الكرملين يتّهم الغرب بالتخطيط للعسكرة.. والاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا مليار يورو
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
عواصم " وكالات":أفاد الكرملين اليوم الخميس بأن الجولة الثانية من المحادثات الأمريكية الروسية المقبلة ستجرى مطلع الأسبوع المقبل، وهو ما أكده الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، من جهته، افاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه من المقرر أن يجري اجتماع بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في السعودية خلال "الأيام المقبلة".
في الاثناء، اوضح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في وقت سابق إن "فرقا فنية" من روسيا والولايات المتحدة ستجتمع في السعودية "للتركيز على تطبيق وتوسيع وقف إطلاق النار الجزئي الذي ضمنه الرئيس ترامب من الجانب الروسي".
رفض بوتين وقفا لإطلاق النار في أوكرانيا اقترحته الولايات المتحدة، موافقا فقط على وقف الضربات على منشآت الطاقة لمدة 30 يوما.
الى ذلك،اتهم الكرملين اليوم الخميس البلدان الأوروبية بالتخطيط "لعسكرة" نفسها بدلا من السعي للسلام، وذلك تزامنا مع اجتماع للقادة العسكريين لبحث ضمانات لحماية أوكرانيا.
وسعت قوى أوروبية كبرى بينها فرنسا والمملكة المتحدة لزيادة الإنفاق العسكري منذ تولى دونالد ترامب السلطة في يناير وسط مخاوف من أن الولايات المتحدة لن تعد ملتزمة حيال الدفاع الأوروبي.
وبينما يعزز ترامب علاقاته مع الكرملين، صبّت روسيا جل غضبها حيال النزاع المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات على أوروبا، متهمة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بأنهما العقبتان الرئيسيتان في طريق السلام.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوسائل إعلام بينها فرانس برس "في الجزء الأكبر منها، تتعلق المؤشرات الصادرة عن بروكسل والعواصم الأوروبية بخطط لعسكرة أوروبا... شرعت أوروبا في عسكرة نفسها وتحوّلت إلى طرف في الحرب بطريقة ما".
وقال كل من ستارمر وماكرون إنهما يرغبان في نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا بعد أي وقف لإطلاق النار بين موسكو وكييف، وهي فكرة رفضتها روسيا بشدة.
وفي سياق المساعدات الغربية، يعتزم الاتحاد الأوروبي منح مساعدات مالية إضافية لأوكرانيا بقيمة مليار يورو (1.1مليار دولار)، على هيئة قرض سيتم تسديده من خلال عائدات الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين " من خلال منح أوكرانيا مليار يورو، نحن نؤكد التزامانا نحو أوكرانيا".
وأضافت" نحن نساعد اقتصاد أوكرانيا على أن يستمر في مساره بالإضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية المهمة التي دمرها العدوان الروسي" موضحة" سوف نستمر في دعم أوكرانيا طالما كان ذلك مطلوبا".
ويعد هذا المبلغ ضمن مبادرة لمجموعة السبع، تهدف لتقديم دعم مالي بنحو 45 مليار يورو لأوكرانيا بحلول.2027
من جانب آخر، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن من الضروري أن تستمر أوروبا في دعم أوكرانيا بقوة بغض النظر عن أي محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، وذلك لضمان بقاء كييف في موقف قوة والحفاظ على أي وقف لإطلاق النار.
وذكر شولتس المنتهية ولايته وهو في طريقه لحضور قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي "علينا مواصلة دعمنا بموقف واضح مفاده أن السلام العادل يجب أن يكون ممكنا في أوكرانيا".
وأضاف "هذا يعني أن أوكرانيا قادرة على الدفاع عن استقلالها وسيادتها وتحديد مسارها واختيار قادتها، وأن يكون لديها بطبيعة الحال جيش قوي في وقت السلم".
وذكر أن حزمة الديون التي وافقت عليها الحكومة الائتلافية المحتملة في ألمانيا لتمويل زيادة الإنفاق الدفاعي والبنية التحتية تشكل جزءا رئيسيا من هذا الأمر.
واستطرد يقول "سنتمكن الآن من القيام بما يجب علينا أن نقوم به كدولة كبيرة في وسط أوروبا".
زيلينسكي ناقش مع ترامب سيطرة واشنطن على محطة زابوريجيا
وعلى صعيد المحادثات الهاتفيه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم أنه ناقش مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب هاتفيا احتمال سيطرة الولايات المتحدة على محطة نووية أوكرانية واحدة، هي محطة زابوريجيا التي تسيطر عليها روسيا، وليس محطات عدة كما أشارت واشنطن في وقت سابق.
وأتت تصريحات زيلينسكي خلال مؤتمر عبر الفيديو من فنلندا، عقب مكالمته مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب الذي شهدت العلاقات معه اضطرابات في الأسابيع الأخيرة.
وبحسب واشنطن، اقترح دونالد ترامب خلال هذه المحادثة أن "تستحوذ" الولايات المتحدة على محطات الطاقة النووية الأوكرانية.
وعندما سُئل عن هذا الأمر، لم يؤكده زيلينسكي إلا جزئيا.
وقال الرئيس الأوكراني الذي يجري زيارة إلى فنلندا، "تحدثنا فقط عن محطة طاقة واحدة، وهي تحت السيطرة الروسية " في إشارة إلى زابوريجيا.
وتسيطر روسيا محطة زابوريجيا للطاقة، وهي الأكبر في أوروبا، خلال الأسابيع الأولى من بدأ الحرب في أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، والوضع الأمني هناك محفوف بالمخاطر، ما يثير المخاوف من وقوع كارثة محتملة.
وأضاف زيلينسكي أن إعادة تشغيل المحطة بالكامل قد تستغرق "عامين" أو حتى "عامين ونصف عام"، شريطة أن تعيد روسيا ليس الموقع فحسب، بل أيضا البنية التحتية القريبة اللازمة لتشغيله، وتسحب أسلحتها من المنطقة.
وأكد أن "محطة الكهرباء لن تعمل طيلة فترة الاحتلال".
لكن الطاقة التي كانت توفرها المحطة قبل الحرب ضرورية، بحسب زيلينسكي الذي تابع "هل نحن بحاجة إلى ذلك؟ من أجل الشعب، نعم، ومن أجل أوروبا أيضا".
وشدد الرئيس الأوكراني أيضا على أهمية وجود الموظفين الأوكرانيين في المحطة، مؤكدا أنه أمر ضروري لضمان سلامتها "للعالم أجمع".
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، يسعى ترامب إلى إنهاء الحرب الروسية الاوكرانية التي اشتعلت ما بين الجانبين في فبراير 2022.
لكن بحسب زيلينسكي، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لا يريد وقف إطلاق النار" طالما أن القوات الأوكرانية موجودة في منطقة كورسك الروسية.
وحاليا باتت القوات الأوكرانية تسيطر على جزء صغير للغاية من كورسك منذ الهجوم الذي شنته عبر الحدود في أغسطس 2024، بعد أن أجبرت على التراجع بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وناقش زيلينسكي وترامب الوضع في منطقة كورسك خلال مكالمتهما الهاتفية، وفق ما أفاد مسؤولون أوكرانيون وأمريكيون، من دون تقديم تفاصيل.
ومنذ بدء ولايته الرئاسية الثانية، غيّر ترامب سياسة واشنطن الدبلوماسية، فتقارب مع روسيا وانتقد كييف بشدة.
وفي فبراير، شهد البيت الأبيض مشادة كلامية حادة بين الرئيسين.
لكنّ السلطات الأوكرانية بذلت جهودا كبيرة لإصلاح العلاقات مع الإدارة الأمريكية، ويبدو أن التوترات قد هدأت.
وأكّد زيلينسكي أنّ المحادثة التي أجراها امس مع الرئيس الأمريكي هي "ربّما واحدة من أكثر المحادثات أهمية وإيجابية" في الآونة الأخيرة.
وأضاف "أريد أن أكون صريحا، صريحا جدا. اليوم، لم أشعر بأي ضغوط من ترامب".
وأشاد الرئيس الأوكراني أيضا بعلاقته مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يتحدث معه "مرة يوميا".
وأضاف أنه سيتوجه إلى فرنسا "الأسبوع المقبل" وسيعقد "عدة اجتماعات"، من دون أن يورد تفاصيل بشأنها.
وقاطع الرئيس الفرنسي المؤتمر الصحافي لزيلينسكي لفترة وجيزة من خلال الاتصال به.
وقال الرئيس الأوكراني بالإنجليزية وهو يرد على الهاتف "إيمانويل، عذرا، لدي لقاء مع صحافيين".
وأشار زيلينسكي أيضا إلى أن بلاده تلقت "عدة" طائرات مقاتلة إضافية من طراز إف-16، رافضا تحديد عددها والجهة المانحة.
وبدأ حلفاء أوكرانيا تسليمها هذه الطائرات المصممة في الولايات المتحدة عام 2024.
ترامب يتعهّد إعادة الأطفال الأوكرانيين المختطفين إلى بلدهم
وفي السياق، تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امس مساعدة كييف على استعادة آلاف الأطفال الأوكرانيين الذين يُعتقد أنّ روسيا اختطفتهم وأرسلتهم إلى أراضيها وكانت واشنطن تموّل قاعدة بيانات توثّق أماكن وجودهم قبل أن توقف إدارته هذا التمويل، بحسب ما أفاد مسؤولون.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي مايك والتز في بيان مشترك إنّ ترامب ناقش هذه القضية عبر الهاتف مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأضاف روبيو ووالتز في بيانهما أنّ ترامب سأل زيلينسكي "عن الأطفال الذين اختفوا من أوكرانيا أثناء الحرب، بما في ذلك أولئك الذين اختُطفوا".
وجرت هذه المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلينسكي غداة محادثة مماثلة أجراها الرئيس الأميركي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم متعلقة بقضية هؤلاء الأطفال.
وبحسب البيان المشترك فإنّ "الرئيس ترامب وعد بالعمل بشكل وثيق مع الطرفين لضمان عودة هؤلاء الأطفال إلى ديارهم".
لكنّ إدارة ترامب أوقفت تمويل مركز أبحاث كان يتتبّع هؤلاء الأطفال ويوثّق أماكن وجودهم.
وبسبب الاقتطاعات المالية التي أقرّتها إدارة ترامب في إطار جهودها لخفض النفقات الفدرالية خسر "مختبر الأبحاث الإنسانية" في جامعة ييل الدعم المالي الذي كان يحصل عليه من الحكومة الأمريكية.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس انتهاء تمويل المختبر، نافية في الوقت نفسه أن تكون هناك بيانات متعلّقة بهؤلاء الأطفال قد تمّ حذفها، وهي شكوك سبق وأن عبّر عنها عدد من المشرعين.
وردّا على سؤال عن سبب وقف الإدارة تمويل المركز البحثي، قالت بروس إنّه لا ينبغي اعتبار "مبان أو منشآت أو الوضع الراهن الحالي على أنها السبيل الوحيد الممكن لتحقيق أهدافنا".
وأضافت أنّ "رئيس أقوى دولة في العالم" يعالج الآن هذه المسألة بجهوده الدبلوماسية.
وأطلق مختبر الأبحاث نداء لجمع تبرّعات، مشيرا إلى أنّه من أصل أكثر من 19 ألف طفل أوكراني تمّ إرسالهم إلى روسيا هناك 1236 طفلا فقط أعيدوا إلى وطنهم.
وبحسب المركز فقد تمّ نقل أكثر من 8400 طفل أوكراني إلى 43 مركزا في روسيا أو الأراضي الأوكرانية الخاضعة لسيطرة روسيا و13 مركزا في بيلاروس.
وتنفي روسيا ارتكابها أيّ انتهاكات بحقّ هؤلاء الأطفال، مؤكّدة أنّهم استفادوا من برنامج إنساني لتبني الأيتام.
مسؤولون روس: إصابة 10 في هجوم أوكراني على قاعدة للقاذفات الاستراتيجية
وعلى الارض، قال مسؤولون ووسائل إعلام رسمية في روسيا إن أوكرانيا قصفت قاعدة إنجلز الاستراتيجية للقاذفات الروسية اليوم الخميس بطائرات مسيرة، مما تسبب في انفجار وحريق كبيرين على بعد حوالي 700 كيلومتر من خطوط المواجهة في الحرب.
وأظهر مقطع فيديو لم يتم التحقق منه على قنوات روسية على موقع تيليجرام انفجارا كبيرا يمتد من المطار، ويدمر منازل ريفية قريبة. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية أسقطت 132 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مناطق مختلفة في البلاد.
وعرض مقطع فيديو تأكدت رويترز من صحته استنادا إلى مكان المباني وشكلها عمودا من الدخان الأسود يتصاعد فوق منازل صغيرة متضررة.
وتستضيف قاعدة إنجلز، التي يعود تاريخها إلى أوائل الحقبة السوفيتية، قاذفات روسية استراتيجية ثقيلة من طراز توبوليف تو-160، القادرة على حمل رؤوس نووية، والمعروفة باسم "البجع الأبيض".
وأكد رومان بوسارجين حاكم منطقة ساراتوف التي تضم القاعدة، وقوع هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية على مدينة إنجلز، مما أدى إلى اشتعال النيران في مطار، وإجلاء السكان في المناطق القريبة. ولم يذكر قاعدة إنجلز تحديدا، لكنها المطار الرئيسي في المنطقة.
وأعلنت سلطات منطقة ساراتوف إصابة عشرة أشخاص في الهجوم الأوكراني، وقال وزير الصحة في المنطقة لقناة تلفزيونية محلية إن جميع المصابين يتلقون العلاج في المستشفى ولا يوجد أي خطر على حياتهم.
وشنت أوكرانيا هجمات سابقة على قاعدة إنجلز الجوية تعود إلى ديسمبر 2022. وفي يناير كانون الثاني الماضي، قالت إنها قصفت مستودعا للنفط يخدم القاعدة، مما تسبب في حريق هائل استغرق إخماده خمسة أيام.
وقال مصدر أمني أوكراني في ذلك الوقت إن هجوما بطائرات مسيرة أصاب منشأة تخزين تحتوي على قنابل موجهة وصواريخ في قاعدة إنجلز.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرئیس الأوکرانی الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة هؤلاء الأطفال دونالد ترامب فی أوکرانیا ملیار یورو مع نظیره
إقرأ أيضاً:
بين رهانات الإصلاح وضغوط الانهيار المالي.. الاتحاد الأوروبي يضخ 1.6 مليار يورو لدعم فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة تعكس محاولة لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات السلطة الفلسطينية وسط تحديات متفاقمة، أعلنت المفوضة الأوروبية المعنية بشؤون الشرق الأوسط، دوبرافكا سويتشا، أن الاتحاد الأوروبي بصدد تقديم حزمة دعم مالي ضخمة بقيمة 1.6 مليار يورو (نحو 1.8 مليار دولار) على مدى ثلاث سنوات، مشروطة بإجراء إصلاحات هيكلية داخل السلطة الفلسطينية، التي تواجه اتهامات متزايدة بالفساد وسوء الإدارة.
وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، شددت سويتشا على أن هذا التمويل لن يكون "شيكًا على بياض"، بل يرتبط بمدى التزام السلطة بإجراءات إصلاحية تضمن كفاءة الأداء والشفافية والمساءلة، ما يُعد انعكاسًا لفقدان الثقة الأوروبي المتزايد بمؤسسات الحكم الفلسطينية. وأضافت: "نريد منهم أن يصلحوا أنفسهم، لأن بدون الإصلاح لن يكونوا أقوياء أو محل ثقة، لا من قبلنا ولا من قبل إسرائيل".
ووفقاً لتفاصيل الحزمة، يتم تخصيص 620 مليون يورو لدعم مباشر وإصلاح السلطة، و576 مليون يورو لبرامج التكيف وإعادة الإعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب 400 مليون يورو أخرى في شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، رهناً بموافقات إدارية. هذه الأرقام تشير إلى تحول في الاستراتيجية الأوروبية من مجرد دعم مالي تقليدي إلى نموذج تمويلي قائم على الشراكة والإصلاح.
وتأتي هذه التطورات عشية عقد أول "حوار سياسي رفيع المستوى" بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والقيادة الفلسطينية في لوكسمبورغ، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الذي تعهد بدوره بتطبيق برنامج طموح لإصلاح المؤسسات العامة، وتحسين الكفاءة، ومحاربة الفساد، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير.
أزمة مالية خانقة تهدد السلطة بالانهيار
هذا الدعم الأوروبي يأتي في سياق أزمة مالية خانقة تمر بها السلطة الفلسطينية، تفاقمت بفعل الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، التي تشكل نحو 70% من إيرادات السلطة. حيث أقدم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على احتجاز هذه الإيرادات بشكل كامل، مما شل قدرة الحكومة الفلسطينية على دفع رواتب موظفيها المدنيين والعسكريين.
وكانت وزارة المالية الفلسطينية قد أعلنت في يناير الماضي صرف 70% فقط من رواتب نوفمبر 2024، مع حد أدنى لا يتجاوز 3500 شيكل، وسط استمرار تراكم المستحقات للموظفين والموردين المحليين، وتراجع حاد في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها التشغيلية.
وفي محاولة للالتفاف على الاقتطاعات الإسرائيلية، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا رئاسيًا في فبراير غيّر آلية دفع مخصصات الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء، عبر نقلها إلى "المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي"، بهدف تحصينها قانونيًا من الملاحقات القضائية في إسرائيل والولايات المتحدة.
الرؤية الأوروبية.. بين الواقعية السياسية والحلم المؤجل
يرى الاتحاد الأوروبي في دعم السلطة الفلسطينية ركيزة أساسية لاستقرار الضفة الغربية، ويأمل بأن تكون السلطة قادرة مستقبلًا على تولي إدارة قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية، ضمن رؤية أوسع لحل الدولتين. إلا أن هذا الطموح يصطدم برفض حكومة بنيامين نتنياهو لأي دور للسلطة في غزة، فضلاً عن تجاهلها التام لحل الدولتين.
وتتضح في هذا السياق هشاشة الرؤية الأوروبية، فهي تسعى للحفاظ على السلطة من الانهيار دون أدوات ضغط فاعلة على إسرائيل، في وقت تتسع فيه الفجوة بين الواقع الميداني والتصورات الدبلوماسية التقليدية، بينما تحاول السلطة جاهدة النجاة من أزمتها البنيوية المتعددة الأوجه، والتي لا يمكن حلها فقط عبر الدعم المالي، بل تتطلب مقاربة شاملة تعيد ثقة الفلسطينيين أولًا بمؤسساتهم الوطنية.