رغم ترحيب إسرائيل بالهجمات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين في اليمن، فإن التقديرات في تل أبيب تشير إلى أن واشنطن تواجه فشلًا سريعًا لمبدأ "الصفقة السريعة" الذي تتبناه إدارة ترامب. فقد أدرك الرئيس الأمريكي أخيرًا أن الحلول السريعة غير ممكنة في مثل هذه القضايا المعقدة. وبسبب سياسته المعلنة بالانعزال عن الشرق الأوسط، وجدت الولايات المتحدة نفسها غارقة بشكل أعمق في أزماته.



حاييم غولوفنتسيتس خبير شؤون الشرق الأوسط، والمحاضر بجامعة بار إيلان، والمدرب لأفراد قوات الأمن في كلية نتانيا، ذكر أنه "في الوقت الذي مثّل فيه الهجوم الأمريكي على الحوثيين تغييراً مرحباً به في تل أبيب، لكنه شكل استيعاباً سريعاً نسبياً لفشل مبدأ الصفقة السريعة، الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي طويل الأمد على دولة الاحتلال، ولأجيال قادمة".




وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "خيبة الأمل الإسرائيلية من عدم جدوى السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لم تقتصر على فشل ضرباتها الأخيرة ضد الحوثيين فقط، بل من رفض جميع العرب، حتى من يُعتبرون حلفاء للولايات المتحدة ومقربين منها، لخطة ترامب الخاصة بتهجير الفلسطينيين من غزة رفضًا قاطعًا، مهما كانت التكلفة، مما أظهره كمن يروّج أفكارا ميؤوسا منها، وانتهى بمفاوضات منفصلة وراء ظهر إسرائيل مع حماس نفسها".

وأشار أنني "لا أجد مشكلة في إجراء مفاوضات مباشرة مع حماس والحوثيين وحزب الله معًا، بقدر الضرورة، لكن اتضح أن مليارديرًا مثل ترامب لم يتعلم بعد ما نسيه من نشأوا في أزقة مخيمات اللاجئين منذ زمن طويل".

وأوضح أن "الهجوم الأمريكي على الحوثيين يشير إلى أن شيئًا خاطئا قد حدث في واشنطن، وأن ترامب بدأ يدرك أنه لا توجد حلول فورية للمشاكل المعقدة، خاصة في الشرق الأوسط، التي أعلن تجاهه عن سياسة انعزالية مُعلنة، وفي الوقت ذاته شنّت حملةً حربيةً في اليمن، وهي متورطةٌ بعمق في السياسة الداخلية لسوريا ولبنان ودول الخليج، ويصعب تصور كيف ستسحب قواتها من سوريا والعراق في الوقت الحالي". 

وأكد أن "المنطق الأمريكي، ومنطق ترامب تحديدًا، يجد صعوبةً في فهم، كما فعل أسلافه، كيف يرفض أي طرفٍ فلسطيني عربي منخرط في الصراع توقيع صفقةٍ تتضمن مزايا اقتصادية، واستثماراتٍ دوليةً واعدةً، ووعدًا بحياةٍ أفضل في أبراجٍ فاخرةٍ مطلةٍ على البحر، مما يدفعه لأن يسأل نفسه عمّا يريده الفلسطينيون، وبالمصطلح الأمريكي "السكان الأصليون"، ولماذا يُفضّلون الاستمرار بتناول خبز الطابون بدلًا من الخضوع لأي إملاءاتٍ خارجية". 




وأوضح أنه "من الناحية العملياتية يُظهر مبعوثو ترامب بشكل متزايد أن الإيرانيين وحماس والحوثيين والسوريين والأتراك، يُصرّون على الاستمرار بالتلويح بسيوفهم، ولا يزالون يُصرّون على ذلك، ورغم الوضع القاسي موضوعيًا في بلادهم، لكن ثمة رؤى أخرى تتعلق بقضايا الشرف الوطني والدم والأرض والانتقام، صحيح أن ذلك قد يدفع ترامب للرد بقوة سريعة نسبيًا، ويهدد باستخدام قوة أكبر لاحقًا، كما جرت العادة، لكن ذلك لن يكون مجدياً".

وختم بالقول أن "هذه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ستترك آثارها الاستراتيجية السلبية على دولة الاحتلال، ولأجيال قادمة، وسيظلّ الشرق الأوسط، للأسف، بؤرةً للاضطرابات العالمية، ولاعبًا رئيسيًا في الصراع الدائر بين القوى العظمى، وبالتالي ستأتي إدارة أمريكية وترحل، تارةً متعاطفة مع دولة الاحتلال، وتارةً أخرى أقل تعاطفًا، وتارةً متشددة تجاهها".

وأكد أنه "في نهاية المطاف، ورغم الدعم الأمريكي الحالي لدولة الاحتلال بالسلاح والمال، لكن من الممكن في مرحلة ما في المستقبل، وفي ضوء استيعاب الفجوة الثقافية والقيمية التي لا يمكن تجاوزها بين أمريكا وبين دول الشرق الأوسط، أن تُقرر مجددًا الالتزام بمبادئ "مونرو"، والانفصال عن المنطقة، وترك دولة الاحتلال لمصيرها، وبالتالي ستبقى وجود إيران النووية الآن أو في المستقبل، بجانب لبنان وسوريا ومصر والأردن، وبالطبع الفلسطينيين، كلها مشاكل وتحديات ستظلّ في المقام الأول مشكلة إسرائيلية غير قابلة للحلّ".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية اليمن ترامب الاحتلال اليمن الاحتلال ترامب طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء  الهجوم الأمريكي على الحوثيين؟

صعدت الولايات المتحدة ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن، في خطوة تعكس نهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ممارسة أقصى الضغوط على إيران ووكلائها.

وتقول بورجو أوزسيليك، وهي باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن الرئيس ترامب تعهد في أسبوعه الأول من ولايته، بتصنيف جماعة الحوثي في اليمن، كمنظمة إرهابية أجنبية. ودخل القرار حيز التنفيذ في أوائل مارس (آذار) الجاري.

وبعد أسابيع، في 15 مارس (آذار) الجاري، أمر ترامب بشن ضربات جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف، في مناطق يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.

What Trump’s Latest Houthi Strike Really Means https://t.co/qgZxXXewWb via @TheNatlInterest

— Nino Brodin (@Orgetorix) March 18, 2025

وترى أوزسيليك أنه من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولايته الثانية، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد: إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين، وتطبيق سياسة "الضغط الأقصى" ضد قدرة إيران على تمويل وكلائها، وتوجيه تحذير لمشتري النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وعلى رأسهم الصين.

وقد بررت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية ضد الحوثيين، باعتباره إجراء ضرورياً للحفاظ على "المبدأ الأساسي لحرية الملاحة، الذي تعتمد عليه التجارة الدولية". إلا أن حسابات واشنطن تتجاوز مسألة الأمن البحري.

فللإدارة الأمريكية جدول أعمال جيوسياسي أوسع نطاقاً، يشمل التصدي لنفوذ الصين الاقتصادي، لاسيما اعتماد بكين على النفط الإيراني.

ومن خلال استهداف الحوثيين، لا تعمل الولايات المتحدة فقط على حماية الممرات الملاحية الحيوية، بل تمارس أيضاً ضغوطاً على محور الطاقة بين إيران والصين، وهو عنصر رئيسي في الاستراتيجية الإقليمية لبكين.

الحوثيون يتبنّون هجوماً رابعاً على حاملة طائرات أمريكية - موقع 24أعلنت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، فجر اليوم الأربعاء، أنّها أطلقت صواريخ كروز وطائرات مسيّرة مفخّخة باتجاه حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر، في رابع هجوم من نوعه تتبناه خلال 72 ساعة، وذلك ردّاً على الضربات العسكرية الأمريكية التي تستهدفها.

وبحسب أوزسيليك، تهدف العملية العسكرية الأمريكية أيضاً إلى منع الحوثيين من ترسيخ نفوذهم داخلياً في ظل عملية السلام الهشة هناك، وإحباط قدرتهم على إعادة تنظيم صفوفهم لدعم عقيدة الدفاع المتقدم الإيرانية المحدثة، التي تعتمد على تمويل وكلائها. وقد يؤدي استمرار الحملة العسكرية الأمريكية إلى إضعاف الترسانة العسكرية للحوثيين وربما تصفية قيادتهم.

ولكن الحوثيين يديرون اقتصاد حرب يتسم بالتنوع، يتيح لهم تحقيق أرباح من تهريب سلع غير مشروعة تتراوح ما بين الوقود والسجائر والمكونات ذات الاستخدام المزدوج والمواد العسكرية، إضافة إلى فرض الضرائب ككيان شبيه بالدولة. وهذا يجعل نظام العقوبات الأمريكي والغربي ركيزة أساسية لمواجهة الحوثيين، لكن تعمق علاقاتهم مع جهات فاعلة رئيسية يعقد فعالية تلك العقوبات.

وفي عام 2024، كانت الصين الوجهة الرئيسية لما يصل إلى 90% من صادرات النفط الإيرانية، ما يؤكد تنامي العلاقات الاقتصادية بين بكين وطهران رغم العقوبات الأمريكية. ومن خلال المساهمة في تمويل الخزانة الإيرانية، تساعد الصين فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في تمويل وكلاء مثل الحوثيين.

ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، كشفت إعلانات بارزة لوزارة الخزانة الأمريكية عن روابط سرية بين الصين والحوثيين.

هل حسمت واشنطن قرارها بإنهاء الحوثيين؟ - موقع 24لتجنب الغارات الجوية الأمريكية التي بدأت الولايات المتحدة شنها على صنعاء الأحد، لجأ كبار مسؤولي الحوثيين إلى المخابئ.

وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على أفراد حوثيين مقيمين في اليمن والصين، لدورهم في تسهيل نقل الأسلحة والمكونات ذات الاستخدام المزدوج إلى اليمن.

وتقول أوزسيليك إن هذه التطورات كشفت عن شبكة سرية تربط بين الصين والحوثيين، ما يثير تساؤلات حاسمة لصناع السياسات الدفاعية والأمنية في الولايات المتحدة. وقد يؤدي استهداف الحوثيين إلى تداعيات أوسع، ليس أقلها التأثير على تدفق النفط الإيراني إلى الصين.

ورغم صعوبة تأكيد ذلك، فقد أفادت تقارير بأن الحوثيين ربما تلقوا تعويضات مالية أو أشكالاً أخرى من الدعم من الصين، مثل مكونات عسكرية صينية الصنع، مقابل السماح بمرور السفن المرتبطة بالصين بحرية في البحر الأحمر.

وفي إطار سياسة روسيا الخارجية المناهضة للولايات المتحدة، ورد أن موسكو قدمت بيانات استهداف عبر الأقمار الاصطناعية للحوثيين لضرب السفن الأمريكية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.

وقد تعمقت العلاقة بين روسيا والحوثيين خلال الصراع في غزة، وزادت وضوحاً في 5 مارس (آذار) الجاري، عندما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات على 7 من كبار قادة الحوثيين بتهمة تهريب مواد عسكرية وأنظمة أسلحة والتفاوض على صفقات تسليح مع روسيا.

كما شملت العقوبات عنصراً حوثياً يشتبه في قيامه بتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا. 

وفي 14 مارس (آذار) الجاري، عقد اجتماع ثلاثي بين روسيا وإيران والصين في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني وقضايا أخرى.

وأصبح الحوثيون ركيزة استراتيجية لإيران، ومن المرجح أن تسعى طهران على المدى الطويل إلى تعزيز قدراتهم للحفاظ على الحصار البحري في البحر الأحمر وربما توسيعه.

وتزايدت أهميتهم لدى إيران، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها شبكاتها في لبنان وغزة وسوريا.

ومع تقييد قدرة إيران على نقل الدعم المالي والتقني للحوثيين، من المتوقع أن تعمد الجماعة إلى تصعيد أنشطتها في شبكات التهريب غير المشروعة، بما في ذلك تهريب المخدرات والنفط والتبغ، لتعزيز قوتها الاقتصادية والتنظيمية.

وتشكل التحالفات الناشئة بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل "القاعدة في جزيرة العرب" و"حركة الشباب" في الصومال تهديداً متزايداً.

وإذا رأى الحوثيون أن هجماتهم لم تلحق ضرراً كبيراً، فقد يوسعون نطاق عملياتهم العسكرية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى منطقة القرن الأفريقي.

ومن خلال استهداف الحوثيين ضمن حملة "الضغط الأقصى" على إيران، تؤكد الولايات المتحدة أنها لن تتردد في ضرب الجماعات المسلحة المرتبطة بطهران.

وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق قد تكون الهدف التالي في الأشهر المقبلة، مع تكثيف واشنطن ضغوطها على بغداد لنزع سلاح هذه الفصائل وتقليص النفوذ الإيراني في البلاد، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

مقالات مشابهة

  • "الردع التلقائي".. مقترح إسرائيلي بضرب إيران لإيقاف الحوثيين
  • الولايات المتحدة لإسرائيل: اتركي لنا "مهمة الحوثيين"
  • بعد وقف تمويل قناة الحرة.. غدمن يحذر أميركا من خسارة صوتها الوحيد بالمنطقة
  • الولايات المتحدة تستهدف مواقع الحوثيين في صعدة: مصادر تكشف عن تفاصيل الهجمات
  • لماذا قصف ترامب الحوثيين فجأة؟
  • ماذا وراء  الهجوم الأمريكي على الحوثيين؟
  • ترامب وبوتين يبحثان سبل إنهاء حرب أوكرانيا وتحسين العلاقات الثنائية
  • تحليل- ما بعد الهجمات على الحوثيين.. الولايات المتحدة بحاجة إلى سياسة شاملة تجاه اليمن
  • البيت الأبيض: ترامب وبوتين ناقشا التطورات في الشرق الأوسط وسبل منع الصراعات