المغرب يدعو إلى ريادة إفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعا المغرب إلى تطوير ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي وسيادي ومسؤول، مشددًا على أهمية تعبئة الجهود لتحقيق تنمية مستدامة وسلام وأمن في القارة السمراء.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عبر تقنية الاتصال المرئي أمام الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي ترأسه المغرب خلال شهر مارس.
وأكد بوريطة أن "مستقبل الذكاء الاصطناعي في إفريقيا يجب أن ينبع من القارة ويخدم مصالحها"، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة للتنمية أو وسيلة لتفاقم الانقسامات إذا أسيء استخدامه.
كما استعرض التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى الارتفاع الكبير في الهجمات الإلكترونية ومقاطع الفيديو المزيفة، فضلًا عن استخدام الطائرات بدون طيار من قبل الجماعات الإرهابية.
وشدد الوزير المغربي على ضرورة وضع إفريقيا في موقع الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، منوهًا بأن هذه التكنولوجيا تمثل فرصة لتحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 15.7 تريليون دولار عالميًا بحلول عام 2030.
كما أشار إلى تحديات الوصول إلى الإنترنت في القارة، حيث لا يزال 60٪ من السكان غير متصلين، بينما تمثل المواهب الإفريقية أقل من 1٪ من الكفاءات العالمية في هذا المجال.
وفي إطار مواجهة هذه التحديات، اقترح المغرب إحداث صندوق إفريقي للذكاء الاصطناعي، وإرساء استراتيجية لجمع البيانات وتثمينها، بالإضافة إلى إطلاق برامج تدريب مكثفة لخلق نخبة إفريقية في هذا المجال.
كما أشار إلى مبادرات المغرب الرائدة، مثل استراتيجية "المغرب الرقمي 2030" وبرنامج تعليم الأطفال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب استضافة الرباط لأول مركز إفريقي لليونيسكو للذكاء الاصطناعي.
واختتم بوريطة كلمته بتجديد التزام المغرب بدعم الجهود الإفريقية لتعزيز التنمية والاستقرار عبر الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا على أهمية العمل الجماعي لتجنب العواقب السلبية لهذه التكنولوجيا المتقدمة.
IMG-20250320-WA0103 IMG-20250320-WA0102المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في الإعلام: فوائد ومحاذير
سهل الذكاء الاصطناعي الكثير من الإجراءات في العملية الإعلامية مثل الترجمة والملخصات والوصول إلى المعلومات، لكنه بالمقابل يلعب دوراً متصاعداً في مسألة التضليل الإعلامي وتزييف الحقائق والمعلومات، عبر خواص التزييف العميق.
دولة الإمارات مثال على الاستخدام الإيجابي والمسؤول للذكاء الاصطناعي
وشهد قطاع الإعلام منذ انطلاق ثورة تكنولوجيا الاتصال المتقدم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تغيراً في صيغته التقليدية المنضبطة ضمن نطاق صناعة الرسالة الإعلامية، في المؤسسات المتخصصة مثل الدوريات المطبوعة والراديو والتلفاز، وصولاً إلى الإعلام الإلكتروني والمواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية.
ومع بروز دور مواقع التواصل الاجتماعي في العملية الإعلامية، ومشاركة الأفراد في صناعة الرسالة الإعلامية ونقل الأخبار والأحداث وتقديم المعلومات، خرج الإعلام من إطاره المؤسساتي التقليدي، وأصبح الجمهور جزءاً من صناعة الرسالة الإعلامية، وليس مجرد متلقٍ لها. وبالتزامن برز الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز الأدوات الثورية في صناعة الرسالة الإعلامية، وتطور بشكل متسارع في السنوات الأخير، حيث راح يستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من الأنشطة الإعلامية من قبيل جمع المعلومات وإعداد التقارير والترجمة وتخصيص المحتوى للجمهور، وتحرير النص والصورة والفيديو.
وبناء على ذلك برزت إيجابيات متعددة للذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع صناعة المادة الإعلامية، لكن هذا التطور يأتي مصحوباً بتحديات ومسؤوليات تتطلب توازناً بين الفوائد التقنية والمحاذير الأخلاقية، خاصة وأنه متاح للمستخدمين الأفراد، الذين أصبحوا جزءاً من صناعة الرسالة الإعلامية، في عصر العولمة ومواقع التواصل الاجتماعي.
هل يساهم الذكاء الاصطناعي في التطور الإعلامي؟يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الإعلام عبر تحليل البيانات، والإنشاء الأوتوماتيكي للمحتوى الإعلامي (Media auto-generate)، وتخصيص المحتوى الإعلامي وتحسين جودته التحريرية، ومكافحة المعلومات المضللة. كما يلعب دوراً تطويرياً في صناعة الإعلام من خلال عدة جوانب، أبرزها:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة كبيرة، ما يتيح للصحافيين استخراج روابط وأنماط قد يصعب اكتشافها عبر الطرق التقليدية، وهذا يؤدي إلى إنتاج قصص إخبارية أكثر عمقاً ودقة وشمولية.
يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصحافة الآلية حيث يستطيع كتابة المقالات التي تتبع نمطاً معيناً، مثل تقارير الأحوال الجوية أو نتائج المباريات الرياضية، وهذا يعني أن العامل البشري يمكنه التركيز على المحتوى الإبداعي والتحقيق في المعلومات التي تتطلب حساسية إنسانية، وهنا يبرز التكامل بين الآلة والإنسان.
ويعزز الذكاء الاصطناعي تجربة المستخدم من خلال تخصيص المحتوى الإعلامي. باستخدام خوارزميات التوصية، حيث يمكن للأنظمة الرقمية أن تقدم مقالات وأخباراً تناسب اهتمامات المستخدم.
والذكاء الاصطناعي لم تنقصه القدرات التحريرية، مع وجود هامش بسيط للخطأ اللغوي والمعلوماتي، الذي يتطلب المراجعة البشرية، لكنه بالتأكيد يساعد في تحسين الدقة اللغوية، خاصة في كشف تلك الأخطاء النحوية والإملائية التي تسقط سهواً. وهو ما يعزز الجودة الإجمالية للمحتوى. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم في مكافحة الأخبار المزيفة من خلال تحليل النصوص والصور لتحديد درجة صحتها أو الكشف عن المعلومات المتضاربة.
في مجال الإعلام المرئي والسمعي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين جودة الصوت والصورة، وحتى إنشاء محتوى مرئي من خلال تقنيات التوليد الآلي للصور والفيديو.
ومن هنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة العمل الإعلامي وتحسين جودة الإنتاج، ما يجعل الصحافيين أكثر قدرة على التركيز في الجوانب التحليلية بدلاً من الأعمال الروتينية، وفهم القضايا الأكثر تداولاً لدى الجمهور. كما تساهم الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المستخدم من خلال تخصيص المحتوى بناءً على تفضيلات القراء، ما يعزز تفاعل الجمهور مع الرسالة الإعلامية.
برزت دولة الإمارات كواحدة من الدول الرائدة في توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الإعلام. حيث ركزت الدولة على تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى الإعلامي، مع ضمان الالتزام بالمعايير الأخلاقية. لأن الدولة تتبنى استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة إيجابية ومسؤولة، معتمدةً على استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى جعلها واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال بحلول عام 2031.
أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، لتكون أول مشروع ضمن مئوية الإمارات 2071، والذي يمثل الموجة الجديدة بعد الحكومة الذكية، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل وإنجاز المعاملات الحكومية والحوكمة والتواصل بين المؤسسات والأفراد، كما كان للعمل الإعلامي في دولة الإمارات نصيبه المتوازن من تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه.
ومن الأمثلة البارزة على اهتمام دولة الدولة بثورة الذكاء الاصطناعي، مبادرات متعددة مثل إنشاء مراكز بحث وتطوير متخصصة، منها "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي"، بالإضافة إلى إطلاق "مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة"، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في 22 يناير (كانون الثاني) 2024. حيث يهدف إلى دعم الابتكار المسؤول، ويسهم بتعزيز مسيرة اقتصاد الدولة، وضمان تفوقه وتطوره المستمر.
أما نصيب الإعلام من تطوير برامج الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، فقد برز باستخدام المؤسسات الإعلامية الإماراتية تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الترجمة الفورية للمحتوى، والتفاعل مع الجمهور عبر منصات متعددة اللغات، ما يعزز الشمولية والتواصل الإيجابي مع الجمهور، علاوة على استخدام التقدم التكنولوجي للكشف عن المعلومات المزيفة والأنباء المضللة للرأي العام، وهو ما يعزز مصداقية الإعلام الإماراتي، وجودة العملية الإعلامية في الدولة، والتزامها بالمعايير والثوابت الأخلاقية للمجتمع والتشريعات القانونية للعملية الإعلامية. بما يضمن حماية الخصوصية، والأمن السيبراني.
ما هي المحاذير الأخلاقية؟رغم الفوائد الجمة التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها قد تستخدم أيضاً في تزييف الحقائق والمعلومات من قبل أجندات مشبوهة وهدامة وغير مسؤولة تعمل في الخفاء من عدة دول في العالم. إذ تعد تقنية التزييف العميق (Deepfake) واحدة من أخطر الأدوات التي تهدد مصداقية الإعلام. فمن خلال هذه التقنية، يمكن إنشاء فيديوهات وصور مزيفة ربما يسهل تمييزها عن الحقيقية حالياً لكن بتحسين أداء هذه الأدوات قد يصعب التمييز بين المزيف والحقيقي في المستقبل، ما يؤدي إلى تضليل الجماهير ونشر معلومات خاطئة.
على سبيل المثال، قد يتم توظيف التزييف العميق لتشويه سمعة شخصيات عامة أو خلق سيناريوهات وهمية لأحداث لم تحدث، أو إطلاق تصريحات على ألسنة شخصيات عامة، خدمة للأجندات المشبوهة التي تهدف إلى بث الفوضى وخلق التوترات السياسية في الدول والمجتمعات.
هذا النوع من التلاعب يضع تحديات كبيرة أمام المؤسسات الإعلامية، التي تجد نفسها مطالبة بتطوير أدوات جديدة للكشف عن التزييف والحفاظ على مصداقية المحتوى لضمان العمل ضمن المعايير الأخلاقية والأطر القانونية للعمل الإعلامي.
الموازنة بين الفوائد والمخاطرمع بروز كل تطور تكنولوجي، تتحتم مسؤوليات أخلاقية على طريقة توظيف هذا التطور في الحياة العملية. لذلك يمثل الذكاء الاصطناعي بالنسبة للإعلام تحدياً كبيراً فيما يتعلق بالخصوصية والشفافية، إذ تعتمد منصات إعلامية متعددة على جمع بيانات المستخدمين لتحسين صناعة المحتوى وتجربة المتلقي، كما أن الاعتماد المتزايد على التقنية يفرض واقعاً يتطلب إجراء التوازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع الإنتاج وبين ضمان دقة المحتوى ومصداقيته، وبين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والحد من مخاطره، وهذا يستدعي وضع استراتيجيات واضحة وواعية ومسؤولة أخلاقياً وقانونياً.
من هنا تأتي ضرورة أن تستثمر المؤسسات الإعلامية في تدريب كوادرها على استخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي وفعال. كما يجب التعاون مع الحكومات لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي من خلال قوانين وسياسات تضمن الشفافية وتحمي خصوصية المستخدمين. ومن جهة أخرى، يجب أن تعمل شركات التكنولوجيا الرقمية، على تطوير أدوات للكشف عن التزييف ومنع انتشاره، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الإعلامية لدعم الإعلام المسؤول، حيث يمثل توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام، سلاحاً ذا حدين. فبينما يتيح فرصاً هائلة لتحسين الجودة والكفاءة، لكنه يتطلب مسؤولية أخلاقية وقانونية.
وبالمحصلة، يكمن التحدي في استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) بالإعلام، في الاستخدام الواعي والمسؤول، بحيث يعزز دور الإعلام في تطوير التجربة الصحية لدى الأفراد في تلقي المعلومات، وإحداث التوازن بين الابتكار والمسؤولية.