الأسبوع:
2025-05-02@22:34:40 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تلعب سوريا دورًا محوريًا في المخطط الجيوسياسي المعروف بمشروع مملكة داوود أو الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الذي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية دينية يهودية تستند إلى مسار سيدنا إبراهيم.

هذا المسار، الذي يمتد من العراق عبر الشام وصولًا إلى فلسطين ومصر، كان عبر التاريخ خطًا استراتيجيًا للتجارة والثقافة والدين، وهو ذاته الذي يُراد اليوم إعادة رسمه لتحقيق هيمنة جيوسياسية ودينية تخدم فكرة الدولة اليهودية الكبرى.

في السياق التاريخي، لم تكن مملكة داوود ومن بعده ابنه سليمان كيانًا مستقلاً عن المحيط، بل كانت تعتمد على التحالفات لضمان بقائها، وكان لمصر دور مركزي في ذلك. لم يتمكن سليمان من تثبيت حكمه إلا عبر التحالف مع مصر، حيث تزوج من ابنة فرعون لضمان الحماية والاستقرار لمملكته، مما يعكس أهمية مصر كمركز قوة لا يمكن تجاوزه في أي مخطط توسعي. اليوم، تتعرض مصر لحروب متنوعة تهدف إلى إضعافها وإخضاعها لهذا المشروع، عبر وسائل اقتصادية وسياسية وأمنية، في محاولة لتركيعها وإجبارها على أن تكون جزءًا تابعًا لرؤية الشرق الأوسط الجديد.

تمثل دمشق نقطة ارتكاز جيوسياسية في هذا المخطط، فهي تربط بين الممرات المائية والثروات الطبيعية، وخاصة مياه نهر الفرات، الذي كان جزءًا من شبكة التجارة القديمة. السيطرة على دمشق تعني التحكم في عقدة طرق تربط الخليج بالبحر المتوسط، وتوفر منفذًا استراتيجيًا للهيمنة على الممرات الملاحية التي كانت جزءًا أساسيًا من النظام التجاري في العهد القديم. من هنا، كانت الحرب على سوريا جزءًا من مخطط يستهدف تفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية، عبر زجّ تنظيمات إرهابية مثل داعش بقيادة شخصيات مثل أحمد الشرع، لخلق حالة من الفوضى تدفع الأقليات الدينية لطلب الحماية الخارجية، وهو ما شهدناه في المجازر التي وقعت في الساحل السوري، حيث جرى الدفع ببعض المكونات السكانية إلى البحث عن تدخل إسرائيلي مباشر لضمان بقائها، مما منح شرعية لوجود إسرائيلي في المنطقة.

ضمن هذا المخطط، تأتي الحرب على غزة كجزء من عملية إعادة تشكيل المنطقة. الهدف من تهجير سكان غزة ليس مجرد تفريغها من الفلسطينيين، بل تحويلها إلى مركز لوجيستي يربط بين المشروع الجغرافي لمملكة داوود وأوروبا، بحيث تصبح محطة وسيطة تسهّل السيطرة على التجارة والاستثمار في الموارد الطبيعية. هذا التهجير القسري يتماشى مع سياسة تغيير السمات الديموغرافية والثقافية في المنطقة، التي تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي والإسلامي في الشرق الأوسط، وفرض واقع ديني يهودي يتماشى مع طبيعة الحكم المطلوب.

في قلب هذا المشروع، يأتي هيكل سليمان كرمز للسيادة الدينية والسياسية. إعادة بناء الهيكل تستلزم إزاحة المسجد الأقصى، وهو ما يفسر التصعيد المستمر في القدس، حيث تجري محاولات مستمرة لفرض أمر واقع جديد يمهد لمرحلة قادمة من الصراع. فالهيكل ليس مجرد رمز ديني، بل هو كرسي الحكم الذي يُراد من خلاله إعلان السيادة على المنطقة كلها، بما يتجاوز حدود فلسطين ليشمل كل الممرات الاستراتيجية الممتدة عبر سوريا والعراق والخليج.

لكن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة كبرى تتمثل في تعارضه مع طريق الحرير الصيني، وهو المشروع الاقتصادي الذي يهدف إلى إعادة إحياء التجارة بين الصين وأوروبا عبر الممرات البرية والبحرية التي تمر في قلب مناطق الشرق الأوسط. الصين تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر ممرات تشمل إيران والعراق وسوريا ومصر، مما يجعل المخطط اليهودي الصهيوني في حالة صدام مع المصالح الصينية. فبينما تسعى إسرائيل إلى الهيمنة الجيوسياسية وإعادة تشكيل المنطقة على أسس دينية، تهدف الصين إلى تثبيت نفوذها عبر مشاريع اقتصادية تعتمد على الاستقرار وليس التفكيك.

مصر، باعتبارها نقطة ارتكاز رئيسية في طريق الحرير، تشكل عقدة مركزية في هذا التنافس. فالممرات البحرية التي تمر عبر قناة السويس تعد أهم مفصل لربط الشرق بالغرب، وهذا يجعل السيطرة على مصر هدفًا مشتركًا لكل من المخطط الإسرائيلي والمشروع الصيني. لكن الفرق الجوهري يكمن في أن الصين تعتمد على استقرار مصر لضمان تدفق التجارة، بينما تسعى القوى الداعمة لمملكة داوود إلى إضعافها أو تحييد دورها. وهذا يجعل من الصعب تحقيق تحالف بين المشروعين، حيث أن نجاح أحدهما قد يعني إفشال الآخر.

إلا أن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة أساسية متمثلة في قوة الدولة المصرية. فكما كان سليمان بحاجة إلى التحالف مع مصر لحماية مملكته، فإن المشروع الحالي لا يمكن أن ينجح في ظل وجود دولة مصرية قوية تملك جيشًا قادرًا على تعطيل هذه المخططات. ولهذا، فإن الحرب على مصر ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي جزء من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحييدها أو إضعافها، لأنها تمثل آخر الحواجز الصلبة أمام تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشرق الأوسط هذا المخطط

إقرأ أيضاً:

التوقيع على اتفاقية لتنفيذ مشروع لإنتاج الملح الصناعي بتكلفة 13.4 مليون ريال

العُمانية: وقعت شركة تنمية معادن عُمان اليوم على اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة "ديف سولت"، لتنفيذ مشروع نقاء للملح في ولاية محوت بمحافظة الوسطى بطاقة إنتاجية تبلغ مليوني طن سنويًّا وباستثمار يقدر بنحو 13.4 مليون ريال عُماني. ومن المتوقع تبدأ الأعمال الإنشائية للمشروع في منتصف العام الجاري وتستغرق مدة تتراوح بين 10 إلى 12 شهرًا، ويعزز موقع المشروع القريب من ميناء الدقم التصدير للأسواق العالمية، لاسيما تلك التي تعتمد على منتجات مثل البرومين، والصودا الكاوية، ورماد الصودا، ويعمل المشروع على تقنية التبخير باستخدام الطاقة الشمسية لإنتاج ملح برومي عالي النقاء.

وقّع الاتفاقية بصالة "استثمر في عُمان" كلٌّ من المهندس مطر بن سالم البادي الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، وهيريندراسينه جالا رئيس مجلس إدارة شركة "ديف جلوبال"، بحضور سعادة ابتسام بنت أحمد الفروجية وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار. وقالت سعادةُ وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار: إن هذه الشراكة تُجسد نموذجًا واقعيًّا للتكامل الفعّال بين القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى أن المشروع سيُسهم في تطوير الموارد التعدينية وفق متطلبات المرحلة، ويعزز مسيرة التنويع الاقتصادي، من خلال تحفيز الاستثمارات المستدامة المعتمدة على الطاقة النظيفة بالإضافة إلى فتح آفاق واعدة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة للمشاركة الفاعلة في سلسلة القيمة الوطنية.

وأضافت سعادتُها أن المشروع يأتي أيضًا ضمن أهداف "استثمر في عُمان" الرامية إلى جذب الاستثمارات النوعية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في القطاعات ذات القيمة المضافة، أهمها قطاع التعدين الذي يعد أحد الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني. من جانبه قال الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان: إن المشروع يعد أكبر مشروع لإنتاج الملح الصناعي عالي الجودة في المنطقة، مستفيدًا من الخصائص الطبيعية الفريدة للسبخات الساحلية في ولاية محوت، ويُقدم نموذجًا بيئيًّا متقدمًا يعزز التوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع التعدين، ويعكس التزام الشركة بتطوير مشروعات مستدامة ذات أثر اقتصادي وبيئي طويل المدى.

ووضح أن أحواض التبخير للمشروع تُغطي مساحة تقارب 109 كيلومترات مربعة، بدرجة نقاء تصل إلى 99 بالمائة لتلائم احتياجات قطاعات صناعية حيوية محليًّا ودوليًّا، مثل إنتاج البرومين والصودا الكاوية ورماد الصودا، مشيرًا إلى أن المشروع يستهدف أسواقًا متعددة تشمل الهند، وأفريقيا، وأوروبا وآسيا، لتلبية الطلب المتزايد على قطاعات الصناعات الكيميائية، والنفط والغاز، والنقل واللوجستيات، بالإضافة إلى الصناعات الغذائية والدوائية.

من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة شركة "ديف جلوبال" إلى أن هذا المشروع الطموح، يُمثل خطوة نوعية في مجال إنتاج الملح الصناعي في المنطقة، مؤكدًا على أن الشركة ستعزز قدرات المشروع في تلبية احتياجات السوقين المحلي والدولي، والإسهام في دعم استقرار سلاسل التوريد للصناعات المرتبطة بهذا القطاع الحيوي. وتشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على الملح سيتجاوز 372 مليون طن بحلول عام 2027، بنمو سنوي يفوق 2 بالمائة.

كما أن المشروع يُسهم في إيجاد قيمة بيئية مضافة؛ إذ تُوفر أحواض التبخير بيئة طبيعية جاذبة للطيور المهاجرة والحياة البحرية، ما يُمهّد لإمكانيات سياحية بيئية مستقبلية في المنطقة، ويوفر فرصًا جديدة للشركات العُمانية الصغيرة والمتوسطة في قطاعات الإمداد والصيانة والخدمات الصناعية.

مقالات مشابهة

  • ماهر فرغلي: الإسلام السياسي أداة بيد الغرب لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
  • مصدر أمني بالسويداء لـ سانا: إننا نحذر كل الأطراف التي تحاول المساس بالاتفاق الذي أكد على ضرورة ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، ومدينة السويداء على وجه الخصوص
  • «مخطط للتقسيم لصالح إسرائيل».. مصطفى بكري يحذر من التدخل الخارجي في سوريا
  • صندوق النقد يخفض توقعاته لنمو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.6%
  • “ديليفرو” تعلن عن تغييرات في الإدارة العليا
  • عضو الرئاسي اليمني “العليمي”: الشراكة السياسية طريقنا للأمن وإسقاط المشروع الإيراني
  • أمير الرياض يُدشِّن مشروع زراعة أشجار العود والصندل في المنطقة
  • التوقيع على اتفاقية لتنفيذ مشروع لإنتاج الملح الصناعي بتكلفة 13.4 مليون ريال
  • اتصالات رفيعة المستوى لشيخ العقل والقيادة السياسية لتطويق الاحداث الدامية في سوريا واجتماع استثنائي للمجلس المذهبي
  • اتصالات رفيعة المستوى لشيخ العقل والقيادة السياسية لتطويق الاحداث الدامية في سوريا