شيخ الأزهر: الحسن الإلهي موجود في كل شيء خلقه الله تعالى
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
قال فضيلة الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، إن اسم الله تعالى "الحكيم" لا يفسر إلا على وزنين فقط، إما أن يفسر على وزن "فعيل" بمعنى عليم، أو أن يفسر على وزن "مفعل" بمعنى محكم، بكسر الكاف، ومعناه الإحكام لأنه قد أحكم الأشياء، أي أتقنها وأحسن تقديرها، مصداقا لقوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ"، والمراد هنا الحسن الإلهي الموجود في كل شيء خلقه الله تعالى، لافتا أن الحسن الإلهي يشمل أيضا بعض المخلوقات التي لا يظهر فيها الحسن، مثل الحشرات والمخلوقات الدنيا، لأن الحسن الإلهي ليس معناه الجمال الظاهر أو البهاء والرواء، فالجمال والحسن الإلهي ليس جمال الشكل فقط، ولكن المراد في "الذي أحسن كل شيء خلقه" هنا إتقان الخلق، وهذا مهم لأن الإتقان في الخلق، وخاصة في الإنسان، يظهر ظهورا بينا.
وبين فضيلة الإمام الأكبر، في الحلقة العشرون من برنامج "الإمام الطيب"، أنه إذا كانت عندنا بعض المخلوقات لا يمكن أن يسبق عليها الحسن بمعنى البهاء والجمال الظاهري، فإنه يصدق عليها الحسن الإلهي بمعنى إتقان الخلق، ولذلك قال سبحانه وتعالى في آية ثانية: " الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا"، وقد فسرت هذه الآية المراد من قوله تعالى في الآية الأولى "أحسن كل شيء خلقه" على أنه حسن التقدير وإتقان الخلق وليس حسن الشكل والجمال الظاهري، ولهذا فإن دلالة بعض المخلوقات الدنيا كالحشرات وغيرها، والتي لا تظهر جميلة بالنسبة لنا، على وجود الله تعالى مثل دلالة الجبال والأرض والسماوات، لأن فيها تقدير وإتقان خلق يعرفه العالمون، ولذلك عندما نراها نقف عندها ونقول "سبحان الله".
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن المراد بالإتقان الذي هو معنى "أحسن"، الحماية، وفيه رقيب وحماية الأضداد من أن يطغى بعضها على بعض، فالإنسان بخلقه المعقد يتكون من أجهزة داخلية ولها درجة حرارة معينة، وعندما ترتفع درجة حرارته قليلا وتصل إلى 40 درجة، يقلق ويشعر بالإعياء، إلا أن إتقان الله تعالى لخلقه، هو المسؤول عن ضبط حرارة الإنسان عند 37 درجة، وذلك هو المراد بحسن التقدير وإتقان الخلق، لافتا أن من أكثر الأمور عجبا فيما يتعلق بمسألة حسن التقدير وإتقان الخلق، ما يتعلق بعملية تلقيح الزهور، فمنها ما يلقحه الحشرات ومنها ما يتلقح بالريح، وتلك التي تتلقح بالريح لا تحتاج لإغراءات كي تتلقح، فالريح يهب دائما ويساعدها على التلقيح، أما النباتات الأخر التي تلقحها الحشرات فقد زودت بلون جميل، وبعطر معين يجذب هذه الحشرة لتلقيحها.
واختتم فضيلة الإمام الطيب الحلقة بتأكيد أن هذا هو المقصود بالإتقان وحسن التقدير الوارد في قوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ"، فرغم أن الإنسان خلق من طين، إلا أنه محكم ومتقن، فكيف يخرج من الطين هذا العقل وهذه الروح وهي كلها مضادة للطين، فخلقه وأعطاه العقل والتفكير وتحمل المسؤولية والإحساس والشعور والحب والغضب وغيرها، وهذه كلها ليست صفات الطين، ثم الروح التي نفخت فيه، هذا هو الإتقان الذي يدل على الحكمة، فهو سبحانه وتعالى "حكيم" بمعنى متقن لخلق الأشياء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الإمام الاكبر الحكيم المزيد فضیلة الإمام الله تعالى
إقرأ أيضاً:
محمد أبو هاشم: التصوف الحقيقي ليس معناه الابتعاد عن الدنيا
أكد الدكتور محمد أبو هاشم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن الطريقة الشاذلية تعد من أبرز المدارس الصوفية التي أسست على منهج الكتاب والسنة، مشيرًا إلى أن مؤسسها، الإمام أبو الحسن الشاذلي، كان نموذجًا للعالم الرباني الذي جمع بين العلم الظاهر والتزكية الباطنة.
وأوضح أبو هاشم خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم، الأربعاء، أن الإمام الشاذلي، الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما، نشأ في المغرب ثم انتقل إلى تونس حيث تلقى تعليمه، قبل أن يسافر إلى بلاد عديدة بحثًا عن المعرفة، ليصل إلى مصر عام 642هـ، حيث استقر في الإسكندرية، وكان له مجالس علمية يحضرها كبار العلماء مثل العز بن عبد السلام وابن دقيق العيد.
وأضاف أن الإمام الشاذلي كان يدعو إلى التمسك بالشريعة الإسلامية، معتبرًا أن أي إلهام أو كشف يخالفها لا يؤخذ به، وكان يرى أن المسلم يجب أن يظهر بمظهر حسن امتثالًا لقوله تعالى: "خذوا زينتكم عند كل مسجد"، مؤكدًا أن التصوف الصحيح هو تصوف العلم والعمل وليس الابتعاد عن الدنيا.
وأشار أبو هاشم إلى أن الطريقة الشاذلية انتشرت في مصر بفضل تلميذه ووريثه الروحي، سيدي أبو العباس المرسي، لافتًا إلى أن الإمام الشاذلي توفي عام 656هـ أثناء توجهه لأداء فريضة الحج، ودفن في وادي حميثرة بمحافظة البحر الأحمر.