«صناعة الدبس».. إرث يتناقله الأجيال
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةحيث تنتشر مزارع النخيل، تبرز الكثير من المهن والصناعات التقليدية التي تتناقلها الأجيال، ومنها صناعة الدبس التي تعد واحدة من الصناعات الغذائية، التي شكلت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأجداد وأثّرت بشكل كبير في ثقافتهم واحتياجاتهم اليومية، فصناعة التمور وتحضير الدبس ليست مجرد مهنة، بل هي تراث حي يعبر عن عبقرية الإنسان الإماراتي في التكيف مع بيئته وتحقيق الاكتفاء الذاتي بموارد بسيطة، فهي حكاية تُروَى في كل حبة تمر وفي كل قطرة دبس، حاملة عبق الماضي وأصالته.
مهنة متوارثة
يقول حمد أحمد البدواوي، الذي يشارك جده في حفظ التمور وتجهيزها لصناعة الدبس: «تعلمت هذه المهنة من جدي، وهي مهنة متوارثة منذ القِدم، مع انتشار بساتين النخيل، التي هي مصدر أساسي لاحتياجات الأهالي سواء من الغذاء أو المسكن، فأي قطعة منها يتم الاستفادة منها بأساليب متنوعة، لتحمل في طياتها عبق التاريخ وروح الأصالة».
«المدبسة»
وبكل همة وفخر واعتزاز يساعد البدواوي جده في نقل خصف التمر ورصه في غرفة صناعة الدبس والتي تسمى «المدبسة»، ويعرّف الدبس قائلاً: «هو عصارة التمر النقية التي تستخرج بعناية وبدون أي تدخل صناعي، ليكون منتجاً طبيعياً عالي الجودة يستخدم في مختلف الأطعمة الإماراتية التقليدية»، موضحاً أن عملية استخراج الدبس ليست فقط وسيلة لتحويل التمر إلى منتج جديد، بل هي طقس يعبر عن التراث الإماراتي وأهمية النخيل في حياة سكان المنطقة.
صناعة الدبس
وعن كيفية صناعة وتحضير الدبس، يقول البدواوي: أولاً يتم تجفيف التمور بعناية، ثم وضعها في «خصافة»، وهي أكياس مصنوعة من سعف النخيل تُستخدم لتخزين التمور بطريقة تقليدية، ثم تُوضع هذه الأكياس داخل غرفة مغلقة مخصصة لهذا الغرض، وتتميز بأنها جافة ومعزولة تماماً، ومع مرور الوقت، يبدأ الدبس بالنزول تلقائياً دون أي تدخل بشري.
وهذه العملية التي تبدو بسيطة تحمل في طياتها الكثير من التفاصيل الدقيقة التي تتطلب صبراً وخبرة، وهو ما يكسب المنتج النهائي طعمه الفريد وجودته العالية.
إرث مستمر
يرى البدواوي أن صناعة الدبس ليست مجرد عملية إنتاج غذائي، بل هي قصة تحكي عن تكيف الأجداد مع قلة الموارد الغذائية، وكيف استطاعوا استغلال النخيل بكل ما يقدمه من فوائد قائلاً: «تعلمت من هذه المهنة أن الصبر والابتكار هما مفتاح النجاح، لقد استطاع أجدادنا إنتاج غذاء يكفي احتياجاتهم الأساسية من نفس الشجرة، فحولوا التمر إلى منتج يدوم طويلاً ويُستخدم في تحضير العديد من الأطباق التي لا تخلو منها السفرة الإماراتية». ولا يتوقف دور البدواوي وأسرته عند تعلم هذه المهنة، بل يتعداه إلى المساهمة في الحفاظ عليها في كل موسم؛ حيث يشاركون جدهم في إعداد الدبس، معتبرين أن هذه المشاركة ليست فقط واجباً عائلياً، بل رسالة تهدف إلى إبقاء هذا التراث حياً بين الأجيال.
أصالة وإبداع
عن مستقبل حرفة صناعة الدبس، يقول البدواوي: «صناعة الدبس ليست مجرد ذكرى من الماضي، بل جزء من حاضرنا ومستقبلنا، فلا يزال الناس يستخدمون الدبس حتى اليوم في المأكولات الإماراتية التقليدية، وهو منتج محلي يعكس هويتنا الوطنية، مشيراً إلى أن هذه الحرفة ستظل قائمة، طالما بقي هناك من يؤمن بأهميتها ويسعى لنقلها إلى الأجيال، لتظل رمزاً للأصالة والإبداع الإماراتي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الدبس دبس التمر التراث الإماراتي التراث التراث الشعبي الموروث الشعبي الموروث الإماراتي الإمارات الموروث
إقرأ أيضاً:
التمر أم العسل.. أيهما أفضل للصحة؟| أطباء: حسب احتياجات كل شخص
مع تزايد المخاوف بشأن الآثار الضارة للسكر المكرر، يبحث الكثيرون عن بدائل طبيعية تجمع بين الحلاوة والفوائد الصحية، ومن بين الخيارات الأكثر شيوعًا التمر والعسل، وكلاهما يُستخدم منذ قرون في ثقافات مختلفة لخصائصهما الغذائية والعلاجية، وبينما يُستخدم التمر بشكل شائع في الأنظمة الغذائية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، يُعد العسل عنصرًا أساسيًا في العديد من الأدوية التقليدية، بما في ذلك الأيورفيدا والطب الصيني.
ولكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار صحي، أيهما الخيار الأفضل؟ هل تتناول حفنة من التمر أم تُضيف القليل من العسل إلى طعامك أو مشروبك.
من الناحية الغذائية، يُقدم التمر والعسل فوائد مميزة.
التمر، الذي يُشار إليه غالبًا باسم "حلوى الطبيعة"، غني بالألياف والفيتامينات والمعادن. ووفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، تحتوي 100 غرام من التمر على 277 سعرة حرارية، و75 غرامًا من الكربوهيدرات، و7 غرامات من الألياف، و2 غرام من البروتين. كما أنه مصدر غني بالبوتاسيوم والمغنيسيوم وفيتامين ب6 والحديد.
أما العسل، فيوفر 304 سعرات حرارية و82 غرامًا من الكربوهيدرات لكل 100 غرام. ورغم احتوائه على كميات قليلة من البوتاسيوم وفيتامينات ب، إلا أنه يفتقر إلى الألياف. ومع ذلك، يتميز العسل بخصائص فريدة مضادة للبكتيريا والالتهابات، مما يجعله خيارًا مميزًا.
تشرح الدكتورة ليزا يونغ، أخصائية التغذية والأستاذة المساعدة في جامعة نيويورك، قائلةً: "التمر غني بالعناصر الغذائية، إذ يوفر الألياف والمعادن، بينما يوفر العسل مضادات الأكسدة وفوائد مضادة للبكتيريا".
-التأثير على مستويات السكر في الدم
من أكبر المخاوف عند اختيار المُحليات تأثيره على مستويات السكر في الدم.
يتميز التمر بمؤشر جلايسيمي معتدل (GI) بفضل محتواه من الألياف، مما يُبطئ امتصاص السكر، وقد وجدت دراسة أجريت عام 2011 ونُشرت في مجلة التغذية أن تناول التمر لم يُسبب ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة السكر في الدم عند تناوله باعتدال.
مع ذلك، يتمتع العسل بمؤشر جلايسيمي أعلى، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع سريع في نسبة السكر في الدم، وذكرت دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة التغذية أنه على الرغم من أن للعسل بعض الفوائد الصحية، إلا أنه لا يزال بإمكانه التأثير على مستويات السكر في الدم بشكل كبير.
يحذر الدكتور فرانك هو، أستاذ التغذية في كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، قائلاً: "على الرغم من أن العسل يحتوي على مضادات الأكسدة، إلا أنه لا يزال سكرًا، إذا كنت مصابًا بداء السكري أو تراقب مستوى السكر في الدم، فقد يكون التمر الخيار الأكثر أمانًا".
-فوائد مضادات الأكسدة والالتهابات
يُعد كلٌّ من التمر والعسل غنيًا بمضادات الأكسدة، التي تساعد على حماية الجسم من الالتهابات والإجهاد التأكسدي.
أبرزت دراسة نُشرت عام ٢٠١٩ في مجلة "المراجعات النقدية في علوم الأغذية والتغذية" المحتوى العالي من الفلافونويدات والكاروتينات وحمض الفينول في التمر، والتي ترتبط بتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والزهايمر.
يُعد العسل أيضًا مضادًا قويًا للأكسدة، وقد وجدت دراسة نُشرت عام ٢٠١٧ في مجلة "الطب التأكسدي وطول العمر الخلوي" أن المركبات الفينولية الموجودة في العسل تُعزز خصائصه المضادة للالتهابات وتدعم صحة القلب.
-أيهما أفضل؟ صحة الجهاز الهضمي
يبدو أن التمر هو الخيار الأمثل لصحة الأمعاء.
التمر غني بالألياف الغذائية، التي تُعزز الهضم وتُساعد على الوقاية من الإمساك، وجدت دراسة أجريت عام ٢٠١٥ ونُشرت في المجلة البريطانية للتغذية أن المشاركين الذين تناولوا التمر يوميًا شهدوا تحسنًا في حركة الأمعاء وصحة الأمعاء.
العسل، على الرغم من افتقاره للألياف، يتميز بخصائص بريبايوتيكية، مما يعني أنه يُغذي بكتيريا الأمعاء النافعة. ومع ذلك، فإن تأثيره ليس بنفس أهمية الأطعمة الغنية بالألياف.
يوضح الدكتور تيم سبيكتور، أستاذ علم الأوبئة الوراثية في كلية كينجز كوليدج لندن، قائلاً: "إذا كانت صحة الجهاز الهضمي من أولوياتك، فإن التمر هو الخيار الأمثل نظرًا لمحتواه العالي من الألياف".
فوائد صحية أخرى للعسل و التمر
إلى جانب التغذية والهضم، يُقدم كلا المُحليين فوائد صحية فريدة.
يُرتبط التمر بتحسين صحة الدماغ نظرًا لخصائصه المضادة للالتهابات، وأشارت دراسة نُشرت عام ٢٠٢٠ في مجلة Frontiers in Neuroscience إلى أن تناول التمر بانتظام قد يُساعد في تقليل خطر الإصابة بالأمراض العصبية التنكسية.
يُستخدم العسل في الطب التقليدي منذ قرون لالتئام الجروح وتخفيف السعال، وجدت مراجعة نُشرت عام ٢٠١٨ في قاعدة بيانات كوكرين للمراجعات المنهجية أن العسل أكثر فعالية من بعض أدوية السعال المتاحة دون وصفة طبية في علاج التهابات الجهاز التنفسي العلوي.
في حين أن كلاً من التمر والعسل يُعدّان بدائل صحية للسكر المكرر، إلا أن الخيار الأفضل يعتمد على احتياجات كل شخص:
- للألياف وصحة الأمعاء: التمر هو الخيار الأفضل.
- لمُحلي سائل ذي فوائد طبية: العسل خيار رائع.
- للتحكم في سكر الدم: التمر له تأثير جلايسيمي أقل.
- للاستدامة: التمر خيار رائع.
في النهاية، يُمكن أن يكون كلاهما جزءًا من نظام غذائي صحي عند تناوله باعتدال.
المصدر: timesnownews