علماء ورجال دين: الشيخ زايد رجل الإنسانية والقيم النبيلة
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
إبراهيم سليم (أبوظبي)
أخبار ذات صلةأجمع علماء ورجال دين وقادة دينيون على أن العالم ما زال يتذكر رجل الإنسانية والقيم النبيلة، للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأن هذه المنزلة الكبيرة لم تأتِ من فراغ، فقد كان صاحب مواقف يشهد لها التاريخ.
وفي البداية استذكر فضيلة الشيخ عبدالرحمن الدارمي الكوتمباري، أحد ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة خلال شهر رمضان المبارك، مآثر المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، مؤكداً أنه كان شخصية فذة ونموذجاً فريداً في القيادة الحكيمة والأعمال الخيرية والإنسانية، وقد تجاوزت مبادراته الخيرية حدود الإمارات ممتدةً إلى مختلف أنحاء العالم، ما جعله رمزاً عالمياً في البذل والعطاء.
وفي سياق الاحتفاء بإرث الشيخ زايد، أشار الشيخ الدارمي إلى حرص الجاليات الهندية على إحياء ذكراه في مختلف المناطق الهندية، تقديراً لدوره البارز في دعم القضايا الإنسانية وتعزيز قيم التسامح والتعايش. وفي هذا الإطار نظّمت أكاديمية المجمع في نيلامبور بولاية كيرالا التي يتولى فضيلته منصب الأمين العام لها، فعاليات متميزة بهذه المناسبة، حيث اجتمع طلاب الأكاديمية بما فيهم الأيتام وحفاظ القرآن الكريم، في أجواء روحانية، تخلّلتها تلاوة القرآن الكريم والدعاء للشيخ زايد خلال وقت الإفطار، تعبيراً عن امتنانهم لإرثه الإنساني الذي امتد تأثيره خارج حدود الإمارات.
كما عبّر الشيخ عبدالرحمن الدارمي عن خالص شكره وامتنانه للقيادة الرشيدة في دولة الإمارات على اختياره ضيفاً لصاحب السمو رئيس الدولة، خلال الشهر الفضيل، مضيفاً أن هذه الضيافة تعكس متانة العلاقات التي تربط الإمارات بالمؤسسات العلمية والدينية في مختلف أنحاء العالم، وتجسد رؤية الدولة في دعم المبادرات الثقافية والإنسانية على المستوى الدولي.
رمز عالمي خالد
وأكد فضيلة الشيخ أبوبكر أحمد مفتي الهند رئيس منتدى الشيخ زايد للسلام العالمي، أنه: حينما تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 19 رمضان من كل عام بـ«يوم زايد للعمل الإنساني» إنما تحتفل برمز عالمي، ترك بصمات لا تنسى في العالم أجمع، بكل أطيافه ومعتقداته. ولا يسعنا، نحن الشعب الهندي، إلا المشاركة في هذه الاحتفالية بالدعاء والابتهالات إلى المولى عز وجل للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ورغم مضي عدة سنوات على رحيل مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها الحضارية، فلا تزال ذكرياته الخالدة محفورة في ذاكرتنا وراسخة في نفوسنا، عرفاناً بجميل ما قدمه للبشرية.. ولاشك أن شخصيته انجذب إليها الملايين من شعوب العالم، وتجاوزت عبقريته حدود الدولة التي أسس أركانها ورسخ بنيانها.
وقال مفتي الهند: «كان الشيخ زايد، رحمه الله، رمزاً للجود والسخاء، وكان نموذجاً يحتذى به في كل خير، وكانت له رؤية ثاقبة تجدر أن تدون بمداد من ذهب في صفحات التاريخ.
قامة إنسانية عظيمة
ومن جانبه قال العلامة السيد إبراهيم الخليل البخاري، أمين جمعية علماء أهل السنة ورئيس جامعة معدن الثقافة الإسلامية بالهند: من الصعب أن يتحدث المرء عن قامة إنسانية عظيمة كالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دون أن يشعر بالإلهام والتقدير العميق لشخصية كرّست حياتها لخدمة الإنسانية ونشر قيم الخير والعطاء. إن الشيخ زايد، رحمه الله، لم يكن مجرد قائد أسّس دولة حديثة وقوية في منطقة الخليج العربي، بل كان رمزاً عالمياً للعمل الإنساني الذي تجاوز حدود الأوطان والشعوب. وقد امتدت أعماله الخيرية لتشمل جميع قارات العالم، حيث حرص على دعم المحتاجين، وتقديم المساعدات التنموية مادياً ومعنوياً، مما يعكس روحه الإنسانية العميقة ورؤيته الحكيمة التي كانت تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة لجميع البشر.
وأكد أن العلاقات بين ولاية كيرالا الهندية ودولة الإمارات العربية المتحدة تعد مثالاً حياً على التعايش والتعاون المثمر بين الشعوب. وقد أسهمت سياسات الشيخ زايد الحكيمة في توفير بيئة مرحبة للجاليات الهندية في الإمارات، مما ساعدهم على تحقيق النجاح والعمل حيث وجدوا في الإمارات بلداً مضيافاً يحتضنهم ويرعى مصالحهم.
وقد دأبت جامعة معدن الثقافة الإسلامية بالهند على تنظيم فعاليات سنوية لإحياء ذكرى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، تقديراً لخدماته الإنسانية، وتخليداً لإرثه الخالد. وتأتي هذه المبادرات في إطار تعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين الشعبين، وتعميق الروابط الإنسانية بين الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة.
إن نهج الشيخ زايد في العمل الإنساني لم يكن لحظياً أو مؤقتاً، بل كان استراتيجياً ومؤسسياً، فقد أنشأ الهيئات والمنظمات التي تواصل تقديم الدعم والمساعدة، محققاً بذلك استمرارية الأثر الطيب الذي تركه في نفوس الناس.
قائد الإنسانية والكرم
من جانبه قال القس بيشوي فخري راعي كتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس المصريين: يُجسِّد يوم زايد للعمل الإنساني في دولة الإمارات العربية المتحدة قيم العطاء والخير التي غرسها القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه. لقد كان الشيخ زايد نموذجاً فريداً في الإنسانية والكرم، حيث لم يكن العطاء بالنسبة له مجرد واجب، بل كان نهج حياة ورؤية تنموية شاملة. وامتدت أياديه البيضاء إلى مختلف بقاع العالم، فأسس المشاريع الخيرية، وقدم المساعدات الإنسانية دون تمييز، حتى أصبح رمزاً عالمياً للعمل الإنساني. واليوم، تستمر مسيرته الخيّرة من خلال المبادرات التي تحمل اسمه، مجسِّدةً إرثه العظيم الذي يتوارثه الأجيال.
وأشار إلى أن إنجازات الشيخ زايد نورٌ دائمٌ يضيء دروب الخير، ويُلهم الأفراد والمؤسسات للسير على خطاه في العطاء والبذل. وفي هذا اليوم المبارك، تتجدد العهود لمواصلة مشوار العطاء، ليظل اسم الشيخ زايد خالداً في سجل الإنسانية بأحرف من نور.
كل يوم نرى غرس المؤسس
ومن جانبه قال اشعياء هارون، من الكنيسة القبطية بأبوظبي: ونحن نحتفل بيوم زايد للعمل الإنساني نتذكر ما غرسه الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة. وإن ما نراه كان بفكر وفعل مؤسس دوله الإمارات العربية وبرعاية من الله له، وبحب شعبه والمقيمين على هذه البلد الطيبة. وسيظل إرث الشيخ زايد خالداً ملموساً ليس في هذا الجيل فقط بل في أجيال كثيره آتية، وستتذكر الأجيال ما فعله هذا القائد العظيم.
قلب نابض بالإنسانية
ومن جانبه أكد الأب الأرشمندريت برثانيوس أبوحيدر، من مطرانية الروم الأرثوذكس بأبوظبي، أن الشيخ زايد كان قلباً نابضاً بالإنسانية في زمنٍ عطِش للقيم. لقد آمن بأن الله استخلف الإنسان في الأرض ليكون وكيلاً أميناً على خلائقه، يرعى البشر والأرض والطير والوحش بعين الرحمة والمسؤولية. وقد نسج الشيخ زايد سيرة قائدٍ قلَّ نظيره: قائدٍ جعل من التسامح دستوراً، ومن التواضع نهجاً، ومن الحكمة سراجاً يضيء دروب وطنه وأمّته. لقد بنى زايد دولةً حديثةً من عروق الصحراء، أساسها التسامح والإخاء الإنساني، حتى غدت واحة للتسامح ونموذجاً عالمياً للتعايش والإخاء الإنساني وسط عالمٍ تمزّقه الصراعات.
وتناول أبوحيدر عدة جوانب في شخصية زايد الإنسان، باني دولة التسامح، وإيمانه بأن التنوع الديني والثقافي رحمةٌ إلهية، وأن مهمة الحاكم الحق هي صون هذه الرحمة وتنميتها.. ونتذكّر كيف أمر ببناء الكنائس في أبوظبي لخدمة إخوته المسيحيين الذين وفدوا للعمل والإقامة، فقد شيّد ثلاث كنائس في عامٍ واحد لخدمة الطوائف المسيحية في العاصمة، هي كنيسة القديس يوسف الكاثوليكية، وكنيسة القديس أندرو الإنجليكانية، وكنيسة القديس جورج للسريان الهنود. وكان ذلك عن قناعة راسخة لدى حكيم العرب بأن تعاليم الدين تدعو إلى التعاون مع كل إنسان، مهما كانت ديانته.
وقد ورّث شعبه هذه الروح حتى غدت الإمارات اليوم بحق عاصمة عالمية للتسامح، تمضي على خطى الوالد المؤسس. وليس أدلّ على ذلك من المشهد التاريخي عام 2019 حين وقف البابا فرنسيس وشيخ الأزهر جنباً إلى جنب في أبوظبي يصلّيان من أجل الإخاء الإنساني، فوق أرضٍ كان زايد رحمه الله قد رواها بقيم التسامح منذ عقود.
وتحدث أبوحيدر عن جوانب من التواضع والحكمة في شخصة الشيخ زايد القيادية، حيث اتسع قلبه فلم يعرف حدوداً للعطاء. فكما امتدت يداه لتأسيس دولة الاتحاد، امتدت بالعطاء أيضاً خارج حدود الإمارات لمساعدة كل محتاج، وحين ضرب الجفاف والمجاعة أرضاً في أفريقيا، أو اشتدت الحرب على قومٍ في آسيا، كانت قوافل المساعدات الإماراتية تصل حاملة الغذاء والدواء وبلسم الأمل. وقد رسّخ زايد في شعبه هذا النهج حتى أضحى «يوم زايد للعمل الإنساني» مناسبة سنوية تحتفي بمسيرة عطاء لا ينقطع.
وقال إن الشيخ زايد قدوةٌ في عالمٍ يفقد إنسانيته، ويعاني من فراغ روحي وأخلاقي، وإن إرث الشيخ زايد، بما فيه من تسامحٍ ومحبةٍ وعدلٍ ورحمة، ليس مجرّد ذكريات من الماضي، بل هو خريطة طريق للمستقبل.. والإمارات اليوم تواصل زرع الأمل في كل أصقاع الأرض، حاملةً شعلة زايد الإنسانية برسالة مفادها أن التسامح والتعاون هما طريق النجاة للبشرية.
وختم أبوحيدر قائلاً إنني كراهبٍ مسيحي وجد على أرض الإمارات وطناً ثانياً، أشهد بأن ما غرسه الشيخ زايد من خيرٍ في هذه الأرض أينع محبةً ووئاماً قلّ نظيرهما، وإن الحاكم أبٌ يرعى جميع أبنائه مهما اختلفت معتقداتهم، والثروة الحقيقية هي ثروة الأخلاق والإنسانية.
منارة عالمية للعمل الإنساني
وبدوره شاد سوريندر سينغ كاندهاري، رئيس معبد جورو ناناك داربار جوردوارا في دبي، بروح الإمارات الراسخة في العطاء والتسامح بمناسبة يوم زايد للعمل الإنساني، مؤكداً التزام الدولة الثابت بقيم الكرم والتعايش والخدمة الذاتية. وأعرب عن امتنانه لإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي شكّل نموذجاً عالمياً في العمل الإنساني.
وقال كاندهاري في تصريح له بهذه المناسبة: «لقد شكّل إرث الشيخ زايد في العطاء والرحمة دولة الإمارات لتكون منارة عالمية للعمل الإنساني. ورؤيته لمجتمع قائم على اللطف والتعايش والخدمة ما زالت تلهمنا جميعاً. وبصفتي مقيماً منذ سنوات طويلة، فقد لمست شخصياً التزام الإمارات بالاحتواء والتسامح، وهو ما أتاح للمجتمعات المتنوعة، بما في ذلك المجتمع السيخي، أن تعيش في وئام». وأضاف: «في معبد جورو ناناك داربار جوردوارا في دبي، نفخر بتجسيد هذه القيم من خلال مفهوم 'سيفا' (الخدمة الذاتية)، والبرامج المجتمعية، والمبادرات بين الأديان. واستلهاماً من مبادئ الشيخ زايد، نواصل التزامنا بخدمة المحتاجين، وتعزيز الوحدة، والمساهمة في الإرث الإنساني الاستثنائي لدولة الإمارات».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الشيخ زايد يوم زايد للعمل الإنساني العمل الإنساني دولة الإمارات العربیة المتحدة یوم زاید للعمل الإنسانی طیب الله ثراه
إقرأ أيضاً:
قرقاش يكتب لـ «سي إن إن»: السودان بين التضليل وتفاقم المأساة الإنسانية
الخليج - متابعات
أكد الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، في مقاله بشبكة CNN، أن عامين من القسوة والظروف الإنسانية الكارثية مرّا على الشعب السوداني، عانى خلالهما الأشقاء ويلات الحرب وتبعاتها من قتلٍ ونزوحٍ وندرةٍ في مقومات الحياة الأساسية.
وأضاف قرقاش: «وفي ظل هذه الحالة الإنسانية الحرجة، واللحظة المفصلية التي تستوجب مساراً جاداً نحو السلام، لا تزال القوات المسلحة السودانية تتهرّب من أيّ مساعٍ لإنهاء الحرب، وتواصل تصعيدها، لقناعاتها بإمكانية الحسم العسكري، دون اعتبار لحجم المعاناة الإنسانية التي تجاوزت كل الحدود، مع الاستمرار في محاولاتها تحميل الآخرين مسؤولية ما اقترفته، ماضية في مسار لن يفضي إلّا إلى تمزيق السودان وتحويله إلى دولة فاشلة».
وتابع قرقاش في مقاله لـ «سي إن إن»: «وفي هذا السياق، يواصل الجيش السوداني حملته الممنهجة ضد دولة الإمارات بحجج مكررة وواهية، في مسعى لصرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية والتهرب من مسؤولياته تجاه الأحداث التي قادت إلى هذه الحرب العبثية، التي جاءت بقرار من الجيش والميليشيات الإخوانية المساندة له، وانقلابه على الحكم المدني الانتقالي في 25 أكتوبر 2021، واختيار الحرب لحسم الخلاف المتفاقم مع قوات الدعم السريع، ثم الرفض المتكرر لوقف إطلاق النار والحل السياسي».
وقال المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة: «وفي ما يتعلق بدولة الإمارات، كانت ومنذ بداية الأزمة تبذل جهودًا مخلصة للبحث عن حل سياسي كفيل بتجنيب السودان الشقيق المآسي والمعاناة الإنسانية، انطلاقًا من علاقاتها التاريخية مع السودان الشقيق واهتمامها بتطوراته والاستثمار في تنميته، إضافة إلى قناعتنا الراسخة بأن لا حل عسكرياً للصراع، وهي قناعة لا تنفصل عن الإجماع العربي والإفريقي والدولي بل تتفق معه».
وأكد قرقاش: «وهنا أودّ أن أوضح أنّني ما كنت لأعبّر عن هذا الرأي بهذه الصراحة والوضوح، ولا أن أتناول الشأن السوادني الداخلي، لولا الحملات المضلّلة والكاذبة التي تقودها القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من الإخوان ضد دولة الإمارات».
وأضح الدكتور أنور قرقاش قائلاً: «إن العلاقة التي تربط دولة الإمارات مع السودان تميزت عبر السنوات بالوئام والتعاون وبروابط تاريخية عميقة. وهنا، لا يسعني إلا أن أُشيد بدور الجالية السودانية المقيمة في دولة الإمارات، فقد احتضنت بلادي الأشقاء بكل محبة وتقدير وترحيب، فالعلاقات الشعبية كانت الأساس المتين الذي جمع البلدين، ولن تفرّقه الدعايات المغرضة».
وأضاف: «ومع مرور عامين على اندلاع الصراع يتضح جليًا الدور العقيم الذي تمارسه القوات المسلحة السودانية في إنكار مسؤوليتها عن الصراع، ورفضها الانخراط في أية محادثات إقليمية أو دولية تهدف إلى التوصل لحل سلمي، وها هي اليوم تلجأ إلى محكمة العدل الدولية لتقديم شكوى تفتقد للمنطق ضد دولة الإمارات، في خطوة دعائية تهدف إلى صرف الأنظار عن مسؤوليتها في ارتكاب جرائم حرب وثّقتها تقارير متعددة صادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها، فضلاً عن تقارير الإدارة الأمريكية».
وتابع: «وما يُؤسف له أن هذه الحرب، وقبلها الانقلاب على السلطة المدنية، جاءت في أعقاب فترة من التفاؤل والأمل - بعد الإطاحة بنظام البشير في ثورة شعبية - بمسعى لخلق مسار سياسي وتنموي بعد عقود من ارتباط النظام في الخرطوم بمجموعة من الأزمات الداخلية الحادة والعزلة الدولية التي تسبب بها النظام السابق وممارساته».
وجاء في المقال: «وبعد أن أصبحت الحرب حقيقة ماثلة، كان موقف دولة الإمارات الإصرار على وقف فوري لإطلاق النار والبدء في مسار سياسي للعودة إلى الانتقال المدني، وضمن هذه المساعي كانت الدولة جزءًا حاضرًا في كافة الجهود الخيّرة من جدة إلى المنامة إلى جنيف».
وقال قرقاش: «إن دعوى القوات المسلحة السودانية إلى محكمة العدل لا يعفيها من مسؤوليتها عن الأزمة الكارثية ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، حيث قامت سلطات دولية موثوقة، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وأيضًا الوكالات الإخبارية المعروفة، بتوثيق جرائم الحرب المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية والتي شملت القتل الجماعي للمدنيين والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة والعنف الجنسي وغيرها».
واستطرد: «وتتضح المحاولة الواهية لاستغلال المحكمة والتهرب من الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام، فالادعاءات التي قدمها ممثل السودان للمحكمة تفتقر إلى أي أساس، وليست سوى محاولة - ضمن مخطّط بات مكشوفًا - لتشتيت الانتباه عن نتائج الحرب التي تدمي القلوب. ورغم أنّ دولة الإمارات على يقين بأنّ هذه الادعاءات بلا أي سند فإنها واحترامًا للمحكمة، باعتبارها الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، تعاملت مع هذه الدعوى وفق الأصول المهنية القانونية، ولكن ما نراه من تكرار ممجوج للادعاءات ونقلها بين فترة وأخرى - من نيويورك إلى جنيف إلى لاهاي - يؤكد على أنّ التشويش ممنهج، فمن خلال هذا، تحاول سلطة القوات المسلحة السودانية صرف الانتباه عن دورها في ارتكاب الفظائع واسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه عبر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وفق ما نقله تقرير لشبكة «VOA» في 16 يناير/كانون الثاني الماضي عن تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون لوسائل إعلام محلية ووفقا لمقال للصحفيين ديكلان وولش وجوليان إي. بارنز في التاريخ نفسه».
وشدد قائلاً: «وإنّ دولة الإمارات وفي سياق دعمها القانون الدولي تتمسك بضرورة المساءلة عن الفظائع التي ارتكبها الطرفان المتحاربان، وهي أيضًا في إطار التزامها الراسخ تؤازر الشعب السوداني الشقيق في الظروف الصعبة - وهو ما يشهد عليه التاريخ والسودانيون سواء على أرض السودان أو في دول الجوار».
وأضاف قرقاش: «ومن هذا المنطلق الإنساني، فإن دولة الإمارات لن تنشغل بهذه الهجمات المضلّلة، وسيبقى تركيزها على هدفها الرئيس والمتمثل في التخفيف من الكارثة الإنسانية عن كاهل أشقائنا، رغم التجاهل الصارخ الذي تمارسه القوات المسلحة السودانية لمعاناة الشعب والإمعان في تخريب البلاد، التي باتت بسبب الفراغ الأمني الحاصل بيئة خصبة لخطر انتشار الإرهاب مع تغلغل فكر جماعة الإخوان المسلمين المتطرف والإرهابي».
وتابع: «وستواصل دولة الإمارات القيام بدور بنّاء للمساعدة في إنهاء هذه الحرب العبثية عبر دعم جهود السلام، والحث على حوار دبلوماسي وعملية سياسية سلمية تعكس إرادة الشعب السوداني وتحقّق تطلعاته باستقرار يدعم جهود التنمية».
واختتم قرقاش مقاله قائلاً: «وفي الختام، ننصح قادة السودان بالتركيز على كيفية وقف الحرب وحماية المدنيين، بدلًا من تضييع الفرص والاستعراضات المصطنعة. فالشعب السوداني يستحق مستقبلًا يقوم على السلم والكرامة، ويستحق قيادة تضع مصالحه - لا مصالحها - وأولوياته في المقام الأول والأخير».