عربي21:
2025-05-01@23:37:08 GMT

المسألة اليهودية بين الحلين: النازي والصهيوني

تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT

ضاقت أوروبا ذرعاً بالوجود اليهودي خلال القرون الثلاثة الأخيرة، ضاقت إلى الحد الذي بات ينظر إلى هذا الوجود على أنه معضلة، معضلة حقيقية: دينية وسياسية واقتصادية وثقافية، معضلة تحتاج إلى حل، وكما تنوعت أوجه هذه المشكلة، تعددت الحلول، وخاض في المشكلة وفي الحل فلاسفة ومفكرون، سياسيون واقتصاديون، صحافيون وكتاب، وظهرت عناوين ونحتت مصطلحات من مثل: "المسألة اليهودية أو المشكلة اليهودية" و"معاداة السامية" و"الحل النهائي للمسألة اليهودية" و"الغيتو اليهودي" أو "الحي اليهودي" وصولاً إلى "معسكرات الاعتقالـ" و"الهولوكوست" و"الحل النازي" ثم فكرة "الوطن القومي لليهود "، و"الحل الصهيوني".



وخاض الكثير في طرق حل هذه المشكلة التي بدا أنها مشكلة أوروبية خالصة، إذ لم يكن الوجود اليهودي يعد مشكلة في البلدان العربية والإسلامية، ولا في الأندلس التي عانى اليهود بعد سقوطها من ويلات محاكم التفتيش الإسبانية، كما عانى المسلمون، وكانت الحلول متفاوتة ما بين التخلص من اليهود، بنفيهم داخلياً بالفصل العنصري بينهم وعامة المجتمع المسيحي، وعزلهم في "الحي اليهودي" الذي تحول إلى "غيتو" منعزل تماماً عن بقية المجتمع ثقافياً واجتماعياً وقانونياً وأمنيا، وتجسد حل آخر في النفي خارج الحدود، بنزع الجنسية عنهم، ورفض أوروبيتهم، واعتبارهم أجانب غرباء ووافدين على القارة، ومصدر شر وكيد ودسائس ومؤامرة، كما عكست ذلك أعمال كثير من الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين، إلى أن ابتكرت "الصهيونية بشقيها المسيحي واليهودي" فكرة "الوطن القومي لليهود" وفي إطار هذا الحل طرحت العديد من الخيارات في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والبلاد العربية، لإقامة هذا الوطن الذي كانت فكرته نابعة من الرغبة في التخلص من "المشكلة اليهودية" أكثر من كونها رغبة في إنصاف اليهود وتحقيق مصالحهم.

وقد ظل "الحل الصهيوني" يتكامل تدريجياً، في انتظار اللحظة التاريخية الحاسمة التي يعلن فيها عن ميلاد "الوطن القومي اليهودي" وتمثلت تلك اللحظة في سنوات "الهولوكوست" أو "الشواء" أو "المحرقة" التي كانت الحل النازي الذي وظفه "الحل الصهيوني" للمشكلة الفلسطينية، في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

كان الفيلسوف اللاهوتي الألماني برونو باور يرى أن اليهود مسؤولون عما جرى لهم من معاملة من طرف المجتمعات التي عاشوا فيها، وفي كتابه "المسألة اليهودية" رأى أن تحقيق اليهود لذاتهم السياسية يتطلب تخليهم عن الدين، وفي ذلك إشارة إلى أن المشكلة اليهودية هي مشكلة دينية، والمشكلة الدينية تتمثل في المعتقد، وهو المعتقد الذي اختصر اليهودية/الدين في اليهودية الجين، حيث بولغ في تقديس العرق على حساب الديانة، حتى أن الانتساب للديانة أصبح محصوراً في أولئك الذين يمتلكون النسب، وحتى أصبح هؤلاء الذين يمتلكون النسب هم "شعب الله المختار" وكانت تلك إحدى أهم المعضلات التي وقفت حجر عثرة أمام اندماج اليهود في المجتمعات الأوروبية وغيرها، حسب باور وغيره، حيث لم تكن منظومة "الغيتو" أو "الحي اليهودي" ناتجة عن أن المجتمعات التي عاش فيها اليهود مارست نوعاً من "العزل" عليهم وحسب، ولكن المعتقدات اليهودية أسهمت كذلك في عزل معتنقيها إلى حد كبير، إذ يسهم الشعور بالتميز في عزل "المتميزين" عن بقية شرائح المجتمع، حتى أنهم "جعلوا أعشاشهم في مسام المجتمع البرجوازي وفراغاته" منعزلين عن عموم الناس، حسب تعبير باور.

وفي حين يرجع باور عزلة اليهود إلى العوامل الدينية والثقافية، فإن كارل ماركس، في كتابه "نصوص حول المسألة اليهودية" يرجع ذلك إلى الرأسمالية التي رآها الأساس المادي لليهودية، وهو ما يعني أن العوامل الاقتصادية هي المؤثرة في هذه العزلة، وبما أن اليهود أصحاب مال فإن ذلك دفعهم لشيء من العزلة، كأي رأسمالي يريد أن يعيش بعيداً عن الآخرين، على طريقة ماركس في تغليب العوامل المادية على العوامل الروحية والثقافية في تفسير حركة التاريخ والمجتمع.

وأياً ما تكن أسباب العزلة فإنه مع العزل تخرج الانطباعات المغلوطة والتصورات المسبقة والصور النمطية التي غالباً ما تكون سلبية، ومع الصورة السلبية يحدث استهداف الأشخاص والمجتمعات، وأما إذا ابتليت الطوائف المنمطة بقيادات تعمل على تكريس هذه الصور عن مجتمعاتها فإن تلك القيادات تضع في يد من يريد استهداف تلك الشرائح أو الطوائف مبررات الاستهداف، وهذا ما حصل، عندما اتخذت النازية تصرفات "الرأسمالية اليهودية" مبرراً للجرائم البشعة التي نفذتها ضد اليهود، تماماً، كما يرتفع منسوب "معاداة السامية" حول العالم بسبب جرائم حكومة اليمين الإسرائيلي التي تربط بين الصهيونية واليهودية.

وإذ قيل ما قيل، فإن ما سبق قوله عن "المسألة اليهودية" أو "المشكلة اليهودية" أو "الحل النهائي للمشكلة اليهودية" كل ذلك كان شأناً أوروبياً، ولم يكن اليهود يوماً ما مشكلة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، بل كانوا مشكلة أوروبية، حتى أن "معاداة السامية" هي عنوان أوروبي وغربي، لا عربي ولا إسلامي.

يتحدث المؤرخ اليهودي الإسرائيلي البريطاني من أصل عراقي عن "تاريخ طويل من التسامح الديني والتعايش بين مختلف الأقليات" في البلدان العربية، ويشير في أحد لقاءاته المتلفزة إلى أن "التعايش المسلم اليهودي في البلدان العربية لم يكن عبارة عن فكرة مجردة، ولكنه كان واقعاً ملموساً، بشكل يومي".

ويستذكر حياته في بغداد، ويقول إن "العراق لم يكن لديه مشكلة يهودية، بل هي أوروبا التي كان لديها مشكلة يهودية، وإن اليهود في أوروبا كانوا هم (الآخر) المطلوب منه الوقوف بعيداً" وهو الذي يشير إلى أن "معاداة السامية كانت مرضاً أوروبياً" وأنها "ولدت في أوروبا، في العصور الوسطى…وتم تصديرها من أوروبا إلى الشرق الأوسط".

وبما أن "المشكلة اليهودية" لم تكن مشكلة عربية إسلامية، رأى الباحثون عن حلول أن "الحل النهائي" لهذه المشكلة يجب أن يكون في المناطق التي لم تولد فيها تلك المشكلة، وذلك بعد أن تم الاتفاق على أن "الحل الصهيوني" في إقامة "وطن قومي" هو الحل الأنسب أوروبياً، حيث اتفق طرفا الصهيونية المسيحية واليهودية على ذلك الحل، وتم الاتفاق لاحقاً على أن يكون هذا الوطن في فلسطين.

لكن، ومع مرور السنوات يتكشف لليهود قبل غيرهم أن "الحل الصهيوني" ليس الحل الأنسب، ذلك أن دولة إسرائيل كانت وليدة الحركة الصهيونية، والصهيونية ليست حركة تحرر وطني، كما روج لها زعماؤها، ولكنها امتداد للاستعمار الغربي، وكما رحل المستعمرون عن تلك الأرض، فإن كثيراً من المفكرين يتحدثون بشكل مستمر عن أن الاحتلال سيسقط، وأن المشروع الصهيوني برمته سينهار، وقد أثبتت الحرب الأخيرة على غزة هشاشة هذا المشروع، كما يرى الحبيب شوباني في كتابه "المسألة اليهودية في عصر الطوفان" حيث أثبتت هذه الحرب أن هذا المشروع برمته هو مشروع استعماري غربي، وأنه لم يكن ليستمر لولا الدعم الغربي الكبير لهذا المشروع الذي نجح في التدثر بعباءة اليهودية، الأمر الذي جعل "المشكلة اليهودية" أكثر التباساً، وحلها أكثر تعقيدا.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أوروبا الاحتلال غزة غزة أوروبا الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسألة الیهودیة معاداة السامیة الحل الصهیونی لم یکن إلى أن

إقرأ أيضاً:

البابا وإسرائيل وأكذوبة الحضارة اليهودية ـ المسيحية

لا تتوقف الدعاية الصهيونية يتقدمها رئيس مجرمي الكيان، بنيامين نتنياهو عن وصف حرب الإبادة التي يقودها في غزة على أنها "انتصار للحضارة اليهودية ـ المسيحية ضد الهمجية"، وينخرط معها في الغرب في الترويج لهذه الأكذوبة أوساط ـ وإن لا تخفي معاداتها للإسلام والمسلمين ـ فإنها تدّعي أنها علمانية، ولا دينية وملحدة حتى، لا تؤمن مثل "الصهاينة الذين لا يؤمنون بالله، لكن يؤمنون بأنه وعدهم بالأرض الموعودة في فلسطين!".

لكن المفارقة أن هذه الدعاية الصهيونية سقطت مرة أخرى أمام موقف إسرائيل من وفاة البابا فرنسيس، حيث أوعزت لسفرائها بدول العالم بعدم التوقيع على دفاتر التعازي برحيل البابا في سفارات الفاتيكان، بسبب مواقفه الرافضة لحرب الإبادة والتجويع التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، وفق ما كشفته صحيفة “هآرتس” العبرية.

وذكرت "هآرتس" أن "وزارة الخارجية الإسرائيلية حذفت منشورات تعزية بالبابا الراحل من حسابها الرسمي، ووجّهت بعثاتها حول العالم للقيام بالمثل، إلى جانب أمر داخلي يمنع السفراء من التوقيع على دفاتر التعازي في سفارات الفاتيكان".

من مفارقات الموقف الصهيوني، أن رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ، كان سارع بعد إعلان وفاة البابا فرنسيس إلى نشر تعزية عبر حسابه على "اكس" قال فيها " إن البابا كان رجلا يتحلى بإيمان عميق وسلام ورحمة وعمل على تعزيز العلاقات مع العالم اليهودي". وأضاف “آمل صادقا أن تُستجاب دعواته من أجل السلام في الشرق الأوسط".وأضافت الصحيفة: "زعمت الوزارة لاحقا أن الرسالة الأصلية نُشرت بالخطأ".

وفي إطلالته الأخيرة بمناسبة "عيد الفصح" المسيحي، قال البابا فرنسيس إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "تولد الموت والدمار"، وتسبب وضعا إنسانيا "مروعا ومشينا".

وقبل رحيله بيوم، دعا البابا فرنسيس في خطاب قرأه أحد معاونيه، أمام حشد من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان إلى “وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، وتقديم المساعدة للشعب الذي يتضوّر جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام”.

مفارقات الموقف الصهيوني

ومن مفارقات الموقف الصهيوني، أن رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ، كان سارع بعد إعلان وفاة البابا فرنسيس إلى نشر تعزية عبر حسابه على "اكس" قال فيها " إن البابا كان رجلا يتحلى بإيمان عميق وسلام ورحمة وعمل على تعزيز العلاقات مع العالم اليهودي". وأضاف “آمل صادقا أن تُستجاب دعواته من أجل السلام في الشرق الأوسط".

والحقيقة أن البابا فرنسيس دعا مرارا للسلام، لكن إسرائيل هي من تواصل حرب الإبادة والتجويع، التي انتقدها البابا في أكثر من مناسبة، ووصف الوضع في غزة بالمخزي للغاية.

وفي مقابل الموقف الإسرائيلي أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رسالة تعزيته أن البابا فرنسيس كان "صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني.. ومدافعا قويا عن قيم السلام والمحبة والإيمان في العالم أجمع… اعترف بدولة فلسطين ورفع العلم الفلسطيني في حاضرة الفاتيكان".

من جهتها قدمت حركة حماس تعازيها إلى الكنيسة الكاثوليكية في العالم وعموم المسيحيين في وفاة البابا فرنسيس.

وقالت الحركة في بيان، إنها تتقدم بأحر "التعازي وأصدق مشاعر المواساة إلى الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وإلى عموم المسيحيين، في وفاة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة في خدمة القيم الإنسانية والدينية".

وأشادت الحركة بمناقب البابا فرنسيس ومواقفه في “تعزيز قيم الحوار بين الأديان، والدعوة إلى التفاهم والسلام بين الشعوب، ونبذ الكراهية والعنصرية".

وذكرت أن "البابا فرنسيس عبّر في أكثر من مناسبة عن رفضه للعدوان والحروب في العالم، وكان من الأصوات الدينية البارزة التي نددت بجرائم الحرب والإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة”.

كما أشارت الحركة إلى مواقفه "الأخلاقية والإنسانية"، وأكدت على أهمية "مواصلة الجهود المشتركة بين أصحاب الرسالات السماوية والضمائر الحيّة في مواجهة الظلم والاستعمار، ونصرة قضايا العدالة والحرية وحقوق الشعوب المظلومة".

من ناحيته، أعرب مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني عن حزنه لوفاة بابا الفاتيكان، الذي "ساهم دائما في دعم اللاجئين الفلسطينيين و"الأونروا".. وفي لفت الانتباه إلى أن الحرب في غزة تجريد كبير للإنسانية".

وبقدر ما لا يثير الموقف الإسرائيلي من البابا فرانسيس بقدر ما يعري ويفضح أكذوبة "الحضارة المسيحية ـ الصهيونية"، فقد أعرب كبار مسؤولي الفاتيكان عن "ألمهم وخيبة أملهم" تجاه موقف إسرائيل بتمثيلها في جنازة البابا إلا بسفيرها في الفاتيكان، واعتبر مسؤولو الفاتيكان أن "التمثيل الإسرائيلي المحدود يُعدّ إهانة للمجتمع المسيحي العالمي".

تشريح خديعة

وفي مقابل أكذوبة نتنياهو ومن لف لفه عن "حلف الحضارة المسيحية ـ الصهيونية"، ارتفعت أصوات ولو قليلة من مثقفين، بينهم باحثون ومؤرخون يهود، ضد هذه الأكذوبة، ضمنهم المؤرخة اليهودية الفرنسية (التونسية الأصل) صوفي بسيس، التي نشرت كتابا بعنوان "الحضارة المسيحية ـ الصهيونية.. تشريح خديعة". وفيه تأكيد على أن الوقائع والشواهد التاريخية توثق العداء وحتى المذابح التي ارتكبها المسيحيون وخاصة الكاثوليك في حق اليهود، مثلما حدث في الأندلس، وقد وجد اليهود الفارين من بطش المسيحيين ملجأ لدى المسلمين في شمال إفريقيا وعند العثمانيين. ويعترف اليهود أنهم عاش أفضل فتراتهم خلال حكم المسلمين في الأندلس.

والعداء التاريخي موثق فالمسيحيون يعتبرون اليهود قتلة المسيح، رغم أن الفاتيكان وتحت ضغط الأوساط الصهيونية، أصدر في ستينات القرن الماضي تبرئة لليهود من دم المسيح، ثم قدم اعتذارا عن دور الكنيسة الكاثوليكية في مذابح النازية في حق اليهود في الهولوكست.

والمفارقة هنا بالحديث عن النازية أن نتنياهو، وفي أكذوبة تاريخية أخرى، ادعى في 2015، أن مفتي القدس والزعيم الفلسطيني في الأربعينيات، الحاج أمين الحسيني، هو الذي أقنع زعيم النازيين هيتلر بتنفيذ محرقة اليهود في أوروبا. وقال نتنياهو للمؤتمر الصهيوني العالمي في القدس المحتلة، حينها، "إن هتلر إنما كان يريد في 1941 طرد اليهود من أوروبا فقط، ولكن مفتي القدس آنذاك الحاج أمين الحسيني قال له إن اليهود ينبغي أن يزالوا من الوجود وإلا فإنهم سينتقلون إلى فلسطين". ومضى نتنياهو في كذبته ليقول إن هتلر سأل مفتي القدس: "ماذا عساي أن أفعل؟" فأجابه الأخير: "أحرقوهم"!

العداء التاريخي موثق فالمسيحيون يعتبرون اليهود قتلة المسيح، رغم أن الفاتيكان وتحت ضغط الأوساط الصهيونية، أصدر في ستينات القرن الماضي تبرئة لليهود من دم المسيح، ثم قدم اعتذارا عن دور الكنيسة الكاثوليكية في مذابح النازية في حق اليهود في الهولوكست.وقد أثار كلام نتنياهو حينها إدانات حتى من غلاة الصهيونية، الذين اعتبروه تزويرا للتاريخ، ومحاولة لتبرئة هتلر، وتحميل مسؤولية جريمة المحرقة النازية في حق اليهود للفلسطينيين!

وتسقط "خديعة الحضارة اليهودية ـ المسيحية" أمام حقيقة أن اليهود لا يعترفون فقط بالمسيح، بل يقولون كلاما مسيئا في حقه وحق مريم البتول، ويعتبرون "البصق على المسيحيين تقليدا قديما محمودا يجب ممارسته"، كما برر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، هذه الممارسة التي يقوم بها اليهود المتطرفون في القدس المحتلة بشكل خاص ضد المسيحيين، إلى جانب التضييقات والاستفزازات التي يتعرض لها هؤلاء مثل المسلمين ومقدساتهم خاصة في المسجد الأقصى.. المسلمون الذين في المقابل يعتبرون المسيح نبياً ويعلون شأنه هو وأمه مريم التي نزلت سورة كاملة باسمها في القرآن الكريم.

المسيحيون الصهاينة

من جهة أخرى فإن المسيحيين الإنجيليين، الذين يوصفون بالمسيحيين الصهاينة، وأكثرهم في أمريكا، حيث يبلغ عددهم نحو 80 مليونا، لا يرون في اليهود إلا "مطية" فقط، إذ أنهم يدعمون إسرائيل ليس حباً في اليهود، الذين يكرهونهم في الحقيقة، إنما بمعتقدات غريبة وتفسيرات عجيبة للإنجيل يعتقدون فيها بأن تجمع اليهود في الأرض المقدسة في فلسطين عبر إنشاء دولة الكيان الصهيوني، هو علامة من علامات عودة المسيح المخلص وحرب نهاية العالم، وأنه عندما يعود المسيح فإنه سيخير اليهود بين التحول إلى المسيحية أو الذهاب إلى الجحيم، حيث سيتحولون "إلى كباب"، كما قال حرفيا، المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه!

إن المسيحيين الإنجيليين، الذين يوصفون بالمسيحيين الصهاينة، وأكثرهم في أمريكا، حيث يبلغ عددهم نحو 80 مليونا، لا يرون في اليهود إلا "مطية" فقط، إذ أنهم يدعمون إسرائيل ليس حباً في اليهود، الذين يكرهونهم في الحقيقة، إنما بمعتقدات غريبة وتفسيرات عجيبة للإنجيل يعتقدون فيها بأن تجمع اليهود في الأرض المقدسة في فلسطين عبر إنشاء دولة الكيان الصهيوني، هو علامة من علامات عودة المسيح المخلص وحرب نهاية العالم..المفارقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك تحدث في مقابلة مع القناة الفرنسية LCI عن عودة المسيح المخلص هو الآخر، حيث صرح أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو يوجد تحت تأثير وزرائه المسيحانيين (اليهود) العنصريين لحماية مكانته في السلطة، ولأنه لا يريد فقدان السيطرة على البلد. وقد تحول إلى أشبه بعبد لدى هؤلاء الوزراء الاستعباديين، الذين يفرضون خياراتهم عليه، مع أن الخيار الأفضل لإسرائيل هو العمل إلى جانب الحلفاء الأمريكيين. ولكن على العكس من ذلك فهؤلاء الوزراء يريدون مزيدا من التصعيد نحو حرب أوسع لتسريع مجيء المسيح المخلص".

المسيح المنتظر ولعنة زوال إسرائيل

وتجدر الإشارة إلى أن المشيح أو المِسّيّا بالعبرية، ومعناها المسيح، في الإيمان اليهودي هو إنسان مثالي من نسل الملك داود، يبشر بنهاية العالم ويخلص الشعب اليهودي.

والمفارقة هنا أيضا أن باراك الصهيوني العلماني المزعوم مثل نتنياهو وكثير من الصهاينة (الذين لا يؤمنون بالله، ولكن يؤمنون بأنه وعدهم بالأرض المقدسة!)، يتحدث أيضا بالمرجعيات الدينية اليهودية. ففي أيار/ مايو 2022، أبدى إيهود باراك مخاوفه من قرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدا في ذلك بـ"التاريخ اليهودي الذي يفيد بأنه لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين استثنائيتين".

وفي مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية قال باراك: "على مرّ التاريخ اليهودي لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن".

وأكد باراك أن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي التجربة الثالثة وهي الآن في عقدها الثامن، وأنه يخشى أن تنزل بها لعنة العقد الثامن كما نزلت بسابقتها.


وذكر أن "العقد الثامن لإسرائيل أنذر بحالتين: بداية تفكك السيادة ووجود مملكة بيت داود التي انقسمت إلى يهودا وإسرائيل، وبوصفنا كيانا وصلنا إلى العقد الثامن ونحن كمن يتملكنا العصف، في تجاهل فظ لتحذيرات التلمود".

مقالات مشابهة

  • لماذا أحرق هتلر اليهود ؟
  • البابا وإسرائيل وأكذوبة الحضارة اليهودية ـ المسيحية
  • مشكلة السودان هي الكوزوفوبيا .. هي أجندة الجنجويد وأسيادهم
  • برج العذراء.. حظك اليوم الخميس 1 مايو 2025.. مشكلة مالية
  • قبائل مزهر بريمة تعلن النَّكف والنفير العام لمواجهة العدو الأمريكي والصهيوني
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • شاهد | خطط نتنياهو تعرقل مفاوضات الحل بشأن غزة
  • إدارة أمن جبن تحيي ذكرى الصرخة: تجديد الولاء لله والموقف الثابت في مواجهة الطغيان الأمريكي والصهيوني
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • النائب العام السعودي باجتماع مع نظيره الروسي يؤكد قرب تسوية مسألة استئناف الرحلات بين البلدين