النجوم بأسمائها العربية نجم النطح
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
أما اليوم فسنتحدث عن نجم النطح وهو ثاني ألمع نجم في كوكبة الثور، وبما أن العرب تسمي النجوم في السماء بأسماء تختارها من البيئة العربية وحواناتها فقد أطلقت على هذا النجم هذا الاسم لأنه يشكّل طرف أحد قرني برج الثور، وقد رسموا هذه الصورة الذهنية لهذه الكوكبة لكي يسهل التعرف على نجومها في الليل، وهذا النجم هو قريب من حيث موقعه في السماء من نجم الدبران الشهير.
يشرق في المساء خلال أشهر الشتاء من نوفمبر إلى فبراير، ويغيب عند الفجر خلال هذه الأشهر، لكنه يصبح نجمًا يمكن رؤيته عند الفجر خلال أواخر الصيف وأوائل الخريف، وهذا النجم الأزرق كان يُذكر في بعض التقاويم النجمية التقليدية كأحد نجوم الشتاء، وكان ظهوره في المساء علامة على اقتراب المواسم الباردة.
وإذا أتينا إلى الدراسات الفلكية الحديثة فقد أثبتت أنه حجم قطره مقارنة بالشمس يبلغ حوالي 5.6 أضعاف قطر الشمس، مما يعني أنه نجم عملاق كبير نسبيًا، أما من حيث درجة الحرارة فتصل درجة حرارة سطحه إلى 13,600 كلفن، مما يجعله أكثر سخونة بكثير من الشمس التي تبلغ حرارتها 5,778 كلفن، وهو يبعد عن الأرض حوالي 131 سنة ضوئية.
وقد ورد هذا النجم في أشعار العرب وأخبارهم، فنجد الشاعر لبيد بن ربيعة الذي عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام يذكر هذا النجم فيشبه الفارس الشجاع الذي ينطح الأعداء بنجم النطح فيقول:
وَغَــداةَ قـاعِ الْقُرْنَتَيْـنِ أَتَيْنَهُـمْ
رَهْــواً يَلُــوحُ خِلالَهــا التَّسـْويمُ
بِكَتــائِبٍ تَــرْدِي تَعَــوَّدَ كَبْشــُها
نَطْـــحَ الْكِبــاشِ كَــأَنَّهُنَّ نُجُــومُ
كما نجد الشاعر العماني سعيد بن مسلم بن سالم المجيزي الملقب بأبي الصوفي يذكر هذا النجم في قصائده فيقول في مدح السلطان السلطان فيصل بن تركي فيقول:
مَلكــــيٌّ ذو صــــفات قُدِّســـت
دونَ مَرْقاهـا لـرأسِ النجـمِ نَطْح
كتــب الجــودُ عَلَــى أعتــابه
ابـن تُركـي لسـطورِ البخلِ يمحو
كما أن الشاعر ابن الحاج النميري الذي عاش في العصر المملوكي يذكر هذا النجم فيقول:
وَحَــاقَ مُســِيءُ المَكْـرِ فِيـهِ بِـأَهْلِهِ
فَحَظُّهُـمُ الخُسـْرَانُ بِـالْمَكْرِ لاَ الرِّبْـحُ
وَفِــي يَوْمِـكَ الثَّـانِي زَحَفْـتَ لِمَعْقِـلٍ
إِلَـى النَّطْـحِ يَسـْمُو أَوْ يُتَاحُ لَهُ نَطْحُ
ومن الشعراء الذين ذكروا هذا النجم في قصائدهم الشاعر علي بن موسى العنسي المدلجي الذي عاش في العصر الأندلسي في المغرب فقال:
ثارَ ثور السماء في الأرض لمّا
أن رأى منــك نيّــراً قمريّـا
جعـلَ النطح بين روقيه بأساً
فتلقّيتـــهُ بخمــسِ الثريّــا
ونجد الشاعر ابن حمديس الذي عاش في العصر الأندلسي أيضا يقول:
هـل جَمـدَ البحـرُ من دجاكَ فما
ينتقــلُ الحـوت فيـه بالسـّبْحِ
أم حـــدثَت حَيْـــرَةٌ مواصــلة
فـي الجـوّ بَينَ البُطَيْنِ والنّطحِ
ومن شعراء العصر الأندلسي الذين ذكروا نجم النطح نجد الشاعر ابن دراج القسطلي الذي يقول في أحد قصائده الطويلة:
تقابَـلَ فِيـهِ البدرُ والبدرُ والقنا
وزُهْـرُ نجـومِ الليلِ والجُنْحُ والجُنْحُ
وســبطانِ مــن أَملاكِ يعـرُبَ أَقْـدَما
بأَجنادِهـا كـالنجمِ يَقْـدُمُهُ النَّطْـحُ
كذلك نجد شعراء العصر العثماني يذكرون هذا النجم فنجد الشاعر القاسم بن علي بن هتيمل الخزاعي يذكر هذا النجم فيقول:
فيـــومٌ لــه درسٌ ويــومٌ لــه نــدى
ويــومٌ لــه نصــرٌ ويــومٌ لــه فتـح
مـــآثرُك الجـــوزاء تَبلُـــغُ شــأوَها
عُلُــواً ولا تَــدنُو فينطَحُهــا النُّطــح
ونجد كذلك الشاعر محمد بن أحمد الورغي فنجده يذكر نفسه وكأن النجوم تطالعه وتغار منه أثناء مسيره في الليل فيقول:
خَليلَــيَّ لا أنْســَى وقَــدْ جِئتُ حَيَّهَـا
وحِيـداً أسـِرُّ الخَطـوَ فِي غَيهَبِ الجُنحِ
تُطــالِعُنِي الجَـوزَاءُ شـزراً وَيَنطَـوي
عَلَـى حَنَـقِ قَلـبُ السـِّمَاكِ مَـعَ النَّطحِ
ونختم بأبيات للشاعر الشهير صاحب كتاب العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي من أهل قرطبة الذي يقول في نجم النطح:
فيــا وقعـةً أنسـتْ وقيعـةَ راهـطٍ
ويا عزمةً من دونِها البطنُ والنَّطحُ
ويـا ليلـةً أبقتْ لنا العزَّ دهرَنا
وذُلّاً علـى الأعـداءِ جـلَّ بـهِ التَّرحُ
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذی عاش فی نجم فی
إقرأ أيضاً:
انقراض جماعي قبل 252 مليون سنة غيّر وجه الأرض
أدى انقراض جماعي كارثي قبل 252 مليون سنة إلى القضاء على معظم أشكال الحياة الحيوانية على الأرض، بسبب الانفجارات البركانية الضخمة التي أطلقت 100 ألف مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وفقا لنتائج دراسة حديثة، نُشرت يوم 11 مارس في مجلة "فرونتيرز إن إيرث ساينس".
وكشفت الدراسة أن متوسط درجة حرارة الهواء السطحي على الأرض ارتفع بنحو 10 درجات مئوية بعد الانقراض، في حين نجا العديد من النباتات. واستخدم الباحثون جراثيم نباتية متحجرة ونماذج مناخية متقدمة لتقدير ارتفاع درجات الحرارة العالمية بعد الكارثة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة "مورا برونيتي" – الباحثة الأولى بمجموعة الفيزياء التطبيقية ومعهد العلوم البيئية، جامعة جنيف، في سويسرا، "بينما لا توفر الجراثيم وحبوب اللقاح النباتية المتحجرة من العصر الترياسي المبكر دليلا قويا على فقدان مفاجئ وكارثي للتنوع البيولوجي، فقد شهدت الحيوانات البحرية والبرية أكبر انقراض جماعي في تاريخ الأرض. لقد كان على الحياة على الأرض أن تتكيف مع التغيرات المتكررة في المناخ ودورة الكربون لملايين السنين بعد حدود العصر البرمي-الترياسي".
حدث الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي، حين أدت الانفجارات البركانية الضخمة إلى إطلاق كمية ضخمة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما أدى إلى اضطراب المناخ ودورة الكربون.
أدى ذلك إلى احترار عالمي شديد، ونقص الأكسجين في المحيطات، وانهيار العديد من النظم البيئية. ومع ذلك، تشير الأدلة الأحفورية إلى أنه في حين انقرض العديد من أنواع الحيوانات استمرت النباتات في الازدهار.
"لإعادة بناء المناخ القديم، حللنا حفريات نباتية من 5 مراحل جيولوجية رئيسية تمتد من العصر البرمي المتأخر إلى العصر الترياسي الأوسط"، كما أوضحت "برونيتي" في تصريحاتها للجزيرة نت.
إعلانوقام الفريق بتصنيف الأجناس النباتية إلى 6 مناطق بيئية رئيسية وقارنوها بنماذج مناخية لاستنتاج التغيرات في درجات الحرارة. وكشفت النتائج عن تباين حاد بين مناخ العصر البرمي البارد والبيئة الترياسية الأكثر حرارة بكثير.
خلال العصر البرمي، كان مناخ الأرض باردا نسبيا، حيث كانت الصحاري تهيمن على المناطق الاستوائية، وكانت النباتات المشابهة للتندرا تظهر في خطوط العرض الأعلى، لكن بعد الانقراض الجماعي، شهد العصر الترياسي المبكر تقلبات مناخية غير متوقعة جعلت من الصعب تشكيل نُظم بيئية مستقرة.
ومع ذلك، استقر العصر الترياسي اللاحق عند درجات حرارة أعلى بكثير، حيث انتقلت المناطق البيئية الاستوائية والمعتدلة نحو القطبين، وتوسعت الظروف الصحراوية في المناطق الاستوائية.
وتوضح الباحثة "يتميز هذا الانتقال من الحالة المناخية الباردة إلى الحالة الأكثر سخونة بزيادة تبلغ حوالي 10 درجات مئوية في متوسط درجة حرارة سطح الأرض العالمية، وتكثيف دورة المياه.
ظهرت المناطق البيئية الاستوائية الرطبة في المناطق الاستوائية، لتحل محل المناظر الطبيعية الصحراوية السائدة سابقا. وفي الوقت نفسه، انتقلت المنطقة البيئية الدافئة والمعتدلة نحو المناطق القطبية، مما أدى إلى الاختفاء التام لأنظمة التندرا البيئية".
وفقا للباحثة، توفر الدراسة منظورا مهما حول تغير المناخ في العصر الحديث، في سياق احترار عالمي قائم بالفعل.
ويحذر الباحثون من أنه إذا استمرت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع بالمعدل الحالي، فقد يصل البشر إلى مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة نفسه، التي تسببت في الانقراض الجماعي للعصر البرمي-الترياسي في غضون 2,700 عام.
وعلى عكس التراكم البطيء لانبعاثات البراكين القديمة، فإن استهلاك الوقود الأحفوري اليوم يدفع التغير المناخي بسرعة غير مسبوقة.
إعلانوأضافت "برونيتي" أنه يمكن ربط التحول في الغطاء النباتي بآليات تحول بين الحالات المناخية المستقرة، مما يوفر إطارا محتملا لفهم الانتقال بين العصر البرمي والترياسي. ويمكن استخدام هذا الإطار لفهم سلوك نقاط التحول في النظام المناخي استجابة لزيادة ثاني أكسيد الكربون الحالية.
ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات ونماذج أكثر دقة لتأكيد نتائجهم. فعدم اليقين في عمليات إعادة بناء الجغرافيا القديمة وتصنيف المناطق البيئية، إلى جانب القيود في تقنيات النمذجة المناخية، يعني أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم كيفية ارتباط التحولات المناخية القديمة بالاحترار العالمي الحديث بشكل كامل.