مهاجمة إفطار الخصوم وضربهم وحصبهم وملاحقتهم في مدينة شفيليد الإنقليزية
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
شاهدت شريط ڨيديو قصير بتاريخ ٢٠٢٥/٠٣/١٧ عنوانه:
[أشاوس بريطانيا مدينة شَفِيليد يَجغُمُون الفَلَنقَايَات بإفطار اليوم جري دنقاس]
ويبين الڨيديو مجموعة من السودانيين ، تعرفهم من الزي واللسان ، وهم يهاجمون أفراد سودانيين آخرين ، يلاحقونهم ويضربونهم بالعصي ويحصبونهم بالحجارة وهم يصيحون بصيحات لم يستبين منها سوى:
هو يَا (.
أَركَبُو... أَركَبُو...
دُقُّوهم... دُقُّوهم أولاد الكلب...
جِيب العَصَايَات...
وَدْ العَزَبَة... دُقُّوهم عيال عَوِين... جَبَانَات جروا...
إنت وين يا زول؟... وين إنت؟...
ثم حديث غير مفهوم بإنقليزية السُّفرَة!!!...
و قد أعادتني مشاهد شريط الڨيديو إلى إستدعآء ذكريات ڨيديوهات أخرى مشابهة لسودانيين يهاجمون و يلاحقون و يسبون سودانيين في مواقع و مدن بريطانية وأوروبية مختلفة بسبب إختلاف المواقف حول حرب بلاد السودان التي يبدو أنها قد قَسَّمَت الجاليات السودانية في المملكة المتحدة و أوروبا و الغرب و العالم إلى عدة فرق تميزت منها إثنتان:
- داعمو ”الجيش السوداني“ و الكتآئب الجهادية و القوات المشتركة (المتمردة سابقاً)
- مناصرو مليشيات الجَنجَوِيد (قوات الدعم السريع)
و لقد أرجعني شريط الڨيديو إلى مراجعة نفسي كفرد ينتمي إلى مجموعات مهنية سودانية تجمعت في مدن المملكة المتحدة و أيرلندا المختلفة و أقامت فيها منذ بداية التسعينات ، و أزمان سابقة ، لأسباب و أغراض شتى كان القاسم المشترك/الأعظم بينها هو تحصيل العلم و المعرفة و التدريب و التأهيل و إكتساب المهارات و تجويد الحرفة ، و قد تحول الغرض ، لدى الكثيرين ، لاحقاً إلى خيار العمل و الإقامة الدآئمة و عدم العودة إلى الوطن بسبب سوء الأوضاع الناتجة عن حكم و نظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الفاسد الظالم...
أرجعتني مشاهدة الڨيديو إلى نفسي لأسألها عدة أسئلة:
هل هذا الڨيديو يمثل الجاليات السودانية في المملكة المتحدة؟...
و ماذا دهى الجاليات السودانية في المملكة المتحدة حتى يكون سلوكها هكذا؟...
و هل هكذا يكون تناول الخلافات السياسية؟...
و هل العنف هو السبيل الوحيد لحسم الخلافات؟...
و هل هذه التفاعلات السالبة من آثار الحرب على الأنفس الإنسانية؟...
و هل الأنفس الشريرة (الأَمَّارَة بالسوء) تولد هكذا؟ و في تركيبتها جينات الإجرام و الظلم و البغي؟...
أم أنها و صفاتها من صنع أصحابها بمساعدة الظروف و البيئة و عوامل أخرى؟...
و هل الحرب لا تورث الأنفس الإنسانية إلا الأحقاد و التردي الأخلاقي و القيم الغير نبيلة؟...
و ما صحة مقولة: التجارب تعلم المخلوقات بما فيها الإنسان؟...
تناول الأسئلة أعلاه يبدأ من التجربة الشخصية ، فقد تلاحظ و تبين أنه و على الرغم من مظاهر التجانس المعرفي و التأهيلي المهني و ”الطبقي“ و التقارب الإجتماعي بين المجموعات المتواجدة في مدن المملكة المتحدة منذ نهايات القرن العشرين ، إلا أنه كان هنالك الكثير من الإختلاف في الأرآء و التباين في وجهات النظر بسبب المشارب الفكرية و الإتجاهات السياسية المختلفة ، و على الرغم من ذلك إلا أن الإختلاف و التباين لم يقودوا الغرمآء و الخصوم إلى إنتهاج العنف كوسيلة أو إستخدامه كسلاح لحسم الخلافات الفكرية و السياسية ، و ذلك إذا علمنا أن الساحات السياسية و النقابية و الإجتماعية آنذاك كانت تعج بأخبار مثيرة للجدل و الخلافات جرآء تداعيات إنقلاب الجماعة الإنقاذية المتأسلمة على الحكومة المنتخبة و تنفيذها مشروعها ”الحضاري الإسلامي“ الإقصآئي و: سياسات التشريد و التعذيب في بيوت الأشباح و بتر الأطراف و غرز المسامير في الرؤوس و الإغتصابات و المحاكمات الصورية و إعدامات الخصوم و دفن الأحيآء و الإبادات الجماعية و الجهاد في جنوب السودان ، بينما تعج الضفة السياسية الأخرى (المعارضة) بتصريحات قيادات التجمع/التحالف الوطني السوداني السياسية و العسكرية و أحاديث جون قرنق و من سار خلفه و في جوقته من جماعات اليسار السوداني و دعواتهم إلى الكفاح/النضال المسلح و التحرير و إقامة السودان الجديد و الترويج لمخرجات إجتماعات العواصم العالمية المختلفة حول علمانية الدولة و حق تقرير المصير و الإنتفاضة الشعبية (المحمية) المنطلقة من ”المناطق المحررة“ و... و... و...
و كانت كل هذه الخلفيات من الأحداث قد شَغَلَت جميع الجاليات السودانية في المملكة المتحدة و حازت على مساحات واسعة من النقاش في الإجتماعات المهنية و النقابية و المناسبات الإجتماعية و أثارت بعض/كثير من الجدل و أججت الخلافات السياسية بين الأفراد و المجموعات حتى أبلغتها في بعض الأحيان مرحلة المقاطعة الإجتماعية و الفجور في الخصومة ، و قد ظهر ذلك جلياً في بعض من ندوات و إجتماعات المتأسلمين و اليساريين الساخنة التي عقدت في مدن المملكة المتحدة المختلفة و في إجتماعات الجمعيات العمومية لنقابات أطبآء المملكة المتحدة و أيرلندا و في المقالات الصحفية المقروءة ، و لكن و على الرغم من ذلك لم يكن العنف و الضرب و الملاحقة في الشوارع و الأزقة من أدوات النقاش و حسم الخلافات...
و يبدو أنه قد جرى و حدث الكثير من التغيير في تركيبات الجاليات السودانية في المملكة المتحدة و أوروبا ما بين نهايات القرن العشرين و الربع الأول من القرن الحادي و العشرين ، و يبدو أن الكثيرين من اللاجئين و القادمين حديثاً إلى المملكة المتحدة من الأجيال (اللاحقة) ما زالوا طايرين بالريش الدُّقَاق ، و تسوق البعض/الكثير منهم الهاشمية و التعصبات الجهوية و العرقية ، و تنقصهم الخبرة و الحكمة ، و معلومٌ تأثير هاتين الخصلتين على نمط التفكير و مراكز القرار ، و قد أبانت التجارب الإنسانية أن الخبرة تستغرق الزمن بينما لا تظهر بوادر الحكمة و لا يبدأ مفعولها في العمل إلا في مرحلة الشيخوخة ، و الغالب أن الأجيال المهاجرة السابقة قد أصابت حظوظ وافرة من هاتين الخصلتين ، و مما يعزز من هذه الفرضية/النظرية حقيقة أن غالبية المهاجرين السابقين/الجاليات السابقة ينتمون إما إلى فئات اللاجئين السياسيين ”المخضرمين“ الذين صقلتهم سنين العمر و تجارب العمل السياسي أو إلى جماعات المبعوثين المهنيين من الفئات المتقدمة نسبياً في الأعمار و المعرفة و التأهيل و الخبرة و التي قدمت في أزمان سابقة و متلاحقة إلى المملكة المتحدة بغرض الدراسة و التدريب و التأهيل و نيل الشهادات و الزمالات ، بينما تشير قرآئن الأحوال إلى أن الجاليات السودانية الحالية قد غلبت عليها مجموعة اللاجئين ”السياسيين“ (الإقتصاديين) الجدد من فئة الشباب و صغار السن (ناس الريش الدقاق) الذين تنقصهم الخبرة و الحكمة...
و قد أبانت الأخبار و الروايات أن غالبية اللاجئين الجدد قد قدموا إلى المملكة المتحدة و أوروبا ، في عجالة ، بحثاً عن ”حياة أفضل“ و هرباً من جحيم الحروب و عذابات العطالة/البطالة و شقآء الفقر في بلاد السودان التي دمرتها عقودٌ عجافٌ من سنين حكم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة الفاسدة الظالمة التي لم تحسن تعليم و تدريب هذه الأجيال ، و لم توفر لهم الوظآئف المحترمة و لا سبل كسب العيش الكريم ، بل إجتهدت في قمعهم و مطاردتهم و تشريدهم ، و يبدو أن نفسيات اللاجئين قد عانت كثيراً و سلوكياتهم قد تأثرت و تغيرت جرآء تلك المعاملات الغير كريمة و ما تلا ذلك من مشقات و ويلات النزوح و التعامل مع عنف و إستغلال عصابات تهريب البشر في: السودان و مصر و ليبيا و إسرآئيل و لبنان و تركيا و دول أوروبا إلى جانب عنآء سفر الصحرآء و ركوب السَّنَابِك و القوارب المطاطية و الخوف و الرعب من إحتمالية الغرق و هجمات أسماك و حيتان البحار و المحيطات...
و على الرغم من أن الكثيرين من اللاجئين (اللاحقين) الجدد يمكن تصنيفهم ضمن المجموعات الشبابية من ثوار إنتفاضة ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية!!! ، إلا أن خطاباتهم الأخيرة و سلوكهم العنيف و تظاهراتهم في الشوارع الأوروبية و شعاراتهم/جلالاتهم و رقصاتهم الموثقة تعيد إلى الأذهان و تذكر الناس: بأيام أركان النقاش و الندوات ذات (السِّيخ) و خطاب (و أَعِدُّوا لهم...) و حفلات (هي لله) و (لا لدنيا قد عملنا) و (لترق منا الدمآء و لترق كل الدمآء) و برنامج ساحات الفدآء و أناشيد لوآء البرآء و ندآءات أمن يا جن!!!...
و كان الأمل أن تتعلم الأجيال السودانية المهاجرة ، اللاحقة و السابقة ، من تجاربها المريرة و إخفاقاتها السابقة ، و أن تكتسب الخبرة و الحكمة ، لكن يبدو أن: الثقافة الفاسدة المكتسبة من المشروع الحضاري الإسلامي البئيس و أربعة عقود من الجهل و الضلال الفكري و السلوكيات الجهوية و القبلية/الإثنية الموروثة من حكم الجماعة القميء و القمع و الكبت و ويلات/لعنات الحروب و عذابات النزوح و السفر و اللجوء قد أصابت بعض/كثير من اللاجئين السودانيين الجدد بالكثير من الأذى و الإضطرابات النفسية فأصبحوا لا يرون الآخرين المخالفين سوى هَوَانَات و فَلَنقَايَات و أعدآء و أن لا سبيل لحسم الخلافات السياسية معهم سوى عن طريق: البَلْ و المَتْكْ و الجَغِمْ!!!...
و الغريب في الأمر أن يحدث كل ذلك في رحاب مملكة صاحب الجلالة الملك تشارلز الثالث التي ربما لا يعلم المهاجمون (المهاجرون) الجدد أن قوانينها تصنف مثل هذه الأعمال في خانة الإرهاب أو أقله إثارة الشغب و تهديد الأمن و السلم الإجتماعي ، مما يضع مرتكبي مثل هذه الأفعال تحت المسآءلة و طآئلة القانون!!!...
الخلاصة:
هي المزيد من الأسئلة:
لماذا و عندما تنشب الحروب لا يلجأ الإنسان السوداني إلى الصمود و مواجهة العدوان و الإصرار على الإصلاح و التغيير في ذات المكان عوضاً عن الفرار و النزوح و اللجوء؟...
هذا إذا علمنا أن للنزوح و اللجوء شرور تماثل القتل البطيء...
و هل الفرار و النزوح و اللجوء و الإغتراب و الهجرة هي أفضل الخيارات لمواجهة الحرب و العدوان؟...
و لماذا لا تُحَل المشاكل عن طريق الحوار عوضاً عن إستخدام العنف بأشكاله المتعددة/المختلفة؟...
و لماذا لا يكون هنالك سلام و إستقرار دآئمين؟...
و هل بالإمكان إلغآء مسببات الحروب و النزوح و اللجوء و الإغتراب و الهجرة؟...
و ما الذي يدفع الإنسان إلى الفساد و البغي و القتل و سفك الدمآء؟...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المملکة المتحدة على الرغم من یبدو أن
إقرأ أيضاً:
«الخارجية» تتسلم البراءة القنصلية من قنصل عام المملكة المتحدة
دبي (وام)
أخبار ذات صلةتسلم راشد عبدالله القصير، نائب مدير مكتب وزارة الخارجية في دبي، البراءة القنصلية لسارة موني، قنصل عام المملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وأيرلندا الشمالية في دبي والإمارات الشمالية، وذلك بمقر مكتب الوزارة في دبي.
ورحّب القصير بالقنصل العام للمملكة المتحدة بمناسبة تعيينها، وأشاد بالعلاقات الثنائية التي تربط بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، متمنياً لها التوفيق والنجاح في مهام عملها الجديد.