تدخل إسرائيل المفرط في سوريا يأتي بنتائج عكسية
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
قالت دارين خليفة، مستشارة بارزة لتعزيز الحوار، وميراف زونزين، محللة سياسية إسرائيلية بارزة، إن انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 شكَّل لحظة محورية في الشرق الأوسط، فبينما احتفل الكثيرون بنهاية حكمه الاستبدادي، تفاعلت إسرائيل بارتياح حذر.
نهج إسرائيل الحالي يُخاطر بتحويل سوريا إلى دولة فاشلة
وأضافت الكاتبتان في تعليق مشترك بموقع "مجموعة الأزمات الدولية": أضعفت إزاحة الأسد المحور الإيراني المعارض لإسرائيل، وقطعت طرق إمداد طهران لحزب الله في لبنان، ومع ذلك، خشي المسؤولون الإسرائيليون من سيناريوهين: تقسيم سوريا مما قد يسمح لإيران بإعادة تأكيد نفوذها، أو صعود كتلة إسلاموية سنية مدعومة من تركيا.
رداً على ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية سريعة لتحييد أي تهديدات مستقبلية، وفي غضون يومين من سقوط الأسد، نفذت ما يقرب من 500 غارة جوية، استهدفت أصولاً عسكرية سورية، بما في ذلك مخزونات يشتبه في أنها أسلحة كيميائية.
وتقدمت القوات البرية الإسرائيلية إلى ما وراء مرتفعات الجولان المحتلة إلى المنطقة العازلة منزوعة السلاح لعام 1974، وأنشأت تسعة مواقع ونقاط تفتيش ودوريات، كما استولت إسرائيل على مواقع استراتيجية على جبل الشيخ، المطل على دمشق ووادي البقاع اللبناني، مما يشير إلى وجود غير محدد المدة.
بعد درعا..إسرائيل تشن غارات على حمص في سوريا - موقع 24هاجمت طائرات إسرائيلية ليل الثلاثاء، موقعاً عسكرياً في وسط سوريا وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت إسرائيل عن خطط لإنشاء "منطقة منزوعة السلاح" أوسع في جنوب سوريا، مغازلةً الأقلية الدرزية بعروض التوظيف والحماية.
وفي الوقت نفسه، ضغطت على الولايات المتحدة لإبقاء العقوبات على الحكومة السورية المؤقتة، مستغلةً الضغط الاقتصادي لانتزاع تنازلات.
تُنذر أفعال إسرائيل بتفاقم حالة عدم الاستقرار في سوريا بعد الحرب، وبتقويض سلطة دمشق، قد تُعزز إسرائيل، عن غير قصد، فوضى يمكن استغلالها من قِبل إيران أو الجماعات الجهادية.
NEW COMMENTARY | How Israel’s Overreach in Syria May Backfire
Israel is treating the new authorities in Damascus as a potential security threat. This approach risks pushing Syria toward the very scenarios Israel worries about.https://t.co/pfw9LE1e7t
على سبيل المثال، سلّطت الاشتباكات في جرمانا (إحدى ضواحي دمشق ذات الأغلبية الدرزية) في فبراير (شباط) 2025 الضوء على التوترات بين الفصائل المحلية وقوات الأمن السورية الناشئة.
وأتى تعهد إسرائيل العلني بـ"حماية" الدروز بنتائج عكسية عندما رفض قادة الطائفة التدخل الخارجي، مما دفع دمشق إلى التفاوض على تهدئة هشة. تُبرز مثل هذه الحوادث كيف يمكن للتدخل الإسرائيلي أن يُشعل فتيل صراع طائفي.
يتناقض عداء إسرائيل للحكومة السورية المؤقتة بشكل حاد مع النفوذ التركي المتزايد. فعلى الرغم من التناقض السابق تجاه هيئة تحرير الشام، سارعت أنقرة إلى التواصل مع الشرع بعد سقوط الأسد، وتبادل الزيارات رفيعة المستوى.
وقد يدفع توسع إسرائيل ودعوتها لعزل سوريا اقتصادياً إلى توجه دمشق نحو تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو سيناريو تسعى إسرائيل إلى تجنبه.
3. فشل التواصل مع الأقلياتفشلت محاولات إسرائيل لبناء تحالفات مع أقليات مثل الدروز والأكراد إلى حد كبير. نأى زعماء الدروز بأنفسهم علناً عن المبادرات الإسرائيلية، بينما وقّعت "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" بقيادة الأكراد المدعومين أمريكيا اتفاقيةً في مارس (آذار) 2025 للاندماج مع دمشق.
Look at this absolutely incredible map. Israel has invaded Syria completely unprovoked and is now demanding de facto control over large swaths of the country.
Not only is this illegal and immoral, it is also strategic insanity. It will all but guarantee the following outcomes:… https://t.co/LCXtRAnuKP
وتعكس هذه الخطوات عداءً مجتمعياً سورياً أوسع للتدخل الإسرائيلي، وتُضعف تكتيكات "فرّق تسد" الإسرائيلية.
4. الأزمة الاقتصادية والإنسانية السوريةيعاني الاقتصاد السوري من حالة انهيار، مع نقص حاد في الغذاء والوقود والمأوى. وتؤدي العقوبات الأمريكية، التي تُصرّ إسرائيل على بقائها، إلى تفاقم الأزمة.
توغل إسرائيلي جديد في جنوب سوريا - موقع 24قالت مصادر سورية اليوم الأحد، إن الجيش الإسرائيلي توغل في منطقة بريف القنيطرة في جنوب غرب سوريا، وفتش المارة.
وتواجه حكومة الشرع إحباطاً شعبياً مُتزايداً، مما يُنذر بمزيد من الاضطرابات. ويبدو أن قدرة النظام المؤقت على تحقيق الاستقرار في سوريا، رهن بتخفيف العقوبات والحصول على مساعدات إعادة الإعمار، وهما وسيلتان تحث إسرائيل الولايات المتحدة على عدم القيام بهما حتى تلبي دمشق شروطاً صارمة، مثل حماية الأقليات وتفكيك الأسلحة الكيميائية.
ومع ذلك، ترى الكاتبتان أن هذا النهج يُخاطر بإطالة أمد انهيار سوريا، مما يخلق فراغات قد تستغلها إيران أو الجهاديون.
وأكدت الكاتبتان ضرورة قيام إسرائيل بإعادة ضبط استراتيجيتها لاغتنام الفرص التي يتيحها سقوط الأسد، كالتالي:
1. الاستفادة من العقوبات بشكل بنّاء:بدلاً من معارضة تخفيف العقوبات، يُمكن لإسرائيل تشجيع الولايات المتحدة على ربط التخفيف التدريجي بمعايير مُحددة مثل: الالتزام باتفاقية فك الارتباط لعام 1974، ونزع السلاح في جنوب سوريا، ومنع التهديدات للدول المجاورة.
2. التعاون الدولي:التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأردن لمراقبة نزع السلاح الكيمياوي السوري والتزاماته الأمنية واستغلال الحامية الأمريكية في قاعدة التنف لمواجهة التهديدات العابرة للحدود، مما يُقلل من الحاجة إلى ضربات إسرائيلية أحادية الجانب.
3. التعامل مع دمشق بشكل عمليأبدت حكومة الشرع حيادها، مُتعهدةً بعدم شنّ أي هجمات على إسرائيل والالتزام بالاتفاقيات السابقة. ويمكن لإسرائيل اختبار هذه الضمانات من خلال دبلوماسية حذرة، مما يعزز الاستقرار الذي يعود بالنفع على كلا البلدين.
إن وقف المبادرات تجاه أقليات مثل الدروز والأكراد من شأنه أن يخفف التوترات الطائفية، فسوريا المستقرة والمركزية أقل عرضة للتهديدات من دولة ممزقة.
5. تجنب السياسات التي تُلحق الضرر بالنفسوخلصت الكاتبتان إلى إن نهج إسرائيل الحالي - التوسع العسكري، والضغط الاقتصادي، ودعم تقسيم الدول - يُخاطر بتحويل سوريا إلى دولة فاشلة أو عميلة لتركيا، مما يُقوّض أمن إسرائيل على المدى الطويل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية المحور الإيراني سوريا إسرائيل سقوط الأسد هيئة تحرير الشام تركيا سقوط الأسد إيران وإسرائيل سوريا الحرب في سوريا إسرائيل الجولان هيئة تحرير الشام تركيا الولایات المتحدة فی سوریا فی جنوب
إقرأ أيضاً:
سوريا: قريبا إلغاء الجنسية الممنوحة لمن قاتل مع الأسد
أكد المدير العام لمديرية الأحوال المدنية في سوريا، عبد الله عبد الله، أن الإدارة السورية الجديدة ستبدأ قريباً بإجراءات «إلغاء الجنسية السورية» التي منحها رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، «لمقاتلين» إيرانيين وعرب وأجانب، قاتلوا معه خلال سنوات الأزمة السورية.
اقرأ ايضاًوفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال عبد الله، إن «الأسد ومواليه رفعوا شعار (الأسد أو نحرق البلد)، وفعلاً حرقوا البلد، ومن بين ما حرقوه شبكة المعلومات التي جرى تخريبها، ونحن حالياً في طور إعادة تأهيلها وتجهيزها وترتيبها ودمج الشبكات بعضها مع بعض حتى تستوعب كل الأعمال التي تقوم بها الشؤون المدنية».
وشدد عبد الله على أن «كل شخص جرى تجنيسه بهدف سياسي أو عسكري، أي بسبب قتاله إلى جانب نظام الأسد، سيتم إلغاء الجنسية الممنوحة له، وفي الأيام القريبة وبمجرد اكتمال تأهيل الشبكة، سيتم البدء بهذه الإجراءات التي هي أول إجراءاتنا». ونوه إلى أنه لا يمكن حالياً إعطاء رقم حقيقي عن المجنسين بسبب المشاركة في الحرب أو دعم النظام خلالها «لأننا نقوم بإعادة تأهيل الشبكة». موضحاً أن العملية لن تشمل الحالات التي اكتسبت الجنسية وفق الشروط القانونية التي وضعتها الدولة، فعلى سبيل المثال هناك امرأة سورية تزوجت من رجل غير سوري ولم يقاتل مع الأسد، فمن الطبيعي أن يأخذ أولادُها وزوجُها الجنسية.
وسألت «الشرق الأوسط» عن مصير هؤلاء المقاتلين بعد سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، فأجاب عبد الله: «أغلبهم هرب خارج سوريا، والأرجح باتجاه العراق».
منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 بين جيش الأسد وفصائل المعارضة المسلحة، تدخلت إيران إلى جانبه وجلبت عشرات آلاف المقاتلين من إيرانيين وعراقيين وأفغان وباكستانيين، ومن «حزب الله» وعملوا تحت قيادة خبراء عسكريين إيرانيين من «الحرس الثوري».
وكان الباحث في منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية (USAK)، علي حسين باكير، قد نشر أواخر عام 2014، ، بحثاً بعنوان: «كيف يتلاعب الأسد بالمعطيات الديمغرافية في سوريا؟... تجنيس الشيعة»، ذكر فيه أن «التقارير المتوافرة تشير إلى أنّ نظام الأسد قام منذ توليه السلطة في عام 2000 بمنح الجنسيّة السوريّة لآلاف الشيعة (البعض يقصر الرقم على 20 ألفاً والبعض يرفعه إلى 740 ألفاً حتى اليوم)، خصوصاً من الإيرانيين والعراقيين. وقد سهّل من ذلك، وجود قرار سياسي، وازدياد نفوذ إيران في سوريا».
وأعلن الأسد في عام 2015، أن «سوريا لمن يدافع عنها بغضّ النظر عن جنسيته»، وهو كان يعني بذلك مقاتلي «زينبيون» و«فاطميون» والميليشيات العراقية و«حزب الله». وهناك عدة أسباب وراء قرار الأسد، أحدها محاولته «صنع قاعدة قتالية من تلك الميليشيات للدفاع عن حكمه». والسبب الآخر، «فسح المجال أمام الإيرانيين لشراء العقارات في دمشق، وكما رأينا أن عمليات شراء عدد كبير جداً من العقارات قام بها الإيرانيون».
إلغاء خانة الأحوال المدنية
اتَّبع الأسد «خطة كبيرة وخطيرة» لتجنيس الأشخاص، كي لا يبدوا واضحين داخل المجتمع السوري، وفقاً لعبد الله، الذي أوضح أن أبرز ما تضمنته هذه الخطة محاولته في عام 2023، إلغاء «رقم الخانة» من البيانات الرسمية في السجل المدني، والذي يعد أمراً «مهماً جداً بالنسبة إلى السوريين»؛ «رقم الخانة، أو رقم القيد» هو رقم عائلة السوري ضمن المدينة أو البلدة التي ينحدر منها، إذ إن لكل عائلة رقم (خانة) يحمله الجد الأول ويعطى لكل مواليد عائلة هذا الجد، وتدل أرقام الخانات على عدد العائلات الأصلية الموجودة في أي مكان.
«على سبيل المثال»، يوضح المسؤول المدني أن «كل الأشخاص الموجودين في الخانة رقم 3 هم أقارب، وأي إدخال أشخاص جدد على الخانات أو أي إضافة لخانات جديدة يصبح مكشوفاً». وتابع: «في منطقة المالكي بدمشق مثلاً، الخانات تبدأ من الرقم واحد حتى 560، فإذا أُضيفت الخانة 561، سيُكشَف الأمر».
وذكر عبد الله أن الهدف من إلغاء «رقم الخانة» أن يصبح كل مواطن رقماً (الرقم الوطني المكتوب في بطاقته الشخصية) فقط، وكل السوريين عبارة عن أرقام، وبهذه الحالة لا أحد يعرف من يدخل إلى السجلات المدنية في البلدات والمدن السورية.
صُدم الأسد برفض القانونيين إلغاء «رقم الخانة»، الذي تجري العودة إليه لحصر الإرث والأقارب والعلاقات الزوجية، وهناك وظائف أخرى له، مثل تحديد مُحْرم المرأة في أثناء أداء فريضة الحج، وهذا الأمر يتم التأكد منه من خلال الخانات.
وذكر عبد الله أن الأسد «لم يستطع إلغاء (رقم الخانة) في ظل الرأي القانوني الذي نشأ في البلاد، إضافةً إلى التعجيل بسقوطه قبل أن يكمل مخططه»، واستدرك بالقول: «هو لم يكن يبالي برأي القانونيين بقدر ما كان يهتم بتثبيت حكمه مهما حصل، حتى لو خُربت الأنساب».
اللبنانيون أولاً
اللبنانيون هم الجنسية التي احتلت المرتبة الأولى ضمن من جنَّسهم نظام الأسد، مشيراً إلى أن تجنيس هؤلاء بدأ قبل انطلاق الأزمة السورية، واستمر خلالها.
اقرأ ايضاًويأتي العراقيون في المرتبة الثانية، وكان تجنيسهم يهدف إلى أن يكونوا امتداداً لوجودهم في العراق، بينما جنَّس الإيرانيين كي يسهِّل عليهم شراء العقارات، وفق عبد الله، الذي أشار إلى أنه كان يتم أيضاً منح الجنسية لمرتزقة إيران من أفغان وباكستانيين، مكافأة لهم على قتالهم في سوريا.
كان خبير اقتصادي تحدث إلى «الشرق الأوسط» سابقاً قد قال إن إيران سيطرت على سوق العقارات عبر شبكة من المؤسسات وتجار العقارات والبنوك الإيرانية المرتبطة بـ«الحرس الثوري»، قدمت تسهيلات ومنحت قروضاً كبيرة للراغبين في شراء العقارات في سوريا، فتملّك إيرانيون ومقاولون ورجال أعمال وعناصر الميليشيات آلاف المنازل والعقارات في أكثر المناطق حيوية من العاصمة السورية؛ سواء في دمشق القديمة؛ أو في الوسط التجاري.
وهناك مساحات واسعة خلف مشفى «الرازي» في حي المزّة الراقي، تملّكوها لإطلاق مشاريع أبراج سكنية. هذا بالإضافة إلى تملكهم أراضي وعقارات في ريف دمشق، وآلاف العقارات في محافظات حمص ودير الزور وحلب، بهدف تنفيذ خطط طهران الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد، بعد تهجيرها السوريين من مناطقهم وتوطين مواطنيها ومرتزقتها مكانهم.
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن