صدى البلد:
2025-05-02@08:35:26 GMT

حكم إفطار الصائم بسبب شرقة النفس.. الإفتاء تجيب

تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم إفطار الصائم بسبب شرقة النَّفَس أو الغُصَّة (الزغطة)؟ فوالدي رجل كبير وأثناء صومه أصابته غصة في حلقه ضيقت عليه نفسه، بحيث لم يكن يستطيع أن يتنفس بشكل جيد، مما دفعنا إلى أن نعطيه بعض الماء ليشربه حتى يدفع تلك الغصة خوفًا عليه من الهلاك، فما الحكم في ذلك؟ وهل يلزمه إمساك بقية اليوم؟

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: يجوز للصائم الفطر بأن يتناول دواء أو يشرب ماء إذا احتبس نَفَسُه بغصة، وكان هذا هو الحل المتاح، ولم يكن هناك وسيلة بديلة أخف.

ولفتت الى انه فى هذه الحالة يجب عليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه، ومن ثمَّ فلا حرج عليكم فيما فعلتموه، ولا يلزم الوالد أن يُمسك عن المفطرات بقية اليوم، وإنِ استُحِبَّ ذلك متى قدر عليه؛ خروجًا من خلاف الفقهاء.

واوضحت ان حقيقة الصوم شرعًا: هي الإمساك عن المفطرات الثلاث (الأكل، والشرب، والجماع) من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، على وجه مخصوص بنية مخصوصة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].

حكم إفطار مريض السكر الذى يتضرر من صيامه.. الإفتاء تجيبحكم إفطار لاعبي الكرة من أجل المباريات الهامة.. كفارة أم صيام اليوم؟حكم الإفطار بسبب المرض المفاجئ في نهار رمضان.. الأزهر للفتوى يوضححكم الإفطار في نهار رمضان من غير عذر
 

من المقرر شرعًا أن الأصل في تعمد الفطر من غير عذر في صوم الفرض أنه حرام؛ لما فيه من انتهاك لحرمة الشهر الكريم، وترك لما فرض الله تعالى، وفوات بركة خصوصية شهر عظم الله تعالى حرمته، وخصه بمزيد فضل عن غيره من الشهور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ» أخرجه الإمام البخاري معلقًا، ووصله أصحاب السنن الأربعة.

وهذا حيث لم يكن عذر مرخص، وإلا فقد يباح الفطر لعوارض منها: السفر، وكذا المرض؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].

قال الإمام فخر الدين الرازي في "تفسيره" (5/ 243، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد منه: أنَّ فرض الصوم في الأيام المعدودات إنَّما يلزم الأصحاء المقيمين، فأمَّا مَن كان مريضًا أو مسافرًا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيامٍ أُخَر] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أن من آذاه المرض وضعف عن الصوم فله أن يفطر] اهـ.

حكم إفطار الصائم بسبب الغُصة
أما الغُصة في اللغة: فهي بالضم: الشجا، وجمعها:  غُصص، وهي: ما اعترض في الحلق فأشرق صاحبه، وضيق عليه نفَسَه.

وتُعرف طبيًّا بأنها: أمر غير إرادي يُحدِث انسدادًا في مجرى التنفس؛ بسبب وصول أجسام غريبة إلى الجهاز التنفسي أثناء ابتلاع شيءٍ ما أو استنشاقه مثلًا، وكذلك الحوادث الناجمة عن إدخال أجسام غريبة بالمسالك التنفسية، وهذا الانسداد يمنع وصول الأكسجين إلى الجسم، والذي يؤدي إلى صعوبة الحركة التنفسية وعدم انتظامها، وقد يؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان. 

وإذا ما اعترض نَفَسَ الصائم حال صومه شيءٌ لا قدرة له على التحكم به ولا دفعه، بحيث لا يستطيع أن يتنفس، أو يضيق عليه نفسه، بحيث تحصل له أزمة تنفسية فيضطر إلى أن يتناول دواء أو يشرب نحو ماء، لكي يسيغ هذه الغصة -الشرقة- (وهو المسؤول عنه)، فلا حرج عليه في ذلك، وهو جائز شرعًا ما دام قد تَعَيَّن وسيلة لاستنقاذ حياته؛ لأن ذلك يعتبر حينئذ من باب الضرورة، لرفع الضرر عن نفس المكلف حتى لا يهلك، والقاعدة الشرعية أن "الضرورات تبيح المحظورات". يُنظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 84، ط. دار الكتب العلمية)، وحفظ النفس من أعظم الضرورات، ومن المقاصد الشرعية العظيمة التي كفلت الشريعة حمايتها وحفظها، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173].

وقد تتابعت نصوص الفقهاء على جواز الفطر لمن خاف على نفسه الهلاك؛ حفاظًا على النفس، قال شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 137، ط. دار المعرفة): [وإذا خاف الرجل وهو صائم إن هو لم يفطر تزداد عينه وجعًا أو تزداد حماه شدة فينبغي أن يفطر] اهـ.

وقال الشيخ ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (2/ 35، ط. دار الغرب الإسلامي) عند ذكره لما يعذر به الصائم في الفطر، من المرض، أو العطش، أو الشرق: [قال عنه ابن نافع، فيمن أصابه بعد العصر شرق، خاف منه على نفسه، فشرب له الماء: فعليه القضاء] اهـ.

وقال الشيخ أحمد الدردير المالكي في "الشرح الكبير على مختصر خليل" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)، كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 428، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(من عجز عن الصوم لهرم أو زمانة أو اشتدت) عليه (مشقة: سقط) أي: الصوم (عنه)؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78] اهـ.

وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 476، ط. عالم الكتب): [(و) سن فطر، وكره صوم؛ (لخوف مرض، بعطش أو غيره)؛ لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]؛ ولأنه في معنى المريض، لتضرره بالصوم] اهـ.

حكم إمساك الصائم بقية اليوم إذا أفطر بسبب الغصة
إذا أفطر بسبب ذلك فهل يلزمه إمساك بقية يومه عن المفطرات أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك: فذهب الحنفية، والشافعية في قول، والحنابلة في المذهب: إلى أنه يجب عليه الإمساكُ عن المفطِّرات بقيةَ يومه؛ بِناءً على أنَّ مَنْ صَار في جزء النَّهار على صفةٍ تحققها في أوله يوجب صومه، فإن عليه أن يمسك بقيته؛ لحرمة الوقت، وتشبهًا بالصائمين، ولأنه بزوال مرضه زالت رخصته، مع اعتبار عدم إجزائه عن يومه؛ لانعدام مَحَلِّهِ في أوله. يُنظَر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني الحنفي (2/ 102، ط. دار الكتب العلمية)، و"الحاوي الكبير" للإمام الماوَرْدِي الشافعي (3/ 447، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوي الحنبلي (3/ 283، ط. دار إحياء التراث العربي).

وذهب المالكية، والشافعية في معتمدهم، والحنابلة في رواية -وهو المختار للفتوى- إلى أنه لا يجب عليه الإمساك؛ لأنه أبيح له الفطر أول النهار، واليوم الواحد لا يتجزأ بين إمساك وإفطار.

قال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 486-487، ط. المكتبة التجارية): [ومن أفطر في رمضان بعذره ثم زال عذره في بقية يومه... إن كان عذره يبيح الفطر مع العلم بأن اليوم من رمضان لم يلزمه إتمام الإمساك كالحائض والمريض والمسافر إذا زالت أعذارهم في بقية يومهم] اهـ.

وقال الشيخ الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 514، ط. دار الفكر): [إذا كان مفطرًا لأجل عذرٍ يباح لأجله الفطر مع العلم برمضان، ثم زال عذرُه: فلا يُسْتَحَبُّ له الإمساك] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 262، ط. دار الفكر): [قدم المسافر أو برأ المريض وهما مفطران يستحب إمساك بقية يومه، ولا يجب عندنا] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 145-146، ط. مكتبة القاهرة): [مَن يباح له الفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا، كالحائض... والمريض، إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار، فطهرت الحائض... وصح المريض المفطر، ففيهم روايتان... الثانية: لا يلزمهم الإمساك] اهـ.


بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فيجوز للصائم الفطر بأن يتناول دواء أو يشرب ماء إذا احتبس نَفَسُه بغصة، وكان هذا هو الحل المتاح، ولم يكن هناك وسيلة بديلة أخف، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه، ومن ثمَّ فلا حرج عليكم فيما فعلتموه، ولا يلزم الوالد أن يُمسك عن المفطرات بقية اليوم، وإنِ استُحِبَّ ذلك متى قدر عليه؛ خروجًا من خلاف الفقهاء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية المزيد دار الکتب العلمیة قال الإمام المالکی فی بقیة الیوم حکم إفطار لم یکن إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي لكثرة المشاكل بينهم؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الدين فى تطليق زوجتى إرضاء لأمى وأخوتى نظرا لوجود مشاكل بينهم؟".


وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق لعباده إذا تعذر استمرار الحياة بين الزوجين؛ فلا يستعمله المسلم إلا إذا كان مضطرًا له؛ لأنه أبغض الحلال عند الله تعالى؛ قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللهِ الطَّلاقُ» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي.

وأوضحت الإفتاء أن الطلاق رخصة للزوج يستعملها عند الضرورة، ولا يجوز لأي شخص أن يتدخل في هذا الأمر حتى وإن كان والديه وإخوته؛ لأنه حق شخصي لا يتعدى إلى الغير، ولا تعد مخالفة الزوج لوالديه في إبقاء زوجته وعدم طلاقها عقوقًا للوالدين طالما أن الزوج مستقر مع زوجته، وأنها تحفظه في نفسها وماله وترعى حقوقه وحقوق الآخرين.

هل يجب استئذان الزوج قبل قضاء أيام رمضان؟.. الأزهر للفتوى يجيبهل الرجل ملزم بدفع نفقة تجهيز ودفن الزوجة المتوفاة من ماله؟.. الإفتاء تجيبهل يجوز للمرأة عدم زيارة والديها ضمن حقوق طاعة الزوج؟.. اعرف رأي الشرعهل يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها؟.. دينا أبو الخير تجيب

وأكدت أنه لا يجوز شرعًا تدخل الوالدة أو الإخوة في أمر طلاق زوجته، ولا ينبغي على الزوج طاعتهم في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَة الله عَزَّ وَجَلَّ».

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال على الزوج

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال وعدم قدرة الزوج على الإنفاق، عن هذه المسألة التي تشغل بال كثير من الناس، أجاب الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية.

وقال مجدي عاشور، إن جمهور الفقهاء ذهب إلى أن الزوج مكلف بالنفقة على الزوجة ولها أن تطلب منه ما تشاء، طالما كان ميسور الحال وقادر على النفقه ومعه المال.

حكم الطلاق بسبب ضيق الحال


وأضاف، أن الزوج الذي حدث له أمر طارئ وأصبح لا يقدر على النفقة فللزوجة الخيار في أن تظل معه في هذه العلاقة الزوجية، ولكن عند طلب الطلاق، اختلف الفقهاء في مسألتها على أمرين:

الأول : ذهب إليه الحنفية ، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية ، وقول عند الحنابلة إلى أنه ليس لها طلب التفريق ، لعموم قوله تعالى : ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾[البقرة:280]، والزوجة تدخل في عمومها ، فتنتظر حتى يتيسر حاله بالنفقة . ولكن ليس للزوج أن يمنعها من التكسب كي تنفق على نفسها .

أما القول الثاني فهو ما ذهب إليه المالكية وهو الأظهر عند الشافعية والصحيح عند الحنابلة أن للمرأة حق طلب التفريق بينها وبين زوجها لعجزه عن الإنفاق، فإن امتنع فرق القاضي بينهما، واستدلوا بقوله تعالى :﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾[البقرة: 229].

وأكد عاشور، أنه ينبغي للزوجة أن تصبر على عسر زوجها بالنفقة، ولا مانع أن تعمل بالتراضي، ولا تطلب الطلاق إلا إذا لحقها ضرر لا يدفع إلا به، وذلك عملًا بقاعدة :" ارتكاب أخف الضررين".

طباعة شارك الإفتاء حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي الطلاق حكم الطلاق بسبب ضيق الحال على الزوج

مقالات مشابهة

  • في دار الطائفة الدرزية.. ماذا سيجري اليوم؟
  • أركان العمرة وحكم أدائها عن الحي والميت.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم المتكاسل عن الصلاة والذي يصلي ويقطع؟ أمين الفتوى يجيب
  • حكم المطالبة بزيادة ثمن سلعة بعد إتمام البيع.. الإفتاء تجيب
  • هل تبطل صلاة المرأة إذا شاهدها رجل؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يتعرّض كل البشر لفتنة المسيح الدجال؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي لكثرة المشاكل بينهم؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للإمام إطالة الركوع لينتظر دخول الناس في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • انتقلت إلى سكن جديد وصليت فترة إلى غير اتجاه القبلة.. فماذا أفعل؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف؟.. الإفتاء تجيب