غزة ليست مجرد مدينة تُقصف في نشرات الأخبار، ولا مجرد مشهد عابر يمر عبر الشاشات. غزة اليوم هي اختبار ضمير لكل إنسان، وتاريخ يكتبه كل من يختار أن يكون جزءًا من صراع الحق ضد الظلم. في كل بيت يُهدم هناك، تُكتب سطور من المأساة، وفي كل طفل يُستشهد، تُسطّر قصة من البطولة. لكن السؤال الأهم هو: كيف نكتب تاريخنا في نصرة غزة؟
هل سنكون مجرد متفرجين على هذه المذبحة؟ هل نترك أنفسنا نتألم لبعض الوقت، ثم ننسى كما يفعل كثيرون؟ أم سنكون من أولئك الذين لا يكتفون بالحديث، بل يقفون إلى جانب الحق بكل ما أوتوا من قوة، ويكتبون أسماءهم بأحرف من ذهب في صفحات التاريخ، كمن اختاروا أن يكونوا جزءًا من التغيير؟
حين تصبح الكلمة موقفًا
قد يظن بعض الناس أن دورهم ضئيل، وأنهم لا يملكون القدرة على التأثير، لكن الحقيقة أن الظلم لا يستمر إلا حين يسكت الناس.
إن الحرب على غزة ليست معركة عسكرية فقط، بل هي حرب على الوعي، وعلى الذاكرة، وعلى الحقيقة نفسها. السعي لطمسها هو الهدف الأسمى للعدو. وما يُستهدف اليوم ليس الجغرافيا فقط، بل هو الحق في الحياة والكرامة. لذلك، المعركة ليست محصورة في ميدان القتال، بل تمتد إلى ساحات الفكر والمواقف.إن لم نكن قادرين على نصرتهم بالفعل، فلنكن على الأقل سببًا في رفع الظلم عنهم بكلماتنا. لا نكن ممن يروّج الروايات المضللة التي تصوِّر المعتدي ضحية والضحية معتديًا. لا نكن ممن ينشر الأكاذيب التي تُسهم في تشويه الحقائق، بل لنقف مع المظلومين، ولو بكلمة الحق فقط.
المعركة ليست عسكرية فقط
إن الحرب على غزة ليست معركة عسكرية فقط، بل هي حرب على الوعي، وعلى الذاكرة، وعلى الحقيقة نفسها. السعي لطمسها هو الهدف الأسمى للعدو. وما يُستهدف اليوم ليس الجغرافيا فقط، بل هو الحق في الحياة والكرامة. لذلك، المعركة ليست محصورة في ميدان القتال، بل تمتد إلى ساحات الفكر والمواقف.
أن نكتب تاريخنا في نصرة غزة لا يعني أن نُشعر بالأسف أو ننتظر لحظات الحزن فقط، بل يعني أن نتحمل مسؤولية قول الحقيقة، أن نكون صوتًا للمظلومين، ألَّا نسمح للروايات الزائفة بالمرور دون أن نكشفها.
ماذا يعني أن ننصر غزة؟
أن ننصر غزة يعني أن:
ـ نقول الحق، ولو كلفنا ذلك الكثير؛ لأن الحق لا يحتاج إلى إذن ليُقال.
ـ نحارب التزييف والكذب، فلا نقبل أن يُصور القاتل ضحية أو يُبرر له تدمير منازل الأبرياء.
ـ نكف ألسنتنا عنهم إن لم نستطع نصرتهم بالفعل، فلا نُسهم في زيادة معاناتهم من خلال الترويج للباطل.
ـ نبقي القضية حية في قلوبنا وعقولنا، فلا نسمح بنسيانها كما يُراد لنا؛ لأن العدو يراهن على النسيان أكثر من رهانه على القوة العسكرية.
الاختبار مستمر… فأين نقف؟
في كل لحظة نُسأل: أين نحن من هذا الصراع؟ هل نكون من الذين يشاهدون المذبحة ثم يعودون إلى حياتهم وكأن شيئًا لم يكن؟ أم سنكون من أولئك الذين يصرون على أن غزة ليست وحدها في معركتها، وأننا جزء من هذه القضية؟
إن لم نكن قادرين على نصرتهم على الأرض، فلنكن قادرين على نصرتهم بالكلمة. إن لم نستطع أن نكون أبطالًا في المواجهة، فلتكن كلماتنا، ومواقفنا، وضغوطنا على قدر التحدي. لنكتب تاريخنا بأفعالنا، بألَّا نكون من الصامتين أو المبررين للظلم.
الطغاة يراهنون على النسيان، ونحن نراهن على أن الحق لا يموت… إلا إذا تخلينا عنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غزة لیست یعنی أن نکون من
إقرأ أيضاً:
بين النور والظلام: قراءةٌ في التأييد الإلهي لأنصار الله
د. شعفل علي عمير
عند التعمق في الصراع المحتدم بين أنصار الله وقوى الطغيان الأمريكي والصهيوني، يتضح لنا وجودُ تباين جوهري في مصادر القوة والمشروعية لكل طرف.
قدرة أنصار الله -على الصمود وتحقيق النجاحات في مواجهة هذه القوى العاتية- تعود بشكل رئيسي إلى تجذُّرِهم في دعامة روحية عميقة، وهو ما يميزهم عن خصومهم الذين يفتقرون إلى هذا النوع من الدعم الروحي والمعنوي. فبالرغم من القوة الظاهرة التي تمتلكها تلك القوى الطاغية، فَــإنَّها تظل عرضة للهزيمة والانهيار أمام الإرادَة القوية والإيمان العميق الذي يتمتع به أنصار الله.
لا يمكن فصل قوة أنصار الله عن مسألة التأييد الإلهي؛ إذ يشكل هذا التأييد أحد العوامل المعنوية الحاسمة التي تمنحهم القدرة على مواجهة أقوى قوى الطغيان بثقة وثبات. إن الإيمان الراسخ بأن العدالة الإلهية ستنصف المستضعفين وتعاقب الظالمين يمنح أنصار الله إلهامًا دائمًا، بالإضافة إلى قدرة على التحمل في أوقات الشدة والمحن. في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى المجازر والحصار الفظيع المفروض على غزة، تبرز قوى أنصار الله في اليمن كمثال حي للصلابة والثبات، حَيثُ يواصلون مقاومتهم ضد الطغيان والظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بشكل يومي.
إن هذه المعركة ليست مُجَـرّد صراع عسكري بحت؛ بل تمثِّلُ صراعًا عميقًا بين قوى الحق والعدالة، التي تجسدها أنصار الله، مقابل قوى الظلم والطغيان، التي تتجسد في الولايات المتحدة و(إسرائيل). لقد تجاوز هذا الصراع الحدود الجغرافية والسياسية ليصبح رمزًا لمعركة كبرى بين الخير والشر، بين قوى تحظى بتأييد إلهي وقوى أُخرى تستند إلى دعم شيطاني.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا تمكّن اليمنيون، على الرغم من محدودية إمْكَانياتهم المادية، من هزيمة تلك القوى العالمية الضخمة؟ وما السر وراء قدرتهم على تحقيق ما كان يُعتبر مستحيلًا بالنسبة للكثيرين؟ الإجَابَة تكمن في الإيمان القوي. الإيمان بقضية عادلة، الإيمان بأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، والإيمان بأن القوة الروحية والمعنوية تتفوق على أية قوة مادية مهما كانت. هذا الإيمان ليس مُجَـرّد شعور ديني بل هو استراتيجية وجودية تعزز روح البقاء والمقاومة في نفوس المؤمنين.
من جهة أُخرى، تصر الولايات المتحدة و(إسرائيل) على استخدام كُـلّ إمْكَانياتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لتنفيذ سياساتها القمعية والإبادية تجاه الشعوب المضطهدة. إن الدعم الذي تتلقاه هذه القوى من التأييد الشيطاني لا يمنحها الحق في السيطرة، بل يُعمق من عزلتها الأخلاقية ويفضح نفاقها أمام المجتمع الدولي.
إن هذه المواجهة ليست مُجَـرّد حرب تقليدية بين طرفين؛ بل هي صراع جوهري بين مواقف ومبادئ وقيم متعارضة.
بينما تقف قوى الطغيان على أعتاب الانهيار المعنوي نتيجة أفعالها المحكومة بالفشل، يواصل أنصار الله السير في الطريق المضاء بنور الهدى الإلهي، حاملين رسالة سلام وعدالة لكافة الشعوب. إنهم يُظهرون للعالم بأسره أن الإيمان يمكن أن يتفوق على أي سلاح، وأن الحق يمكن أن يحقّق النصر على الباطل مهما كانت التحديات. وفي خضم هذا النضال الملحمي، يبقى الأمل مشعلًا، مضيئًا دروب المقاومة ومؤكّـدًا على أن النور سيشرق في النهاية، حتى في أحلك الظروف وأكثرها ظلامًا.
إن قراءة هذا الصراع من منظور التأييد الإلهي تعكس عمق الفهم لطبيعة المعركة، وتسلط الضوء على أهميّة الإيمان في مواجهة الظلم والاضطهاد. تذكّرنا هذه الديناميكية بأن كُـلّ نضال؛ مِن أجلِ الحق يستحق الاحترام والدعم، وأن الأمل في النصر يتجدد مع كُـلّ لحظة صمود، مما يعكس الروح الإنسانية العميقة الساعية للعدالة والسلام.