مفتي الجمهورية: الأخلاق هي أساس الرسالات وبوابة الحضارة
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
أكد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- في حديثه الرمضاني، أن الأخلاق تحتل مكانة رفيعة في ديننا الحنيف، فهي دعامة أساسية من دعائم الدين، وأصل مشترك اتفقت عليه جميع الشرائع السماوية. بها تُبنى المجتمعات، وتُشيَّد الحضارات، وتُصان الكرامة، وتُحقق التنمية والاستقرار.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن الرسالات السماوية كافة جاءت لترسيخ منظومة من القيم والمبادئ التي تحفظ للإنسان إنسانيته وكرامته، وقد أكد الإسلام على هذه المنظومة بشكل واضح، كما في قول الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
وأشار فضيلته إلى أن الأخلاق لم تكن جزءًا هامشيًّا في الرسالة الإسلامية، بل كانت غايتها الكبرى، كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق»، فمهمة النبوة ارتكزت على تقويم السلوك وتهذيب النفوس وتأسيس مجتمع قيمي قائم على العدل والرحمة والتكافل.
وأضاف أن الأخلاق تشكِّل الأساس الذي يُبنى عليه الفكر، والمبدأ الذي ينطلق منه السلوك، فإذا اختل هذا الأساس، انعكس ذلك سلبًا على الأفراد والمجتمعات، وأدى إلى تصدع العلاقات وانهيار القيم. فالأخلاق هي "المعاقد الثابتة" التي تقوم بها الروابط الاجتماعية، ومتى زالت تلك الروابط، تفكك نسيج المجتمع وتحول إلى تجمع هش فاقد لقوة التماسك.
وبيَّن فضيلته أن العرب قبل الإسلام، رغم ما كان فيهم من جاهلية، امتلكوا بعض القيم الأخلاقية، كالكرم والشجاعة والحرية، والتي حفظت لهم هُويَّتهم، ورفضوا أن يكونوا تابعين لغيرهم من الأمم التي احتكوا بها.
وقد أشار المؤرخ جوستاف لوبون إلى أن العرب في جزيرة العرب وسوريا وإفريقيا "يحبون الحرية حبًّا جمًّا، لا يستطيع الأوروبي أن يتصوره"، وكانوا يعتبرون فقدان الحرية نوعًا من الاستعباد المرفوض، ولذلك لم تخضع نفوسهم لأي احتلال خارجي رغم محاولات الأمم الكبرى آنذاك.
وتابع : حين جاء الإسلام، بنى على هذه القيم وغذَّاها ووجهها، وأعاد صياغتها ضمن منظومة شاملة تُعلي من كرامة الإنسان، وتغرس في النفوس الإيمان بالمثل العليا، وتحثُّ على البذل والتضحية من أجلها.
وقد أرسى النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء على أسس أخلاقية واضحة، كما في قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} [الجمعة: 2]، فكانت التزكية جزءًا أصيلًا من الوظيفة النبوية، وهي تهذيب النفوس وتنقيتها من أرجاس الجاهلية ومساوئ الأخلاق.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن التاريخ يحفل بقصص الأمم التي بلغت ذروة المجد، لكنها سرعان ما انهارت حين فقدت منظومة القيم الأخلاقية، واستبدلتها بالأنانية والاستعلاء وظلم الآخرين.
وقد أشار القرآن الكريم إلى نماذج من تلك الأمم، كما في قصة فرعون الذي قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي} [الزخرف: 51]، فكان استكباره سبب هلاكه. وكذلك قارون الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص: 78]، فكانت عاقبته أن خسف الله به وبداره الأرض.
كما أشار إلى أن الأخلاق تقف نقيضًا للصفات الأربع التي كانت سببًا في هلاك بعض من في الأرض: "أنا، ونحن، ولي، وعندي". فإبليس قال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} [ص: 76]، فاستحق اللعنة والطرد من رحمة الله.
وقوم بلقيس قالوا: {قَالُوا نَحْنُ أُو۟لُوا۟ قُوَّةٍۢ وَأُو۟لُوا۟ بَأْسٍۢ شَدِيدٍۢ} [النمل:33 ]. وقارون قال: {عِندِي}، أي "عِلْمٌ عندي". وفرعون قال: {لِي مُلْكُ مِصْرَ}، فكانت هذه الأنانيات مدخلًا للفساد والهلاك.
واختتم مفتي الجمهورية حديثه بالتأكيد على أن سيادة "قانون الأخلاق" هي مفتاح نشأة الحضارات واستمرار الدول واستقرار المجتمعات، وأن تراجع هذا القانون أو ضياعه يؤدي حتمًا إلى الانهيار والسقوط.
وهذا ما جاءت به الشريعة الإسلامية، حيث قامت رسالتها على إصلاح النفوس، وإرساء مبادئ العدل والإحسان، وتحقيق السلم المجتمعي، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90].
وأكد أن المجتمعات المعاصرة بحاجة ماسَّة إلى استعادة أخلاقها، فهي سفينة النجاة، والضامن الحقيقي للأمن والاستقرار، والمصدر الوحيد لاستعادة الكرامة الإنسانية التي تآكلت في ظل مفاهيم مغلوطة وشعارات براقة خادعة، ولن تعود إلا بالتمسك بالقانون الأخلاقي الإلهي الذي يحفظ الكرامة، ويضمن السلامة، ويحقق الخير والسعادة للبشرية جمعاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية نظير عياد الدين الإسلام الأخلاق المزيد مفتی الجمهوریة أن الأخلاق إلى أن
إقرأ أيضاً:
من هو عبد الله البلوشي الذي شكره محمد بن راشد على حسن وداعه لمسافرة
دبي - سومية سعد
تقدّم الوكيل عبد الله البلوشي، العامل في مطار دبي 2، بجزيل الشكر والعرفان إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على كلماته المحفّزة التي كانت مصدر إلهام ودافع قوي له ولزملائه في أداء واجبهم على أكمل وجه.
وأكد البلوشي في تصريحات لـ «الخليج» بعد ثناء الشيخ محمد بن راشد على إنسانيته، وتفاعله مع مسافرة عبر مطار دبي الدولي، وقال: إن دعم الشيخ محمد بن راشد المتواصل وتحفيزه الدائم هو ما يجعل موظفي الصفوف الأمامية يعملون بكل عزيمة وإخلاص، انسجاماً مع رؤية الإمارات في الريادة والتميز الإنساني والمؤسسي.
وقال البلوشي: «كلمات الشيخ محمد بن راشد وسام نعتز به، وهي النور الذي يضيء لنا طريق العمل والإخلاص، لقد تعلمنا من سموه أن القيادة أن تكون قريباً من الناس، وأن نضع الرحمة والإنسانية في صميم تعاملنا اليومي.. نحن فخورون بأن نكون جزءاً من هذا الوطن الذي يحرص على إسعاد كل من يعيش على أرضه، ونعاهد سموه أن نبقى على قدر الثقة، وأن نواصل العمل بروح الفريق والانتماء لخدمة الإمارات بكل حب وتفانٍ».
كا شكر البلوشي، الفريق محمد أحمد المري مدير الإدارة العامة للإقامة وشوؤن الأجانب في دبي والقيادة العليا الذين يجعلون من الابتسامة وجمال الاستقبال قاعدة لعملنا.
وخلال البرنامج الذي لاقت حلقته رواجاً واسعاً، روت المذيعة هبة تجربتها الشخصية، وقالت إنها عندما توجهت إلى المطار برفقة زوجها ووالدته التي تنوي مغادرة دبي، فوجئت بأحد موظفي المطار، واسمه عبد الله البلوشي، يوقف والدة زوجها، ثم مناداة زوجها، في موقف بدا غريباً في لحظته. ليتبيّن لاحقاً أن الموظف كان متأثراً لسفر والدة زوجي قبل انتهاء تأشيرتها، متسائلاً إذا كانت مغادرتها تعكس رغبتها في السفر.
وأضافت المذيعة: الموظف شعر بالارتياح عندما عرف أن سبب المغادرة إجراء فحوص طبية في بلدها، فسارع إلى مناداة ابنها (زوجي) لتوديعها مجدداً، ووجّه لها كلمات لطيفة، طالباً منها أن تدعو له، معتذراً بلطف عن أي تقصير معها خلال زيارتها، كما دعاها لزيارة دولة الإمارات مرة أخرى في أقرب فرصة.
وكان الشيخ محمد بن راشد قد كتب على «إكس»، تقديراً للوكيل البلوشي (دون ذكر اسمه)، وقال سموه: تحية لمن يرسم ابتسامة أو يدخل فرحة على قلب مراجع أو مسافر.. هذه دبي التي نريد.