنيف منفذى الهجمات أو توقع دوافعهم، مما يزيد من تعقيد عملية مكافحتهم. كما أن وسائل التواصل الاجتماعى لعبت دورًا كبيرًا فى تعزيز هذا النمط، حيث أصبح بإمكان الأفراد استهلاك محتوى متطرف من مصادر متنوعة، مما يسمح لهم بتشكيل أيديولوجيات هجينة تجمع بين العنف والكراهية السياسية والاجتماعية.

العامل الثانى الذى يحدده التقرير هو استهداف الجماعات المتطرفة للفئات الشابة، مستفيدة من الإنترنت كأداة أساسية للتجنيد. الجماعات الإرهابية لم تعد تعتمد فقط على وسائل التجنيد التقليدية مثل اللقاءات السرية أو الخطب المباشرة، بل أصبحت تستغل منصات التواصل الاجتماعي، الألعاب الإلكترونية، ومنتديات النقاش لجذب المراهقين والشباب. تقدم هذه الجماعات دعاية متقنة بعدة لغات، مثل المواد المصورة، وأفلام الفيديو، وحتى أدلة تدريبية حول تنفيذ الهجمات بأساليب بسيطة. هذا الاستهداف الرقمى يجعل الشباب أكثر عرضة للاستقطاب السريع، خصوصًا أولئك الذين يعانون من العزلة الاجتماعية أو يشعرون بالغربة فى مجتمعاتهم. ونتيجة لذلك، فإن نسبة المتورطين فى الإرهاب من الفئات العمرية الصغيرة تزايدت بشكل ملحوظ، حيث أصبح بعض منفذى الهجمات فى سن المراهقة أو بداية العشرينيات، دون أن يكون لديهم سجل إجرامى سابق، مما يعقد جهود الأجهزة الأمنية فى تعقبهم.

أما العامل الثالث، فيتعلق بالتوترات الجيوسياسية والحروب التى تؤثر على الخطاب المتطرف وتغذى العنف. الأزمات الدولية مثل النزاعات فى الشرق الأوسط، وتوترات الهجرة، والصراعات العرقية والدينية فى بعض الدول، كلها عوامل تساهم فى خلق بيئة مناسبة لانتشار التطرف. إذ تؤدى هذه الأحداث إلى تأجيج مشاعر الإحباط أو الانتقام لدى بعض الأفراد، سواء بدافع التضامن مع قضية معينة، أو كرد فعل على السياسات المحلية والدولية. على سبيل المثال، يمكن أن تثير الهجمات العسكرية أو الأعمال القمعية التى تمارسها بعض الدول موجة من التطرف بين الشباب الذين يشعرون بالغضب تجاه حكوماتهم أو المجتمع الدولي. هذه التغيرات تجعل من مكافحة الإرهاب قضية أكثر تعقيدًا، حيث لم تعد مجرد مشكلة أمنية بحتة، بل أصبحت تتطلب استراتيجيات متعددة تشمل الجوانب الثقافية، الاجتماعية، والتربوية، لمعالجة الجذور العميقة للتطرف، بدلًا من الاكتفاء بالحلول الأمنية التقليدية.

التحديات الأمنية والانعكاسات المستقبلية

يؤكد تقرير "الذئاب المنفردة والإرهاب الشبابي: أنماط متطورة للإرهاب والتطرف فى الديمقراطيات الغربية" أن الأجهزة الأمنية فى الغرب تواجه تحديات غير مسبوقة فى التعامل مع الإرهاب الفردي، حيث بات من الصعب رصد المهاجمين وإيقافهم قبل تنفيذ عملياتهم. على عكس الجماعات الإرهابية التقليدية التى يمكن تعقبها من خلال شبكات الاتصالات أو التمويل أو التجنيد، فإن الذئاب المنفردة تعمل بشكل مستقل، مما يقلل من إمكانية اكتشافها مبكرًا. فغالبًا ما يكون منفذو هذه الهجمات غير مدرجين فى قوائم المراقبة، ولا تربطهم سوابق أمنية واضحة، مما يجعل رصدهم أكثر تعقيدًا. كما أن التغير السريع فى دوافع المتطرفين، الذين أصبحوا يدمجون أفكارًا دينية، سياسية، واجتماعية متطرفة فى أيديولوجيات شخصية، يعقّد مهمة تحليل الدوافع المحتملة، ويجعل من الصعب وضع تصنيفات موحدة لأنواع التهديدات الإرهابية الجديدة.

فى هذا السياق، يطرح التقرير التقنيات الحديثة كأحد الحلول الممكنة لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات الضخمة يمكن أن يساعدا فى اكتشاف الأنماط السلوكية المرتبطة بالتطرف. فمن خلال تحليل سلوك الأفراد على الإنترنت، مثل المحتوى الذى يستهلكونه، وأنماط تفاعلهم مع الخطاب المتطرف، يمكن للأجهزة الأمنية تحديد الأشخاص المعرضين لخطر التحول إلى متطرفين قبل أن يصلوا إلى مرحلة تنفيذ الهجمات. كما أن أدوات التعلم الآلى يمكن أن تساعد فى التنبؤ بالمخاطر بناءً على عوامل مثل اللغة المستخدمة فى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، أو التغيرات المفاجئة فى نشاط الفرد الرقمي. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الأدوات لا تزال محدودة، نظرًا لأن العديد من المتطرفين أصبحوا أكثر حرصًا فى استخدامهم للإنترنت، معتمدين على القنوات المشفرة والمنصات الخاصة، مما يصعب عملية التتبع.

وعلى الرغم من الفوائد المحتملة لهذه التقنيات، يشير التقرير إلى أن تطبيقها يثير مخاوف جدية تتعلق بالخصوصية وحقوق الإنسان. فالاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي فى مراقبة المواطنين قد يؤدي إلى انتهاكات للحريات المدنية، وزيادة الرقابة الحكومية على الفضاء الرقمي، وهو ما قد يثير اعتراضات قانونية وسياسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الخوارزميات لتحليل السلوك البشرى قد يؤدى إلى أخطاء فى تصنيف الأفراد كتهديدات محتملة، مما قد ينتج عنه استهداف أشخاص أبرياء بناءً على معايير غير دقيقة. لذلك، يدعو التقرير إلى تحقيق توازن دقيق بين الأمن وحماية الحريات الفردية، من خلال وضع ضوابط قانونية واضحة لاستخدام تقنيات المراقبة، وضمان أن تكون هذه الأدوات مكملة للجهود الأمنية التقليدية، بدلًا من أن تتحول إلى آليات رقابة جماعية شاملة قد تؤدى إلى تقييد غير مبرر للحقوق الأساسية للمواطنين.

تحول جوهري 

التقرير يكشف عن تحول جوهري فى طبيعة الإرهاب فى الغرب، حيث أصبحت الهجمات الفردية أكثر شيوعًا وأصعب فى الاكتشاف، مدفوعة بعوامل مثل الإنترنت، والتغيرات الأيديولوجية، واستهداف الشباب. هذا يتطلب استجابة متعددة الأبعاد تشمل تعزيز الاستخبارات الرقمية، وإصلاح السياسات الاجتماعية، والحد من تأثير الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت.

الأجهزة الأمنية تحتاج إلى تطوير استراتيجيات استخباراتية جديدة تعتمد بشكل أكبر على تحليل البيانات السلوكية والرقمية للأشخاص.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الذئاب المنفردة العمليات الإرهابية طبيعة الإرهاب وسائل التواصل الاجتماعى العملیات الإرهابیة الجماعات الإرهابیة الهجمات الإرهابیة الدعایة المتطرفة الأجهزة الأمنیة مکافحة الإرهاب انتشار التطرف خلال السنوات عبر الإنترنت أکثر تعقید ا الإرهابیة ا هذه الهجمات هذا التحول الهجمات ا الإرهاب ا إضافة إلى مما یجعل من الصعب فى الغرب حیث أصبح بدل ا من من خلال یمکن أن تحلیل ا کما أن لم یعد

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة يبحث هاتفياً مع أمير الكويت مسارات التعاون والعمل المشترك

أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" اليوم اتصالاً هاتفياً مع أخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة..بحثا خلاله العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون والعمل المشترك وفرص تنميتهما في جميع المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.

أخبار ذات صلة «يو إف سي» تعود إلى أبوظبي 26 يوليو «قصر الإمارات» يحتفي بعيد الفطر

وأعرب صاحب السمو رئيس الدولة عن تمنياته لدولة الكويت وشعبها الشقيق مزيداً من التقدم والازدهار في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح..سائلاً المولى عز وحل أن يديم على سموه الصحة والسعادة.
 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الجيش يستعد لانتشار واسع عند الحدود الشمالية
  • جمال شعبان يكشف سببا صادما لانتشار الفشل الكلوي.. فيديو
  • نائب أمير نجران يطّلع على التقرير السنوي لمركز المراقبة الصحية بمنفذ الوديعة لعام 2024
  • رئيس الدولة يبحث هاتفياً مع أمير الكويت مسارات التعاون والعمل المشترك
  • التقرير الهندسي يكشف السبب في واقعة سقوط سقف غرفة درس خصوصي على التلاميذ بالدقهلية
  • الكلية العسكرية التقنية تفتتح عددًا من المختبرات الفنية ضمن جهود إضافة مسارات أكاديمية جديدة
  • الأنبار.. تدمير مقر رئيس لإنطلاق عمليات داعش الإرهابية
  • ترامب: الهجمات الأخيرة على سيارات تسلا ترقى إلى "الإرهاب"
  • الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات مجددا والجيش الأمريكي يؤكد استمرار العمليات