افتتح الأرشيف والمكتبة الوطنية برنامج التوعية المعلوماتية للمكتبة بندوة بعنوان: «قراءات في قيم التسامح»، وذلك بالتزامن مع شهر القراءة الوطني، وشهر رمضان المبارك، وأكدت الندوة أن المجتمع الإماراتي يواصل بثقة ومسؤولية ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية، وقبول الآخر.
استهل الندوة عبد الله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، الذي تحدث عن أهمية التسامح والحوار الذي تحث عليه جميع الأديان في سبيل السلام، مشيراً إلى اهتمام القيادة الرشيدة بتعزيز فضيلة التسامح وقبول الآخر بين أبناء المجتمع الإماراتي والمقيمين على أرض الإمارات الطيبة، ووصف التسامح بأنه من سمات الأقوياء الحكماء.


وأكد أهمية التسامح الوظيفي، وأنْ يتعامل الجميع بروح إيجابية مع تحديات العمل، فالتسامح يسهم في رفع مُؤشر الإيجابية والسعادة ويعزز الولاء والرضا الوظيفي، ويحفّز على الإبداع والتعاون المُشترك للعمل بروح الفريق الواحد.
وأشار إلى أن التسامح في بيئة العمل يُمهِّد لمستقبل مشرق، ويُبشر بالتقدم والرقي، وهو مِن أبرز سمات العمل في العصر الحديث، والتسامح الوظيفي مِن أهم البواعث على الإبداع والابتكار.
ثم قدمت الدكتورة عائشة بالخير، مستشار البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية، قراءات في قيم التسامح في المجتمع الإماراتي، فتحدثت عن التعاون والفزعة في بناء البيوت، ومساندة أبناء المجتمع لبعضهم في احتفالات الزواج والأعراس واستقبال الضيوف. واستعرضت بعض عناصر الترابط في المجتمع الإماراتي التي تتمثل بالتداوي والتعليم بلا أي مقابل، مؤكدة أن ذلك دليل قاطع على التلاحم. وتطرقت للتسامح في أحكام القضاء، حيث يكون حل القضايا بالحكمة والفطنة، واستعرضت عدداً من الأحكام القضائية التي عرفها المجتمع الإماراتي قديماً والتي تدل على استدامة التسامح بين أبناء المجتمع والمقيمين.
واختتم الندوة الباحث عبد الرحمن الزريقي بعرضٍ موجز لكتاب «كيف تؤثر على الآخرين وتكتسب الأصدقاء» لمؤلفه ديل كارينجي، فأشار إلى أن هذا الكتاب من أهم الكتب في مجال التنمية البشرية، وهو يساعد في تحقيق أقصى الطموحات التي يسعى القارئ إليها، إذ يتعلم المرء منه ست مبادئ جوهرية لكسب محبة الآخرين، وهي: عدم انتقاد الآخرين، وتقديرهم، والنقد البناء، وإقناع الآخرين، وتقديم الأمور بطريقة تثير الدهشة، وترك الانطباع الأول، وقدم الباحث العديد من الأمثلة على كل واحد من هذه المبادئ الستة.
بدأت الندوة بتقديم وليد غيلان، أمين المكتبة، الذي أشار بدوره إلى أن التسامح ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو ضرورة حضارية تسهم في استقرار المجتمعات، وتعزيز الحوار، وترسيخ الاحترام المتبادل بين الأفراد والثقافات.

أخبار ذات صلة الأرشيف والمكتبة الوطنية ينظم لقاءات تعريفية حول «المؤرخ الشاب» "الأرشيف والمكتبة الوطنية" تعرّف طلبة المدارس بـ"المؤرخ الشاب"

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأرشيف والمكتبة الوطنية الأرشیف والمکتبة الوطنیة المجتمع الإماراتی قیم التسامح

إقرأ أيضاً:

اللُحمة الوطنية والوعي الفردي

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

منذ قيام النهضة المباركة بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- في مطلع سبعينيات القرن الماضي، اهتمت سلطنة عُمان وبتوجيه وفكر من السلطان الراحل- رحمه الله- بمنظومة القوانين والتشريعات التي تؤسِّس العلاقة بين عناصر الدولة وتؤطر الحقوق والواجبات بشكل لا يترك مجالاً لأي اجتهاد، فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات، وبما يضمن وجود علاقة نموذجية بين عناصر المجتمع المدني ويحقق أهداف التنمية الوطنية ومبادئ النهضة التي جعلت الإنسان في صدارة اهتمامها ومحور العملية التنموية.

ومن أجل تحقيق ذلك وضعت المؤسسات الوطنية المختصة، وأوكلت لها مهمة تحقيق الحياة الاجتماعية الكريمة والعادلة وتطبيق مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وهو ما ترسخ خلال فترة وجيزة في المجتمع العُماني وأصبح الأساس والأصل الذي بنيت الدولة عليه.

وفي العهد المُتجدد من مسيرة النهضة العُمانية بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- ارتسمت السياسة العامة للدولة نفس النهج السابق وعززت من مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة، وأكدت على قيم التعايش والتسامح والتضامن الاجتماعي، وشددت على أهمية بقاء هذا النسيج الاجتماعي للمجتمع، كما أكدت أن الحريات وحقوق ممارسة المواطن والمقيم لجميع أنشطتهم التي نصت عليها القوانين والتشريعات هو مكفول من قبل الدولة ترعاه وتحميه ولا تسمح بالاعتداء عليه، كما شددت على أهمية الانتباه لما يدور حولنا من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، وقراءتها بشكل متمعن وفهما، وعدم ترك المجال لها للتشويش على المجتمع خاصة مع وصول التكنولوجيا لمراحل من التطور بحيث لم يعد بالإمكان تجاهل تأثيرها وقدرتها على نشر المعلومات على نطاق واسع وفي زمن قصير.

لقد أسهم هذا التنظيم التشريعي والفكر التقدمي للدولة في نشر الوعي وتطور مفاهيم المواطنة، ورغم أن نسيج المجتمع العُماني متعدد الأطراف والثقافات إلا أن هذا التنظيم استطاع أن يصهر هذه العناصر في بوتقة واحدة وهي سلطنة عُمان، مما ساهم في صنع مجتمع مُتسامح مُتعايش مُخلِص لأرضه وسلطانه، يحمل أفراده قيم المواطنة الصالحة التي تسعى لرفعة الوطن وتقدمه، متمتعين بحقوقهم المشروعة كما بينتها القوانين، وقد مارس العُماني حقه في التعبير عن آرائه وكثيرًا ما ساهمت هذه الآراء في تحسين وتطوير العمل داخل أجهزة الدولة، كما إنها كانت دائمًا نموذجًا للعلاقة الصحيحة بين الحكومة وأبناء الشعب.

وفي مقالي السابق، تحدثتُ عن أن الوطن والمواطن خط أحمر لا يجيب تجاوزه، مهما كانت الأسباب والمبررات، وراهنت على الوعي لدى المواطنين كأحد العناصر التي يُعوَّل عليها في مواجهة دعوات التحريض والاستثارة التي تمارسها مجموعة من الأشخاص الذين يرغبون في إحداث الفوضى داخل المجتمع لأهداف شخصية غُلِّفت بغلاف المصلحة العامة. ونظرًا لأن عملية تشكيل الوعي في أي مجتمع تستغرق وقتًا ليس بالقصير؛ فمن مرحلة الوعي الذاتي إلى الوعي العقلي وصولًا إلى الوعي الاجتماعي الكامل يمر المجتمع بمراحل متعددة من تشكيل القناعات والإيمان المطلق بالمصلحة العامة التي تسمو على مصلحة الفرد وتغليب هذه المصلحة على اعتبارها النتيجة التي يرغب الإنسان فيها.

لقد أدرك العُمانيّ منذ بزوغ النهضة المباركة أن الوطن للجميع وأن الاختلاف أمر محمود وجزء رئيسي من التفاعل الاجتماعي الذي يُشكِّل نمط الحياة الاجتماعية، وأن هذا التقاطع هو ما يبرز جمالية النسيج الاجتماعي الذي يشكل المجتمع العُماني، وهذا الانصهار الكامل نشاهده واقعًا يوميًا هنا في سلطنة عُمان؛ حيث لا يشكل اختلاف المذاهب- على سبيل المثال- أدنى تحدٍ اجتماعي في الحياة اليومية، كما لا يشكل اختلاف اللهجات بين فئات المجتمع أي عائق للتواصل والتفاهم، وفي الحقوق والواجبات يقف الجميع عند خط واحد، ويمارس جميع أبناء الوطن دورهم في بناء الدولة صفًا واحدًا لا تفضيل فيه لأحد على أحد.

لقد اكتسب العُمانيّ القدرة على استيعاب الاختلاف مع الآخر وقبول الآراء والأفكار والتعامل مع هذا الاختلاف من منظور ذي سعة كبيرة وحق من حقوق الآخر، هذه القدرة مكنته على تقدير قيمة الآخرين والتعايش معهم بشكل تام دون الحاجة إلى اختلاق صراعات مع الآخرين، ولذلك نادرًا ما تصادف مواقف شجار وخلافات واعتداء على الآخرين في الطرقات والأماكن العامة كما نشاهده في كثير من المجتمعات التي فقدت هذه القيم وأصبحت بلا حدود أخلاقية على مستوى تقبُّل الآخر ومساحة الاختلاف بين الناس، وهذا الجانب لم يكن وليد الصدفة؛ بل هي سلسلة متتابعة من الأحداث والمواقف التي شكلت الوعي الفردي لدى أفراد المجتمع.

إنَّ انعكاس هذا الوعي على اللُحمة الوطنية كان بارزًا في كثير من المواقف التي مرَّت بها بلادنا العزيزة، فما شاهدناه من مواقف أثناء الأزمات مثل الأنواء المناخية التي تعرضت لها البلاد عدة مرات وفي مجال التكافل الاجتماعي، وفي فترة وباء "كوفيد-19"، كلها تُثبت أن الوعي بالمسؤولية الوطنية خير زاد لدى أبناء هذا الوطن في سبيل الحفاظ على لُحمتهم الوطنية والحفاظ على مكتسبات الوطن، لذلك عندما جاءت هذه الدعوات النشاز المغلفة بغلاف المصلحة الزائفة وحاولت النيل من ثقة المواطن بوطنه لم تجد الأذن الصاغية، ووجه العُماني رسالته الواضحة أن الوطن أغلى من المساومة والتجارة الرخيصة التي يرى البعض فيها مقاييس لوطنيَّتِهم وانتمائهم وولائهم للوطن.

إنَّ تعزيز الوعي الفردي لا بُد أن يكون موضع اهتمام من قبل الجميع، وعلى رأسهم حكومتنا الرشيدة بمؤسساتها الرسمية كالمدارس والجامعات والمعاهد والمساجد والجوامع وغيرها، كما إنه يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تؤدي دورها في هذا الجانب، وخاصةً الأندية والجمعيات وغيرها من المؤسسات التي تُعنى بقضايا الأمة والمجتمع، وأن تتكامل هذه الجهود في إطارٍ مُنظَّمٍ من خلال البرامج الوطنية التي تُعزز من قيم التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع الواحد، وهذه الجهود هي التي ستحمي المجتمع من الأفكار الخاطئة والسلبية ومن الدعوات التي يبُثها المُغرضون بين الحين والآخر، رغبةً في الفت في عضُدِ لُحمةِ هذا البناء الاجتماعي الرصين.

مقالات مشابهة

  • «القدوة الحسنة».. ندوة توعوية ضمن نشاط الخدمة الاجتماعية المدرسية بإدارة كفرالدوار الأزهرية
  • “الفاف” تنظم  ندوة تحكيمية لفائدة المواهب الشابة بالتعاون مع “فيفا”
  • اللُحمة الوطنية والوعي الفردي
  • “الأوقاف الرقمية”‏.. ندوة لوزارتي الأوقاف والتنمية الإدارية في دمشق
  • ندوة تناقش جودة التعليم والشراكة المجتمعية بكلية البريمي
  • التعاون الاستراتيجي نحو استدامة المستقبل في ندوة علمية متميزة بكربلاء
  • قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة بنها ينظم احتفالية بمناسبة يوم اليتيم
  • «التثقيف الصحى والتأهيل الاجتماعى للمقبلبن على الزواج» ندوة بخدمة اجتماعية بني سويف
  • ندوة توعوية لسائقي الحافلات المدرسية بالبريمي
  • ضمن "بداية".. "حب الأوطان" ندوة دينية بـ"علوم كفر الشيخ"