موقع 24:
2024-10-05@01:07:09 GMT

لبنان: جدل "باربي" والسّلاح وعمرو دياب

تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT

لبنان: جدل 'باربي' والسّلاح وعمرو دياب

منابر ذهبت إلى المشاركة في جوقة تقريع الحفل بالتشكيك بقيمة دياب الفنية

لا جديد في تكرار مسلّمة تعرّض لبنان لأكبر انهيار اقتصادي ومالي ومصرفي مند تشكّل كيانه الحالي. وإذا أضفنا إلى انهيار القوة الشرائية ما يتعلق بأزمة الكهرباء وتدهور مستوى الأمن وتضخم الضائقة الجماعية للمواطنين، فإن البلد في المؤشّرات الدولية من بين أسوأ الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وفق تقرير للبنك الدولي عام 2021.


لا يمنع الأمر، للمفارقة (وكم هي كثيرة مفارقات لبنان)، من اندلاع سجالات، قد تكون مخصّبة بكثير من الترف، حول رأي النخب بشأن الوارد من الخارج، سواء تعلّق بالجندر والسلوك الجنسي، أم الموقف من فيلم "باربي"، وحتى الهلع من "ظاهرة" الحفل الغنائي الذي قدمه عمرو دياب في العاصمة بيروت.
والواقع أن اللبنانيين دون غيرهم من شعوب المنطقة (أو على الأقل ليس بهذه الحدّة) منخرطون في سجالات بشأن مجتمع الميم وكأنه جائحة داهمة وجب ردّها والتصدي لها، في عزّ مصابهم، لتمدّدها إلى داخل النسيج المجتمعي والثقافي والقيمي اللبناني، مقابل اتّساع فضاءات داخلية تدعو إلى التسامح والاتّساق مع شروط العصر وقيمه.
واللافت أن ما ظاهره اجتماعيّ ثقافيّ يخفي في ثناياه انقساماً سياسياً واصطفافاً قد يشبه ذلك الذي بات تقليدياً منذ عام 2005 حتى الآن. صحيح أن قضايا القيم المستوردة تصطدم بالمحافظة المجتمعية والدينية، أياً كانت طبيعة الاصطفاف السياسي لهذا وذاك، غير أن الدفع نحو تسعير نقاش، من هذا النوع، وفي هذا الظرف، يهدف إلى شدّ عصبّ نحو قضايا يُفترض أن تكون مفتعلة فائضة في توقيتها، أو على الأقل لا تمسّ الأولويات الساخنة التي يفرضها الانهيار اللبناني غير المسبوق.
يأتي الجدل بواجهاته التي برزت بعد صدور موقف عن وزير الثقافة اللبناني رادع مانع لعرض فيلم "باربي" في لبنان. علماً أن أمر البتّ بمسألة من هذا النوع يُفترض أنه مناط بوزارة الداخلية ولجان الأمن العام الرقابية المختصة. وإذا ما شهد السجال جولات بين الوزير وأحد النواب اللبنانيين "التغيريين"، فإن الفعل وما تلاه من ردّ الفعل على ردّ الفعل نجح بمهارة في مواراة ما اندلع من سجال بشأن حادثة بلدة الكحالة وجريمة بلدة عين إبل وتجوال سلاح "حزب الله" داخل البلد وفي قلب مدنه وأحيائه من دون تحفّظ أو وجل.
والحال، فإن الجدل حول "باربي" وشرورها الميمية المزعومة (كثر ممن شاهدوا الفيلم في الدول العربية لم يجدوا فيه ما اكتُشف في لبنان) هو جدل بشأن سطوة السلاح وما يفرضه من نصوص قهرية تفرض شكل الحرب ضد "الانحلال" الغربي المتسلل إلى البلد المقاوم بامتياز. والكلام عن "الشكل" ليس عرضياً، ذلك أن المواقف التي تصدر عن "أولي الشأن والاختصاص" مثل رجال الدين والمؤسسات الروحية تبقى منطقية الوظائف متّسقة مع سياقات ونصوص وأسباب وجود، فيما انطلاقها شكلاً من الوزير "المقاوم" يلابس مشروعاً يتولى المقام الوزاري التبشير بتصديره من داخل بيئة المقاومة إلى بيئة البلد برمّته.
وليس صدفة أن المؤسّسات الدينية، التي لا غرابة في أن تستنكر وترفض زحف مُثل مجتمع الميم نحو فضاءات المؤمنين، لم تشارك في الجدل الأخير بين الوزير وأنصاره والنائب وداعميه بشأن فيلم "باربي". فإذا ما اتفقت تلك المراجع الدينية على وجاهة المرافعة الوزارية، غير أنها، وهي المدركة للأمر، لن تنجرّ إلى معركة سياسوية لها توقيتها وأجنداتها المحسوبة ودخانها الشعبوي على طريقة "كلام حقّ يراد له باطل".
ولئن ينخرط الموقف من سلاح الحزب وظاهرة السلاح عموما في لبنان في تحديد خيارات البلد بشأن ثقافة الموت وثقافة الحياة، فإن الإفراط المرضيَّ في تدفّق المواقف التي عابت على الذين حضروا حفل عمرو دياب فعلتهم، يكشف جاهزية البلد لخوض معركة مفاهيم حرّضت الجماعات اللبنانية باصطفافاتها المتعددة المتضاربة المتقاطعة على الإدلاء بدلو تلو دلو، ونجحت في جرّ الجميع إلى نقاش قد يشبه اللبنانيين أنفسهم في التحديث اليومي لمزاجهم حول شؤون البلد.
بلغ الإسراف في الجدل حدوداً متشظية ما بين المدافعين عن فرح اللبنانيين واندفاعهم بالتعبير عن ذلك في ارتياد مهرجانات الثقافة والموسيقى والفن في كل مناطق لبنان، بما في ذلك حضور الـ Mega concert الذي أحياه عمرو دياب في عاصمتهم، ومن يستغربون السلوك ويعتبرونه عيباً وعاراً. ولئن لم يفكر من حضروا الحفل واستجابوا لشروط الهندام الأبيض بأي خلفيات تتجاوز اندفاعهم المألوف لحضور الحفلات الموسيقية لفنانين لبنانيين عرب وأجانب، غير أن في مسألة "ثقافة العيش" ما هو استفزاز لـ"ثقافة الموت" التي ما فتئ الحزب يرفع بيرقها ويدفع بأصولها في ما يدّعيه من زهد ويدعو إليه.
في المقابل، فإن منابر ذهبت إلى المشاركة في جوقة تقريع الحفل بالتشكيك بقيمة دياب الفنية ومقارنته بوجوه الفن الكبار الذين شهدهم "الزمن الجميل". في ذلك أن المسألة تعلقت بالذائقة الناهلة من بكاء على زمن كانت "العزّة السياسية" تنتج فناً أصيلاً. وحتى في هذا التقييم المتعجّل لفنان مصري ما زال منذ عقود، أحببناه أو كرهناه، يحتل المراتب الأولى، تبرز نوستالجيا إلى زمن متخيّل لا نذكر أنه كان حاملاً لانتصارات مبهرة، بل شاهداً على نكبة ونكسة ما زالت آثارهما تفتك بحاضرنا حتى هذا اليوم، وهو زمن ما زالت محاكمته قائمة بشأن مسؤوليته عن ولادة كوارث أيامنا هذه.
والواضح أن الجدل بشأن "الاستيراد" الميمي أو رواج حفلات الفن وما يزعم لها من "انحلال ومجون" لن يبقى عرضياً، بل سيكون من الأدوات الناجحة الناجعة لإرباك أي نقاش جديّ بشأن منظومة الحكم وضواحيها المصرفية ومزاريب الهدر وشبهات الفساد التابعة لها، أو للالتفاف على أي مطالبة لتسليط الضوء على ملف سلاح "حزب الله" بصفته العامل الأول المزعزع لأمن اللبنانيين والمسبب للجفاء العربي وعزلة البلد عن بيئته المالية الحاضنة القريبة والبعيدة، والمهدد البنيوي لقيام دولة في لبنان.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني لبنان عمرو دياب فی لبنان

إقرأ أيضاً:

فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللبنانيين

أكد السفير الأميركي الأسبق لدى لبنان، جيفري فيلتمان، الجمعة، أن مقتل الأمين العام لحزب الله، نصرالله، يجدر أن يوحد اللبنانيين، ووصف الواقعة بـ "زلزال سياسي". 

وفي حديث خاص لقناة الحرة، شدد فيلتمان على أن "ما يجري حاليا بين إسرائيل وحزب الله يختلف عن حرب 2006".

ونوه فيلتمان إلى أن الإسرائيلين اخترقوا حزب الله بشكل مدهش، وقال إن حزب الله فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، قبل أن يستدرك قائلا إن ذلك لا يعني أنه تم التخلص منه.

وقال "بدون أي شك قوه حزب الله العسكرية ضعفت وأيضا القيادات ضعفت وخسر رؤوسا كثيرة ولكن لا أعتقد أن حزب الله تم التخلص منه أو سيتم التخلص منه".

يشار إلى أن حزب الله، أعلن، الجمعة، أن مسلحيه استهدفوا بالمدفعية قوة إسرائيلية تقدمت في منطقة حدودية في جنوب لبنان، في إطار المواجهات البرية المستمرة بين الطرفين منذ مطلع الأسبوع.

خليفة نصر الله المحتمل.. إسرائيل تستهدف هاشم صفي الدين استهدفت ضربة إسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، هاشم صفي الدين، القيادي في حزب الله، وأحد المرشحين لخلافة حسن نصر الله، وفق ما نقل مراسل موقع "أكسيوس".

وقال باراك رافيد، في منشور له على موقع "إكس" نقلا عن مصدر إسرائيلي، لم يسمه إن "ضربة شنتها إسرائيل قبل قليل على بيروت استهدفت القيادي الكبير في حزب الله هاشم صفي الدين".

وشن الجيش الإسرائيلي، ليل الخميس الجمعة، أكثر من 25 غارة على الضاحية الجنوبية وصفت بأنها الأعنف منذ بدء الغارات، وفق مراسلة قناة الحرة. 

وذكر الحزب في بيان أنّ مسلحيه استهدفوا قوة لجنود الجيش الإسرائيلي أثناء تقدمها باتجاه بيادر العدس غرب يارون بقذائف المدفعية وصواريخ بعد هجوم مماثل صباحا، مؤكدا أنه يواصل استهداف تجمعات جنود في شمال إسرائيل.

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة بأن قواته قتلت 250 مسلحا من حزب الله، بينهم 21 قياديا على مدى الأيام الأربعة الماضية بعدما أطلق عمليات برية في جنوب لبنان.

إلى ذلك، أوضح فيلتمان أن مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، "يجب أن يكون زلزالا سياسيا يوازي زلزال اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وينبغي أن يشكل  دافعا لتوحيد اللبنانيين".

وفي المقابل، قال إن "على حزب الله أن يحترم قواعد اللعبة السياسية اللبنانية ولا يعرض البلاد للخطر".

يذكر أن حزب الله فتح في الثامن من أكتوبر 2023 "جبهة إسناد" لحماس عبر الحدود اللبنانية. لكن منذ 23سبتمبر الجاري، تصاعدت حدة المواجهة بينه وإسرائيل التي تشنّ غارات مدمّرة تتركز على مناطق في جنوب لبنان وشرقه وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعتبر معاقل للحزب.

غالانت: تم القضاء على جميع القيادة العليا لـ "قوة الرضوان" في حزب الله قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الجمعة، إن "حزب الله يتلقى ضربات موجعة جدا"، مضيفا أنه "تم القضاء على مقر السيطرة وتشكيلات الاتصال وجميع القيادة العليا" لقوة الرضوان التابعة للجماعة اللبنانية.

وبعد مرور نحو عام على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، نقلت إسرائيل ثقلها العسكري إلى حدودها الشمالية مع لبنان.

وأسفرت هجمات إسرائيل على معاقل حزب الله في لبنان عن مقتل أكثر من ألف شخص منذ 23 سبتمبر، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية، بينما فر مئات الآلاف من منازلهم في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة. 

مقالات مشابهة

  • سلمى الجيادي تودع «كاستنج».. وعمرو سلامة: أنتِ شاطرة
  • فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللبنانيين
  • عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا
  • ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • كندة علوش تطالب بمساعدة النازحين اللبنانيين: وجعنا واحد ودمنا واحد
  • ماذا فعل آلاف اللبنانيين خلال آخر يومين؟
  • ميقاتي يدعو لوحدة اللبنانيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي
  • قبلان: ستنتهي الفترة الصعبة وتبدأ ورشة جديدة
  • قبلان: لبنان وقدراته أكبر من أي هجوم بري وأفق نهاية الحرب ليست ببعيدة